عمان اكسشينج - 

كانت العلاقة الأمريكية الأوروبية تمثل زواجا مسيحيا لا هناء يعيشه ولا طلاق يمكن أن ينهيه . فعلى سبيل المثال ، كان رئيس الوزراء البريطاني آنذاك إدوارد هيث ، يشعر كغيره من روؤساء الوزارة البريطانيين ، بالروابط التاريخية العميقة التي تربطه بأمريكا منذ الحرب العالمية الثانية ، ويمتعض من اتهام فرنسا لرئيس الوزراء البريطاني  قبله ، هارود مكميلان ولبريطانيا بأنها " حصان طراودة " الأمريكي في أوروبا . أما ويلي براندت ، مستشار ألمانيا الغربية آنذاك ، وصاحب سياسة التوجه للشرق ( للإتحاد السوفييتي ) فقد كان مصمما لدرجة كبيرة على تنفيذ سياسته هذه ، محاولا التنسيق قدر المستطاع حولها مع حلفائه ، وأهمهم أمريكا ، مدركا قدرتها على تخريب سياسته تلك ، إن أرادت. أما فرنسا الديغولية ، فكانت تنتقل من جفاء إلى جفاء أشد مع الحليف الأمريكي ، وفي كل مرة سببا ، فتارة عسكريا وتارة نقديا ، وآخر  سياسي ، ما ترك العلاقة ملف خلافات مفتوح شبه مستمر.

 

وقد كان هنري كيسنجر ، مستشار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون للأمن القومي في ولايته الأولى ، ووزير خارجيته في ولايته الثانية ، وراء ما سمي " عام أوروبا " ( 1973 ) ، وضرورة إعادة لحمة العلاقة الأمريكية الأوروبية على الأسس والمتغيرات الجديدة ، وحاول جاهدا تنفيذ ذلك ، لكن معارضة فرنسا ورؤيتها الخاصة لتلك العلاقة ، وعدم حماس بريطانيا وتفضيل المانيا الغربية  فتح خطوط جديدة مع الإتحاد السوفييت أملا بتخفيف معاناة الشعب الألماني الناتجة عن تقسيمه ، أحبطت جهود وزير الخارجية الأمريكي النشيط.

 

هذا بالإضافة لوضع الإدارة الأمريكية في تلك الفترة ، ووقوعها في أزمة ما عرف " بفضيحة ووترغيت " الداخلية ، ما أضعف مؤسستها الرئاسية التي انتهت بخروج الرئيس ريتشارد نيكسون من البيت الأبيض مثخنا بجراحه . وكان خلال تلك الفترة ، أسدا قابعا في البيت الأبيض ينزف يوميا ، ما كبلّ قدرات حكومته وأضعف مبادرات وزير خارجيته وأبعد الزعماء الأوروربيين ، وغير الأوروبيين المنتخبين عن التعامل والتعاون معه  كرئيس أمريكي يتهمه شعبه والمؤسسات الديموقراطية في بلده بالغش والتنصت والكذب وحنث اليمين ، وذلك خوفا من السقوط معه في أزمته أمام ناخبيهم في بلدانهم.

 

جاءت حرب أكتوبر المجيدة ، تشرين الأول 1973 في خضم هذه الأحداث ، لتلقي بظلالها على مواقف دول العالم منتجة ومصدّرة ومستهلكة.

الحلقة 14