الدستور
مرت موجة الحر اللاهبة التي اجتاحت الأردن، ودرجات الحرارة وصلت إلى حد غير مسبوق.
وما بعد موجة الحر، لدي سطران وأكثر وأود أن أفردها أمام شركة الكهرباء الأردنية.
لربما بعد زوال الموجة وانحسارها، وجب المصارحة والمكاشفة. وبالأول، سأبدأ بسؤال المواطنين: هل انقطع التيار الكهربائي أكثر من 5 دقائق؟ وهل صحيح أن هناك مناطق تابعة لشركة الكهرباء الأردنية من عمّان والزرقاء ومادبا وسحاب إلى الأغوار الوسطى لم تعرف ولم تشهد بتاتًا انقطاعًا للتيار الكهربائي؟ موجة الحر الشديد كانت إقليمية وعالمية، واجتاحت قارة أوروبا ودولًا كثيرة. وفي الإعلام تابعنا أخبارًا كاسحة وطاغية عن انقطاع التيار الكهربائي، ودخول عواصم ومدن كبرى في الظلام الدامس، ورأينا مواطنين في باريس ولندن وروما يهربون من منازلهم إلى الشوارع والساحات من شدة الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي.
دول الإقليم والعالم تعيش أزمة انقطاع للتيار الكهربائي. وفي عمّان، ثمة ما يوجب الاعتراف بأننا واجهنا أزمة الحر بنجاح، وعبرنا دون أي انقطاع للتيار الكهربائي. وعدم انقطاع التيار الكهربائي ليس بفعل قدري أو صدفة، إنما بدراية وحكمة وجاهزية وخطط الطوارئ لشركة الكهرباء في تقديم الخدمة وحماية استمراريتها وإيصالها. وبالمناسبة، في موجة الحر الأخيرة خدمات أخرى كانت تعاني من أزمة في التزويد والتوصيل إلى المواطنين، ولربما لاحظتم أن خدمة الاتصالات والإنترنت – على سبيل المثال لا الحصر – تراجعت جودتها وقدرتها، ولا أدري فنيًا بسبب الحر أو ظروف أخرى.
طبعًا، من حقنا أن نفتخر بشركة الكهرباء الأردنية، ونفتخر كثيرًا بشركات ومؤسسات خدمية وطنية، وبالبنى التحتية والجاهزية في قطاع وشبكات التيار الكهربائي في الأردن.
من موجة الحر وما بعدها، نحن أمام شركة الكهرباء الأردنية، وتستحق أن نقول لها شكرًا جزيلًا، من الإدارة العليا، وعلى رأسها المهندس حسن عبد الله، وإلى الفرق الفنية والهندسية في الميدان وغرف الطوارئ.
في موجة الحر، لم يظهر المهندس حسن عبد الله تطارده كاميرات التلفزيون والسوشل ميديا، من مكتبه وغرف العمليات والطوارئ والميدان أدار خطة الكهرباء، وبصمت ودون «شوشرة» وضجة إعلامية. وأعرف أيامًا كان يغادر شركة الكهرباء بعد منتصف الليل، وأحيانًا يوصل الليل بالنهار. لاحظوا: شركة تقدم خدمة استراتيجية، ومديرها العام يقدر أن ينتقل من استديو وشاشة إلى أخرى، ويقدر أن يعمل «شو أوف»، ويقدر أن يصدر بيانًا وتصريحًا صحفيًا كل ربع ساعة. نموذج على مستويين: الشركة والمدير العام، ويستحقان دراسة عميقة، وإدراكًا لمعنى إدارة المخاطر والأزمات والطوارئ من قبل مدير وفريق إدارة وفنيين، لا يعرفون الضجيج والبهرجة والأضواء الزائفة.
وحينما نكتب عن الخدمة في زمن الأزمات والطوارئ، علينا أن ندرك معدل الجهد والتضحية والتفكير والاستعداد. والإدارة العاقلة والحكيمة هي من تنتج شركة ومؤسسة محترمة.
في الأردن ثمة بصيص أمل في أشياء كثيرة. وتدعونا إلى أن ننظر بإيجابية وفخر ورضى، رغم كل ما يتعب الوجدان.