أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Aug-2025

كيف تعيد واشنطن صياغة معادلة التضخم والدولار؟

 الغد-سهيل راضي العتوم

تمتلك الولايات المتحدة الأميركية أكبر احتياطي رسمي من الذهب في العالم، يقدر بما يقارب 8 تريليونات دولار إذا ما تم تقييمه بالأسعار الجارية؛ وهو رقم يتجاوز تقريبا ما تملكه مجموعة بريكس مجتمعة. المثير للاهتمام هو كيف توظف الولايات المتحدة هذا المخزون الاستراتيجي في سياستها النقدية. فمن الناحية النظرية، يفترض أن يتجه صناع القرار النقدي نحو رفع أسعار الفائدة عند ارتفاع معدلات التضخم أو عند الحاجة لدعم قوة الدولار. غير أن الواقع يظهر ميلا متزايدا نحو خفض الفائدة، حتى عندما لا تكون المؤشرات الاقتصادية داعمة لهذا التوجه. فما الدافع؟
 
 
أولا، يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى زيادة السيولة في الأسواق المالية، ما يرفع من جاذبية الأصول الاستثمارية مثل الأسهم والعملات الرقمية (الكريبتو). الجدير بالذكر أن صناديق الاستثمار (وعلى رأسها بلاك روك) دخلت بقوة في سوق العملات الرقمية، وهو ما يجعل لهذه السياسة النقدية انعكاسات مباشرة على مصالح هذه المؤسسات المالية الكبرى. ارتفاع أسعار الأسهم والكريبتو يعزز من فائض المنتج الذي تحققه الشركات، بينما يزيد في المقابل من فائض المستهلك لدى المستثمرين الأفراد الذين يرون في هذه الأصول فرصا مربحة لحفظ وتنمية مدخراتهم.
ثانيا، انخفاض العائد على الدولار يجعل الذهب أكثر جاذبية. وفق آلية العرض والطلب، يؤدي تراجع تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب إلى زيادة الطلب عليه، وبالتالي ارتفاع سعره. وهنا تكمن المصلحة الأميركية؛ فالولايات المتحدة التي تمتلك أكبر مخزون عالمي من الذهب، تستفيد بشكل مباشر من أي ارتفاع في قيمته السوقية. أي أن التحرك نحو خفض الفائدة يعيد تشكيل نقطة التوازن في السوق، بحيث ترتفع قيمة الأصول الحقيقية (كالذهب) على حساب العملة الورقية (الدولار).
ثالثا، يتضح أن السياسة النقدية الأميركية لا تدار فقط بمنطق التضخم وسعر الصرف، وإنما بمنظور استراتيجي أوسع يقوم على تعظيم قيمة الأصول التي تمتلك حصة الأسد منها. فبينما ينظر الاقتصادي التقليدي إلى خفض الفائدة باعتباره محفوفا بمخاطر التضخم وضعف العملة، تنظر الإدارة الأميركية إليه كسلاح يعزز من سيطرتها على الأسواق المالية العالمية ويضمن استمرار تدفق الاستثمارات نحو أدواتها المالية وأصولها الاستراتيجية.
وفي النهاية، يمكن القول إن الولايات المتحدة توظف مزيجا من القوة النقدية والقوة المالية لصالحها، فهي من جهة تستفيد من مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية، ومن جهة أخرى تمتلك ذهبا يكفي لتغطية أي تراجع محتمل في الثقة بالدولار. ومع استمرار الجدل حول مستقبل النظام المالي الدولي، يبدو أن ورقة الذهب وسياسات الفائدة ستظل من أهم أدوات واشنطن للحفاظ على تفوقها في مواجهة محاولات بريكس لإعادة رسم قواعد اللعبة الاقتصادية.