أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Jun-2025

تحديات الرقابة الإدارية.. بين غياب التكامل الرقمي والفرص الإصلاحية

 الغد-إيمان الفارس

 في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة والتحولات الرقمية المتسارعة، تتعرض المؤسسات الأردنية لاختبارات حقيقية بشأن بتطبيق نظم الرقابة الإدارية الفعالة، بخاصة تلك التي تعتمد على المقاييس والمعايير وتحليل البيانات. فالرقابة لم تعد ترفا إداريا أو إجراءً شكليًا، بل أضحت أداة إستراتيجية لضمان الكفاءة المؤسسية والامتثال، وتعزيز الشفافية والمساءلة في آن معا.
 
 
وتعد المقاييس والمعايير، من أهم أدوات الرقابة، إذ تتيح للمؤسسات الحكومية تقييم الأداء عبر مقارنته بمعايير محددة مسبقا.
 
تحسين الأداء وتصويب المسار
وهذا التقييم لا يكتفي برصد الانحرافات، بل يدفع نحو تحسين الأداء وتصويب المسار. غير أن فاعلية هذه الأدوات تظل رهينة بتوفر نظام معلومات دقيق ومتكامل، قادر على جمع البيانات وتحليلها. ولكن، وبرغم الإمكانيات الهائلة التي يقدمها التحليل المستمر للبيانات، سواء في التنبؤ بالمخاطر أو بدعم اتخاذ القرار، فما يزال هذا الجانب يعاني من ضعف شديد في التبني على مستوى المؤسسات.
وفي هذا الإطار، يؤكد أستاذ القانون الإداري بالجامعة الأردنية د. محمد المعاقبة، الذي يرى بأن غياب أدوات تحليل البيانات الحديثة، يشكّل أحد أبرز مكامن الخلل في الرقابة الإدارية بالدولة. 
وفي تحليله للوضع الرقابي في الأردن، يطرح المعاقبة، تحديات بنيوية تواجه المؤسسات الرقابية وعلى رأسها ديوان المحاسبة، الجهة الأعلى رقابيًا في البلاد.
ويلفت المعاقبة إلى أن "غياب التكامل الرقمي بين أنظمة المؤسسات الحكومية"، و"ضعف تبني أدوات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات"، يعوقان أي مساعٍ حقيقية نحو نظام رقابة متقدم ومتكامل، مبينا أن البيروقراطية وتداخل الصلاحيات يشكلان عائقًا إضافيًا، إلى جانب محدودية الكوادر البشرية المؤهلة تقنيًا، ما يضعف فعالية أي نظام رقابي مهما بلغت أدواته تطورا.
بطء الاستجابة للتقارير الرقابية
ويشير إلى نقطة حساسة، تتعلق بـ"بطء الاستجابة للتقارير الرقابية، أو ضعف تنفيذ توصياتها"، ما يقلص من الأثر الفعلي للرقابة، ويحد من قدرتها على إحداث التغيير المطلوب، موضحا أنه "برغم الجهود الإصلاحية ما تزال بعض التقارير تُقابل بالتأخير في التفاعل، وهذا يجعلها تفتقر للجدوى على أرض الواقع".
ووفقه، هناك  سبلا مقترحة لتعزيز الشفافية والمساءلة في السياق الأردني، تتمثل أبرزها بأهمية تطوير البنية التحتية الرقمية للرقابة، بمعنى أنه لا بد من تعزيز التكامل بين الأنظمة الحكومية، واستحداث منصات ذكية، لرصد الأداء على نحو لحظي وشفاف، وإعادة هيكلة نظم تقييم الأداء المؤسسي، بحيث تُربط النتائج بالتقارير الرقابية، وتصبح جزءًا من نظام حوافز ومساءلة واضح.
كما دعا الخبير الإداري، لضرورة إتاحة تقارير ديوان المحاسبة للرأي العام دوريا، وبصيغ مبسطة، ما يعزز ثقافة الشفافية، ويرفع من الوعي بأهمية الرقابة على المال العام، مشيرا لأهمية الاستثمار بتدريب الكوادر الرقابية: عبر تأهيلها على استخدام أدوات تحليل البيانات والرقابة الرقمية، إلى جانب أهمية دور توسيع الشراكات مع الجامعات ومراكز الأبحاث، بغرض خلق بيئة رقابية تستند على المعرفة والتحليل العلمي، بدلا من الانطباعات أو التقارير التقليدية.
أداة حيوية لنجاح المؤسسات
وبين أن الرقابة الإدارية، أداة حيوية لنجاح المؤسسات وتحقيق أهدافها، ولكن في الحالة الأردنية، فإن تحقيق فعالية الرقابة، لا يحدث إلا بعملية إصلاح شامل للبنية الرقمية، وتبني ثقافة مؤسسية جديدة، تقوم على الشفافية والمساءلة، لا على الاجتهاد الفردي أو النوايا الحسنة.
وفي ضوء ما قدمه الخبير محمد المعاقبة، فإن إصلاح منظومة الرقابة الإدارية في الأردن، لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة إستراتيجية لضمان كفاءة الدولة واستدامتها، بخاصة في بيئة إقليمية تتطلب أعلى درجات الجاهزية والشفافية.
بدوره، شدد رئيس ديوان المحاسبة د. راضي الحمادين، في تصريحات سابقة، على أن الديوان، يستلهم من توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، تطوير عمله ومنهجية إعداده للتقارير، والحرص على تنفيذ مهامه على أكمل وجه من دون تأخير وفق القانون، والالتزام بمعايير الموضوعية والشفافية في تقاريره، بحيث تؤشر إلى الخلل، بما يحافظ على إنجازات المؤسسات.
تفعيل الدور الرقابي
كما أكد الحمادين حينها، سعي الديوان بكامل جهوده لتفعيل الدور الرقابي، مشيرا إلى أن الأردن "لا يوجد لديه تدقيق مسبق"، بل تعنى كل مؤسسة بدور التدقيق الداخلي، أي "المحاسبة" في الرقابة اللاحقة عليها.
ولفت إلى إجراء مراجعة شاملة للإستراتيجيات السابقة والاحتياجات اللازمة للديوان حين إعداد الإستراتيجية، ثم رفعت لرئاسة الوزراء لحين إطلاقها برعايته في آب (أغسطس) الماضي، إذ تشمل الإستراتيجية الجديدة 5 أهداف، تتطلع لتعزيز كفاءة دور الرقابة، والتركيز على تطوير التقارير الصادرة عن الديوان، مشددا على محاسبة المخالفين حين وقوع وتسجيل المخالفة.  
ووسط المسير على خطى رؤية التحديث الاقتصادي حتى العام 2033، ارتكز الهدف الرئيس لإستراتيجية الديوان الجديدة للأعوام 2024-2027، على تعزيز النزاهة والثقة في القطاع العام وحماية المال العام، كما أنها أكدت أن تحقيق هدفها الرئيس، يستند على رسالة عنوانها "تحقيق رقابة مستقلة وموضوعية، وفق أفضل الممارسات المهنية، وتعزز الثقة بالعمل الرقابي وتساهم في تحسين إدارة الموارد العامة للدولة لتحقيق التنمية المستدامة".
وأشارت لأهمية الدور الذي يمثله الديوان من قيم ومنافع تستهدف إحداث الفارق في حياة المواطنين، مبينة أن الرقابة على القطاع الحكومي والتي يقوم بها الديوان؛ "عامل مهم بإحداث الفارق في حياة المواطنين"، لافتة لدوره في المساهمة بـ"التأثير الإيجابي لعمليات الرقابة التي يقوم بها الديوان، كونها تبث الثقة في المجتمع، وتوجه المسؤولين عن الموارد العامة لكيفية استغلال تلك الموارد"، مضيفا أن "هذه الأدوار تعزز من القيم الإيجابية، وتفعيل المساءلة، والذي بدوره يؤدي لاتخاذ القرارات بكفاءة".
توفير بيئة عمل متميزة
وفي تفاصيل الإستراتيجية، تأطير خريطة طريق تهدف لتطوير وتحديث عمل الديوان، وتعزيز دوره بتطوير مؤسسات القطاع العام، وتركز أهدافها على سعي الديوان لتوفير بيئة عمل متميزة وبناء قدراته المؤسسية والبشرية، وتوفير قيمة مضافة للأطراف ذات العلاقة، بإجراء رقابة عالية الجودة، وفقا للمعايير الدولية، وتعزيز التزامه بمبادئ النزاهة والشفافية، وضمان المساءلة والحفاظ على المصداقية وتعزيز ممارسات وأنظمة الرقابة الداخلية، والتعاون مع أصحاب المصالح محليا وإقليميا ودوليا.