ميلانو: «الشرق الأوسط»
ذكرت وزارة المالية الإيطالية في خطة موازنتها متعددة السنوات أن الدين العام الإيطالي لن يبدأ بالانخفاض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلا ابتداءً من عام 2027، في حين سيتأثر النمو الاقتصادي بشكل كبير العام المقبل نتيجة سياسة الرسوم الجمركية الأميركية.
ويُتوقع أن يصل الدين – ثاني أعلى دين في منطقة اليورو بعد اليونان – إلى 136.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مرتفعاً من 134.9 في المائة في 2024، ويتوقع أن يرتفع أكثر إلى 137.4 في المائة في 2026، قبل أن ينخفض قليلاً إلى 137.3 في المائة في 2027 و136.4 في المائة في 2028، مع بقاء نسبته أعلى من المستوى الحالي، وفق وثيقة الموازنة التي اطلعت عليها «رويترز».
وقال وزير الاقتصاد جيانكارلو جيورجيتي في الوثيقة التي وافق عليها مجلس الوزراء مساء الخميس: «نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند هذا المستوى المرتفع تُشكل عقبة أمام النمو المستقبلي والعدالة بين الأجيال، وتجب معالجتها». وتهدف خطة الموازنة إلى خفض العجز إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، متجاوزاً سقف الاتحاد الأوروبي لأول مرة منذ 2019، وأقل من الهدف السابق البالغ 3.3 في المائة.
ويُعزى هذا التحسن إلى ارتفاع الإيرادات الضريبية بشكل يفوق التوقعات، مع نمو متوقع بنسبة 1.2 في المائة هذا العام مقارنةً بـ0.8 في المائة المتوقعة في أبريل (نيسان)، إلى جانب انخفاض تكاليف خدمة الدين لثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
لكن الرسوم الجمركية الأميركية تشكل عامل ضغط سلبياً على الاقتصاد، من المتوقع أن تخصم 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، و0.5 في المائة في 2026، و0.4 في المائة في 2027، مقارنةً بالسيناريو الأساسي. كما خفضت خطة الموازنة توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 إلى 0.5 في المائة من 0.6 في المائة المتوقعة في أبريل، وتوقعات العام المقبل إلى 0.7 في المائة من 0.8 في المائة.
ومن المتوقع أن يرتفع العبء الضريبي، وهو نسبة الضرائب والمساهمات الاجتماعية من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 42.8 في المائة هذا العام من 42.5 في المائة في 2024، ويستقر عند 42.7 في المائة في 2026 و2027، وهو أعلى بكثير من متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 40 في المائة. ويتوزع العبء الضريبي في إيطاليا بشكل غير متساوٍ بين فئات الدخل، حيث تكون الضرائب منخفضة على بعض الممتلكات والأصول المالية التي تشكل مصادر دخل نموذجية للأثرياء، بينما يتحمل العمال ذوو الأجور المنخفضة جزءاً أكبر من أجورهم الإجمالية مقارنة بمعظم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. وتشير الوثيقة إلى أن خطة الموازنة الكاملة، المزمع تقديمها لاحقاً هذا الشهر، ستموّل تخفيضات ضريبية وإنفاقاً أعلى بنسبة 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي أو ما يزيد على 16 مليار يورو سنوياً بين 2026 و2028.
قطاع الخدمات يتوسع للشهر العاشر
وفي سياق النشاط الاقتصادي، أظهر مسح نُشر الجمعة أن قطاع الخدمات في إيطاليا توسّع للشهر العاشر على التوالي في سبتمبر (أيلول)، وبأسرع وتيرة منذ مايو (أيار)؛ ما يعزز احتمالات نمو أقوى في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات (PMI) لقطاع الخدمات التابع لشركة «إتش سي أو بي» إلى 52.5 نقطة في سبتمبر، مقارنة بـ51.5 نقطة في أغسطس (آب)، متجاوزاً بفارق كبير عتبة 50.0 نقطة الفاصلة بين النمو والانكماش، في حين كان استطلاع لآراء 13 محللاً أشار إلى ثبات القراءة عند 51.5 نقطة.
وانخفض الناتج المحلي الإجمالي الإيطالي بنسبة 0.1 في المائة في الربع الثاني مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، وتتوقع الحكومة نمواً أقل من 1 في المائة هذا العام. وصعد المؤشر الفرعي لتدفقات الأعمال الجديدة إلى 53.7 نقطة في سبتمبر من 52.8 نقطة في أغسطس، مسجلاً أعلى مستوى له منذ أبريل 2024، في حين ارتفعت مؤشرات التوظيف والأسعار بوتيرة أبطأ إلى 51.4 و51.2 نقطة على التوالي.
كما ارتفع المؤشر الفرعي لتوقعات الأعمال المستقبلية إلى 61.9 نقطة مقارنة بـ58.5 نقطة سابقاً. وقال نيلز مولر، الخبير الاقتصادي في «بنك هامبورغ التجاري»: «اختتم قطاع الخدمات الربع الثالث بأداء قوي»، مشيراً إلى استمرار ضعف طلبات التصدير نتيجة ضعف الطلب الأوروبي وحالة عدم اليقين الجيوسياسي.
في المقابل، أظهر مسح «بنك هامبورغ التجاري» لقطاع التصنيع الإيطالي الأصغر اتجاهاً معاكساً، مع عودة الانكماش في سبتمبر بعد انتعاش مؤقت في الشهر السابق. واستقر مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يجمع بين قطاعي التصنيع والخدمات، عند 51.7 نقطة، وهو ما يخفي «اختلالاً متزايداً بين القطاعات ويثير تساؤلات حول استدامة تعافي القطاع الخاص في إيطاليا»، حسب مولر.