أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2025

النقد المنزلي*حسام عايش

 الدستور

يشهد الاقتصاد الاردني تسارعا كبيرا في الانتقال نحو الدفع الرقمي، حيث تم تنفيذ معاملات رقمية فورية بقيمة 1.28 مليار دينار من خلال نظام تحصيل الفواتير الالكترونية، وتنفيذ 1.88 مليار دينار من خلال نظام كليك، وتنفيذ 573 مليون دينار من خلال نظام الدفع بالهاتف النقال، اي ما مجموعه 3.733مليار دينار خلال شهر اب 2025 لوحده.
 
الطفرة الرقمية هذه على اهميتها، لا تُلغي اهمية النقد الورقي كـ»شبكة امان مالية» عند تعطل الانظمة الإلكترونية، وبنا يضمن استمرارية الانفاق اليومي في حال تعطلت المنظومة الرقمية، ما يجعل من هذا النقد عنصرا مهما للامن المالي للافراد وللمجتمع، ولاستقرار الاقتصاد الكلي.
 
هنا،  كان الاحتفاظ بنقد ورقي في المنازل، محور دراسة نشرها البنك المركزي الاوروبي بعنوان حافظ على هدوئك واحتفظ بالنقود- يختلف نقد المنازل عن النقد المتداول في السوق الذي يحرك عجلة الاقتصاد يوميا،  حيث المقصود الاحتفاظ  بكمية نقد محدودة  لمواجهة تعطل الانظمة الرقمية وبما لا يؤثر على السيولة العامة- تضمنت توصية للاسر الاوروبية بضرورة الاحتفاظ بكمية من النقد الورقي تحسبا لاي ازمات مفاجئة .
 
الدراسة بينت، ان النقد الورقي، يمثل ما يعرف بـ الإطار الاحتياطي للنظام المالي- يشبه العجلة الاحتياطية في المركبات التي تُستخدم عند تعطل العجلات الاساسية- وهو بهذه الصفة، يلعب دورا مهما عندما تتوقف انظمة الدفع الرقمية بسبب انقطاع الكهرباء، او الهجمات السيبرانية، او حتى التهديدات الجيوسياسية، حيث يصبح النقد الوسيلة المتاحة لتلبية الاحتياجات الاساسية، كما تجلى خلال حالة انقطاع الكهرباء الواسعة التي شهدتها اسبانيا والبرتغال في نيسان 2025، حيث عادت المتاجر إلى استخدام النقد بشكل حصري بعد توقف شبكات الدفع الإلكترونية.
 
اكثر من ذلك، فقد كشفت الازمات المتلاحقة -من جائحة كورونا، والحرب الروسية على وكرانيا، والحرب بين ايران واسرائيل – مخاطر الاعتماد الكلي على الرقمنة، حيث ارتفع الطلب على السيولة النقدية مدفوعا بعدم اليقين، وتوجس الافراد من انقطاع الدخل او توقف الخدمات المصرفية.
 
وهو الامر الذي الجلي في الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، حيث وجد المدنيون صعوبة في الوصول إلى البنوك أو استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، ما دفعهم للاعتماد الكامل على النقد المتوفر لديهم،  وهو ما يؤكد الحاجة إلى استراتيجية نقدية منزلية، تمكن الافراد والاسر من التعامل مع اللحظات الحرجة التي قد تتعطل فيها الرفاهية الرقمية.
 
في هذا الاطار بدأت دول اوروبية عديدة كهولندا، النمسا، فنلندا، السويد، بتوجيه نصائح لمواطنيها للاحتفاظ بقدر من النقود-بين 70 الى 100 يورو للفرد-  لتغطية احتياجات ثلاثة ايام او اسبوع كامل من الطعام والدواء والوقود،  موجهة لان تكون الفئات المحتفظ بها صغيرة لتيسير التداول.
 
 في السياق، نظريات اقتصادية عديدة  تؤيد فكرة التحوط النقدي كنظرية تفضيل السيولة لكينز، ونظرية المنفعة الحدية، التي تبين ان القيمة الذاتية لاي سلعة ومنها النقود، تزداد كلما قل توفرها في وقت الحاجة وبالذات في الازمات، حيث تصبح ورقة نقدية صغيرة اكثر نفعا من رصيد رقمي لا يمكن الوصول اليه، ونظرية الانظمة المعقدة، التي ترى ان النقد يمثل خط دفاع بديل، وخبراء الاقتصاد السلوكي الذين يرون ان النقود الورقية تمنح الافراد شعورا بالامان النفسي وبالذات في اوقات الازمات.
 
توصية البنك المركزي الاوروبي، تعبر عن أهمية التحوط  النقدي الذكي في مواجهة ازمات تتكرر وتؤثر على سوية الاداء العام الرقمي وغيره، ما يجعل توفر النقد المنزلي، احد وسائل تخفيض القلق عبر تعزيز الامان المالي.