الغد-تيسير النعيمات
يتطلب تنشيط وتحفيز سوق العقار تدخلا من الحكومة عبر إعادة هيكلة الضرائب والرسوم على قطاع الإسكان، بحيث تكون عادلة، تدريجية، ومتناسبة مع حجم المشروع لتخفيف العبء عن المواطن والمستثمر، وتشجيع عودة الأردنيين المغتربين للاستثمار والتملك من خلال توفير حوافز خاصة لهم في الشراء والتملك والتسجيل والإعفاءات الضريبية.
ويرى خبراء ومستثمرون في قطاع العقار ضرورة إطلاق برامج تمويل سكنية ميسرة، وضمان استقرار المنظومة التشريعية والإجرائية وإشراك ممثلي القطاع الخاص في صياغة أي تعديلات، لتحفيز سوق العقار.
وأشاروا إلى أهمية إعادة النظر في أسعار المواد الأساسية مثل الحديد والإسمنت، إذ إن أسعار الإسمنت في دول الجوار تقل عن سعرها في الأردن، داعين إلى السماح بالتوسع الأفقي في البناء بزيادة المساحات المسموح البناء فيها ضمن تصنيفات "أ" و"ب" والتوسع العمودي من خلال ترخيص بناء طابق خامس ما يخفض كلف البناء وبالتالي سعر الشقق على المواطن الراغب بتملك الشقق.
وطالبوا بإدخال مناطق جديدة للتنظيم وإيصال الخدمات لها لتخفيض سعر الأراضي التي كانت تشكل قبل نحو 20 عاما ما نسبته 20 % من كلفة بناء الإسكان أصبحت خلال السنوات الماضية تزيد على 60 % ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الشقق.
وبحسب دراسة سابقة لجمعية مستثمري قطاع الإسكان، فإن مقدار العبء الضريبي الذي يتحمله القطاع يتراوح بين 35 و38 بالمائة من سعر الشقة.
استمرار التباطؤ بالقطاع يعني تراجع إيرادات الخزينة
رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان ماجد غوشة أكد أهمية أن تقرأ إحصائيات وأرقام حجم التداول العقاري للشهور الثمانية الأولى التي أعلنتها دائرة الأراضي والمساحة من قبل صانعي القرار في الحكومة، مبينا أن استمرار التباطؤ يعني تراجعا محتملا في إيرادات الخزينة على المدى المتوسط إذا انخفضت حركة البيع والشراء، فضلا عن ارتفاع في كلفة السكن على المواطنين نتيجة ارتفاع أسعار الشقق مع ضعف القدرة على التمويل في ظل محدودية الدخل للمواطن.
واعتبر غوشة أن المؤشرات العقارية للأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، تعكس حالة من الاستقرار النسبي في سوق العقار الأردني، وأن هذه المؤشرات تحتاج إلى قراءة معمقة وربط مباشر بالسياسات الحكومية المؤثرة على هذا القطاع الحيوي، بما ينسجم مع أهداف الرؤية الاقتصادية للمملكة وبرامجها التنفيذية ويشجع على التطوير العمراني المستدام.
وأوضح أن الارتفاع الطفيف في حركة بيع العقار في المملكة بنسبة بلغت 1 % وارتفاع حجم التداول بنسبة 3 % ليبلغ 4.565 مليار دينار، وارتفاع إيرادات دائرة الأراضي بنسبة 4 %. لا يُخفي حقيقة التباطؤ الذي ظهر بوضوح في شهر آب، حيث تراجع التداول بنسبة 8 % عن الشهر السابق و3 % مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، وانخفضت بيوعات الشقق والأراضي بنسب وصلت إلى 8 % و10 % على التوالي مقارنة بالشهر السابق، كما انخفضت بيوعات الشقق بنسبة 9 % خلال شهر آب مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. الأمر الذي يعكس تحديات متزايدة يعانيها القطاع ولعل أبرزها ارتفاع أسعار مواد البناء وتضاعف كلف التمويل العقاري نتيجة رفع أسعار الفائدة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار غوشة إلى أن الأرقام تكشف أيضاً تراجع تملك غير الأردنيين للعقار بنسبة 13 % منذ بداية العام و28 % في شهر آب وحده مقارنة بنظيرتها من عام 2024، مع انخفاض القيمة التقديرية لهذه البيوعات بنسبة 9 % خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو يعكس تراجعاً ملحوظاً في قدرة السوق الأردني على استقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية، ما يحرم الاقتصاد الوطني من تدفقات استثمارية مهمة ويؤثر على مستويات السيولة.
ودعا إلى تدخل استباقي من الحكومة عبر إعادة هيكلة الضرائب والرسوم على قطاع الإسكان، بحيث تكون عادلة، تدريجية، ومتناسبة مع حجم المشروع لتخفيف العبء عن المواطن والمستثمر، وتشجيع عودة الأردنيين المغتربين للاستثمار والتملك من خلال توفير حوافز خاصة لهم في الشراء والتملك والتسجيل والإعفاءات الضريبية. وإطلاق برامج تمويل سكنية ميسرة، إضافة إلى ضمان استقرار المنظومة التشريعية والإجرائية وإشراك ممثلي القطاع الخاص في صياغة أي تعديلات، بالتوازي مع تكثيف الجهود للترويج الخارجي للأردن كبيئة آمنة وجاذبة للاستثمار العقاري خصوصاً في المشاريع السكنية الموجهة لغير الأردنيين.
وشدد غوشه على أن القطاع العقاري ليس مجرد قطاع اقتصادي بل هو محرك رئيسي للتنمية وركيزة للاستقرار الاجتماعي، محذراً من أن أي تباطؤ فيه سينعكس على الاقتصاد الأردني وفرص العمل وعلى ثقة المواطنين والمستثمرين، وهو ما يستوجب تحركا عاجلا يوازن بين مصالح الدولة والمواطن والمستثمر.
توقع بيع 36 ألف شقة في 2025
من جانبه، توقع الرئيس الأسبق لجمعية المستثمرين في قطاع الإسكان كمال عواملة أن يتم بيع نحو 36 ألف شقة هذا العام وأن يصل حجم التداول العقاري إلى نحو 4.6 مليار دينار وهو ضمن المعدل المقبول.
وأشار العواملة أن الأوضاع السياسية غير المستقرة في المنطقة بسبب العدوان الصهيوني على غزة وعلى لبنان والحرب الإيرانية الإسرائيلية أضعفت الإقبال على شراء العقار في الأردن.
وبين أن قرار الحكومة تخفيض الرسوم المفروضة على الشقق التي تبلغ مساحتها 150 مترا مربعا فأكثر بمقدار النصف زاد من الإقبال على هذه الشقق إذ أصبحت تشكل 60 % من الشقق المباعة بعد أن كانت 30 % قبل القرار الحكومي.
ودعا العواملة الحكومة إلى إعادة دراسة العبء الضريبي على القطاع مشيرا إلى أن القرار الحكومي أبان أزمة العقارات العالمية بتخفيض ضريبة المبيعات من 16 إلى 8 % زاد البيع في الأردن وارتفعت عوائد دائرة الأراضي والمساحة رغم التراجع العالمي.
وطالب بدراسة العبء على مدخلات الإنتاج وخصوصا الإسمنت، مشيرا إلى ان سعره في الدول المجاورة اقل من سعره في الأردن "ومع التصدير لسورية قد يرفع سعر الإسمنت في الأردن".
واكد العواملة أهمية تسريع الإجراءات الإدارية من الترخيص وإذن الإشغال والخدمات مثل المياه والكهرباء لتحفيز سوق العقار.
أثر الأحداث الإقليمية
بدوره، أشار نائب الرئيس الأسبق لجمعية المستثمرين في قطاع الإسكان المهندس منير أبو عسل إلى أن قرار ربط براءة الذمة من شركة الكهرباء بتنفيذ عمليات الانتقال للعقارات شكلت عامل إرباك في عمليات التداول العقاري وعطلت عقود البيع التي تزامنت مع موسم المغتربين، ثم عادت الحركة والنشاط إلى طبيعتها بعد تجميد القرار، معتبرا أن قرار الربط غير منطقي إذ إن عداد الخدمات يبقى باسم شركة الإسكان حتى لو يتم بيع جميع الشقق وبالتالي يتحمل عبء فواتير ساعة الخدمات لإسكان لم يعد له علاقة به.
وتطرق أبو عسل إلى الأحداث الإقليمية والعدوان الصهيوني على قطاع غزة وتهديدات الكيان لدول المنطقة والعدوان على بعضها اثر على حركة التداول العقاري خلال الشهور الثمانية الماضية.
ودعا إلى عقد ورشة عمل تضم جميع الجهات الرسمية ذات العلاقة بالعقار والإسكان والقطاع الخاص للوصول إلى مقترحات عملية لتنشيط سوق العقار يتم تنفيذ مخرجاتها مشيرا إلى أن تم تقديم 16 مقترحا من قبل جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان عام 2018 إلا انه وللأسف لم يتم تنفيذ جلها .
وشدد أبو عسل على أهمية تخفيف العبء الضريبي على مدخلات الإنتاج والسماح باستيراد الإسمنت إذ إن الطن يباع في الأردن بأكثر من 100 دينار بينما في دول الجوار فيباع بأقل من نصف السعر، مؤكدا ان سماح الحكومة باستيراد الإسمنت سيؤدي إلى انخفاض سعره وبالتالي تقليل الكلفة على المستثمر وتخفيض سعر الشقق "فالاولى حماية المواطن لا المصانع".
ودعا إلى السماح بالتوسع العمودي من خلال السماح ببناء طابق إضافي (خامس) في عمان ما يخفف العبء والكلفة والتوسع الأفقي من خلال رفع نسب البناء من مساحة الأرض في المناطق المصنفة سكن أ لأكثر من 39 % وزيادة نسبة البناء في منطق ب لأكثر من 42 %.