الغد-علا عبد اللطيف
الغور الشمالي - تتعرض مياه قناة الملك عبد الله في وادي الأردن للاعتداءات والسرقات بشكل متكرر من قبل أشخاص يهدفون إلى بيعها للمزارعين، ما يؤثر سلبا على توزيع المياه على المنازل والمزارع.
وقال مزارعون طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إنهم يضطرون إلى الخضوع للابتزاز وشراء المياه من هؤلاء الأشخاص لتأمين الري الكافي لمزروعاتهم، رغم الأعباء المالية التي تترتب على ذلك وتستنزف جيوبهم.
وأضافوا "أن عمليات سرقة وبيع مياه الري من قناة الملك عبد الله، أصبحت تشكل ظاهرة مقلقة ومزعجة للعديد من المزارعين والمواطنين في لواء الغور الشمالي، كونها تزداد يوما بعد آخر، وبكميات تزيد على ملايين الأمتار سنويا".
ووفق المزارع محمد العلي، فإن "السارقين يعمدون إلى مد أنابيب ومضخات مياه بأحجام كبيرة على طول القناة وبتحد كبير وصارخ لسلطة وادي الأردن، ويقومون بضخ آلاف الأمتار يوميا من دون أن يوقفهم أحد"، مطالبا في الوقت ذاته بتشديد الرقابة على طول القناة من خلال العمل على زيادة عدد موظفي الحماية.
وقال العلي "إن هناك العديد من السماسرة الذين يقومون ببيع المياه للمزارع المجاورة بأسعار باهظة"، مشيرا إلى أن "المزارعين يقبلون بذلك لتأمين المياه الكافية لري مزروعاتهم، رغم عدم قدرة المزارع على ذلك من الناحية المادية، أملا في موسم جديد يعوض المواسم الماضية"، في حين يؤكد "أن العشرات من المزارعين تعرضوا لخسائر مالية كبيرة جدا أثرت عليهم وعلى أرباحهم الزراعية جراء التقلبات الجوية المختلفة وقلة مياه الري".
تجارة المياه تزدهر في عدد من المناطق
أما المزارع خالد أبو صهيون، فيؤكد من جهته "أن عمليات البيع تختلف، فمنها ما يباع بالساعة، وأخرى بمبلغ مقطوع، في الوقت الذي يدفع فيه مزارعون ملتزمون مئات الدنانير شهريا بدل استخدام المياه".
وقال أبو صهيون "إن هذه التجارة تزدهر في مناطق المشارع وكريمة والمناطق الجنوبية من وادي الأردن، وهي تجارة مربحة جدا، خصوصا في فصل الصيف، الذي ترتفع فيه درجات الحرارة وتحتاج المزروعات إلى كميات كبيرة من المياه".
ويؤكد أحد المراقبين العاملين على متابعة القناة، ويعمل مع سلطة وادي الأردن، أنه لا توجد مواد قانونية تحمي المراقب أو تدافع عنه كما يجب، ومعظم القضايا يخرج منها المتهم من دون أي عقاب لأسباب مختلفة.
وأضاف، طالبا عدم نشر اسمه "أن السارق يقوم في بعض الأحيان باتهام المراقب أو موظف سلطة وادي الأردن بقضايا كيدية للضغط عليه لوقف ملاحقتهم"، مشيرا إلى أنهم "نجحوا بذلك في أكثر من مرة، مما يدفع مراقبين في بعض الأحيان للتغاضي عن الاعتداء لحين تنفيذ سلطة وادي الأردن حملتها المدعومة أمنيا".
وأشار إلى أن سلطة وادي الأردن تقوم بتحرير مخالفات بحق المعتدين؛ حيث وصلت قيمة المخالفات والغرامات المترتبة على من يقومون بسرقة المياه وبيعها إلى أكثر من 100 ألف دينار حتى الآن، لكن من دون تحصيل.
ويستذكر أنه في السنوات الماضية، سجلت بحقه قضية كيدية مقابل التنازل عن دعوى أقامتها السلطة بحق أحد المعتدين على القناة، وقد فعل ذلك خوفا من الملاحقة القضائية.
وحول كيفية تحصيل أثمان المياه المسروقة والغرامات، بين مصدر من سلطة وادي الأردن "أن جميع من تترتب عليهم غرامات وأثمان مياه لصالح سلطة وادي الأردن، وتزيد مبالغهم على ألف دينار وامتنعوا عن الدفع، يتم تحويلهم إلى مديرية تحصيل الأموال الأميرية بحسب القانون، ونشر أسمائهم بالصحف اليومية، والحجز على جميع ممتلكاتهم إلى حين تسوية أمورهم المالية مع سلطة وادي الأردن".
وكشف المصدر أن بعض الأشخاص يحصلون على عشرات آلاف الدنانير جراء بيع هذه المياه المسروقة من القناة، من منطقة العدسية شمالا إلى البحر الميت جنوبا.
إجراءات قانونية وعقوبات
من جهته، قال مدير سلطة وادي الأردن محمد خريسات لـ"الغد": "إن السلطة والمؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى تعملان بالتعاون والتنسيق المستمر مع الأجهزة الأمنية والإدارة الملكية لحماية البيئة، بجولات تفقدية على مدار الساعة بهدف وقف الاعتداءات على القناة، ومنع سحب المياه بطريقة غير مشروعة لضمان تقليل الفاقد، وتأمين المزارعين بحقوق وحداتهم الزراعية من المياه بعدالة".
وأكد "أن الاعتداء على الموارد المائية في وادي الأردن، ومنها قناة الملك عبدالله، وسحب المياه والانتفاع بها بطريقة غير مشروعة، يعد جرما يعاقب عليه القانون؛ حيث جرم قانون تطوير وادي الأردن رقم 19 لسنة 1988 وتعديلاته، الاعتداء على المصادر والموارد المائية في وادي الأردن".
وأشار خريسات إلى أن الموظفين المفوضين بصفة الضابطة العدلية يقومون بتحرير ضبط جرم بحق المعتدين، فيما تلجأ السلطة على الفور لاتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية من خلال إزالة الاعتداء وتحويل الضبوطات إلى المدعي العام المختص، لاتخاذ الإجراءات القانونية وإيقاع العقوبة المناسبة بحق كل شخص يثبت ارتكابه للجرم.
ومؤخرا، أوقفت الحاكمية الإدارية في لواء الغور الشمالي شخصا اعتدى على موظف من كوادر سلطة وادي الأردن في منطقة أبو سيدو أثناء ضبطه بالتعدي غير المشروع على مياه قناة الملك عبد الله الأسبوع الماضي.
يشار إلى أن عدد الاعتداءات التي ضبطتها سلطة وادي الأردن على قناة الملك عبد الله خلال السنوات القليلة الماضية، بلغ أكثر من 20 ألف اعتداء، منها 1359 اعتداء خلال العام الحالي، تمثلت بسرقة وإزالة الأسيجة ووسائل الحماية واللوحات الإرشادية وسحب كميات مياه كبيرة.
وكانت سلطة وادي الأردن أعلنت، قبل يومين، عن ضبط كوادرها التفتيشية في مناطق وادي الأردن العديد من الاعتداءات المختلفة، وتم تحويل البعض منهم إلى الحاكم الإداري لاتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين.
وتعد قناة الملك عبد الله أحد أهم المصادر الرئيسية لمياه الشرب والري في وادي الأردن.
وتنفذ وزارة المياه والري حملات من خلال كوادرها التفتيشية في سلطة وادي الأردن لإزالة الخطوط المخفية والمسحوبة بطريقة مخالفة من القناة لتزويد مزارع ترفيهية.
وقالت، سابقا، إنه تم ضبط خطوط رئيسية مخفية عدة تمثلت بتمديد خطوط أسفل الشوارع المحاذية للقناة بأقطار كبيرة ومختلفة، مسحوبة لمئات الأمتار، لري مزروعات مختلفة ولتزويد بيوت ترفيهية بالمياه، مشيرة إلى أن تلك الخطوط تضخ آلاف الأمتار المكعبة من المياه بطريقة مخالفة.
وأكدت أنه تم إزالة هذه الاعتداءات كافة، وإعداد الضبوطات الخاصة بالوقائع المضبوطة، لتحويلها للجهات المختصة لإجراء المقتضى القانوني بحق المخالفين.
ودعت، المزارعين والمواطنين في جميع المناطق، للاتصال عبر الرقم الموحد لمركز التحكم والسيطرة في سلطة وادي الأردن.