أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Dec-2025

التنمية الاقتصادية الخضراء.. ركيزة صمود الأردن بمواجهة تغير المناخ

 الغد-فرح عطيات

تلعب التنمية الاقتصادية المستدامة دورا كبيرا بتعزيز قدرة الأردن على الصمود بمواجهة تبعات تغير المُناخ، الى جانب رفع كفاءة التخطيط الهندسي للبنى التحتية للمدن.
 
 
ولأن تحقيق ما يسمى بالتنمية الاقتصادية يتطلب سنوات طويلة، والتي قد يصل اليها الأردن مع تطبيق رؤية التحديث الاقتصادي، فإن هنالك عدة إجراءات يجب اتخاذها لحماية الاقتصاد من أي أضرار قد تسببها التغيرات المناخية.
ومن بين تلك الإجراءات التي أشار إليها خبراء، إتاحة الوصول لمعلومات موثوقة حول المخاطر المناخية لتوجيه قراراتهم بشأن التخفيف منها والتعامل معها، مع تطبيق ما يسمى بالتأمين ضد الكوارث من قبل الشركات والحكومات.
الاستعداد للتعامل مع الكوارث
ومن وجهة نظر رئيس جمعية وادي لتنمية النظم البيئية المستدامة، محمد عصفور، فإن الدول التي تمتلك تنمية اقتصادية أكبر، لديها القدرة بتعزيز قدرتها على الصمود بوجه تغير المُناخ بصورة أفضل.
ولكن عندما تشتد وطأة تبعات التغير المُناخي مستقبلاً فإن تلك الدول لن تتمكن من مواجهتها، إذ إن الحل لا يكمن فقط في أن تكون اقتصادات الأردن أو حتى دول العالم قوية، بل إن الأهم هي عملية الاستعداد للتعامل مع تلك الكوارث، من بينها تطبيق مفهوم التنمية الاقتصادية الخضراء، بحد قوله.
وقدم شرحا عن التنمية تلك، بقوله بأن رؤية التحديث الاقتصادي قد أدرجت ذلك المفهوم، في وقت أن عام 2008 شهد أول إشارة لعلاقة البيئة بالاستثمار، وفي عام 2013 انتقل الحديث الى مبدأ الاقتصاد الأخضر.
وبين لـ"الغد" أن الاقتصاد الأخضر مرتبط بشكل أساسي بتخفيض نسبة الكربون في الغلاف الجوي، والذي يتبعه قضية الكفاءة في استخدام الموارد.
وحالياً فإن تلك القضيتين أصبحتا ترتبطان بكافة القطاعات لكونهما تخلقان فرصا اقتصادية إضافية كذلك.
وأشار الى أن رؤية التحديث الاقتصادي تضمن جزءاً خاصاً بموضوع الاستدامة، في وقت أن كافة دول العالم ومن بينها الأردن ما زالنا في بداية الطريق في مواجهة تبعات التغيرات المُناخية، التي لا تعتمد على وجود اقتصاد قوي فقط.
ولفت الى أن الاقتصاد يجب أن يتسم بالمستقبل بأنه مستدام، على أن يرافقه كذلك التخطيط لكيفية تطبيق المنعة المُناخية عبر تبني الحلول القائمة على الطبيعة، والتي تبدأ من التخطيط الهندسي للبنية التحتية لتصميمها ولتأهيلها للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة، أو الفيضانات الوميضية وغيرها.
واقع نعيشه
وبرأي الخبير بالشأن البلدي أسامة العزام، فإن "غضب الطبيعة وإن كان محايداً، إلا أن عواقبه تنحاز بقسوة ضِد الفقراء". 
وبالنسبة لنا في الأردن، لم يعد تغير المناخ "مجرد تنبؤات مستقبلية"، بل أصبح "واقعاً" نعيشه ابتداءً من جفاف السدود، وسيول وسط البلد، وموجات الحر التي تنهك المزارعين في الأغوار، بحسب تصريحات أفاد بها لـ"الغد".
وبناء على ذلك أكد أن الحكومة لا يمكنها الاستمرار في تصميم الطرق والعبارات بناءً على سجلات مناخية قديمة، بل عليها الانتقال نحو مفهوم "المدن المرنة" التي تحول مخاطر السيول إلى فرص؛ فبدلا من أن تفيض الشوارع بالمياه، يمكن للبلديات تبني تقنيات "الحصاد المائي الحضري"، وتصميم الساحات العامة لتكون خزانات طبيعية تمتص مياه الأمطار، وتغذي المياه الجوفية.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فبحسبه فإن التكيف يبدأ بتمكين المواطن، والمزارع في الأغوار أو صاحب المحل التجاري في عمان، عبر إتاحة البيانات الدقيقة عبر الهاتف الجوال، وقبل وقوع الكارثة بساعات، والتي ستعمل على حماية الأصول، وتمنع انهيار الأسر اقتصادياً عند وقوع تقلبات جوية حادة.
ولعل ما أشار اليه البنك الدولي في أحد تقارير كما ذكر العزام حول تجربة "المدارس العائمة" في بنغلاديش يعد "حلاً عبقرياً" لكونه نبع من حاجة المجتمع، وفي الأردن، نحن نمتلك طاقات مبدعة يمكنها ابتكار حلول محلية، مثل أنظمة التبريد الطبيعي للمباني لتقليل استهلاك الطاقة، أو تقنيات الزراعة المائية التي توفر المياه وتحمي المحاصيل.
لكنه شدد على أن دور البلديات هنا هو أن تكون هي الجهة الحاضنة لهذه الأفكار وليست مجرد جهة خدمية.
ولكن التحدي الأكبر أمام التكيف هو الفقر، فالعائلة التي تمتلك دخلاً مستقراً، وتأميناً بسيطاً وميسراً ضد المخاطر المناخية هي الأقدر على الوقوف مجدداً بعد أي صدمة، لذا، نحتاج لتطوير "صناديق منعة" محلية تضمن للمتضررين العودة لعملهم بسرعة دون انتظار المساعدات الحكومية الطارئة، تبعا له.
وخلص بقوله إلى أن نجاح الأردن في مواجهة التحدي المناخي يعتمد على قدراته على نقل ملف المناخ من أروقة الوزارات إلى قلب البلديات والمجتمعات المحلية، فلا حاجة لانتظار حلول خارجية، بل علينا تمكين الفرد بالمعلومة والأدوات اللازمة، ليكون هو خط الدفاع الأول في مواجهة تقلبات الطبيعة.
وزاد بأنه يجب أن ندرك أن الاستثمار في التكيف المناخي اليوم سيوفر على موازنة الدولة والبلديات أضعاف ما ستنفقه غداً على إصلاح الأضرار، فالقضية ليست مجرد حماية للبيئة، بل هي حماية سبل عيش المواطنين واستقرار الاقتصاد محلياً.
الاقتصاد الأردني مرن
وعندما يحدث النمو الاقتصادي عاما بعد عام وليس بسبب المشتقات النفطية وإنما نتيجة لعدة عوامل أخرى، فإنه وعلى مدى السنوات يصبح لدى الدول ما يسمى بالتنمية، التي يصبح فيها الفرد منتجاً ويتمتع بالتعليم وغيره، وفق الخبير الاقتصادي د. يوسف منصور.
وشدد لـ"الغد" الى أن الوصول الى التنمية يساعد البلدان في نهاية الأمر على التعامل مع تبعات التغير المُناخي، مثل مدينة دول لندن وغيرها.
وبالنسبة للأردن فإن اقتصاده يتسم بالمرونة، لكنه يحتاج لسنوات طويلة ليصبح دولة تنافس باقتصادها على الساحة العالمية، لذلك هنالك تعويل كبير على رؤية التحديث الاقتصادي بأن تقود المملكة الى هذا المستوى، تبعا له.
وبين أن الدول النامية هي فقيرة بطبيعة الحال لذلك فإنها تتعرض لأزمات متعددة مثل أزمة المناخ لكنها تحاول مواجهتها.