أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Aug-2025

رفع الإنتاج العالمي وفرص استراتيجية للأردن في أسواق الطاقة*هاشم عقل

 الدستور

في خطوة تعكس التغييرات الجيوسياسية والاقتصادي أسواق الطاقة العالمية، قرر تحالف أوبك+ يوم الأحد الموافق 3 أغسطس 2025 رفع سقف إنتاجه بمقدار 547 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من سبتمبر المقبل، وهو القرار الذي يعد استكمالًا لمسار بدأ في أبريل 2025 لاستعادة حصص السوق العالمية تدريجيًا بعد سنوات من سياسة الخفض الحاد للإنتاج.
 
 قرار تاريخي بتوقيت حساس
 
الزيادة الجديدة في الإنتاج تأتي بعد استعادة تدريجية لحوالي 2.5 مليون برميل يوميًا منذ بداية هذا العام، وهو ما يمثل نحو 2.4 ٪ من الطلب العالمي على النفط. وقد جاء القرار مدعومًا بعوامل رئيسية، أبرزها تحسّن أساسيات السوق، وانخفاض المخزونات، واستقرار الأسعار حول مستويات 70 دولارًا للبرميل.
 
ويُعد هذا التحول في سياسة أوبك+ علامة واضحة على رغبة المنتجين، لا سيما السعودية والإمارات، في تعزيز حصتهم السوقية، في وقت تتزايد فيه المنافسة مع صادرات النفط الأمريكي والروسي، وتظهر مؤشرات تعافٍ تدريجي في الاقتصاد العالمي.
 
 خلفيات سياسية واقتصادية للقرار
 
لم يكن القرار بمعزل عن التحولات السياسية العالمية. فقد واجهت الهند مؤخرًا ضغوطًا غربية متزايدة لتقليص اعتمادها على النفط الروسي، وهو ما أدى إلى إعادة توجيه جزء من الطلب نحو أسواق الخليج. كما أن الولايات المتحدة دعمت هذه الخطوة من خلال تشجيع العودة التدريجية لإنتاج أوبك+ دون كبح الأسعار العالمية.
 
من جهة أخرى، تسعى العديد من الدول المنتجة للاستفادة من استقرار الأسعار لتقوية اقتصاداتها التي تأثرت خلال سنوات الجائحة وما تبعها من ضغوط مالية.
 
الأثر على الأردن: بين 
 
التحديات والفرص
 
رغم أن الأردن ليس عضوًا في التحالف، إلا أن انعكاسات القرار على المملكة واضحة ومباشرة في عدة محاور:
 
1. أسعار المشتقات النفطية المحلية
 
يُتوقع أن يسهم استقرار أسعار النفط العالمية – وربما انخفاضها الطفيف لاحقًا – في تخفيف الضغط على أسعار المحروقات في الأردن، التي تخضع لتسعير شهري رسمي يستند إلى متوسط خام برنت. فإذا حافظ برنت على مستوى أقل من 70 دولارًا للبرميل، فقد نشهد تخفيضًا تدريجيًا في أسعار البنزين والديزل في السوق الأردني خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، ما سينعكس إيجابًا على المستهلكين والقطاعات الإنتاجية.
 
2. فاتورة الطاقة الوطنية
 
تُعد الطاقة من أبرز بنود العجز التجاري الأردني، حيث يستورد الأردن أكثر من 90 ٪ من احتياجاته النفطية. وبالتالي، فإن أي تراجع في أسعار النفط عالميًا يُخفف من الضغط على الميزان التجاري ويمنح الحكومة هامشًا أوسع في إدارة الدعم وإعادة توجيه الموارد إلى قطاعات حيوية كالتعليم والصحة.
 
3. الفرص أمام مصفاة البترول الأردنية
 
تشير المعطيات إلى أن مصفاة البترول الأردنية قد تستفيد من تراجع الأسعار العالمية للخام عبر تحسين هوامش الربح، خاصة في ظل توسعة المصفاة المتوقعة . كما أن استقرار السوق يتيح للمصفاة فرصًا لتوقيع عقود توريد خام بشروط أفضل، ما يعزز قدرتها التنافسية داخليًا وإقليميًا.
 
خيارات استراتيجية أمام 
 
صانع القرار الأردني
 
إنّ التغيرات الحالية في سوق النفط العالمية تفتح الباب أمام الحكومة الأردنية لتبني سياسة أكثر فاعلية ومرونة في إدارة ملف الطاقة، ومن أبرز الخيارات المطروحة:
 
التوسع في التخزين الاستراتيجي: يمكن استغلال انخفاض الأسعار لبناء مخزون نفطي استراتيجي يعزز أمن الطاقة الوطني، خاصة في منشآت العقبة والماضونة.
 
إعادة التفاوض على اتفاقيات التوريد: بإمكان الأردن مراجعة عقوده مع العراق والسعودية للحصول على تسهيلات جديدة في الأسعار أو آجال السداد.
 
تطوير أدوات التحوط المالي: بات من الضروري تطوير آلية تحوّط ضد تقلبات الأسعار، بما يضمن استقرار تكلفة الطاقة على الموازنة العامة، خاصة في ظل صمود الاقتصاد المحلي أمام الصدمات الخارجية.
 
دعم التوجه نحو الطاقة المتجددة: رغم جاذبية أسعار النفط المنخفضة، يجب ألا تؤدي إلى التراجع عن التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة. فاستقرار السوق النفطي قد يكون مؤقتًا، لكن تحوّل الطاقة العالمي مستمر.
 
يشير اجتماع أوبك+ الأخير إلى أن التحالف يمضي بثقة نحو إعادة التوازن بين حماية الأسعار واستعادة الحصص السوقية. وبينما ترحب الأسواق باستقرار نسبي في الإمدادات والأسعار، فإن الدول غير الأعضاء – مثل الأردن – تملك اليوم فرصة لإعادة تشكيل استراتيجياتها الطاقية على أسس أكثر كفاءة ومرونة.
 
ومع اقتراب موعد الاجتماع المقبل للتحالف في 7 سبتمبر 2025، سيبقى مراقبو السوق والحكومات على السواء في حالة ترقب، في ظل سوق نفطية لا تزال تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية والتجاذبات الجيوسياسية.