أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Oct-2025

الأردن يعزز موقعه الإقليمي في الطاقة النظيفة رغم التحديات

 الغد-رهام زيدان

 تمكن الأردن خلال الأعوام القليلة الماضية من تعزيز موقعه كأحد أسرع أسواق الطاقة العربية تحولا نحو الكهرباء النظيفة، مستندا إلى حزمة إصلاحات وتشريعات ومشاريع ربط إقليمي، وفق خبراء ومتابعين لقطاع الطاقة.
 
 
ويضم المشهد الطاقي في الأردن، وفقا للخبراء، انجازات تم تحقيقها وطموحات متقدمة ما زالت قيد التنفيذ، مقابل تحديات عملية واقتصادية لا تزال تثقل كاهل القطاع، فبينما يشير الخبراء والمتابعون إلى قفزة الأردن في حصة الطاقة المتجددة، وتعزيز موقعه كمحور إقليمي للربط الكهربائي، يرى آخرون أن هذه الإنجازات تحتاج جهودا أكبر للوصول لمستوى التأثير المباشر على كلف الإنتاج أو حياة المواطنين.
ويعتبر "قانون الكهرباء العام لسنة 2025" الذي دخل حيز النفاذ منتصف آب (أغسطس) الماضي واحدا من أحدث إنجازات قطاع الطاقة الأردني، إذ يمهد لتحديث إطار السوق ودعم مرونة الشبكة وتوسيع الاستثمار في التخزين والطاقة المتجددة، حيث يرى خبراء أن هذا القانون يشكل نقطة تحول في آليات تنظيم السوق وتعزيز الحوكمة في قطاع الكهرباء.
وعلى صعيد البنية التحتية الإقليمية، بدأ الأردن منذ الربع الأول من عام 2024 بتزويد الشبكة العراقية بالكهرباء ضمن المرحلة الأولى للربط، مع خطط لرفع الإمداد تدريجيا حتى 200 ميغاواط تمهيدا لقدرات أكبر لاحقا، وهي خطوة يوضح الخبراء أنها تفتح نافذة تصدير مستدامة وتعزز في الوقت ذاته أمن التزود بالطاقة في البلدين، فضلا عن كونها تؤهل الأردن للعب دور محوري في منظومة الربط الإقليمي. 
محليا، تمضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن في تعميم العدادات الذكية على المشتركين بهدف تحسين إدارة الأحمال وخفض الفاقد وتفعيل تسعير أكثر استجابة لفترات الذروة، فيما تشير دراسات محلية متخصصة إلى أن هذه الخطوة قادرة على خفض الفواتير وتحقيق إدارة أكثر كفاءة للشبكة، خاصة مع توقعات بازدياد الأحمال في فصول الذروة. 
دوليا، تظهر قواعد بيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة نموا مطردا في مساهمة المصادر المتجددة في كهرباء الأردن خلال السنوات الأخيرة، وهو توجه ينسجم مع المسار العالمي الذي تسجل فيه الطاقة النظيفة أرقاما قياسية من حيث الإضافات السنوية والتكلفة التنافسية. 
وعلى صعيد الإنجازات المحلية والدولية، شكل التحول نحو الطاقة المتجددة الإنجاز الأبرز، إذ ارتفعت نسبة مساهمتها في توليد الكهرباء إلى نحو
29 % في نهاية 2023، في حين أن المستهدف 50 % في العام 2030، وهي من أعلى النسب في المنطقة، وهذا النمو تحقق عبر مشاريع كبرى للطاقة الشمسية والرياح، ما وضع الأردن في مصاف الدول الرائدة إقليميا.
إنجازات نوعية وتطلعات إستراتيجية
في هذا الخصوص، أكد مدير عام شركة "إيفر جرين" م. فادي مرجي أن الأردن خطا خطوات نوعية وملموسة في قطاع الطاقة خلال السنوات الأخيرة، يمكن تلخيصها في عدة محاور رئيسية.
وأضاف مرجي أن الأردن نجح في تعزيز أمن التزود بالطاقة عبر تنويع المصادر وتقليل الاعتماد على مصدر واحد، مشيرا إلى أن إنشاء ميناء الغاز الطبيعي المسال في العقبة، والبدء بتوليد الكهرباء من الصخر الزيتي، يعدان خطوات استراتيجية عززت من استقلالية المملكة.
كما لفت إلى أن الأردن عزز مكانته كمحور إقليمي للطاقة عبر مشاريع الربط مع مصر وفلسطين، وخطط مستقبلية مع السعودية والعراق، وهو ما يسهم في استقرار الشبكة وفتح آفاق أوسع لتبادل الطاقة.
وأشار إلى أن برامج كفاءة الطاقة والترشيد مثل صندوق تشجيع الطاقة المتجددة (JREEEF) ساهمت في دعم القطاعات الصناعية والمنزلية والفندقية لتبني حلول خفض الاستهلاك.
متطلبات المرحلة المقبلة
إلى ذلك، شدد مرجي على أن البناء على هذه الإنجازات يستدعي الاستثمار في تطوير الشبكة الوطنية وتحويلها إلى شبكة ذكية قادرة على استيعاب المزيد من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، مع التوسع في مشاريع تخزين الطاقة، داعيا إلى وضع استراتيجية وطنية واضحة للتوجه نحو الهيدروجين الأخضر والاستفادة من الإمكانيات الكبيرة للطاقة الشمسية، بما يجعل الأردن مصدرا رئيسيا لهذه الطاقة النظيفة مستقبلا.
وأكد ضرورة تحسين البيئة التشريعية والتنظيمية لجذب استثمارات محلية وأجنبية جديدة في مجالات التخزين والنقل الكهربائي، مشددا على أهمية استقرار البيئة القانونية لحماية الاستثمارات طويلة الأمد وتعزيز ثقة المستثمرين.
ولفت كذلك إلى أهمية تكامل الطاقة مع قطاعات النقل من خلال التوسع في السيارات الكهربائية، ومع قطاع المياه عبر مشاريع التحلية باستخدام مصادر متجددة، لتعظيم الأثر الاقتصادي والبيئي.
الحاجة لمشاريع نوعية وبنك معلومات
من جانبه، قال وزير تطوير القطاع العام الأسبق د. ماهر مدادحة إن القطاع تمكن من تحقيق إنجازات على المستوى التشريعي واللوجستي خلال السنوات الماضية، لكنه ما يزال بحاجة إلى مشاريع نوعية كبرى تستغل المصادر المحلية المتاحة بشكل أكبر.
وأكد أن تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعتها الحكومة مع أطراف متعددة في مجالات مثل الهيدروجين والتعدين، يجب أن يترجم إلى استثمارات فعلية على أرض الواقع.
كما شدد مدادحة على أهمية إعداد بنك معلومات لدى وزارة الطاقة والثروة المعدنية يتضمن كل الموارد والفرص الاستثمارية المتاحة بالتعاون مع وزارة الاستثمار، بحيث يشتمل على دراسات فنية ودراسات جدوى وخطط تسويقية، إلى جانب الترويج للفرص الاستثمارية محليا ودوليا.
قدرات متزايدة في الطاقة المتجددة والغاز
واتفق رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية د.إياد أبو حلتم مع سابقيه بخصوص الإنجاز في القطاع، لافتا إلى أن الإنجاز في تنفيذ المبادرات المنبثقة عن رؤية التحديث الاقتصادي بات واضحا، حيث جرى مراجعة استراتيجية قطاع الطاقة بما تضمنته من أهداف لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الكهرباء، والتوسع في استخدام الغاز الطبيعي، إضافة إلى إطلاق مبادرات للهيدروجين الأخضر وتطوير البنى التحتية اللازمة له.
وأضاف أن هذه المراجعة أثمرت عن تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية، إلا أن الطموح ما يزال أكبر، خصوصا فيما يتعلق بالمبادرات الاستراتيجية التي تضمنتها رؤية التحديث الاقتصادي.
وأشار أبو حلتم إلى أن القدرة المركبة من مشاريع الطاقة المتجددة التي تغذي الشبكة الوطنية تجاوزت 2800 ميغاواط، إلى جانب التوسع في استخدام الغاز الطبيعي في القطاع الصناعي وربطه بعدد من المدن الصناعية المهمة مثل القسطل ومعان والموقر وغيرها. كما تم إنشاء محطة لتخفيض الضغط المرتفع للغاز، إلى جانب الإنجازات المحققة في حقل الريشة.
ولفت إلى أن الجهود شملت أيضا التوسع في تطبيقات الشبكة الذكية للكهرباء، إضافة إلى المشاريع المعنية بكفاءة الطاقة التي تسهم في خفض كلف المنشآت الصناعية بما يزيد على 25 %. وقد جرى توقيع أكثر من 70 اتفاقية في هذا الإطار بين وزارة الطاقة وعدد من المنشآت الصناعية. كما تستمر مشاريع الربط الكهربائي مع الدول المجاورة بما يعزز من مرونة المنظومة الكهربائية.
قانون الكهرباء الجديد والتحفيز على الاستثمار
وبيّن أبو حلتم أن من أبرز الإنجازات أيضا إقرار قانون الكهرباء الجديد الذي يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح رغم ما يواجهه من انتقادات، إذ يتضمن بنودا تحفّز على الاستثمار في قطاع الكهرباء والهيدروجين الأخضر ومشاريع التوليد، غير أن الحاجة ما تزال قائمة لتوسعة الشبكات الكهربائية وتعزيز مشاريع التخزين لضمان استدامة التزويد وتلبية النمو المتزايد في الطلب.