عمان اكسشينج - 

يمكن اعتبار  حرب اكتوبر/ تشرين الأول 1973 قمة التخطيط الاستراتيجي العربي ، عندما تشكلّت القوة الرئيسية الفاعلة من محور القاهرة - دمشق - الرياض ، وبدأت الجيوش العربية المصرية السورية عند ظهر السادس من اكتوبرهجومها على القوات الإسرائيلية.

 

وبينما تابع العالم القتال الذي انفجر فجأة  ، اجتمعت على الفور مجموعة واشنطن للعمليات الخاصة Washington Special Action Group (WSAG) لبحث التداعيات ، ومن بينها أثر الحرب على سوق النفط .

 

تطرقت المجموعة لاحتمالات توقف إمدادات النفط ، وربطت ذلك بحظر النفط عندما اندلعت حرب الأيام الستة في العام 1967 والذي لم يكن له أي أثر يتذكروه على اقتصادات الدول الغربية الصناعية . كما ناقشت المجموعة موضوع تقنين استهلاك النفط ، لكنها اعتبرته سابقا لأوانه . في نفس الوقت ، اتخذ هنري كيسنجر ، الذي أصبح وزير الخارجية الأمريكية  ، رأيا بضرورة توحيد مواقف البلدان الغربية الصناعية المستهلكة.

 

 

 

كان العالم الصناعي الغربي ، أمريكا وأوروبا واليابان ، قد مرّ بعد الحرب العالمية الثانية في حالة من النمو الإقتصادي المتواصل وحتى نهاية عقد الستينات ، وكان التوفر السلس للنفط  ورخص أسعاره أحد اسباب استمرار هذا النمو الذي انعكس على ارتفاع مستوى حياة المواطن الغربي ، الذي توافق مع قياداته السياسية ليشكل زخما لاستقرار واستمرار هذا النمو ، والتمتع بالرفاه والحياة الرغدة التي أفرزته ، دون أن يعكر صفوه شيئ ، باستثناء دخول أمريكا المتدرج في الحرب الفيتنامية التي امتدت عشر سنوات ، فقدت فيها أكثر من خمسين ألف جندي أمريكي ومئات الألاف من الجنود الجرحى والمرضى ، وما تركته تلك الحرب من آثار عميقة على الشعب الأمريكي ورغبته بالإنعزال ، ورغبة ساسته في واشنطن بالإبتعاد عن أية مآزق جديدة تأثرا بما أطلق عليه " عقدة الحرب الفيتنامية " .

 

في بداية العام 1973 ، كان من الواضح أن العلاقات عبر الأطلسي ، ما بين أوروبا وأمريكا بحاجة لإعادة النظر ، فقد كانت السوق الأوروبية المشتركة قد توسعت بانضمام بريطانيا وإيرلندا والدنمارك  إلى البلدان الأوروبية الستة التي أسست السوق في العام 1958 ( فرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا وبلجيكا وهولندا واللكسمبورغ) ، ما شكلّ  تغييرا تنظيميا وهيكليا وسياسيا واقتصاديا . وكانت علاقات هذه الدول مع الطرف الأمريكي عبر الأطلسي متفاوتة ، ما بين التنسيق الوثيق في الحالة البريطانية إلى العلاقة القلقة المتأزمة في الحالة الفرنسية والتي كان الزعيم الفرنسي شارل ديغول قد بدأها قبل سنوات ، وما بين الحالتين  لبقية دول السوق الأوروبية المشتركة.