أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Jul-2025

تفعيل القطاعات الواعدة.. مفتاح التحول إلى اقتصاد مستدام

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، والتباطؤ في معدلات النمو، تبرز الحاجة الملحة لإعادة توجيه البوصلة الاقتصادية الأردنية نحو قطاعات واعدة تمتلك إمكانات كبيرة للنمو والتشغيل وجذب الاستثمارات.
 
 
فرغم توفر المقومات البشرية والطبيعية والفرص الإقليمية، ما تزال قطاعات مثل التكنولوجيا المتقدمة، الصناعات التحويلية، الزراعة الحديثة، وغيرها، غير مفعلة بالشكل الكافي في المشهد الاقتصادي المحلي مقارنة بالقطاعات الاقتصادية التقليدية الأخرى.
 
أمام هذا الواقع الذي تواجهه هذه القطاعات الواعدة، تبرز تسأولات عدة، حول ماهية التحديات التي تحول دون نهوض هذه القطاعات، وما المطلوب لتعزيز مساهمتها في الناتج المحلي، وخلق فرص عمل مستدامة، وتحقيق تنوع اقتصادي حقيقي؟
وأجمع خبراء اقتصاديون في تصريحات خاصة لـ"الغد"، على أن تفعيل هذه القطاعات لا يمكن أن يتحقق دون رؤية وطنية واضحة، وتنسيق مؤسسي فعال، وإصلاحات تشريعية وتمويلية تواكب المتغيرات التي تشهدها طبيعة عمل هذه القطاعات، مؤكدين أن الوقت قد حان لتجاوز النهج التقليدي والانخراط في اقتصاد إنتاجي متنوع ومستدام.
التكنولوجيا مفتاح النمو الاقتصادي 
وفي السياق، أكد ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن هيثم الرواجبة، أن قطاع التكنولوجيا الحديثة المتقدمة محليا، لا يلقى الاهتمام والدعم الحكومي والاقتصادي الكافي، والذي يتيح له أن يكون في مصاف القطاعات ذات المساهمة والقيمة المضافة العالية في العملية الاقتصادية المحلية.
وأشار الرواجبة، إلى أن التكنولوجيا المتقدمة ما يزال قطاعا مهمشا إلى حد كبير، سواء على مستوى السياسات أو التمويل، على الرغم من قدرته على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل نوعية.
وشدد على أن مضاعفة الدعم لقطاع التكنولوجيا الحديثة من شأنه أن يساهم في تحقيق التنوع الاقتصادي وتخفيف اعتماد  الاقتصاد الوطني على القطاعات التقليدية . وأوضح الرواجبة أن قطاع التكنولوجيا الحديثة محليا يواجه عدة تحديات تعرقل تقدمه، منها ضعف التمويل والاستثمار في مشاريع التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة في المراحل المبكرة، إضافة إلى الافتقار إلى حاضنات أعمال متخصصة ومراكز بحث وتطوير تدعم الابتكار، علاوة على البيروقراطية وصعوبة الإجراءات المتعلقة بترخيص الشركات التقنية وتسجيل الملكيات الفكرية، فضلا عن ضعف الربط بين الجامعات والقطاع الصناعي، مما يحد من تحويل الأبحاث إلى منتجات تجارية، وهجرة العقول والكفاءات الأردنية إلى الخارج بسبب ضعف الحوافز وفرص النمو محليا.
ولتمكين هذا القطاع من المساهمة بفاعلية في الناتج المحلي وخلق فرص عمل جديدة، دعا الرواجبة إلى ضرورة بلورة إستراتيجية وطنية واضحة طويلة الأمد، تتضمن أهدافا ومؤشرات أداء محددة، إضافة إلى تقديم حوافز ضريبية وتمويلية للشركات الناشئة في مجالات التقنية، إلى جانب تحسين البيئة التشريعية والتنظيمية لتسهيل تأسيس الشركات وحمايتها قانونيا.
ويضاف إلى ذلك إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشاريع الابتكارية، إلى جانب تطوير التعليم التقني في مجالات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، البرمجة، وإنترنت الأشياء، علاوة على التركيز على تصدير الخدمات الرقمية لتحسين ميزان المدفوعات.
وعن أهمية هذا القطاع، بين الرواجبة أن التكنولوجيا المتقدمة تمثل رافعة استراتيجية للاقتصاد الوطني، من خلال تحقيق التنوع الاقتصادي والتقليل من الاعتماد على القطاعات التقليدية، إضافة إلى خلق وظائف نوعية للشباب الأردني المؤهل، في ظل ارتفاع البطالة، إلى تعزيز مكانة الأردن كمركز تكنولوجي منافس في المنطقة، علاوة على دعم التحول الرقمي في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والنقل. فضلا عن مساهمته في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التقنية، إضافة إلى زيادة صادرات البرمجيات والخدمات الرقمية، ما ينعكس إيجابا على الميزان التجاري
الصناعات التحويلية فرصة إستراتيجية 
بدوره، أكد عضو غرفة صناعة عمان موسى الساكت، أن قطاع الصناعات التحويلية يمثل فرصة إستراتيجية واعدة للاقتصاد الأردني، نظرا لدوره المحوري في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل مستدامة، وزيادة الصادرات ذات القيمة المضافة، مما يسهم في تقليص العجز التجاري وتحقيق قدر من التوازن الاقتصادي.
وأشار الساكت إلى أن القطاع، رغم إمكاناته الكبيرة، ما يزال يعاني من تحديات مزمنة، في مقدمتها ارتفاع تكاليف الطاقة والإنتاج، وضعف التمويل الصناعي طويل الأجل، إضافة إلى تعقيد الإجراءات البيروقراطية، وغياب رؤية صناعية وطنية متكاملة ترتبط فعليًا بسلاسل التوريد العالمية وتستند إلى الميزة التنافسية التي يتمتع بها الأردن.
وشدد على ضرورة بلورة إستراتيجية شاملة للصناعة، تركز على تحفيز الصناعات الواعدة مثل الدوائية، والغذائية، والمنتجات الطبية والصيدلانية، إلى جانب توفير بيئة أعمال مستقرة، وتسهيل الوصول إلى التمويل الميسر، وتعزيز البحث والتطوير الصناعي، بما يواكب التحولات العالمية نحو التصنيع الذكي والمستدام.
واعتبر الساكت، أن إعادة الاعتبار لهذا القطاع الحيوي لا تعني فقط تحقيق معدلات نمو أعلى، بل تمهد الطريق نحو اقتصاد أكثر تنوعا واستقلالية، وأقل هشاشة في مواجهة الأزمات الإقليمية والخارجية، وقادر على بناء قاعدة إنتاجية وطنية تضمن الأمن الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل.
وبحسب أحدث المعطيات الإحصائية الرسمية المتعلقة بنمو الناتج المحلي الإجمالي، أظهرت أن قطاع الصناعات التحويلية سجل نموا بنسبة بلغت 5.1  % وبمساهمة مقدارها 0.88 نقطة مئوية، من إجمالي حجم الناتج المحلي المقدر بـ2.7 %. 
تعدد الجهات
في القطاع الزراعي
بدوره، قال مدير اتحاد المزارعين الأردنيين محمود العوران، إن ضعف التمكين والدعم الفعلي للزراعة الحديثة في المملكة، يعود بدرجة كبيرة إلى تداخل الصلاحيات وتعدد الجهات المعنية، مشيرا إلى أن الشراكة الحالية بين وزارات الزراعة والمياه والبلديات، إلى جانب الجهد الفردي من المزارعين، ما تزال تفتقر إلى التنسيق المركزي الذي من شأنه أن يوحد الرؤية ويوجه الموارد بشكل أكثر فاعلية.
وأكد العوران أن الحاجة باتت ملحة لإصلاح المنظومة التشريعية الناظمة للقطاع الزراعي، بما يضمن بيئة تنظيمية محفزة، ويتيح إدخال أدوات المكننة الحديثة في عمليات الزراعة والحصاد والقطاف، لافتا إلى أن استخدام الآلات الحديثة يمكن أن يخفض التكاليف بنسبة تصل إلى 50 %، ويزيد من تنافسية المنتجات الزراعية الأردنية في الأسواق الإقليمية والدولية.
واعتبر العوران أن تعزيز الزراعة الحديثة في المملكة ورفع العائد الاقتصادي لها، يستوجب ربط البحث العلمي بالتشريعات الزراعية، وتوفير تمويل عادل ومنظم يتيح للمزارعين فرصا متساوية في الوصول إلى الموارد، ويؤسس لنجاح نماذج اقتصادية زراعية فاعلة.
وأضاف أن غياب التنسيق مع جهات حيوية مثل دائرة الأرصاد الجوية ينعكس سلبا على الاستعداد للتغيرات المناخية التي يعد التنبه لها العنصر الاول في نجاح الزراعة الحديثة، مشددا على أهمية بناء شراكة تشاركية حقيقية داخل القطاع الزراعي، تكون قادرة على وضع خطط استباقية، واتخاذ قرارات مدروسة بناء على الإشارات التحذيرية الجوية والمناخية.
كما دعا العوران، إلى توحيد جهود منظمات المجتمع المدني العاملة في الشأن الزراعي، مؤكدا أن العمل المجتزأ والتشريعات المتضاربة تضعف من فعالية الأداء العام. 
ويشار إلى أن بيانات دائرة الإحصاءات العامة، أظهرت تحقيق القطاع الزراعي خلال العام الماضي تقدما لافتا في النمو الاقتصادي حيث وصلت مساهمة القطاع في الناتج لمحلي الإجمالي إلى 6.9 % على مدار عام 2024.