أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Aug-2025

قانون الكهرباء الجديد.. هل يمهد لرفع الأسعار؟

 الطاقة: القانون سيدعم استدامة النظام الكهربائي ويشجع الاستثمار

الغد-رهام زيدان
 أثار قانون الكهرباء الجديد الذي دخل حيز النفاذ أخيرا موجةً من الانتقادات وجهها خبراء للحكومة وسط تحذيرات من ارتفاع كلف الفواتير على المستهلك الأردني مقابل امتيازات ستحصل عليها شركات الكهرباء.
 
 
يأتي هذا في الوقت الذي تنص فيه المادة (25/5) من القانون الجديد على "التخفيض التدريجي للدعم البيني بين الفئات المختلفة للمستهلكين إلى حين التخلص منه" فيما تضمن المادة (25/1) لشركات التوزيع تغطية الكلفة وعائدًا مناسبًا على استثماراتها.
ويؤكد الخبراء أن المادة (25/5)  تمهد لرفع الفواتير مستقبلًا حتى إن لم يحدث ذلك اليوم فيما تجعل المادة (25/1) المواطن مموِّلًا إلزاميًا لأرباح الشركات.
ويرى خبراء أن تصوير القانون كمنعطف إيجابي لا يعكس الحقيقة فهو يعتبر بمثابة خطوة إلى الوراء، كما أن بنود القانون الجديد تنطوي على مخاطر اقتصادية واجتماعية ما يستدعي وقف تطبيق القانون الذي دخل حيز النفاذ بعد نشره في الجريدة الرسمية الجمعة الماضية بعد 90 يوما من صدوره في أيار (مايو) الماضي.
في المقابل، تؤكد وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن القانون سيدعم استدامة النظام الكهربائي ويشجع الاستثمار في الطاقة المتجددة، وأنه خطوة مهمة لتعزيز كفاءة استخدام الكهرباء وضمان عدالة توزيعها وتحسين جودة الخدمة المقدمة للمواطنين. 
وأكدت الوزارة أن أسس وضع التعرفة لم تتغير، إذ يضمن القانون للمستثمرين عائدا مناسبا على استثماراتهم، شريطة الالتزام بالكفاءة ومعايير الأداء المحددة في الرخص، مثل تقليل الفاقد الكهربائي، وزمن التوصيل، والحد من الانقطاعات.
إلا أن الخبراء أكدوا أن التشريع الجديد يمثل إعلانا رسميا لزيادة الأعباء على المستهلك الأردني إذ يمنح شركات توزيع الكهرباء أرباحا مضمونة وامتيازات "احتكارية" في الوقت الذي يضع فيه المواطن أمام فواتير أعلى وكلف متزايدة من دون أي ضمانات لتحسين مستوى الخدمة أو الحد من الفاقد.
وكذلك يرى الخبراء أنه رغم شعارات "تشجيع الاستثمار وتوفير الطاقة بأسعار معقولة" إلا أن القانون ينطوي على عناصر ترفع الكلفة على المستهلك وتضعف جاذبية الاستثمار".
الوزارة من جهتها، أشارت إلى أن أنظمة التخزين ستمكّن المستهلكين من الاستفادة من فائض الإنتاج نهارا واستخدامه مساء ما يساهم في خفض الفواتير إضافة إلى دعم موازنة العرض والطلب وتقليل كلفة التوليد فيما يتيح القانون إنشاء أنظمة مستقلة للطاقة الكهربائية خارج الشبكة الوطنية لأي جهة مرخصة بالتوليد أو التوزيع أو النقل، بما يشمل نقل الطاقة المنتجة إلى نقاط الاستهلاك الخاص.
كما استحدث القانون بحسب الوزارة مفهوم نظام النقل المستقل، والذي يُعد خطوة مهمة لجذب الاستثمارات في صناعة الهيدروجين الأخضر، حيث يتيح إنشاء شبكات نقل مستقلة عن الشبكة الوطنية ترتبط بمحطات توليد ذاتي ووحدات تخزين، لتغذية الأحمال الكهربائية الخاصة بسلسلة التزويد لهذه الصناعة الحيوية.
وأضافت الوزارة أن النظام الجديد يكفل عدم التلاعب في انتقال الذمم المالية المتعلقة بالكهرباء من خلال اشتراط الحصول على براءة ذمة عند نقل الملكية العقارية، لافتة إلى تخصيص موظفين من شركات التوزيع في دوائر الأراضي لتبسيط الإجراءات، فيما وصف خبراء هذه الخطوة بأنها سابقة خطيرة تتيح لشركات خاصة التدخل في شؤون الملكية العقارية وهو اختصاص حصري للدولة.
كما أكدت الوزارة المضي في مشروع العدادات الذكية، الذي سيستكمل بنهاية العام الحالي ليشمل جميع محافظات المملكة، بما يعزز كفاءة الخدمة ويرفع مستوى الشفافية والدقة في احتساب الاستهلاك.
المختص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي قال "القانون الجديد للكهرباء لعام 2025 الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا هو إعلان مباشر لزيادة الأعباء على المستهلك لأنه يعطي شركات التوزيع الحق بضمان أرباحها وامتيازات احتكارية".
وبين الشوبكي أن المواطن سيدفع فواتير أعلى وكلفا متزايدة من دون أي ضمانات لتحسين مستوى الخدمة أو الحد من الفاقد.
وأوضح أن المادة (25/5) من القانون تنص على "التخفيض التدريجي للدعم البيني بين الفئات المختلفة للمستهلكين إلى حين التخلص منه"، ما يعني أن القانون يُمهّد لرفع الفواتير مستقبلًا، حتى إن لم يحدث ذلك اليوم، كما تضمن المادة (25/1) لشركات التوزيع تغطية الكلفة وعائدًا مناسبًا على استثماراتها، وهو ما يجعل المواطن ممولًا إلزاميًا لهذه الأرباح.
وحذّر الشوبكي من أن هذا القانون لا يعكس العدالة الاجتماعية ولا ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي، بل يكرّس تغوّل الشركات الخاصة على حساب الناس، ويجعل المواطن الممول الإجباري لهذه الامتيازات وسط ضغوط معيشية خانقة.
وأكد الشوبكي أن الادعاء بعدم وجود رفع للأسعار في القانون يُعد تضليلا، موضحا أن النصوص تنصّ بوضوح على إزالة الدعم البيني تدريجيا وتثبيت عائد مضمون لشركات التوزيع، وهو ما يمهّد لرفع الأسعار بشكل دائم مستقبلا حتى إن لم يظهر الأثر المباشر الآن. 
كما اعتبر أن الترويج لفكرة الاعتماد على التخزين لتخفيض الفاتورة وهم، مشيرا إلى أن التشريعات تفرض قيودا معقدة وإجراءات ترخيص مرهقة وسعات محدودة، إلى جانب فرض غرامات وحبس عند التجاوز، ما يجعل تطبيق التخزين شبه مستحيل بالنسبة لغالبية الأسر والمنشآت، ويحوّله من حل عملي إلى عبء إضافي.
ومن أبرز المخاطر التي أشار إليها الشوبكي في القانون الجديد إلزام المواطن بالحصول على براءة ذمة من شركة الكهرباء عند أي تنازل أو نقل ملكية عقار، وهو ما وصفه بأنه سابقة خطيرة تتيح لشركات خاصة التدخل في شؤون الملكية العقارية، وهو اختصاص حصري للدولة.
وأوضح أن هذا النص يفتح الباب للمزاجية والأخطاء، ويعطل معاملات البيع والتنازل، بل قد يصل إلى رهن العقارات لصالح شركات الكهرباء، مما يجعل المواطن رهينة لقرارات تلك الشركات. 
وقبل أن يختم، شدد الشوبكي على ضرورة وقف تطبيق القانون وإعادة دراسته جذريا، مع وضع آليات عادلة تربط التعرفة بالأداء لا بالامتياز، وتمكّن المواطن من توليد وتخزين الطاقة بحرية، إضافة إلى فتح باب المنافسة للحد من الاحتكار وحماية الاقتصاد الوطني.
‏أما بالنسبة للمادة، ختم الشوبكي قائلا "المادة (29) تنص على عقوبات بالحبس والغرامة على أي توليد أو تخزين كهرباء يتم خارج نطاق التراخيص أو السعات المحددة، ما يجعل الحديث عن "التخزين لتخفيض الفاتورة" غير قابل للتطبيق الواسع، وتشترط  المادة (21) حصول المواطن على براءة ذمة من شركة الكهرباء قبل أي تنازل أو بيع عقار، وهو اختصاص يفترض أن يبقى حصريًا بيد مؤسسات الدولة".
إلى ذلك، أكدت الناطق الإعلامي باسم هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن د.تحرير القاق أن القانون يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية حقوق المواطنين وضمان الشفافية في المعاملات ويضمن هذا الإجراء التحقق من أن العقار خالٍ من أي التزامات مالية مستحقة، ويحمي المشتري من تحمل ديون لم يكن طرفا فيها، كما يتيح للبائع إنهاء التزاماته بصورة قانونية واضحة.
وأوضحت الهيئة أن هذا النص جاء استجابة لشكاوى ومطالبات متكررة من مواطنين واجهوا في السابق التزامات مترتبة على العقار بعد انتقال ملكيته، ما يجعل من ربط عملية النقل ببراءة الذمة خطوة إصلاحية جوهرية تصون حقوق جميع الأطراف، وتُعزز ثقة المواطن في المعاملات العقارية والخدمية.
من ناحيته، بيّن الخبير والمستثمر في القطاع د.فراس بلاسمة أن القانون رغم شعاراته عن "تشجيع الاستثمار وتوفير الطاقة بأسعار معقولة"، يحمل في جوهره عناصر ترفع الكلفة على المستهلك وتضعف جاذبية الاستثمار.
وبين بلاسمة أن القانون أعاد تكريس نموذج "المشتري المنفرد"، ما يحد من قدرة المنتجين المستقلين على البيع المباشر ويضعف المنافسة كما منح الهيئة والمجلس صلاحيات واسعة في فرض الرسوم والبدلات، ما يفتح الباب لزيادة التكاليف التشغيلية للمشاريع.
وبدل أن يكون القانون حافزا للطاقة المتجددة، جاء مليئا بالاشتراطات البيروقراطية التي تعرقل دخول صغار المستثمرين وتُدخل حالة من عدم اليقين أمام الشركات الأجنبية، بحسب بلاسمة، فيما النتيجة المتوقعة هي رفع التعرفة على المستهلك النهائي، وإبطاء زخم مشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة التي يُفترض أنها أولوية وطني.
وعليه، فإن تصوير القانون كمنعطف إيجابي لا يعكس حقيقة آثاره، بل إن هذا القانون يمثل خطوة إلى الوراء في مسيرة الأردن نحو سوق طاقة أكثر تنافسية وأقل كلفة وأكثر جذبا للاستثمار، كما يرى بلاسمة، فيما تتوالى التعديلات على قوانين قطاع الطاقة تحت عناوين براقة مثل "تشجيع الاستثمار" أو "تنظيم السوق"، لكن الحقيقة التي يعيشها المواطن على الأرض تكشف عكس ذلك تماما، فالقوانين الجديدة لا تحمل سوى بعد ضريبي وجبائي، حيث يبقى المستهلك هو الطرف الأضعف الذي يسدد الفاتورة في النهاية.
في ظل هذه السياسات، بين بلاسمة أنه لا يمكن الحديث عن استثمارات تخفض كلفة الكهرباء على المستهلك، ولا عن بيئة مشجعة للمستثمر والنتيجة المؤسفة أن الشريحة الأكبر من الأردنيين، وهم المستهلكون البسطاء، سيبقون الخاسر الأكبر من كل تعديل تشريعي جديد في قطاع الطاقة.
من جهته، عضو هيئة التدريس في الجامعة الأردنية د.أحمد السلايمة قال "قانون الكهرباء الجديد يتضمن العديد من الإيجابيات، لكنه في الوقت ذاته يثير بعض المخاوف التي تستدعي تطبيقه بحذر".
وأكد السلايمة أن نجاح القانون مرهون بزيادة وعي المواطنين بمضمونه لضمان معرفتهم بحقوقهم والتزاماتهم بموجبه.
وأضاف "القانون جاء لمواكبة التطورات الحديثة في القطاع، إذ يهدف إلى تحسين كفاءة منظومة الكهرباء من خلال تقليل الفاقد الكهربائي، ويفتح المجال أمام الاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية في مشاريع الطاقة المتجددة، بما يعزز تنويع مصادر الطاقة في المملكة كما يسمح القانون بتبني حلول تخزين الطاقة، وهي خطوة محورية لدعم استدامة النظام الكهربائي، إضافة إلى تمكين تسجيل مشاريع الهيدروجين الأخضر بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي".
وفيما يتعلق بالتعرفة، لفت السلايمة إلى أن القانون يتيح تطبيق نظام التعرفة المتغيرة، بحيث ترتفع الأسعار خلال أوقات الذروة وتنخفض خارجها، ما قد ينعكس على كلفة الاستهلاك المنزلي والصناعي.
وقال السلايمة "القانون يحمل آثاراً محتملة على المستهلكين في حال لم تُراعَ الآليات المناسبة لتخفيف الأعباء".