أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2025

استخدام الذكاء الاصطناعي في التوظيف.. عدالة مرهونة بحسن التطبيق

 الغد-عبدالله الربيحات

 فيما أكد وزير الدولة لتطوير القطاع العام، خير أبو صعيليك، أنه سيتم إدخال الذكاء الاصطناعي في عملية فرز طلبات التوظيف، لتقليل الاعتماد على العنصر البشري قدر الإمكان، أكد خبراء إداريون، أن هذا الاستخدام يعد بالغ الأهمية، نظرا لأنه يجعل عملية التوظيف أسرع وأكثر عدالة، ومتوافقة بشكل كبير مع احتياجات القطاع العام. 
 
 
وشدد هؤلاء الخبراء لـ"الغد" على ضرورة وضع ضوابط صحيحة لضمان النتائج الصائبة، مثل إدخال البيانات الدقيقة، وتصميم النموذج المناسب لتجنب سوء تفسير الملفات الشخصية أو تجاهل المرشحين المؤهلين.
 
مواكبة التطوير
في هذا السياق، قالت وزيرة الدولة لتطوير القطاع المؤسسي السابقة، ياسرة غوشة، إن عملية التطوير الإداري تعد عنصرا أساسيا ومفصليا في عملية التحديث الشامل في الأردن، بعد أن غدا العالم قرية صغيرة تنتقل فيها المعلومات والتقنيات سريعا، ويعد الذكاء الاصطناعي من أهم وسائل التحديث. وأضافت غوشة لـ"الغد" إن استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف أمر بالغ الأهمية لأنه يجعلها أسرع وأكثر عدالة ومتوافقة بشكل كبير مع احتياجات القطاع العام. 
وأكدت أهمية البعد الاقتصادي والاجتماعي لعملية التوظيف، وهناك أعداد كبيرة تنتظر التعيين، وفي الوقت ذاته لا بد من تخفيف الضغط على هيئة الخدمة والإدارة العامة لتركز أكثر على دورها الإستراتيجي.
وتابعت: "الدور الذي سيقدمة الذكاء الاصطناعي بالتوظيف سيكون أكثر عدالة؛ لأنه يمكن تحديد المتطلبات لاختيار المتقدمين المؤهلين والأكثر ملاءمة للوظائف، ويستخدم البيانات لمطابقة القدرات والمواهب المطلوبة والمناسبة للوظيفة دون وجود تحيز، كما يعزز الشفافية والثقة بالحكومة والابتعاد عن ربط الحصول على الوظيفة بالمحسوبية أو الواسطة، بل تطبيق أفضل الممارسات، وعلى رأسها العدالة بالمنافسة."
وقالت غوشة إن من شأن الذكاء الاصطناعي أن يعمل على تقليل الأخطاء البشرية وتوفير إمكانية تتبع عملية التوظيف، ما يسمح بمراجعة قرارات التوظيف وتدقيقها وتبريرها باستمرار وبشكل شامل.
ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على مطابقة المرشحين للوظائف في كل المراتب بناءً على سيرتهم الذاتية فحسب، بل يراجع تجارب التوظيف السابقة، أي يراجع سير المرشحين الذين حققوا أداءً جيدًا في وظائف سابقة، وبالنتيجة تستخدم هذه المعلومات لترشيح أشخاصاً أكثر قدرة على النجاح، بحسبها.
شروط الاستخدام
واستدركت غوشة بأنه على الرغم من أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في اختيار المرشحين للوظائف لكن نجاحة رهن بأخذ عدة أمور بعين الاعتبار، منها: جودة البيانات، فإذا لم تكن البيانات جيدة، فلن يكون التنفيذ جيدا، فالمدخلات الخاطئة تنتج مخرجات خاطئة، إضافة إلى ضرورة الابتعاد عن التحيز، فإذا عكست بيانات أو معايير الفرز تحيزات التوظيف السابقة، فقد يعززها الذكاء الاصطناعي دون قصد، لذلك يجب استخدام بيانات دقيقة.
وتابعت بأن تصميم النموذج مهم، لأننا نتعامل مع آلة، فإذا كان النموذج أو السؤال مصممًا بشكل سيئ، فقد يؤدي ذلك إلى تفسير النموذج بشكل خاطئ لملفات تعريف المرشحين، أو تجاهل المتقدمين المؤهلين، أو عدم التوافق مع احتياجات الوزارة. إضافة إلى ترابط هذا كله بسياسة حماية البيانات الشخصية، وهذا جانب أخلاقي تجب مراعاته عند استخدام الذكاء الاصطناعي بالتوظيف، مؤكدة أن ذلك يتطلب مراجعة ومراقبة مستمرتين لضمان جودة البيانات والمخرجات.
وبينت أن الذكاء الاصطناعي مهم وضروري في عالم اليوم، ويدعم رؤية الأردن بالتحديث وإصلاح القطاع العام؛ لأنه يعزز الثقة بالحكومة وكفاءتها وشفافيتها، والأهم من ذلك ضرورة تذكر أن الذكاء الاصطناعي هو آلة ولا يحل محل الحكم البشري بل يدعم حكمه، ولذا فالإشراف البشري ضروري ويجب اتخاذ قرار التوظيف النهائي من قبل متخصصين يفهمون متطلبات الوظيفة والمرشح. 
استجابة للتحولات
من جهته، رأى أمين عام وزارة تطوير القطاع العام مدير عام معهد الإدارة العامة سابقا، د.عبدالله القضاة،  أنه ومن خلال متابعته لتوجيهات سمو ولي العهد الخاصة بالتحديث الإداري، تبين بشكل جلي حرصه التام على إدخال الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف، بدءا بفرز الطلبات لتقليل الاعتماد على العنصر البشري قدر الإمكان.
وتنفيذا لهذه التوجيهات، بين القضاة أن العمل بدأ على منصة للتوظيف الذكي، وسينعكس أثر ذلك على المؤسسات لتحقيق سرعة أكبر ودقة أعلى في اختيار المرشحين، مع تقليل التحيّز وخفض التكاليف، وتمكين الوزارة من رسم إستراتيجيات توظيف تستشرف احتياجاتها المستقبلية، ما ينعكس إيجابيًا على جودة القوى العاملة واستدامة النمو، وفي الوقت نفسه تحسين تجربة المتقدمين. 
وأضاف أن التركيز على إدخال الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف يأتي استجابة لما يشهده عالم الإدارة من تحولات متسارعة مدفوعة بالتقدم التكنولوجي الهائل. 
وزاد: "لم تكن إدارة الموارد البشرية، وبشكل خاص عمليات التوظيف، بمنأى عن هذا التأثير؛ إذ برز الذكاء الاصطناعي كأداة قوية لديها القدرة على إعادة تشكيل كيفية استقطاب المؤسسات للمواهب وتقييمها واختيارها، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام التقنيات التي تعتمد على التعلم الآلي والخوارزميات لأتمتة وتحسين جوانب مختلفة من عملية التوظيف، بدءًا من البحث عن المرشحين، وصولاً إلى اتخاذ قرارات التعيين الأولية.
وقال إنه وتنفيذا لخريطة تحديث القطاع العام، بدأت الإدارة العامة بتنفيذ خطوات حقيقية في توظيف التكنولوجيا في عملية توظيف الموارد البشرية، إضافة إلى عملية فرز الطلبات، وهناك نقلة نوعية في قياس الكفايات من خلال مركز تقييم تم اقتتاحه مؤخرا في هيئة الخدمة والإدارة العامة، ليكون معلما وطنيا في تحقيق نزاهة وفاعلية اختيارات التوظيف المعتمدة على الجدارات الوظيفية بعيدا عن أي تدخل بشري.
وعن التوجهات المستقبلية، بين القضاة: "نتطلع للوصول إلى تطبيق المقابلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتحليل مقابلات الفيديو المسجلة لتقييم ليس فقط إجابات المرشحين، ولكن أيضاً بعض المؤشرات الأخرى مثل نبرة الصوت، وتعبيرات الوجه، ولغة الجسد (مع ضرورة توخي الحذر بشأن دقة وموثوقية هذه التحليلات والاعتبارات الأخلاقية المرتبطة بها)، وفي حال تحقيق ذلك تكون الإدارة العامة قد حققت نموذجا متميزا في شفافية وموضوعية جميع مراحل عملية التوظيف بعيدا عن التحيز والسلطة التقديرية الواسعة التي تعاني منها عملية المقابلات التقليدية.
وبين أن العديد من الدول، ومنها الولات المتحدة وبريطانيا وهولندا، حققت نجاحا في استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف، وعلى المستوى العربي؛ على سبيل المثال؛ نجحت هيئة التأمينات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية؛ وفي إطار رؤيتها للابتكار، في تطوير منصة وطنية لتحليل بيانات المتقدمين عبر الأنظمة الحكومية مثل "منصة جدارة وغيرها"، حيث يُمكن تلقائيًّا فرز المتقدمين لشواغر محددة ضمن القطاع الحكومي.
وأشار إلى أنه وفي النتيجة؛ خفّضت الهيئة زمن الفرز اليدوي للمتقدمين بنسبة تفوق 60 %، وساهم ذلك في توحيد المعايير وتقليل الانحيازات البشرية.
وأضاف: "نرى أن سمو ولي العهد ركز على جذر المشكلة الإدارية في المملكة، حيث سارع المعنيون إلى التقاط الرسالة لترجمة توجيهات سموه بأسرع وقت ممكن لمضاهاة الدول المتقدمة في تطبيق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في كافة عمليات الإدارة الحكومية؛ لرفع جاهزية ورشاقة القطاع العام في المملكة."
بدوره، أكد رئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة، فايز النهار، قرب إطلاق منصة توظيف جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بهدف تسريع إجراءات التعيين وضمان الشفافية والعدالة في نتائج الامتحانات المحوسبة، مشددا على أن النظام الجديد يمنع أي تدخل بشري في نتائج الامتحانات، حيث تُرسل النتائج مباشرة إلى الهيئة تمهيدًا للتوظيف.
توجه رسمي للتحديث
وكان وزير الدولة لتطوير القطاع العام، خير أبو صعيليك، أكد أنه سيتم إدخال الذكاء الاصطناعي في عملية فرز طلبات التوظيف، مع تقليل الاعتماد على العنصر البشري قدر الإمكان.
وتابع في تصريحات سابقة أن العمل بدأ على منصة للتوظيف الذكي، والتي سيتم من خلالها فرز الطلبات باستخدام هذه التكنولوجيا.
واعتبر أن أصل الأزمات يكمن في "أزمة الإدارة"، مؤكدًا أن نجاح التحديثين الاقتصادي والإداري يعتمد بشكل أساسي على التحديث الإداري، الذي يُعدّ رافعة للمسارات كافة.
وأشار إلى أن التحدي الإداري هو تحدّ حقيقي وهيكلي، مشيرًا إلى أن تغييرات طرأت على جوهر الإدارة العامة، التي أصبحت اليوم تستند إلى هيكلة واحدة محورها رضا متلقي الخدمة.