أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Oct-2025

ما المطلوب لتحفيز قطاع الصناعات الإبداعية؟

 الغد-عبد الرحمن الخوالدة

 يشهد العالم اليوم تحولا متسارعا نحو الاقتصاد المعرفي، حيث لم تعد الثروات الطبيعية وحدها كفيلة بصناعة النمو، بل باتت الأفكار المبتكرة والمهارات الإبداعية رأس المال الحقيقي في العملية الاقتصادية. 
 
 
وفي هذا السياق، تبرز الصناعات الإبداعية والثقافية باعتبارها إحدى أسرع القطاعات نموا وأكثرها قدرة على استيعاب الشباب الموهوبين، وخلق فرص عمل جديدة، والمساهمة في تنويع القاعدة الاقتصادية للدول.
ورغم ما يواجهه هذا القطاع في الأردن من تحديات تتعلق بالتمويل، وضعف البنية التحتية الرقمية، والقصور في التشريعات الخاصة بالملكية الفكرية، فإنه يمتلك فرصة استثنائية للتحول إلى رافعة اقتصادية تساهم في خفض البطالة، وتعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي للثقافة والفنون والإبداع، على ما يؤكد خبراء اقتصاديون. 
ويرى الخبراء، أن تحفيز هذا القطاع يتطلب مجموعة من السياسات والإجراءات العملية، تبدأ من تطوير التشريعات الناظمة وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتمر عبر توفير أدوات تمويل مستدامة للشركات الناشئة، ومنح الحوافز الضريبية للمستثمرين، وصولا إلى تطوير المناهج التعليمية وإدماج مهارات الابتكار في العملية الأكاديمية، إلى جانب إنشاء منصات رقمية قوية للتسويق والتوزيع، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والجامعات.
وبينوا أن هذه الإجراءات، إذا ما جرى تبنيها بجدية، كفيلة بتحويل الأفكار الإبداعية إلى قيمة اقتصادية ملموسة، وتصدير منتجات وخدمات إبداعية أردنية قادرة على المنافسة عالميا، بما يشمل الألعاب الإلكترونية، التصميم، الأفلام، الموسيقا، الإعلام الرقمي، الأزياء والحرف اليدوية.
يشار إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي، أدرجت قطاع الصناعات الإبداعية ضمن محرك الخدمات المستقبلية، وقدرت حجمه خلال العام 2021، بنحو 600 مليون دينار، وتستهدف الرؤية رفعه مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 8 % سنويا، لتصل إلى 1.4 مليار دينار في العام 2033. كما تسعى الرؤية إلى رفع صادرات القطاع بنسبة 24.8 % سنويا، لتبلغ 1.6 مليار دينار في العام 2033، إضافة إلى زيادة عدد العاملين في القطاع بنسبة 7.5 %، ليصل عددهم إلى 24.8 ألف موظف في العام 2033، ارتفاعا من 10.4 ألف موظف في العام 2021.
ضمانة التنويع الاقتصادي 
وقال ممثل قطاع الاتصالات وتكولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن هيثم الرواجبة "إن الصناعات الإبداعية تعتبر من أكثر القطاعات القادرة على استيعاب الشباب والموهوبين، كما أنها إحدى القطاعات الاقتصادية الناشئة التي يراهن عليها مستقبلا".  
وأكد الرواجبة لـ"الغد"، أن لهذا القطاع أهمية كبيرة، تكمن في ضمانه تنويع الاقتصاد من خلال تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية (مثل الصناعة والتجارة) وفتح أسواق جديدة، إضافة إلى زيادة الصادرات المنتجات الإبداعية (تصميم، محتوى رقمي، ألعاب إلكترونية، أفلام، موسيقا)، لها قدرة تنافسية عالمية، إلى جانب جذب الاستثمار، قطاع واعد يجذب المستثمرين الأجانب والمحليين، فضلا عن تعزيز الهوية الوطنية من خلال الترويج للثقافة المحلية والفنون كجزء من القوة الناعمة للدولة. 
وبين الرواجبة أن هذا القطاع ما يزال يواجه تحديات عدة، ومنها ضعف التشريعات، إذ هناك حالة قصور في قوانين الملكية الفكرية وعدم تطبيقها بصرامة، إضافة إلى محدودية التمويل، حيث هناك صعوبة في الحصول على تمويل مستدام للشركات الناشئة الإبداعية.
ويضاف إلى ذلك، ضعف البنية التحتية الرقمية، حيث يفتقد القطاع إلى منصات قوية للتسويق والتوزيع، إضافة إلى نقص الكفاءات المتخصصة في ظل قلة البرامج التدريبية الموجهة لتطوير المهارات الإبداعية، إلى جانب ضعف الوعي المجتمعي وعدم إدراك المجتمع لأهمية الصناعات الإبداعية كرافد اقتصادي، فضلا عن محدودية النفاد إلى الأسواق العالمية، نتيجة ضعف شبكات التوزيع والعلاقات الدولية. 
وحول السبل اللازمة لتحفيز هذه الصناعات، يرى الرواجبة أن ذلك ممكن في حال اتخاذ مجموعة من الإجراءات وتتمثل بما يأتي، سن قوانين وأنظمة تحمي الملكية الفكرية وتشجع الاستثمار في الصناعات الإبداعية، إضافة إلى توفير منح وقروض ميسرة للشركات الناشئة والمبدعين، إضافة إلى حوافز ضريبية للمستثمرين.
ومن هذه الإجراءات أيضا بحسب الرواجبة، تطوير منصات رقمية وأسواق إلكترونية لتسويق المنتجات والخدمات الإبداعية محليا وعالميا، إضافة إلىإدماج مهارات الإبداع والابتكار في المناهج التعليمية، وتوفير برامج تدريب متخصصة، فضلا عن إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص والجامعات لدعم المشاريع الإبداعية، ودعم المشاركات في المعارض المحلية والدولية وترويج العلامات التجارية الوطنية، علاوة عن توفير منصات ومراكز حاضنة للأفكار الإبداعية، خاصة للفئات الشابة والنساء.
اهتمام حكومي 
المستثمر في قطاع الألعاب الالكترونية حازم الحنبلي، أكد أن هناك اهتماما حكوميا واضحا في الصناعات الإبداعية بما فيها الألعاب الالكترونية، إدراكا منها لأهميتها المستقبلية كقطاع اقتصادي أساسي في العملية الاقتصادية. 
ولفت الحنبلي، إلى أن الاهتمام يتجلى في إدراج الصناعات الإبداعية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، إضافة إلى تقديم الحكومة حوافز للشركات الناشئة في مجال الألعاب الإلكترونية. 
وأوضح الحنبلي لـ"الغد"، أن هناك شركات عدة للألعاب الإلكترونية في الأردن، بدأت في النمو والتوسع ولديها اليوم العشرات من العاملين، إضافة إلى استقطابها للاستثمارات. 
وأشار الحنبلي، إلى زيادة حجم الوعي بقطاع الألعاب الإلكترونية كقطاع اقتصادي، حيث بدأت الكثير من الجامعات المحلية بإدراجه كتخصص جامعي رسمي في كلياتها. 
وبين الحنبلي أن الأردن يملك المقومات كافة، إلى أن يكون قاعدة للصناعات الإبداعية في ظل توفره على الكوادر المؤهلة في هذا المجال، إضافة إلى وجود الحاضنات الريادية لذلك. 
ونوه الحنبلي إلى دخول بعض دول المنطقة على خط هذه الصناعات مؤخرا، مما سيرفع وتيرة المنافسة على هذه الصناعات، داعيا إلى ضرورة التوسع في تسهيل التمويل للمنخرطين في هذا المجال. 
نواة مهمة 
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي منير دية، أن الصناعات الإبداعية باتت اليوم من أهم القطاعات الاقتصادية في العالم، إذ تجاوزت قيمتها 2.8 تريليون دولار، ووظفت أكثر من 50 مليون شخص، مشيرا إلى أن هذا القطاع يشهد نموا متسارعا يعتمد على الملكية الفكرية والإبداع والابتكار في إنتاج الخدمات والقيمة الثقافية.
وأوضح دية أن المنطقة العربية، بما فيها الشرق الأوسط والأردن، بدأت تشهد اهتماما متزايدا بهذا القطاع، ولا سيما في مجالات صناعة الأفلام، الموسيقا، التصميم، الرسوم المتحركة، الألعاب الإلكترونية، الإعلام الرقمي، الأزياء، العمارة، الحرف اليدوية، النسيج والمجوهرات، لافتا إلى أن هذه الصناعات تساهم في خلق فرص العمل، وزيادة النمو الاقتصادي، وتعزيز التطور الثقافي والاجتماعي، فضلا عن كونها منصة مهمة لريادة الأعمال بين الشباب.
وبين لـ"الغد"، أن الأردن يمتلك نواة مهمة لتطوير هذه الصناعات، غير أن القطاع بحاجة ماسة إلى التمويل والدعم المؤسسي، سواء من البنوك أو شركات التمويل أو المؤسسات الكبرى، مؤكدا ضرورة حماية حقوق الملكية الفكرية، وتوفير بنية تحتية للتكنولوجيا الرقمية، إلى جانب تمكين المنتجين من الوصول إلى الأسواق العالمية وتسويق المحتوى الإبداعي الأردني.
ويرى دية، أن الأردن في أمس الحاجة إلى تنويع قاعدته الاقتصادية ومواكبة التطور العالمي، وأن الاستثمار في الصناعات الإبداعية سيعزز من فرص العمل ويخفض نسب البطالة المرتفعة، ويمكن المملكة من التحول إلى مركز إقليمي منافس في هذا القطاع الواعد.
ودعا إلى إنشاء مراكز متخصصة لإنتاج الأفلام والتصميم والفنون الرقمية، وأن تتبنى المؤسسات المالية والشركات الكبرى مثل هذه المشاريع، عبر توفير الدعم الفني والخدمات اللازمة، معتبرا أن الاستثمار في الصناعات الإبداعية يشكل رافعة اقتصادية جديدة للأردن.
كما شدد على أهمية تطوير المناهج الدراسية والتخصصات الجامعية، بما يتماشى مع متطلبات هذه الصناعات، مثل صناعة الأفلام، الألعاب الإلكترونية، الإعلام الرقمي، الإعلان والتسويق، الأزياء، النسيج، الحرف اليدوية والمجوهرات، مؤكدا ضرورة توجيه الطلاب منذ المرحلة الثانوية نحو هذه المجالات، إلى جانب إطلاق مراكز تدريب متخصصة لتأهيل خريجين قادرين على الاندماج في السوق الإبداعي.