العقبة.. تحول إستراتيجي نحو مركز جذب سياحي واقتصادي واعد
الغد-احمد الرواشدة
العقبة - في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، تثبت العقبة يوما بعد يوم نموذجا متجددا للإنجاز والتطور السياحي والاقتصادي من خلال الأرقام اللافتة التي تعكس حيوية القطاع السياحي فيها.
المؤشرات الإيجابية لحركة الزوار ونسب الإشغال والمشاريع النوعية التي تتكامل مع طبيعة المدينة، كلها تشكل لوحة متكاملة تعكس مكانة العقبة كوجهة وطنية وعالمية واعدة، تنبض بالحياة وتستقطب الاهتمام المحلي والدولي.
وتوضح الأرقام أن فنادق العقبة استقبلت حتى نهاية شهر تموز من العام الحالي أكثر من 532 ألف زائر، بزيادة نسبتها 13 % عن العام الماضي، في حين ارتفعت نسب الإشغال الفندقي لتصل إلى 47 % مقارنة بـ39 % في العام السابق ما يعكس تحسناً ملموساً في حركة السياحة الداخلية والخارجية.
وسجل مطار الملك حسين الدولي أكثر من 106 آلاف مسافر، بزيادة نسبتها 11 %، بينما استقبلت العقبة 10 بواخر حملت ما يزيد على 19.700 راكب بعد توقف شبه تام عام 2024 ما يعكس تعافياً تدريجياً في السياحة البحرية وعودة الثقة في العقبة كوجهة جوية.
يؤكد الخبير السياحي الدكتور سامر الطراونة أن هذه الأرقام "تعكس نجاحاً إستراتيجياً في إعادة تموضع العقبة على خريطة السياحة العالمية وقدرتها على تقديم منتج سياحي متكامل يجمع بين الطبيعة والمرافق والخدمات،" موضحا أن النمو في نسب الإشغال وحركة الطيران والبواخر يدل على ثقة متزايدة من الأسواق الخارجية والمحلية.
ويبين الخبير الاقتصادي رامي الحسن أن العقبة لا تعتمد فقط على السياحة الترفيهية، بل تدمج بين السياحة والاقتصاد الأزرق، مما يعزز من قدرتها على جذب الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة، مشيرا أن المشاريع التي يتم إطلاقها لتوسيع قاعدة الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل حقيقية.
ويرى المدرب الرياضي فضل الخريشة أن الفعاليات الرياضية والشبابية تمنح الشباب مساحة للتعبير عن أنفسهم، وتخلق فرصا للتفاعل الثقافي والرياضي، مما يعزز من روح الانتماء ويحفزهم على المشاركة في تطوير مدينتهم، مشيرا أن الفعاليات التي أقيمت مؤخرا لا سيما بطولة الأردن المفتوحة للجولف وصيد الأسماك وخلال الأسابيع القادمة بطولة الترايثلون العالمية جلبت أبرز نجوم العالم والمصنفين الدوليين ليتعرفوا كذلك على منطقة العقبة ومثلثها الذهبي رم والبتراء والعقبة.
من جانبه يؤكد رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، شادي رمزي المجالي أن جميع المؤشرات تدل على ان الرؤية الإستراتيجية التي تتبناها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تمضي بثبات نحو تحقيق أهدافها لا سيما بعد المؤشرات السياحية المتصاعدة وحركة الزوار المتنامية، منوها إلى أن هذه النجاحات كانت ثمرة رؤية إستراتيجية ومشاريع متكاملة تهدف إلى تحويل العقبة من مجرد وجهة شاطئية إلى مركز عالمي للمؤتمرات والمعارض وميدان مفتوح للتجارب السياحية الفريدة والفعاليات الشبابية.
ويقول "العقبة اليوم تشكل الوجهة الأولى في المثلث الذهبي (العقبة – وادي رم – البتراء) القلب النابض للسياحة الوطنية،" موضحا أن أبرز المشاريع التي تم إطلاقها خلال السنوات الأخيرة مركز العقبة الدولي للمعارض الذي يشكل منصة لاستقطاب الفعاليات والمؤتمرات الإقليمية والدولية ومشروع "عين العقبة" الذي يعيد تعريف السياحة المائية والترفيهية في المدينة، إضافة إلى توسعة مرصد الطيور الذي يجذب عشاق الطبيعة والبيئة من مختلف أنحاء العالم.
ويضيف المجالي انه تم إطلاق مضمار سباق السيارات ( Formula) ومتحف الطائرات ومتحف التراث العقباوي ومتحف بيت الشريف حسين بن علي لتعزيز تكامل التجربة السياحية، مبينا أنه في إطار تعزيز السياحة البيئية والثقافية تم تطوير المسارات السياحية في الحميمة، وهي منطقة غنية بالتاريخ والتراث، ما يضيف بعدا جديدا لتجربة الزائر ويمنحه فرصة لاكتشاف عمق الحضارة الأردنية في قلب الصحراء.
ويلفت إلى أن العقبة تولي تمكين الشباب أهمية قصوى في ترجمة للرؤية الملكية وتوجيهات سمو ولي العهد إذ تعد السياحة أحد أكبر القطاعات المولدة لفرص العمل بنسبة تتجاوز 40 %، قائلا
"خصصت السلطة الجزء الأكبر من برامجها التدريبية لتأهيل المئات من شباب وشابات العقبة في تخصصات الضيافة الفندقية من الدوائر الأمامية وخدمات الغرف والطهي والطعام والشراب والإنقاذ البحري وسيتم خلال المرحلة المقبلة إضافة برامج لتعلم اللغات الأجنبية كالإنجليزية والألمانية والروسية والصينية، إلى جانب تطوير برامج للغوص التجاري وتأهيل الأدلاء السياحيين لتمكين شباب العقبة من الانخراط في العمل السياحي".
ويشير إلى أن العقبة رسخت لنفسها مكاناً بارزاً في المنطقة عبر رزنامة فعالياتها الغنية والمتنوعة على مدار العام والتي تهدف إلى جذب السياحة المحلية والإقليمية، موضحا أن الاستعدادات تجري حاليا لاستضافة واحد من أهم المؤتمرات العالمية المتخصصة في سياحة الأعراس، وهو نوع جديد من السياحة يشهد نموا عالميا، ويضع العقبة على خريطة العالم كوجهة متميزة لهذا النوع من التجارب، كما يبرز وادي رم اليوم كموقع عالمي لتصوير الأفلام، مما يعزز من تنوع منتجاتنا السياحية ويضيف قيمة استثنائية لاقتصاد المنطقة.
ويبين المجالي أن العقبة رافد أساسي للاقتصاد الوطني من خلال منظومة الموانئ المتكاملة، التي تتناول نحو 90 % من صادرات المملكة وأكثر من 70 % من وارداتها، مما يجعلها شريان حياة اقتصادي للمملكة إلى جانب كونها وجهة سياحية، مؤكدا أن ما يميز العقبة إلى جانب مشاريعها ومنتجاتها الروح التي تمنح الزائر تجربة إنسانية عميقة وتبهره بكرم الاستقبال وحفاوة الضيافة.
ويبين خبراء ومراقبون أن هذه المشاريع البيئية تعكس التزام العقبة بمبدأ التنمية المستدامة، وتوازن بين حماية البيئة وتنمية السياحة، وهو ما يجعلها نموذجا يحتذى به في المنطقة."