أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Dec-2025

هل ينجح الحوار الوطني المرتقب في إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي؟

 الغد-هبة العيساوي

 يأتي الحوار الوطني المرتقب حول إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي في مرحلة مفصلية، فرضتها نتائج الدراسة الإكتوارية الأخيرة، وما أظهرته من استقرار نسبي على المدى المتوسط يقابله تحديات هيكلية متراكمة، تهدد الاستدامة على المدى الطويل، إذا لم تُعالج بشكل متوازن ومدروس.
 
 
ويجمع خبراء في التأمينات الاجتماعية، على أن هذا الحوار، يجب أن يُبنى على محاور رئيسة، في مقدمتها تعزيز الاستدامة المالية وترحيل نقاط التعادل، وتوسيع قاعدة الشمول التأميني، لتشمل مختلف أنماط وأشكال العمل، لا سيما في ظل اتساع الاقتصاد غير المنظم والعمل المرن. 
وأكدوا أهمية معالجة ملف التقاعد المبكر الذي بات يشكل ضغطًا جوهريًا على المركز المالي للصندوق، وربط أي إصلاحات فيه بسياسات سوق عمل وأجور أكثر عدالة. 
كما يبرز محور تحسين كفاءة الاستثمار، والحد من التهرب التأميني، وتعزيز الحوكمة والاستقلالية المؤسسية، وحماية الحقوق المكتسبة، وتحسين الرواتب التقاعدية المتدنية، باعتبارها ركائز أساسية لأي إصلاح يوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية.
المحافظة على ديمومة الضمان
وفي هذا السياق، قالت خبيرة التأمينات الاجتماعية جميلة محاسنة، إن المحاور المطروحة للنقاش ستكون مرتبطة بنتائج الدراسة الإكتوارية، وتركّز على ترحيل نقاط التعادل، بما يضمن المحافظة على ديمومة واستدامة منظومة الضمان على المدى الطويل.
وأضافت محاسنة، أن أحد المحاور الأساسية يتمثل في مسؤولية الوحدة الاستثمارية وصندوق استثمار أموال الضمان بتحقيق عائد استثماري، يتوافق مع المعايير الدولية، وبما ينعكس إيجابًا على مستوى المنافع التأمينية، خصوصًا في حالات الشيخوخة والعجز والوفاة.
وأوضحت أن الجهود المرتبطة بنقطة التعادل الأولى، ستنصب على تعظيم الإيرادات بتوسيع قاعدة الشمول التأميني وتوسعة المظلة، لتشمل الأردنيين العاملين في الداخل والخارج والعاملين كافة، وتشديد الإجراءات للحد من التهرب التأميني.
وأكدت محاسنة، ضرورة أن تتناول المحاور المطروحة، مناقشة تعديلات محتملة على قانون الضمان، بخاصة ما يتعلق بالحد من التقاعد المبكر، وإدخال تعديلات أخرى تسهم بتحقيق عدالة أكبر بين المتقاعدين والمستحقين، مع إمكانية إعادة النظر في الشرائح ذات الأجور المتدنية، بما يراعي أوضاعها الاقتصادية ويعزز الحماية الاجتماعية لها.
إصلاحات قانون الضمان
من جانبه، قال الخبير موسى الصبيحي، إن إطلاق الحوار الاجتماعي حول إصلاحات قانون الضمان، يمكن أن يستند على 6 ثوابت أساسية، تشكّل أرضية مشتركة للحوار، وقاعدة للتوافق بين الأطراف المعنية.
وأضاف الصبيحي، أن الثابت الأول يتمثل بأن تكون الغاية الرئيسة من أي إصلاحات مقترحة، تعزيز الاستدامة المالية للمركز المالي لمؤسسة الضمان، وترحيل نقطة التعادل الأولى بين الاشتراكات والنفقات إلى أمد أطول، بما لا يقل عن 7 سنوات إضافية عمّا أشارت إليه الدراسة الأخيرة، وذلك لتمكين المؤسسة من النهوض بواجباتها بكفاءة وقدرات عالية.
وأوضح أن الثابت الثاني يقوم على تقديم أفكار لتوسيع قاعدة الشمول بأحكام قانون الضمان، وبما يستوعب جميع أشكال وأنماط وقطاعات العمل، لتوفير حماية اجتماعية تأمينية شاملة للجميع دون استثناء.
وأشار الصبيحي إلى أن الثابت الثالث، يتمثل بتسليط الضوء على أي اختلالات أو ثغرات في النظام التأميني القائم، وتصويبها، بما يسهم برفع كفاءة النظام وتحقيق العدالة والمواءمة الاجتماعية في استحقاق المنافع التأمينية.
وأكد أن من الثوابت الأساسية أيضًا، تتبلور في الالتزام بالحفاظ على الحقوق الأساسية للمشتركين الفعّالين في إطار المنافع التأمينية المنصوص عليها في القانون النافذ، ولا سيما لمن أمضوا مدد اشتراك معينة، بما يضمن عدم المساس بحقوقهم المكتسبة.
وأضاف الصبيحي، أن الثابت الخامس يركز على تحسين الرواتب التقاعدية المتدنية، بتفعيل نص المادة (89/أ) من قانون الضمان التي منحت مجلس الوزراء صلاحية رفع الحد الأدنى الأساسي لراتبي التقاعد والاعتلال، ضمن ما تسمح به الإمكانات المالية لمؤسسة الضمان.
وشدد على أن الثابت السادس، يتمثل في التأكيد على استقلالية المؤسسة بشقّيها التأميني والاستثماري، وتعزيز حصانتها، وتوحيد مرجعياتها، وترسيخ حوكمتها ضمن إطار قانوني محكم ورشيد، بما يعزز الثقة بالمنظومة ويضمن ديمومتها.
قراءة واقعية لنتائج الدراسة الـ11 
بدوره قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، إن الحوار الوطني المرتقب حول إصلاح قانون الضمان، يجب أن ينطلق من قراءة واقعية لنتائج الدراسة الحادية عشرة، التي أكدت أن المنظومة ما تزال مستقرة على المدى المتوسط، لكنها في الوقت ذاته، كشفت عن اختلالات بنيوية متراكمة، قد تهدد استدامتها على المدى الطويل، إذا لم تُواجه بإصلاحات تشريعية وسياساتية متدرجة ومتوازنة.
وأضاف عوض، أن ما خلصت إليه الدراسة لا يمكن التعامل معه بوصفه أمرًا طارئًا أو مفاجئًا، إذ أن تحذيرات متكررة صدرت السنوات الماضية عن خبراء ومؤسسات بحثية وطنية حول آثار التوسع في التقاعد المبكر، واتساع فجوة الشمول التأميني، وضعف الحوكمة، فضلًا عن بعض التعديلات القانونية الأخيرة التي أسهمت بزيادة الضغوط على المركز المالي للصندوق.
وأوضح أن توسيع الشمول التأميني، يجب أن يكون في صلب محاور الحوار الوطني، في ظل بقاء نسبة كبيرة من العاملين خارج مظلة الضمان، ما يعني حرمان مئات الآلاف من العاملين من الحماية الأساسية ضد مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة وفقدان الدخل، ما يعكس خللًا هيكليًا في تصميم المنظومة الحالية.
وأشار عوض إلى أن منظومة الضمان، ما تزال تقوم على افتراضات تتعلق بعلاقات عمل تقليدية، في وقت يشهد فيه سوق العمل توسعًا متسارعًا في الاقتصاد غير المنظم، والعمل المرن، والعمل عبر المنصات الرقمية والمهن الحرة، لافتًا إلى أن كلفة الاشتراك الاختياري الحالية مرتفعة، ولا تشجّع على الانخراط، خصوصًا لذوي الدخول المحدودة، ما يحوّلها من أداة حماية إلى عبء اقتصادي.
وبيّن أن التقاعد المبكر، يشكّل أحد أكثر الملفات إلحاحًا في مسار الإصلاح، بعد أن أصبح السمة الغالبة بدلًا من كونه استثناءً، ما أخلّ بالتوازن بين مدتي الاشتراك والاستفادة، ووسّع الفجوة بين الإيرادات والنفقات، وزاد من الأعباء المالية على صندوق الضمان.
وأضاف أن الحوار يجب أن يتطرق بوضوح إلى دور السياسات الحكومية بتغذية هذا المسار، عبر اللجوء المتكرر إلى التقاعد المبكر كوسيلة لإعادة الهيكلة أو معالجة الفائض الوظيفي، ما أدى عمليًا لنقل أعباء مالية من الموازنة العامة إلى صندوق الضمان.
وأكد عوض أن تدني مستويات الأجور في القطاع الخاص يشكّل عامل ضغط إضافيًا، إذ يدفع شريحة من العاملين إلى التقاعد المبكر، ثم العودة إلى سوق العمل بحثًا عن دخل مكمل، وهو ما يفاقم الهشاشة ويضعف قاعدة الاشتراكات، مشددًا على ضرورة ربط إصلاحات التقاعد بسياسات أجور أكثر عدالة تجعل الاستمرار في العمل خيارًا مجديًا.
وشدد على أهمية فتح نقاش مسؤول حول سن تقاعد الشيخوخة، في ضوء التغيرات الديموغرافية وارتفاع متوسط العمر المتوقع، معتبرًا بأن أي تعديل محتمل يجب أن يكون تدريجيًا، وأن يقتصر على المشتركين الجدد، وأن يترافق مع استثناءات واضحة للمهن الشاقة وسياسات سوق عمل داعمة.
وبين عوض أن محاور الحوار الوطني لا تكتمل دون التطرق إلى قضايا التهرب التأميني، وتعزيز الحوكمة والاستقلالية المؤسسية للضمان، بالإضافة لبحث دور تكميلي للموازنة العامة بدعم اشتراكات الفئات الأكثر هشاشة، وبما يسهم في بناء منظومة ضمان اجتماعي أكثر عدالة واستدامة على المدى الطويل.