أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Aug-2025

توسع استخدام الغاز في النقل يعزز تنافسية الاقتصاد

 الغد-رهام زيدان

يرى خبراء في قطاعي الطاقة والنقل أن أثر التوسع في استخدام الغاز بوسائط النقل لا يقتصر على تحقيق وفورات مالية تصل إلى 50 % مقارنة بالوقود التقليدي، بل يمتد ليشمل تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وخفض كلفة الشحن والنقل وصولا إلى تحسين جودة الهواء.  
 
 
وأكد هؤلاء أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في إدارة قطاع الطاقة وتنسجم مع التوجهات العالمية نحو الوقود النظيف، مشيرين في الوقت ذاته إلى تحديات البنية التحتية وكلف التحول، ما يستدعي سياسات تحفيزية واستثمارات طويلة الأمد لضمان نجاح هذه التجربة في السوق الأردنية.
وافتتح وزير الطاقة الأسبوع الماضي أول محطة مستقلة لتعبئة الغاز للحافلات والشاحنات والمركبات التي تعمل على الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) ، وتبلغ قدرة المحطة 1500 لتر، وهي مزودة بمضختين قادرتين على تعبئة المركبات بضغط 250 بارا خلال مدة تتراوح من 7 إلى 11 دقيقة للسيارات الكبيرة، مع نظام سلامة متقدم يضمن الأمان أثناء عملية التعبئة في وقت يوفر فيه الغاز الطبيعي نحو 50 % من كلفة الطاقة للمركبات مقارنة بالبنزين والديزل، حيث يعادل المتر المكعب من الغاز نحو لتر ديزل واحد، ويباع بسعر 28 قرشا.
يأتي هذا في وقت تعمل فيه شركة البترول الوطنية على زيادة الكميات المنتجة من حقل الريشة لتصل إلى 418 مليون قدم مكعب بحلول عام 2030، ضمن خطة تطوير شاملة تشمل إنشاء خط غاز بطول 320 كم يمتد من حقل الريشة إلى منطقة الخناصري لربط الحقل بخط الغاز العربي، ليتم إيصال غاز الريشة إلى مختلف المناطق الصناعية ومحطات توليد الكهرباء في المملكة.
وقالت وزيرة النقل السابقة د.لينا شبيب إن "استخدام الغاز الطبيعي في قطاع النقل، سواء للمركبات الصغيرة أو الشاحنات، يحمل آثارا اقتصادية واجتماعية وبيئية مهمة، إذا ما تم تبنيه ضمن سياسات واضحة وخطط طويلة الأمد".
وأوضحت شبيب أن أبرز الفوائد الاقتصادية تكمن في خفض تكاليف الوقود بشكل كبير، الأمر الذي من شأنه أن يقلص من حجم الدعم الحكومي المخصص للمحروقات التقليدية، مضيفة أن هذا التوجه يحتاج في البداية إلى استثمارات في البنية التحتية، سواء من خلال إنشاء محطات تعبئة وصيانة.
إلا أن هذه الاستثمارات ستنعكس وفقا لشبيب بعوائد طويلة الأمد على الاقتصاد الوطني،  كما أن تقليل الاعتماد على النفط سينعكس بشكل إيجابي على الميزان التجاري للمملكة، فضلا عن خفض كلف النقل بشكل عام، الأمر الذي يوجد فرص عمل جديدة ويسهم في تقليل معدلات البطالة حتى لو كان ذلك تدريجيا خلال فترة التحول.
أما من ناحية أخرى، فقد أكدت شبيب أن تبني الغاز الطبيعي في النقل سيكون له أثر ملموس على الصحة العامة، من خلال تحسين جودة الهواء في المدن المزدحمة والملوثة، كما سيوفر هذا التوجه فرص عمل في مجالات البناء والتشغيل والصيانة، إلا أنها شددت على ضرورة ضمان عدالة الوصول إلى هذه الخدمة، بحيث لا يتم إقصاء المستهلكين غير القادرين على تحديث مركباتهم.
ولفتت شبيب إلى أن استخدام الغاز الطبيعي يسهم في خفض انبعاثات الغازات الضارة والكربون مقارنة بمشتقات البنزين والديزل، ما ينسجم مع التوجه نحو الطاقة منخفضة الكربون وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، محذرة من بعض المخاطر المرتبطة بالسلامة، مثل احتمالية حدوث تسربات أو انفجارات في حال غياب بنية تحتية متينة وآليات صيانة فعّالة.
وشددت شبيب أيضا على أهمية أن ترافق هذه الخطوة سياسات داعمة، مثل تقديم الحوافز لشراء وتجهيز المركبات العاملة بالغاز الطبيعي وإنشاء المحطات اللازمة، إلى جانب تسهيل إجراءات الترخيص، مؤكدة ضرورة قياس الأثر بشكل دوري وفق مؤشرات واضحة تشمل تكاليف التشغيل، معدلات الانبعاثات، جودة الهواء، فرص العمل، وموثوقية البنية التحتية، مع الأخذ في الاعتبار مخاطر تقلب الأسعار والتطورات التكنولوجية وأهداف المناخ العالمية.
من جهته، قال المدير الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية م.عبد الفتاح الدرادكة إنه "مع تصاعد الاهتمام العالمي بتقليل البصمة الكربونية، أصبح التوجه نحو الوقود النظيف، مثل الغاز الطبيعي المضغوط، خيارا استراتيجيا للحكومات".
وعليه، فإن تحويل المركبات للعمل بالغاز في الأردن ليس مجرد حل مؤقت لاستيعاب فائض الغاز، بل هو خطوة متقدمة نحو تحقيق أمن طاقي أوفر كلفة، وأقل تلوثا، وأكثر انسجاما مع التوجهات البيئية العالمي، في ظل وجود كميات واعدة من الغاز في منطقة الريشة – الريشة، وهو ما يفتح الباب أمام خيارات إستراتيجية جديدة في إدارة قطاع الطاقة. 
وأوضح الدرادكة إنه من المعروف أن كفاءة الغاز تفوق بكثير كفاءة المحروقات التقليدية،  ففي التوليد الكهربائي يقلل الغاز من الكلفة بنسبة تصل إلى 35 % مقارنة بالديزل، ونحو 25 % مقارنة بزيت الوقود الثقيل. 
وبالقياس على قطاع النقل، فإن استخدام الغاز في الشاحنات والمركبات الصغيرة والكبيرة يتيح تحقيق نفس نسبة التوفير (35 %)، مع بقاء كلفة التحويل هي العامل الحاسم.
وتشير شركة جوبترول إلى أن تجهيزات التحويل متوفرة في محطاتها، مما يجعل هذا الخيار ممكنا تجاريا وفنيا.
فنيا، يعد الغاز وقودا نظيفا وأكثر أمانا إذا ما جرى التحول وفق المعايير الصحيحة دون التأثير على تشغيل المركبة أو سلامتها واعتماد الغاز في قطاع النقل يمثل مكسبا مزدوجا؛ فمن جهة يخفض كلف الشحن والنقل – وخصوصا على خط العقبة-عمان – ومن جهة أخرى يساعد على السيطرة على الانبعاثات في ظل الزيادة المستمرة في عدد المركبات.
وأكد الخبير في مجال الطاقة والنفط فهد الفايز أن استخدام الغاز الطبيعي في تشغيل المركبات والشاحنات يمثل خطوة إيجابية ومهمة للغاية، لما تحمله من وفورات كبيرة على مالكي الشاحنات، فضلا عن أثرها الإيجابي المحتمل على الفاتورة النفطية الوطنية.
وأوضح الفايز أن هذه الخطوة، رغم أهميتها، تواجه تحديا أساسيا يتمثل في عدم جاهزية البنية التحتية الحالية لاستيعاب هذا التحول، مشيرا إلى أن تجهيز المحطات وتوفير متطلبات التزويد بالغاز الطبيعي يحتاج إلى وقت طويل وكُلف مرتفعة، سواء لإنشاء محطات جديدة أو لإجراء التعديلات الفنية اللازمة على محطات الوقود القائمة.
وأضاف أن الأولوية الحالية يمكن أن تتركز في تزويد المصانع والقطاع الصناعي، سواء الصناعات الخفيفة أو المتوسطة أو الثقيلة، بالغاز الطبيعي، لما لذلك من مردود اقتصادي كبير، قبل الانتقال لاحقا إلى قطاع النقل. 
وبيّن أن المملكة تنتج حاليا ما يغطي نحو 30 % من احتياجاتها اليومية من الغاز الطبيعي، بكمية تقارب 78 إلى 80 ألف وحدة يوميا، مع إمكانية الارتفاع مستقبلا إلى حدود 100 ألف أو أكثر. 
ومع ذلك، شدّد الفايز على أن تطوير بنية تحتية متكاملة لتزويد المركبات والشاحنات بالغاز الطبيعي سيستغرق وقتا طويلا ويتطلب استثمارات كبيرة.
وتعد المحطة الجديدة الأولى من نوعها في الأردن لتعبئة الغاز للحافلات والشاحنات والمركبات التي تعمل على الغاز الطبيعي المضغوط (CNG)، وتشكل خطوة مهمة نحو إدماج الغاز الطبيعي المنتج محليا في السوق، بما يسهم في تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة الوطنية.
وتصل المسافة التي يمكن للمركبة قطعها باستخدام الغاز إلى نحو 2 كيلومتر لكل متر مكعب، وتختلف حسب حجم الأسطوانة المثبتة؛ إذ يمكن للمركبات الكبيرة المزودة بأسطوانات الغاز قطع حتى 600 كيلومتر، بينما تصل هذه المسافة إلى 750 كيلومترا للمركبات الصغيرة.
ويستهلك الأردن حاليا  نحو 350 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي ، حيث يستخدم الغاز الطبيعي بشكل رئيسي في توليد الكهرباء حيث يعد هذا القطاع المستهلك الأكبر،  ثم الاستخدامات الصناعية المباشرة (أسمنت، أسمدة/فوسفات، بوتاس، وغيرها) بالإضافة إلى استخدامات محدودة أخرى (مثل شبكات توزيع صناعية/تجارية، مع بقاء الاستهلاك المنزلي معتمدا أساسا على الغاز البترولي المسال.
وفقا لأرقام وزارة الطاقة والثروة المعدنية، بلغ إنتاج الأردن من الغاز الطبيعي العام الماضي نحو 152.5 ألف طن مكافئ نفط مقارنة مع 153 ألف طن مكافئ نفط العام الذي سبقه وفقا لآخر أرقام صادرة عن وزارة الطاقة.
وبلغ حجم مستوردات الأردن من الغاز الطبيعي العام الماضي 3085.4 ألف طن مكافئ نفط بحسب أرقام وزارة الطاقة والثروة المعدنية، مقارنة مع 2885.7 ألف طن مكافئ نفط علام 2023.
ويعتبر المصدر الرئيسي هو الغاز الإسرائيلي (حقل ليفياثان) ، فيما تغطى الفجوة المتبقية من الغاز المصري عبر خط الغاز العربي و/أو الغاز الطبيعي المُسال عبر العقبة بحسب الحاجة (تتوفر لها مجموعة بيانات رسمية بعنوان الغاز الطبيعي المستورد 2023.