الغد-طارق الدعجة
حددت الإستراتيجية الوطنية لقطاع الاستشارات الإدارية الأردني (2025-2028) التي أطلقتها وزارة الصناعة والتجارة والتموين بالشراكة مع غرفة تجارة الأردن أخيرا 6 تحديات أساسية تعيق نمو وتطور القطاع واستثمار الفرص المستقبلية.
وتغطي الاستشارات الإدارية مجموعة واسعة من الخدمات في مجال الإدارة، تهدف إلى تقديم المشورة والتوجيه والمساعدة التشغيلية بشأن قضايا الإدارة، مثل التخطيط الإستراتيجي والتنظيمي ومجالات اتخاذ القرارات في المسائل ذات الطبيعة المالية وأهداف سياسات التسويق وسياسات الموارد البشرية وممارستها وتخطيطها وجداول الإنتاج وتخطيط عمليات المتابعة.
وتهدف الإستراتيجية لزيادة موثوقية وتنافسية الخدمات الاستشارية الأردنية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، وتحقيق التوازن في بيئة الأعمال المرتبطة بقطاع الاستشارات الأردني وتطوير الأنظمة والتشريعات والسياسات بما يخدم هذا الهدف، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية للقطاع وتخصصاته الفرعية لتكون ركيزة يُعتمد عليها في التخطيط المستقبلي واتخاذ القرارات وقياس أداء القطاع ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي.
ويتمثل أول التحديات ضمن الإستراتيجية التي اطلعت «الغد» عليها، في غياب تنظيم القطاع إذ يفتقر إلى قواعد بيانات، الأمر الذي يعيق تصميم برامج الدعم كما لا توجد ضوابط تحدد من بإمكانه تأسيس منشأة استشارية، حيث يمكن لأي شخص لا يمتلك الكفاءات أو المهارات تأسيس منشأة استشارية، وكذلك لا توجد ضوابط ومعايير تحدد التخصصية أو تقيس جودة الخدمات، ما يجعل من الصعب القدرة على معرفة حجم القطاع ومحددات نموه.
أما التحدي الثاني فيتمثل بالمنافسة غير العادلة، إذ أظهرت الإستراتيجية معاناة منشآت القطاع من تحديات مرتبطة بعدالة المنافسة محليا، وضعف الدعم المقدم لتمكينه من المنافسة في أسواق التصدير ما يجعل من توفير الدعم الوطني لصادرات الخدمات الاستشارية في تلك الأسواق أمراً في غاية الأهمية في المرحلة القادمة.
ويتعلق التحدي الثالث بارتفاع كلف العمل، حيث تشكل كلف شراء الخبرات المتخصصة، التي تتضمن في كثير من الأحيان خبراء ومستشارين أجانب، الجزء الأكبر من تكلفة الأعمال في القطاع، سواء من ناحية قيمة العقود أو رسوم وضرائب شراء الخدمات الأجنبية، والتي تفرض على العقود مع أجانب أو شركاء أجانب، وكذلك رسوم التحويل النقدي المرتفعة كما يشكل ارتفاع نسبة مساهمة الشركات في اشتراكات الضمان الاجتماعي للعاملين عبئا ماليا إضافيا.
أما التحدي الرابع فيركز على ضعف السيولة وصعوبة الوصول إلى التمويل، إذ يشكل كل من غياب الأصول اللازمة لأعمال الاستشارات، وطبيعة الخدمة المباعة كونها سلعة غير ملموسة، بالإضافة إلى صعوبة ثبات الحركة النقدية للرصيد الجاري المرتبط بدفعات المشاريع المتفاوتة، تحدياً كبيراً في إثبات الأهلية وتحصيل التمويل المطلوب لإنماء الأعمال من القطاع المصرفي.
وفيما يخص التحدي الخامس، فيشمل محدودية التوسع والنمو للمنشآت، إذ إن حاجة القطاع للاستناد إلى الكفاءات والخبرات واسعة التنوع لتنفيذ مشاريعه، وغياب وجود نظام لاحتساب التوظيف محدود المدة ضمن عدد الموظفين والعاملين، يجعل النمو في حجم منشآت القطاع بالاستناد إلى عدد العاملين أمرا غير ممكن للغالبية العظمى من منشآت القطاع المحلية، مما يبقيها ضمن خانة المنشآت الميكروية وصغيرة الحجم لسنوات طويلة.
أما التحدي السادس فيتعلق بالتحول الرقمي والعولمة، إذ يشهد قطاع الاستشارات الإدارية الأردني تحديات كبيرة فيما يتعلق بمواكبة التطورات الحديثة في هيكلية الاقتصاد الرقمي والمؤسسات الحديثة وفي حال لم يتمكن القطاع من رفع قدراته التنافسية في هذا النطاق، وأقلمة خدماته وأدواته للحاق بركب التطور في السوق، لن يتمكن من المنافسة، وخاصة في الأسواق التصديرية ذات الفرص الكبيرة، والتي عادة ما تكون مكتظة بشركات الاستشارات العالمية وفي ذات الوقت، يشكل بطء التأقلم الرسمي مع الثورة التكنولوجية في مجالات مثل اعتمادية إدارة الأعمال عن بعد «المكاتب الرقمية» والتواقيع الإلكترونية والعقود الإلكترونية تحدياً آخر.
ويوجد في المملكة 2963 شركة ومؤسسة فردية تعمل في مجال الاستشارات الإدارية، تشكل 30 % من إجمالي عدد الشركات والمؤسسات العاملة في قطاع الاستشارات الكلي، الذي يصل عددها إلى 9877 شركة ومؤسسة فردية.
فرص نمو قطاع الاستشارات الأردني
وبحسب الإستراتيجية، تتجسد أهم فرص نمو قطاع الاستشارات الأردني في عدة أمور، أهمها توفير البيانات والدراسات المرتبطة بالقطاع والأسواق المستهدفة، وتنظيم القطاع للتمكن من بناء تنافسية الشركات التي تعمل فعليا على تقديم خدمات الاستشارات الإدارية، ومراجعة التشريعات القائمة، وتنظيم تنافسية القطاع في الداخل والخارج، وتنامي حجم الأسواق الإقليمية والعالمية وبالتالي زيادة فرص التصدير.
كما تتمثل الفرص في تسريع العمل على تعريف وتصنيف التجارة بالخدمات من قبل مركز التجارة الدولية، وتضمين رموزها في اتفاقيات التجارة الثنائية ومتعددة الأطراف، خصوصاً مع الدول ذات الأسواق الواعدة، إضافة إلى تعزيز العلاقات بين منظمات الأعمال القائمة المعنية بقطاع الاستشارات ومنشآت القطاع الأردنية من خلال التدريب والتأهيل والتعاون مع الشركات العالمية لتطوير الكفاءات والتنافسية.
واقع القطاع
وبحسب الإستراتيجية، يمتاز قطاع الاستشارات الإدارية بأنه قطاع رشيق الحركة سريع التصدير، فهو من القطاعات التي تتركز ثروتها في المنتج الفكري، فلا توجد مكائن أو معدات أو بضائع أو مخازن تتطلب الإنشاء أو النقل إلى أسواق التصدير.
وساهمت صادرات خدمات الأعمال، بما فيها الاستشارات الإدارية، بنحو 200 مليون دولار أميركي في عام 2019، مع متوسط معدل نمو سنوي بلغ 4.5 % خلال السنوات الخمس الماضية وفي مجال الاستشارات التقنية وتنفيذ المشاريع، يتوقع أن تصل إيرادات السوق الأردني إلى 21.18 مليون دولار أميركي في عام 2025، مع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.05 % حتى عام 2029، مما يعكس الطلب المتزايد على هذه الخدمات.
ولدعم تصدير الخدمات الاستشارية الوطنية، فإنه من الضروري فهم اختلاف الأعباء والمتطلبات بين هذا القطاع والقطاعات الصناعية فبخلاف الصناعة، تتركز الكلف المالية المرتفعة في قطاع الاستشارات الإدارية في جوانب غير ملموسة مثل كلف الاستشارة وتوظيف واستخدام الكفاءات المتخصصة عالية المهارة من محليين ودوليين، وكلف تطوير الأعمال وفتح الفرص في أسواق مستهدفة جديدة أو مع قطاعات عملاء جدد، والتي تتطلب الكثير من الزيارات واللقاءات والاجتماعات والدراسات لفهم السوق وبناء الثقة وتحقيق الإقناع بشراء المنتج الفكري.