أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Aug-2025

نجاح "أداة التنبؤ الاقتصادي" مرهون بتوظيف مخرجاتها في اتخاذ القرارات

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

 اعتبر خبراء اقتصاديون أن إطلاق “أداة النمذجة والتنبؤ الاقتصادي والمالي الكلي” يشكل إضافة نوعية لإدارة المالية العامة عبر توفير البيانات لتحسين جودة صناعة القرار الاقتصادي، لكن مراقبين يلفتون إلى أن هذه الأداة لن تجدي نفعا إلا إذا تم توظيف مخرجاتها والمعلومات التي توفرها في خدمة عملية التخطيط واتخاذ القرار.
 
 
وأطلقت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) بالتعاون مع وزارتي التخطيط والمالية أداة تحمل اسم “أداة النمذجة والتنبؤ الاقتصادي والمالي الكلي”.
وتتيح الأداة لصانعي القرار محاكاة أثر أي تعديل في السياسات المالية والاقتصادية من حجم الإنفاق العام إلى نسب الدين والضرائب على مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل النمو والتضخم والعجز، بما يساعد على صياغة سياسات أكثر استدامة وعدالة.
ويأتي إطلاق هذه الأداة، الأولى من نوعها، في ظل تحديات عديدة يواجهها الاقتصاد الأردني مثل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وتضخم الدين العام وتدني معدلات النمو الاقتصادي فضلا عن تحديات تتعلق بمستقبل الاقتصاد  الأمر الذي يجعل الحاجة ملحة لأداة تقيس أثر تعديل القرارات الاقتصادية.  
لكن ثمة سؤال، هل يمكن لهذه الأداة أن تطور أدوات صنع القرار الاقتصادي بناء على تحليل دقيق للسيناريوهات المحتملة أم أن دورها سيقتصر على تمكين الجهات الدولية مثل البنك الدولي والمؤسسات المالية من الحصول على معلومات أوضح عن قدرة الأردن على السداد وملاءته المالية؟
“أداة التنبؤ الاقتصادي” إضافة نوعية للإدارة المالية العامة 
اعتبر مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض أن هذه الأداة تعد إضافة نوعية لإدارة المالية العامة إذ توفر نهجا علميا قائما على البيانات لتحسين جودة صناعة القرار الاقتصادي.
وأكد أنها ليست مجرد نموذج رياضي يولد أرقاما، بل هي منصة تفاعلية تتيح لمختلف الجهات الحكومية فهم كيفية تأثير سياساتها على المؤشرات الاقتصادية بشكل أعمق.
ويرى عوض أن الفائدة الأساسية للأداة، تكمن في قدرتها على محاكاة السيناريوهات الاقتصادية والمالية المختلفة، فبدلا من الاعتماد على تقديرات مجزأة، يمكن لصانعي القرار في وزارتي المالية والتخطيط والبنك المركزي وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة تقييم الآثار المترتبة على تطبيق سياسات معينة، مثل زيادة الإنفاق على التعليم أو الصحة، أو الحماية الاجتماعية بشكل عام على بعض مؤشرات الموازنة العامة. 
وأوضح هذا التحليل متعدد المتغيرات يربط بين القرارات السياسية والنتائج الاقتصادية، مما يمكن من اتخاذ قرارات أكثر استنارة وتقليل المخاطر غير المتوقعة.
وكي تحقق الأداة أقصى فائدة منها للاقتصاد الوطني، دعا عوض إلى ضرورة دمجها في صلب العملية المؤسسية لتطوير وهندسة الموازنة العامة للدولة، إضافة إلى اقتراح تشكيل لجنة مشتركة من الجهات المعنية لتكون مسؤولة عن حوكمة الأداة، وتحديد الافتراضات الأساسية للنموذج. 
كما دعا عوض إلى أهمية الاستفادة من الأداة في تحليل المخاطر المالية واختبار قدرة الاقتصاد على تحمل الصدمات الخارجية والداخلية، مثل تغير أسعار النفط أو أسعار الفائدة.
وشدد على أهمية الاستفادة من هذا النموذج من خلال بناء قدرات الكوادر البشرية وتدريبها على استخدام الأداة بفاعلية، وتحويلها من مجرد أداة تحليل إلى جزء حيوي في عملية التخطيط المالي والموازنة. 
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي موسى الساكت إن إطلاق أداة النمذجة والتنبؤ الاقتصادي يمثل خطوة متقدمة في تطوير أدوات صنع القرار الاقتصادي، موضحا أن هذه الأداة تنقل الدولة من اتخاذ قرارات مبنية على تقديرات عامة إلى سياسات مبنية على تحليل دقيق للسيناريوهات المحتملة.
وأضاف الساكت أن هذه المقاربة الاستباقية تعزز قدرة الأردن على التعامل مع التحديات الاقتصادية قبل تفاقمها، مشيرا إلى أن الأهمية تكمن في تمكين صانعي القرار من قياس الأثر المتوقع لأي سياسة مالية أو اقتصادية قبل تنفيذها، سواء بتغيير الإنفاق العام أو تعديل نسب الدين.
وأشار إلى أن الأداة تسهم في تحسين إدارة الدين العام، وضبط العجز، وتعزيز الاستقرار المالي، فضلاً عن دعم توجيه الإنفاق الاجتماعي نحو القطاعات الأكثر أولوية كالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية.
وحول المأمول من الأداة، أكد الساكت أنها يجب أن تصبح جزءا أساسيا من عملية صنع القرار في الأردن، بحيث تستخدم قبل إقرار أي موازنة أو تشريع ضريبي أو برنامج إنفاق اجتماعي، لضمان توافق القرارات مع أهداف النمو المستدام والحماية الاجتماعية والاستقرار المالي.
وتطرق إلى متطلبات تجويد الأداة وفعاليتها، مشددا على ضرورة تحديث البيانات بشكل دوري، وضمان تكامل المعلومات بين الوزارات والمؤسسات المختلفة، وتطوير النموذج ليتماشى مع المتغيرات المحلية والعالمية، إلى جانب الاستثمار في تدريب الكوادر الحكومية على تحليل المخرجات وربطها بالسياسات العملية. 
نجاح أداة التنبؤ الاقتصادي في الأردن مرتبط بجودة البيانات والنمذجة المعتمدة  
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية، غازي العساف” إن التخطيط الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية وضمان نجاح أنظمة الإنذار المبكر يعتمد بشكل رئيسي على تطور التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، وهو ما تستخدمه الدول المتقدمة في أدواتها التنبؤية”.
وأضاف العساف أن الدول النامية بدأت توظيف هذه الأدوات التنبؤية والتخطيط الاستراتيجي لتحسين جودة اقتصادها، مشددا على أن نجاح أداة التنبؤ الاقتصادي في الأردن مرتبط ارتباطا وثيقا بجودة البيانات الاقتصادية القطاعية المتوفرة ودقتها، بالإضافة إلى ضرورة تدريب القوى البشرية على استخدام النماذج الاقتصادية.
وأوضح أن صنع القرار والسياسات الاقتصادية بشكل عام يجب أن تبنى على أرقام واضحة ودقيقة، وأن النمذجة الاقتصادية توفر أساسا متينا لهذه القرارات، مما يعزز من قوة ونجاح النتائج المتوقعة.
وأشار إلى أن الدول التي تعتمد على نماذج تنبؤية دقيقة وتتمتع ببيانات عالية الجودة ترتفع ثقة المستثمرين والمؤسسات والدول الأخرى في اقتصادها، مما ينعكس إيجابيا على التخطيط الاقتصادي والتنمية المستدامة.
ولفت العساف إلى انه في حال، نجحنا في الأردن في تطبيق النمذجة الاقتصادية على هذا الأساس، فإن الأثر الإيجابي سيكون كبيرا على مستقبل الاقتصاد الوطني.
آلية عمل الحكومات في الأردن تقلل من فرص الاستفادة من الأداة
في المقابل ، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، قاسم الحموري، أن أدوات التنبؤ الاقتصادي، مثل الأداة الجديدة التي أُطلقت في الأردن، تبقى في جوهرها أدوات شكلية، ولا تتوقع أن تحدث تغييرا ملموسا في معدلات النمو الاقتصادي أو تقلل من البطالة أو الفقر بشكل مباشر.
وبين الحموري، أن هذه الأدوات قد توفر معلومات أكثر دقة، لكنها في نهاية المطاف تبقى أرقاما تستخدم لتحليل الوضع الاقتصادي، إلا إذا كانت الحكومة جادة في توظيف مخرجات التحليل التي توفرها هذه الأدوات في عملية التخطيط واتخاذ القرار الاقتصادي. 
وأشار الحموري، بأنه وفق منظور آلية عمل الحكومات لدينا، فإن الأداة ستبقى حاليا في إطار الإحصائيات التي تزيد قدرة الحكومة على التنبؤ والتحليل، لكنها لا تغني عن الحاجة إلى الدعم والمساعدات الخارجية، لافتا إلى صعوبة الوضع الاقتصادي الحالي في الأردن.
وأوضح الحموري، أن الأهمية الحقيقية في الوقت الحالي لهذه الأداة، قد يقتصر على تمكين الجهات الدولية مثل البنك الدولي والمؤسسات المالية من الحصول على معلومات أوضح عن قدرة الأردن على السداد وملاءته المالية.