الغد
كيف تؤثر عروض الخصم والتخفيضات على سلوك الشراء في المتاجر الإلكترونية؟
في بيئة التجارة الإلكترونية التنافسية التي تتعدد فيها الخيارات والمنتجات، تعد كوبونات الخصم والتخفيضات واحدة من أهم الإستراتيجيات التسويقية التي تعتمد عليها المتاجر الإلكترونية لجذب العملاء وزيادة المبيعات. يتزايد اهتمام الباحثين والمتخصصين في التسويق بفهم تأثير هذه العروض على سلوك الشراء. وقد أشارت دراسات إلى أن توفر الخصومات يدفع المستهلكين لاتخاذ قرارات شراء أسرع، بل ويمكن أن يؤدي إلى عمليات شراء اندفاعية تحت تأثير عامل الاستعجال، خصوصًا عندما يكون العرض محدود المدة أو الكمية. هذا الشعور بالحاجة الماسة إلى اغتنام الفرصة قبل فوات الأوان – المعروف بمفهوم الخوف من الضياع (FOMO) – يلعب دورًا قويًا في تحفيز السلوك الشرائي للمستهلكين. على سبيل المثال، أكدت إحدى الدراسات الحديثة أن الخصومات السعرية وشعور الـFOMO معًا يؤثران بشكل ملحوظ على زيادة الشراء الاندفاعي لدى المتسوقين عبر الإنترنت.
التأثير النفسي لعروض الخصم على سلوك المستهلكين
تبرز العروض الترويجية المخفضة في أذهان المستهلكين كفرصة لا تعوّض، مما يجعلهم أكثر استعدادًا للشراء. من الناحية النفسية، يشعر المستهلك عند رؤية سعر منخفض بأنه رابح ويحقق صفقة جيدة، الأمر الذي يعزز لديه إحساسًا بالإيجابية والرضا. الخوف من تفويت الفرصة (FOMO) يدفع المتسوق إلى الإسراع بالشراء خوفًا من انتهاء العرض، وهذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى قرارات شراء غير مدروسة تمامًا بل اندفاعية. فعندما يدرك الشخص أن العرض مؤقت أو محدود, يتولد لديه ضغط نفسي لاتخاذ القرار فورًا قبل انقضاء المهلة.
علاوة على ذلك, يولّد الحصول على الخصم مشاعر الإنجاز و"الذكاء الشرائي" لدى المستهلك. يشعر البعض بأنهم مستهلكون أذكياء حين يتمكنون من اقتناص منتج بسعر أقل من قيمته الأصلية. هذا الشعور بالكفاءة وتحقيق المكسب يعزز الرغبة لدى المستهلك في تكرار التجربة والبحث عن عروض خصم مستقبلية. في الواقع، يوضح علماء النفس أن إتمام عملية الشراء بسعر مخفض يمكن أن يمنح المشتري إحساسًا صغيرًا بالإنجاز والرضا عن الذات. وقد بينت الأبحاث أيضًا أن التسوق العلاجي – أي قيام الشخص بالتسوق لتحسين مزاجه – يمكن أن يحقق ارتفاعًا مؤقتًا في مستوى السعادة والثقة بالنفس.لا سيما عندما يشعر المستهلك أنه حصل على صفقة رابحة أو وفّر قدرًا من المال في تلك العملية.
الإستراتيجيات المختلفة لعروض الخصم وتأثيرها على قرارات الشراء
تستخدم المتاجر الإلكترونية تكتيكات متنوعة في تقديم الخصومات، ولكل منها تأثير مختلف على قرار الشراء لدى المستهلك. من أبرز هذه الإستراتيجيات ما يلي:
● التخفيض المباشر بنسبة مئوية من السعر: يعتبر عرض مثل "خصم 20%" من أبسط وأشهر العروض التسويقية. ينجذب المستهلكون إلى هذه التخفيضات بسهولة لأنها تبيّن لهم مباشرة مقدار الوفر في السعر النهائي. تشير الدراسات إلى أن إبراز نسبة الخصم بوضوح مع إظهار السعر الأصلي إلى جانب السعر بعد الخصم يساعد المستهلك على إدراك قيمة التوفير فورًا ويشجعه على إتمام الشراء. فعندما يرى المتسوق السعر قبل وبعد التخفيض، فإنه يدرك حجم المكسب المادي، مما يحفزه على اتخاذ قرار سريع لصالح الشراء.
● عروض "اشترِ واحدًا واحصل على الآخر مجانًا" (BOGO): هذا النوع من العروض يلعب على وتر الشعور بـ"الهدية المجانية"، وهو شعور نفسي قوي يجذب العملاء. الكثير من المستهلكين يفضلون الحصول على قطعة إضافية مجانًا على الحصول على نفس قيمة الخصم في السعر. بمعنى آخر، تشير الإحصائيات إلى أنه عند تخيير العملاء بين الحصول على منتج إضافي مجانًا أو الحصول على خصم مماثل في القيمة، فإن حوالي ثلاثة أضعاف عدد المستهلكين يختارون العرض الذي يتضمن قطعة مجانية. ذلك لأن كلمة "مجاني" لها جاذبية خاصة وتعطي إحساسًا بقيمة أكبر حتى لو كان العرض المكافئ بالخصم المالي يساوي نفس القيمة.
● التخفيضات الوقتية المحدودة: تعتمد هذه الإستراتيجية على مبدأ الندرة والفرصة التي لا تتكرر. كأن تعلن المتاجر عن خصم كبير لمدة 24 ساعة فقط، أو تخفيضات خاصة لليوم الواحد. هذه العروض تستثير شعور الاستعجال لدى المستهلك خوفًا من ضياع الفرصة (مرة أخرى تأثير FOMO. وفقًا لمبدأ الندرة في علم النفس، ينظر الناس إلى المنتج أو العرض على أنه أكثر قيمة حين يكون متاحًا لفترة وجيزة أو بكمية محدودة. لهذا السبب، غالبًا ما تؤدي الخصومات المحدودة زمنيًا إلى رفع معدل التحويل بشكل كبير خلال فترة العرض، حيث يسارع المستهلكون لاتخاذ القرار قبل فوات الأوان.
يجدر بالذكر أن كل إستراتيجية من هذه الاستراتيجيات تستهدف جانبًا معينًا من التفكير أو العاطفة لدى المستهلك. فالتخفيض كنسبة مئوية يخاطب العقل بالحسابات والتوفير، وعرض "الواحد + واحد مجانًا" يستثير العاطفة وحب الحصول على شيء بلا مقابل، أما العروض المحدودة زمنياً فتضغط على زر الخوف من الفقدان. استخدام المزيج المناسب من هذه التكتيكات يمكن أن يحقق نتائج فعالة للمتاجر بحسب طبيعة الجمهور المستهدف وسلوكه الشرائي.
دور وسائل التواصل الاجتماعي في نجاح عروض الخصم
في العصر الرقمي الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة رئيسية لنشر عروض الخصم وتعزيز نجاحها. تقوم العلامات التجارية بمشاركة عروضها عبر منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر للوصول إلى جمهور واسع بسرعة. الأهم من ذلك، تتيح هذه المنصات تفعيل مفهوم "الدليل الاجتماعي" أو التوصية الاجتماعية (Social Proof) في سياق العروض الترويجية. عندما يرى المستخدمون أقرانهم أو مستهلكين آخرين يتحدثون عن عرضٍ ما أو يستفيدون منه، فإن ذلك يزيد من ثقتهم في العرض وفي العلامة التجارية. بالفعل، تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 70% من المستهلكين يثقون بآراء العملاء الآخرين المنشورة على الإنترنت أكثر بكثير من إعلانات الشركات نفسها.لذا فإن رؤية الآخرين وهم يستفيدون من عرض الخصم ويشيدون به تزيد من قابلية المستهلكين الآخرين لاتخاذ نفس الخطوة.
ولا يقتصر تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على نشر العروض فحسب، بل يتعداه إلى إشراك المستهلكين في التفاعل مع هذه العروض من خلال التعليقات والمراجعات والمشاركات. هذا التفاعل المباشر يخلق شعورًا بالانتماء والولاء للعلامة التجارية، حيث يشعر العملاء أنهم جزء من مجتمع العلامة ويتبادلون النصائح والتجارب حول العروض. عندما تقوم العلامة التجارية بالرد على استفسارات العملاء أو تعليقاتهم عبر المنصات الاجتماعية، فإن ذلك يعزز الثقة ويُظهر اهتمام الشركة بعملائها، مما يدفعهم إلى تكرار الشراء وتعزيز ولائهم على المدى البعيد. بالمحصلة، تسهم وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة زخم عروض الخصم وانتشارها بشكل فيروسي، وتكسب العروض مصداقية أعلى عبر قوة التوصية الاجتماعية التي تدعم قرار الشراء لدى المزيد من الأفراد.
استخدام تطبيقات ومواقع الكوبونات للحصول على أفضل الخصومات
يسعى المستهلك الذكي اليوم إلى تعظيم الاستفادة من عروض الخصم المتاحة، وأحد السبل الفعّالة لتحقيق ذلك هو استخدام التطبيقات والمواقع الإلكترونية المتخصصة في جمع أكواد الخصم والعروض في مكان واحد. لقد عززت هذه الأدوات الرقمية – مثل مواقع مقارنة الأسعار وتطبيقات الكوبونات – من قدرة المستهلكين على العثور على أفضل الصفقات بسهولة وسرعة. فهي تختصر الوقت والجهد بدلاً من البحث اليدوي في عشرات المواقع عن العروض.
على سبيل المثال، يُعد تطبيق "قسيمة" أحد أبرز الأمثلة على هذه المنصات المفيدة للمستهلكين. يوفر هذا التطبيق مجموعة هائلة من أكواد الخصم تصل إلى مئات المتاجر المختلفة في السعودية والوطن العربي، مع تحديث مستمر لضمان فعالية الأكواد. من خلال منصة واحدة مثل "قسيمة"، يستطيع المشتري الحصول على أحدث التخفيضات وكوبونات الخصم بسهولة ونسخها مباشرة أثناء التسوق، مما يضمن عدم تفويت أي عرض متاح. إلى جانب ذلك، تتعاون مثل هذه التطبيقات مع الكثير من العلامات التجارية لتقديم عروض حصرية بخصومات أكبر لا يجدها المستخدم خارج التطبيق.
فوائد استخدام تطبيقات الكوبونات:
● سهولة الوصول لجميع العروض: بدلاً من تتبع عشرات رسائل البريد الإلكتروني والإعلانات، تجمع تطبيقات الكوبونات كل الخصومات والكوبونات المتاحة في واجهة واحدة منظمة. بذلك، يمكن للمستخدم تصفح العروض المتوفرة لمختلف المتاجر والفئات بسهولة واتخاذ قرار مستنير.
● تحديثات فورية وموثوقية أعلى: يتم تحديث أكواد الخصم بشكل دوري على هذه المنصات، والتأكد من صلاحيتها بشكل مستمر. إذا كان الكود غير فعال، يتم إزالته أو استبداله سريعًا. هذا يعني أن المستخدم يحصل دائمًا على أكواد سليمة تعمل، دون إضاعة وقته على عروض منتهية الصلاحية.
● تنوع كبير في المتاجر والمنتجات: غالبًا ما تضم تطبيقات مثل "قسيمة" أكثر من 250 متجرًا وآلاف الأكواد لتغطية مختلف أنواع السلع والخدمات – من الأزياء والإلكترونيات إلى المطاعم وخدمات التوصيل. هذا التنوع يتيح للمستهلك العثور على خصومات لكل ما يحتاجه تقريبًا في حياته اليومية أو مناسباته الخاصة، مما يترجم إلى توفير مالي كبير على المدى الطويل.
بهذه المزايا، لا عجب أن شريحة واسعة من المتسوقين باتت تعتمد على تطبيقات ومواقع الكوبونات قبل إتمام أي عملية شراء عبر الإنترنت. إنها بمثابة مساعد شخصي للتوفير يرافق المشتري في كل متجر إلكتروني، ويوجهه نحو أفضل العروض المتاحة بنقرات بسيطة. ومع تزايد وعي المستهلكين بتوفر هذه الأدوات، أصبح على المتاجر الإلكترونية أن تتعاون معها أو على الأقل تقدم أكواد خصم مناسبة لضمان بقاء عروضها تنافسية وجاذبة للمستخدم الذي بات يقارن الأسعار والخصومات باستمرار.
كيفية جعل عروض الخصم أكثر جذبًا للمستهلكين: التحليل النفسي للتسعير
يعتمد التسعير النفسي على فهم كيف يدرك العقل البشري الأرقام والأسعار، واستغلال هذه المعرفة لجعل عروض الخصم أكثر جاذبية في نظر المستهلك. إحدى الحيل الشائعة في هذا المجال هي استراتيجية التسعير الفردي (Odd Pricing)، أي استخدام أسعار تنتهي بأرقام مثل 9 أو 99 سنتًا بدلًا من جعلها أرقامًا صحيحة أو مستديرة. على سبيل المثال: السعر 19.99 دولارًا يبدو في عين المستهلك أقل بكثير من 20 دولارًا، مع أن الفرق الحقيقي هو سنت واحد فقط. السبب وراء ذلك ما يُعرف بتأثير الرقم الأول من اليسار، حيث يميل الناس لقراءة الأرقام من اليسار إلى اليمين وبالتالي يتأثرون أكثر بالرقم الأول الظاهر.وبحسب هذا المبدأ، يشعر المستهلك أن 19.99 أقرب إلى 19 منه إلى 20، مما يولّد لديه انطباعًا بأنه حصل على سعر أرخص بكثير ، وقد أثبتت التجارب أن مجرد التسعير بأرقام "كسريّة" من هذا النوع يمكن أن يكون كافيًا لإقناع المتسوق باتخاذ قرار الشراء دون الكثير من التردد، بفضل شعور الصفقة الجيدة الذي يمنحه هذا الأسلوب في التسعير.
من جهة أخرى، تلجأ المتاجر أيضًا إلى التخفيضات المحدودة زمنيًا وخلق شعور الندرة (كما تمت الإشارة سابقًا) لتعزيز جاذبية عروضها. فعندما يدرك المستهلك أن العرض لن يستمر طويلًا، فإن ذلك يدفعه نفسيًا إلى إعطاء أولوية لاتخاذ قرار الشراء قبل انتهاء العرض. هذا التكتيك النفسي قائم على استثارة دافع الخوف من ضياع الفرصة (FOMO) لتعجيل القرار الشرائي. كما أن بعض المتاجر تستخدم أساليب مثل العد التنازلي لانتهاء الخصم أو توضيح أن الكمية محدودة من المنتج بسعر الخصم. هذه الطرق كلها تقع ضمن إطار التحفيز النفسي للعميل حتى لا يتردد كثيرًا.
إضافة إلى ما سبق، من المهم أن تكون رسالة العرض الترويجي واضحة وبسيطة ليستوعبها المستهلك فورًا دون حاجة لحسابات معقدة. كلما تمكن العميل من فهم قيمة الخصم بشكل أسرع، زادت احتمالية اتخاذه القرار بالشراء. لذا نجد العبارات الترويجية المباشرة مثل "خصم 50%" أو "وفر 100 جنيه" من أكثر الرسائل التسويقية نجاحًا. فهي تبيّن للمستهلك ما سيحصل عليه دون لبس. يؤكد خبراء التسويق أن العروض ذات الرسائل الواضحة والمباشرة تحقق تفاعلًا أعلى وتشجع العميل على الاستفادة منها بشكل أسرع، فالنص الترويجي المقنع والواضح الذي يركز على قيمة الخصم للعميل هو مفتاح جذب الانتباه وتحويل الاهتمام إلى فعل شراء فعلي.
إستراتيجيات الخصم حسب فئات المنتجات
تختلف فعالية وتأثير إستراتيجيات الخصم باختلاف نوع المنتج والفئة التي ينتمي إليها. فهم سلوك المستهلك في كل فئة يساعد الشركات على تصميم عروض خصم مناسبة تحقق أفضل النتائج دون الإضرار بصورة العلامة التجارية أو بهوامش الربح. فيما يلي نظرة على بعض الفروقات:
● السلع الاستهلاكية الأساسية: بالنسبة للمنتجات اليومية والأساسية مثل مواد البقالة أو المستلزمات المنزلية ومستحضرات العناية الشخصية، يكون المستهلك حساسًا للأسعار ويبحث عن التوفير المباشر. عروض الخصم الواضحة التي تظهر التوفير الفوري – مثل "اشترِ اثنين واحصل على الثالثة مجانًا" أو "خصم 30%" – تكون مغرية جدًا في هذه الفئة. مثل هذه الخصومات قد تشجع المستهلكين على شراء كميات أكبر من حاجتهم الحالية (التخزين للاستفادة من السعر المنخفض) أو تجريب علامات تجارية جديدة طالما السعر أقل. التركيز هنا يكون على توفير المال على المدى القصير، لذلك فالعميل قد لا يكترث كثيرًا للعلامة التجارية بقدر ما يهتم بالحصول على أفضل صفقة ممكنة في اللحظة.
● المنتجات الموسمية والكمالية (كالملابس والإلكترونيات): في هذه الفئات، يلعب توقيت الخصم دورًا حاسمًا. اعتاد المستهلكون انتظار مواسم التخفيضات الكبرى – مثل عروض نهاية العام، والجمعة السوداء (Black Friday)، والأعياد والمناسبات – للحصول على أفضل الأسعار في الملابس والأجهزة الإلكترونية. في الواقع، تظهر الاستطلاعات أن حوالي 62% من المتسوقين يؤجلون شراء الملابس الجديدة إلى أن يحين موسم التنزيلات ويحصلون على خصم. لذا تقوم المتاجر في هذه القطاعات بجدولة التخفيضات في أوقات مدروسة من العام لتحفيز الطلب حين يكون المستهلكون أكثر استعدادًا للشراء. هذه الإستراتيجية تستند إلى خلق شعور لدى العميل بأنه يحصل على صفقة ممتازة لأنه انتظر الوقت المناسب. ومع ذلك، في هذه الفئات أيضًا يهتم المستهلك بالموازنة بين السعر والجودة؛ فالتخفيض الكبير قد يجذب الانتباه لكن جودة المنتج ومواصفاته تظل عاملًا حاسمًا في القرار النهائي.
● السلع الفاخرة والعلامات التجارية الراقية: يختلف الحال بشكل ملحوظ مع المنتجات الفاخرة. جمهور هذه الفئة عادة أقل تحسسًا للسعر، بل إن القيمة المعنوية للمنتج وصورته الراقية تكون في مقدمة الأولويات. تقديم خصومات كبيرة ومتكررة على السلع الفاخرة قد يضر بصورة العلامة التجارية ويقلل من القيمة المدركة للمنتج في نظر العملاء. لذلك تتجنب العديد من العلامات الراقية تقديم تخفيضات عامة كبيرة. وإن قدمت بعض الخصومات، فتكون محدودة جدًا أو موجهة لعملاء محددين (مثلاً عبر برامج ولاء خاصة أو تخفيضات سرية لكبار العملاء). كما أن أسلوب التسعير يختلف هنا؛ فبدلاً من استخدام التسعير المنتهي بأرقام "9" للدلالة على صفقة، تعتمد السلع الفاخرة غالبًا على الأسعار المستديرة (مثل 500 أو 1000 بالرقم الصحيح) لترسيخ فكرة الجودة والتميز. فهذه الأرقام الكاملة تعطي انطباعًا بأن المنتج ذو قيمة عالية ولا يحتاج إلى حيلة التسعير لجذب العميل، بالمقابل، عند إجراء تنزيلات على منتج فاخر – كتصفيات نهاية الموسم – قد تُستخدم الأسعار المنتهية بأرقام غير مستديرة (مثل 99.99) للإيحاء بأن السعر صفقة جيدة دون المساس بصورة المنتج الأصلية. بشكل عام، تحافظ العلامات الفاخرة على توازن دقيق: تقديم بعض الحوافز الشرائية دون الإضرار بهيبة العلامة أو شعور الزبون بأن المنتج فقد تميّزه بسبب الخصم.
الخلاصة: لا شك أن عروض الخصم والتخفيضات أصبحت عنصرًا أساسيًا في توجيه سلوك الشراء عبر الإنترنت. فهي أدوات قوية تستطيع أن تحفز المستهلك نفسيًا وعمليًا لاتخاذ قرار الشراء، خاصةً عندما تُستخدم بذكاء وتخاطب احتياجاته ودوافعه الأساسية سواء كانت رغبة في التوفير أو خوفًا من ضياع الفرصة أو حتى بحثًا عن الشعور بالرضا.
من ناحية العملاء، بات البحث عن الخصومات جزءًا لا يتجزأ من عملية التسوق، مدفوعين في ذلك بانتشار التطبيقات والمواقع التي تسهّل العثور على أفضل الصفقات. أما من ناحية المتاجر الإلكترونية، فنجاح إستراتيجيات الخصم يتوقف على القدرة على تحقيق توازن دقيق: توفير عروض جذابة وحقيقية القيمة لجذب العملاء وتحفيزهم، وفي نفس الوقت صون قيمة العلامة التجارية وهوامش الربح على المدى الطويل.
الإفراط في التخفيضات قد يؤدي إلى تعوّد المستهلك على عدم الشراء إلا بوجود عرض، أو قد يضر بصورة العلامة إذا شعر العميل أن الأسعار الأصلية مبالغ فيها. لذلك يعتمد الأمر على التخطيط المدروس المبني على فهم نفسيات المستهلكين وبيانات السوق. وفي ظل سوق شديد التنافسية ومستهلك أكثر وعيًا وقدرة على الوصول للمعلومات، ستظل إستراتيجيات الخصم الناجحة أحد مفاتيح التفوق في عالم التجارة الإلكترونية الحديث.