لندن: «الشرق الأوسط»
تجاوز اقتراض المملكة المتحدة التوقعات الرسمية التي تشكل الأساس لخطط الحكومة في مجالي الضرائب والإنفاق، مما يزيد من صعوبة مهمة وزيرة المالية راشيل ريفز في موازنتها المرتقبة لشهر نوفمبر (تشرين الثاني).
وأظهرت البيانات الرسمية الصادرة يوم الجمعة أن اقتراض القطاع العام بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) بلغ 83.8 مليار جنيه إسترليني (113.39 مليار دولار)، بزيادة 11.4 مليار جنيه إسترليني عن تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة. ويعد هذا الرقم الأعلى في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية منذ عام 2020، عندما اضطرت الحكومة إلى إنفاق ضخم لدعم الاقتصاد خلال جائحة فيروس كورونا، وفق «رويترز».
وحتى قبل صدور أرقام يوم الجمعة، كان من المتوقع أن تعلن ريفز عن زيادات ضريبية جديدة في موازنتها في 26 نوفمبر لضمان الالتزام بالقواعد المالية وتجنب أي اضطرابات في الأسواق.
ووفقاً لنبيل طالب، الخبير الاقتصادي في «برايس ووترهاوس كوبرز»، تواجه الحكومة مزيجاً من ارتفاع تكاليف الديون والتضخم، ومعارضة لتخفيضات الإنفاق، وخطر تعديل مكتب مسؤولية الموازنة لتوقعاته للنمو، مما يجعل الالتزام بقواعد ريفز أكثر صعوبة. وقال: «تواجه وزيرة المالية خيارات صعبة، وسيكون الاختبار هو مدى قدرتها على جعلها مقبولة لدى الناخبين والأسواق».
انخفاض الجنيه الإسترليني
توجه الجنيه الإسترليني يوم الجمعة نحو تسجيل أكبر انخفاض له خلال يومين منذ أواخر يوليو (تموز)، في حين ارتفعت عوائد السندات، بعد ارتفاع حاد في الاقتراض العام في المملكة المتحدة وقرار بنك إنجلترا بشأن أسعار الفائدة، ما كشف عن التحديات التي تواجه صانعي السياسات في موازنة النمو مع التضخم.
وقال بول ديلز، كبير الاقتصاديين البريطانيين في «كابيتال إيكونوميكس»، بأن ريفز ستضطر على الأرجح للإعلان عن تدابير مالية، معظمها زيادات ضريبية، بقيمة 28 مليار جنيه إسترليني في موازنتها، وهو ما يقترب من نحو 40 مليار جنيه إسترليني في موازنتها الأولى العام الماضي.
وقالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في «إكس تي بي»: «انخفض الجنيه الإسترليني على خلفية هذه البيانات، وهو يختبر مستوى الدعم عند 1.35 دولار، ويعد ثاني أسوأ العملات أداءً ضمن مجموعة العشرة اليوم». وانخفض الجنيه بنسبة 0.5 في المائة إلى 1.349 دولار، مسجلاً تراجعاً يقارب 1.1 في المائة خلال اليومين الماضيين، وهو أكبر انخفاض منذ 31 يوليو.
وارتفعت عوائد السندات البريطانية، حيث سجلت سندات الخزانة الطويلة الأجل لأجل 30 عاماً ارتفاعاً قدره 4.3 نقطة أساس لتصل إلى 5.547 في المائة، ما دفع علاوة أسعار الفائدة على الاقتراض طويل الأجل في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال ثلاث سنوات.
مبيعات التجزئة ترتفع 0.5 في المائة في أغسطس
وعلى صعيد استهلاك الأفراد، أظهرت البيانات الرسمية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مبيعات التجزئة البريطانية بنسبة 0.5 في المائة في أغسطس، متجاوزة التوقعات البالغة 0.3 في المائة، مدعومة بطقس مشمس، رغم تعديل نمو المبيعات في يوليو بالخفض إلى 0.5 في المائة مقارنة بالتقدير السابق البالغ 0.6 في المائة.
وأشار مكتب الإحصاء الوطني إلى أن المتاجر غير الغذائية، خصوصاً متاجر الملابس والمتاجر متعددة الأقسام، كانت الدافع الرئيسي للمبيعات، مع تحسن مبيعات المواد الغذائية أيضاً. مقارنة بالعام الماضي، ارتفعت أحجام المبيعات بنسبة 0.7 في المائة. ومع ذلك، سجلت المبيعات انخفاضاً بنسبة 0.1 في المائة في الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس، أقل حدة من الانخفاض البالغ 0.6 في المائة في الفترة المماثلة السابقة، بحسب هانا فينسلباخ، كبيرة الإحصائيين، الذي عزاه إلى ضعف أداء المتاجر غير الغذائية، بما فيها تجار التحف ودور المزادات ومتاجر التكنولوجيا، مع انخفاض مبيعات الوقود، ولم تُعوّض إلا جزئياً بالارتفاع في المتاجر الإلكترونية ومتاجر الملابس.
ويشعر العديد من الأسر بضغط التضخم الذي بلغ 3.8 في المائة الشهر الماضي، مع ارتفاع أسرع لأسعار المواد الغذائية.
في السياق نفسه، أشارت شركة أبحاث السوق «جي إف كيه» إلى انخفاض ثقة المستهلك في سبتمبر (أيلول)، محذرة من أن احتمال زيادة الضرائب في موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز في نوفمبر قد يفاقم تراجع الثقة. كما أظهرت تحديثات شركات التجزئة الكبرى، مثل «أسوشييتد بريتش فودز» (مالكة بريمارك) ومتجر ألدي، قلقها من تأثير التكهنات بشأن زيادات الضرائب على إنفاق المستهلك.
كما صرحت شركة «نيكست» لتجارة الأزياء بأنها تتوقع تباطؤ نمو المبيعات في النصف الثاني من العام، مُرجعة ذلك جزئياً إلى ضعف سوق العمل.