أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2025

زيادة الحد الأدنى للأجور.. هل هي مجرد ضمادة على الجرح؟

 الغد- نور الدين بزبز

أثار قرار الحكومة الأخير برفع الحد الأدنى للأجور من 260 إلى 290 ديناراً جدلاً حاداً. ففي الظاهر، يبدو هذا التحرك خطوة إيجابية نحو تحسين حياة العمالة من ذوي الدخل المنخفض، ومنحهم فرصة للتعامل مع ارتفاع تكاليف المعيشة. ومع ذلك، يزعم المنتقدون أن مثل هذه الزيادات غالباً ما تكون حلولاً قصيرة الأجل تفشل في معالجة القضايا البنيوية الأعمق التي تعصف بالاقتصاد. فهل يمكن لهذه الزيادة في الأجور أن تحسن حياة العمالة في الأردن، أم أنها مجرد حل مؤقت يتجاهل الأسباب الجذرية للصعوبات الاقتصادية؟
 
 
أولاً، من المهم أن نلاحظ أن زيادة الحد الأدنى للأجور اسمياً لا تعني تحسن القدرة الشرائية للمستهلكين. يكشف اتجاه الحد الأدنى للأجور في الأردن من عام 2006 إلى عام 2023 عن عدة تحولات رئيسية في القدرة الشرائية نسبة إلى التضخم (مع العلم أن الأرقام معدلة وفقاً لقيم عام 2023):
 
• 2006-2011:   بقي الحد الأدنى للأجور الاسمي دون تغيير عند 110 دنانير، بينما انخفضت الأجور الحقيقية من 185.75 دينار في عام 2006 إلى 144 دينارا في عام 2011. وشهدت هذه الفترة ركود الأجور وتآكل القدرة الشرائية بسبب التضخم.
• 2012-2017: ارتفع الحد الأدنى للأجور الاسمي إلى 190 دينارا، وارتفعت الأجور الحقيقية بشكل ملحوظ من 237 دينارا في عام 2012 إلى 251 دينارا في عام 2017. وكانت تعديلات الأجور أكثر انسجاما مع التضخم، مما أدى إلى تحسين القدرة الشرائية للعمالة.
• 2018: بقي الأجر الاسمي عند 220 دينارا، مع انخفاض بسيط في الأجور الحقيقية إلى 240 دينارا، مما يشير إلى أن التضخم حيد تقريبًا زيادة الأجور.
• 2021-2023: ارتفعت الأجور الاسمية إلى 260 دينارا، وبلغت الأجور الحقيقية ذروتها عند 277 دينارا في 2021 قبل أن تستقر عند 260 دينارا في 2023، ما عكس ارتفاعاً كبيراً في القدرة الشرائية في 2021، والذي استمر حتى 2023.
وبشكل عام، يظهر اتجاه الحد الأدنى للأجور فترات من الركود والتحسن والاستقرار، مع تقلبات كبيرة في الأجور الحقيقية بسبب التضخم والتعديلات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العمالة غير الرسميين والعاطلين عن العمل لا يتأثرون بزيادات الحد الأدنى للأجور.
وتشير التحديات الاقتصادية الأوسع التي تواجه الأردن إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور وحده قد لا يكون كافياً. وتستمر قضايا رئيسية، مثل انخفاض عدد تصاريح الإسكان وارتفاع معدلات البطالة، في التأثير على الاقتصاد وحياة العمالة.
لقد شهدت السنوات الماضية انخفاضاً ملحوظاً في عدد رخص الأبنية الصادرة في الأردن (من 12,313 في 2004 إلى 6,633 في 2023)، الأمر الذي أدى إلى تضييق سوق الإسكان، مما تسبب في ارتفاع أسعار المساكن وتكاليف الإيجار. على سبيل المثال، قد يستهلك استئجار شقة متواضعة لأسرة صغيرة أغلبية الدخل الشهري للعامل. وهذا يجعل فكرة امتلاك مسكن مجرد حلم.
يواجه الأردن معدل بطالة مرتفعًا باستمرار بنسبة 21.5 ٪ اعتبارًا من الربع الثالث من عام 2024. والجزء الأكثر إثارة للقلق هو أن ما يقرب من 60 ٪ من العاطلين عن العمل يحملون شهادة الدراسة الثانوية أو أعلى، مما يشير إلى أن التحصيل التعليمي لا يرتبط بالحصول على وظيفة. مع عدم قدرة جزء كبير من السكان على العثور على عمل مستقر، يتم استبعاد العديد من أي فوائد لزيادة الأجور. إن الافتقار إلى فرص العمل، إلى جانب الاعتماد الكبير على القطاع غير الرسمي، يعني أن زيادة الحد الأدنى للأجور لا تفيد سوى جزء صغير من السكان، مما يترك الاقتصاد الأوسع دون تغيير.
الحلول المقترحة
ربط زيادات الحد الأدنى للأجور بالتضخم: تنص المادة 52 من قانون العمل الأردني على مراجعة الأجور بشكل دوري، ولكن التنفيذ غير المتسق يجعل العمال عرضة للتضخم. إن ربط زيادات الحد الأدنى للأجور بمؤشر أسعار المستهلك من شأنه أن يضمن مواكبة الأجور لتكاليف المعيشة. إن وجود حد أدنى وسقف - مثل زيادة 1 ٪ كحد أدنى وسقف أقصى 6 ٪ - من شأنه أن يعمل على استقرار الأجور مع حماية الشركات. ومن شأن هذا النهج الحفاظ على القدرة الشرائية للعمالة وتوفير الاستقرار الاقتصادي.
توسيع تراخيص البناء: لقد أدى انخفاض رخص الأبنية الصادرة في الأردن إلى ارتفاع أسعار الإيجار والشراء. لخفض تكاليف الإسكان، يجب على الحكومة تبسيط متطلبات الحصول على التصاريح وتحفيز مشاريع الإسكان بأسعار معقولة من خلال الإعفاءات الضريبية والإعانات. إن توسيع البناء، وخاصة للإسكان المنخفض والمتوسط الدخل، من شأنه أن يخفف العبء المالي على العمالة، مما يجعل زيادات الحد الأدنى للأجور أكثر تأثيرًا.
تعزيز قوانين العمل: ما يزال العمل غير الرسمي، الذي يحرم العمالة من الحقوق الأساسية والحماية، منتشرًا على نطاق واسع في الأردن. إن تعزيز قوانين العمل وتنفيذها يمكن أن يقلل من هذا الشيء من خلال تبسيط اللوائح وتنفيذ العقوبات على الانتهاكات. وهذا من شأنه أن يوسع نطاق سياسات الحد الأدنى للأجور ويحسن الإدماج الاقتصادي للعمالة ذوي الدخل المنخفض.
في حين أن رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن إلى 290 دينارًا أردنيًا يعد خطوة إيجابية، إلا أنه لا يستطيع معالجة التحديات الاقتصادية التي يواجهها العمالة بشكل كامل دون إصلاحات هيكلية أوسع نطاقًا. إن ربط الأجور بالتضخم، وتوسيع بناء المساكن، ومكافحة العمالة غير الرسمية هي تدابير حاسمة لضمان ترجمة زيادات الأجور إلى تحسينات ذات مغزى في مستويات المعيشة. ومن خلال معالجة هذه القضايا الأساسية، يمكن للأردن أن يصنع اقتصادًا أكثر عدالة ومرونة يدعم قوته العاملة في الأمد البعيد.