أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Dec-2025

انضمام الأردن لـ"الدولية للسدود".. كيف يعزز الأمن المائي؟

 الغد-إيمان الفارس

تمثل السدود في الأردن خط الدفاع الأول في مواجهة واحدة من أعقد أزمات المياه في العالم، حيث تتقاطع ندرة الموارد مع تصاعد الطلب وضغوط التغير المناخي.
 
 
وفي هذا السياق، تبرز الإدارة المستدامة للسدود كخيار إستراتيجي لا يحتمل التأجيل، ليس فقط لضمان تلبية الاحتياجات اليومية، بل أيضا لحماية الأمن المائي على المدى البعيد.
ويشكل انضمام الأردن إلى اللجنة الدولية للسدود (ICOLD) خلال الدورة 93 للجمعية العامة في تشنغدو الصينية في أيار (مايو) الماضي، محطة مفصلية في مسار تطوير هذا القطاع الحيوي؛ إذ إن هذه الخطوة لا تعكس حضورا رمزيا في محفل دولي فحسب، بل تفتح الباب أمام اندماج فعلي في شبكة عالمية لتبادل الخبرات والمعارف المتقدمة في مجالات تصميم السدود وسلامتها وإدارتها في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
ووفق مسؤولين ومختصين في قطاع المياه والري لـ"الغد"، أشاروا إلى أن هذا الانضمام يمنح الأردن فرصة لمقارنة تجاربه الوطنية مع تجارب دول أخرى تواجه تحديات مشابهة، والاستفادة من الدروس المستخلصة عالميا لتفادي المخاطر وتعزيز الكفاءة.
السدود أداة تنظيمية
في الإطار ذاته، أكد الأمين العام لسلطة وادي الأردن م. هشام الحيصة، أن هذه الخطوة تكتسب أهميتها من طبيعة الواقع المائي الأردني، حيث يقع البلد تحت خط الفقر المائي العالمي بهامش واسع، وتعتمد استدامة موارده بشكل كبير على حُسن إدارة كل متر مكعب يتم تخزينه.
وقال الحيصة إنه مع تزايد عدم انتظام الهطول المطري وتكرار الفيضانات المفاجئة مقابل فترات الجفاف الطويلة، باتت السدود أداة تنظيمية لا غنى عنها، سواء في التقاط المياه التي كانت ستُفقد، أو في الحد من أخطار السيول على المجتمعات الواقعة أسفل الأودية.
وبيّن أن المنظومة الوطنية للسدود، التي تضم عدداً من السدود الإستراتيجية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة، تؤدي أدواراً متداخلة تتجاوز التخزين التقليدي للمياه.
وتبلغ السعة التخزينية الإجمالية لهذه السدود مجتمعة ما يقارب 336 مليون متر مكعب، إذ تعد أكبر السدود، مثل سد الوحدة، وسد الملك طلال، وسد وادي العرب، وسد الموجب، ذات أهمية إستراتيجية بالغة لدعم البلاد، بحسبه.
وتابع: إن تلك السدود تدعم الزراعة وتؤمن جزءاً مهماً من احتياجات الشرب، وتسهم في إعادة استخدام المياه المعالجة، وتوفر هامشاً من المرونة في مواجهة الطوارئ المناخية.
 غير أن تعاظم هذه الأدوار يفرض، في المقابل، متطلبات أعلى فيما يتعلق بالسلامة الفنية والمراقبة المستمرة والتقييم الدوري لهياكل السدود وأنظمتها التشغيلية.
وأضاف: "من هنا تبرز أهمية وجود إطار وطني متخصص يعمل كجسر بين الإدارة المحلية والمعايير الدولية، مبيناً أن اللجنة الوطنية المعنية بالسدود تمثل عقلاً استشارياً يواكب عمل الجهات التنفيذية، ويركز على استشراف المخاطر قبل تحولها إلى أزمات، ويعزز ثقافة القرار المبني على المعرفة العلمية".
ومع الانخراط في أعمال اللجنة الدولية، يصبح هذا الدور أكثر عمقا، إذ تنتقل الخبرة الوطنية من دائرة الاستفادة إلى دائرة المساهمة والتأثير، وفق الحيصة.
وجدد تأكيده بأن انضمام الأردن إلى اللجنة الدولية للسدود ليس مجرد اعتراف دولي بكفاءاته الفنية، بل هو استثمار طويل الأمد في أمنه المائي، مضيفا أن الانضمام يعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة البلاد على إدارة منشآتها الحيوية وفق أفضل الممارسات، ويدعم توجهاتها نحو استدامة الموارد في بيئة شديدة الحساسية.
مراقبة السدود
وفيما يرتبط بما يوفره هذا الانضمام من فرصة لتعزيز الإدارة المتكاملة للموارد المائية من خلال تبني تقنيات حديثة وأدوات متقدمة لتقييم المخاطر وتحليل البيانات، أكد رئيس اللجنة الوطنية للسدود د. إلياس سلامة، أن انضمام الأردن إلى مؤسسة عالمية متخصصة في شؤون السدود من شأنه أن يضيف بعدا مهما من حيث تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الدولية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تضع السدود الأردنية تحت إطار من المراقبة والتقييم الفني المستند إلى معايير معتمدة، الأمر الذي يسهم في تحسين أدائها وتطويرها بشكل منهجي ومدروس.
وأوضح سلامة أن هذا الانضمام يسهم أيضا في تسهيل فرص الحصول على دعم مالي أو قروض من الجهات الممولة في حال اقتناعها بجدوى المشاريع المطروحة، لافتا إلى أن هذا التواصل يفتح آفاقا عالمية لتحسين وتطوير أوضاع السدود سواء لغايات الصيانة والتطوير أو لبناء سدود جديدة.
وبين أن اقتناع اللجنة الدولية بجدوى هذه السدود وواقعيتها، واستنادها إلى دراسات متكاملة وعميقة وبمنهجية إستراتيجية واضحة، من شأنه أن يمهد الطريق أمام توفير الدعم اللازم ويعزز فرص تنفيذ المشاريع المرتبطة بقطاع السدود في المملكة.
استثمار الموارد المالية
من جانبه، أكد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري م. إياد الدحيات، أن انضمام الأردن إلى اللجنة الدولية للسدود الكبرى ICOLD يشكل فرصة مهمة لتعزيز الاستخدام الأمثل للموارد المائية من خلال اعتماد مبادرات وتقنيات حديثة وأدوات متقدمة لتقييم المخاطر وتحليل البيانات والمعلومات، بما يسهم في اتخاذ قرارات مبنية على الممارسات الفضلى العالمية.
وقال الدحيات إن هذه الخطوة تنعكس بشكل مباشر على تحسين إدارة الصيانة الدورية للسدود ومعالجة تراكم الرواسب وإزالة الطمي من داخلها، إضافة إلى إدارة جودة المياه والطلب عليها بما ينسجم مع مبادرات البرنامج التنفيذي الثاني لرؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2026-2029.
وأشار إلى أن هذا التطور يأتي في توقيت مناسب خاصة في ظل رصد مبلغ قدره 1.6 مليون دينار من مخصصات قرض البنك الدولي ضمن موازنة سلطة المياه لعام 2026 لصالح سلطة وادي الأردن، وذلك بهدف تحديث وتطوير وصيانة السدود في المملكة.
وبين أن هذه المخصصات ستوظف من خلال اعتماد برامج ومشاريع وأولويات مبنية على مخرجات أداة تقييم السدود Risk Index Tool التي تم إطلاقها هذا العام، والتي تهدف إلى تعزيز كفاءة إدارة المخاطر المرتبطة بسلامة السدود، من خلال بيان وتحليل المخاطر كما ونوعا، ومقارنتها بالمعايير والممارسات الفضلى الدولية بما فيها الصادرة عن اللجنة الدولية للسدود الكبرى.
وأكد الدحيات أن من بين أهم هذه البرامج والمشاريع تلك المتعلقة بإدارة الرواسب عبر تطوير حلول فنية وتقنية لإزالتها والتنبؤ بتراكمها، وإعادة استخدامها داخل السدود الرئيسة في المملكة، التي تستخدم مخزوناتها المائية لغايات الشرب والصناعة والزراعة ولخدمة أكثر من محافظة.
ولفت إلى أن من بين هذه السدود سد الموجب وسد الوالة حيث تبلغ سعتهما التخزينية معا نحو 60 مليون متر مكعب، فيما تصل نسبة الرواسب فيهما إلى ما لا يقل عن 10 % من السعة التخزينية، الأمر الذي يتيح إمكانية تعزيز وزيادة المخزون المائي في السدود الرئيسية بما لا يقل عن 6 ملايين متر مكعب خلال الموسم المطري.
وحول التحديات المناخية، قال الدحيات إن مواجهة الآثار الناجمة عنها تتطلب وضع خطط إدارة مياه متكاملة للسدود الكبرى تستند إلى أفضل الممارسات المعتمدة لدى اللجنة الدولية للسدود الكبرى.
ودعا إلى ضرورة أن تراعي هذه الخطط مبادئ رفع كفاءة إدارة الطلب والاستخدام بين مختلف القطاعات المتنافسة، إلى جانب معالجة المخاطر البيئية المرتبطة بالتغير المناخي، بما في ذلك تحسين جودة المياه من خلال استخدام تقنيات الفلترة؛ لضمان خلوها من الملوثات التي قد تؤثر على الاستخدامات الزراعية وغيرها.