أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Oct-2025

رغم ضعف الموسم المطري.. زيادة النمو في القطاع الزراعي %8.6

 تشهد الزراعة الأردنية، فصلا جديدا من فصول الصمود والنهضة، بجهد المزارعين وبصيرة السياسات والتوجيهات الملكية التي آمنت بأن الأرض الأردنية قادرة على بأن تثمر برغم شح المياه وتقلب المناخ، ففي عام بدأ بموسم مطري ضعيف استطاع القطاع الزراعي، أن يحول التحدي لقصة نجاح وطنية، إذ بدأ الربع الثاني من العام الحالي بنسبة نمو 8.6 % بحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة.

 
 
وسجل القطاع العام الماضي نموا بلغ 6.9 % مقارنة بـ2023، وهو معدل يتجاوز متوسط النمو العام للاقتصاد. بينما في الربع الأخير من العام، وصل النمو لـ8.4 % على أساس سنوي في مؤشر واضح على تصاعد الأداء وتحسن الإنتاج والتسويق الزراعي خلال نهاية العام.
وانعكست الأرقام والنسب فعليا على الاقتصاد الوطني، فبلغت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي 6.9 %، وهي نسبة تمثل قيمة مضافة تقدر بـ1.7 مليار دينار، وفق تقديرات دائرة الإحصاءات.
وفي الربع الأول من العام الحالي، سجل القطاع نموا جديدا بلغ 8.1 %، مساهما بـ0.45 نقطة مئوية من أصل 2.7 % هي نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في تلك الفترة، وفي الربع الثاني بلغت نسبة النمو 8.6 %.
وأكد خبراء ومختصون لـ(بترا)، أن هذا الأداء اللافت لم يكن وليد الصدفة، ولا لتحسن الظروف المناخية، بل ثمرة رؤية إستراتيجية واستثمارات نوعية في التقنيات الزراعية الحديثة، مكنت القطاع من تجاوز تحديات شح المياه وتراجع الموسم المطري.
وقال المستشار والخبير الدولي في الأمن الغذائي د. فاضل الزعبي، إن النسبة تثير الانتباه خصوصا في ظل موسم مطري كان الأقل من العام السابق، مبينا أن الفترة الماضية شهدت توسعا ملحوظا في الاستثمارات الزراعية، سواء عبر مشاريع ري حديثة أو بيوت محمية، تعتمد على تقنيات الزراعة الذكية، ما ساعد على تعويض النقص في الموارد المائية.
وأشار إلى أن الصادرات الزراعية أدت دورا محوريا، إذ ارتفعت بنسبة واضحة مدفوعة بزيادة الطلب الإقليمي، خصوصا من أسواق الخليج، ما عزز قدرة المزارعين الأردنيين على توجيه إنتاجهم نحو أسواق ذات عائد أعلى.
وأوضح الزعبي، أن ضبط تكاليف الإنتاج وتوفير تسهيلات تمويلية للمزارعين، وظهور مبادرة دعم الشحن الجوي للمنتجات الزراعية كأداة حاسمة بتعزيز تنافسية الصادرات، مكن المزارعين من الوصول السريع لأسواق بعيدة وضمان وصول المنتجات الطازجة بجودة عالية، ما رفع من قيمتها المضافة وعزز مكانة الأردن كمصدر موثوق للمنتجات الزراعية، بالإضافة لتحسين سلاسل التوريد والتعبئة والتغليف الذي رفع من القيمة المضافة للمنتجات، ما جعلها أكثر جاذبية في الأسواق الخارجية.
وتوقع أن يستقر النمو في حدود 5–6 % إذا استمرت السياسات الداعمة والطلب الإقليمي بالوتيرة نفسها، مع إمكانية تسجيل مفاجآت إيجابية في حال توسعت الصادرات أو أدخلت تقنيات إنتاجية أكثر كفاءة.
وأشار الزعبي للتقنيات الزراعية الحديثة والمبادرات الحكومية التي كان أثرها واضحا بتحقيق هذا النمو، أكثر من أي عامل آخر، مبينا أنه برغم محدودية الموارد المائية وتراجع الموسم المطري مقارنة بالعام السابق، كان يتوقع بأن يتراجع الإنتاج، لكن إدخال أنظمة ري ذكية بالتنقيط والمراقبة الرقمية للتربة والرطوبة، مكن المزارعين من إدارة المياه بكفاءة عالية، وتوجيهها بدقة نحو المحاصيل الأكثر إنتاجية.
ونوه الزعبي، بأهمية التحول الرقمي والاعتماد على الابتكار، مؤكدا أن ما أثبتته الزراعة هو أن الاستثمار في التكنولوجيا يمكن أن يعوض عن محدودية الموارد الطبيعية، وأن السياسات الحكومية التي تدعم هذا التحول قادرة على خلق نمو مستدام حتى في بيئات صعبة، وهذا النموذج يمكن أن يحتذى به في قطاعات مثل الصناعة والطاقة المتجددة، حيث يمكن للتقنيات الحديثة أن ترفع الكفاءة وتفتح آفاقا جديدة للنمو.
ودعا لضرورة التعامل مع التحديات المستقبلية وفقا لإستراتيجيات بنيوية عميقة ومنظمة، لضمان عدم نمو القطاع كقفزة ظرفية بل مسار اقتصادي مستدام يعزز الأمن الغذائي الوطني.
وقال الزعبي إن الحل يكمن بتوسيع الاستثمار بتقنيات الري الحديثة وإعادة استخدام المياه المعالجة، والتوسع في الزراعة المحمية والرأسية والمائية، وتطوير أصناف مقاومة للجفاف والحرارة، مؤكدا ضرورة حماية الأراضي الزراعية من التوسع العمراني ودعم التحول للطاقة المتجددة والتمويل الميسر والتصنيع الزراعي المحلي لتقليل الكلف.
كما دعا لتسريع التحول الرقمي في الزراعة وتطوير البنية التحتية وسلاسل التبريد والنقل، للحفاظ على تنافسية الصادرات، موضحا أن استدامة النمو الزراعي تتطلب تكاملا بين التكنولوجيا الحديثة والسياسات الحكومية والشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان تحويل النمو الحالي إلى مسار مستدام يعزز الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
من جهته، أكد وزير الزراعة الأسبق د. رضا الخوالدة، أن الزراعة الأردنية تعيش اليوم مرحلة جديدة من النمو المدروس والمستدام، بحيث أن الحكومة وضعت الزراعة في صلب أولوياتها ضمن رؤية التحديث الاقتصادي والخطة الوطنية للزراعة المستدامة مع متابعة ملكية حثيثة ودعم مباشر من أعلى المستويات، ما يعزز ثقة المستثمرين والمزارعين ويضمن استقرار السياسات وتحفيز الاستثمار والإنتاج.
وأضاف، إن القطاع الزراعي شهد نموا ملحوظا في حجم الاستثمارات والصادرات، إذ ارتفعت قيمة الصادرات الزراعية من نحو 1.1 مليار دينار في 2023 لأكثر من 1.5 مليار دينار العام الماضي، ما يعكس زيادة الطلب الخارجي على المنتج الأردني ودوره في دعم الاقتصاد الوطني.
وأشار الخوالدة، إلى أن التوجه نحو الابتكار وتحديث الأساليب الإنتاجية بات سمة واضحة في المشهد الزراعي، عبر توظيف التقنيات الحديثة وممارسات الزراعة الذكية وتحسين نوعية البذور والمحاصيل المحلية، وتطوير أنظمة الري وتوفير المياه والتعاون البحثي مع المركز الوطني للبحوث الزراعية (NARC) والمنظمات الدولية مثل الفاو (FAO) وإيكاردا (ICARDA).
وقال إن ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين الزراعيين في الفترة الأخيرة، يعكس تحسن المردود المالي للمزارعين، ويدل على حيوية القطاع وقدرته على تحقيق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني. موضحا بأن هناك عدة مخاطر قد تبطئ من وتيرة هذا النمو، أبرزها تأثيرات التغير المناخي، وندرة الموارد المائية، وتذبذب الأوضاع المالية، وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج مثل الأسمدة والطاقة.
بدوره، أكد وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري، أن تحديات متراكمة تواجه القطاع وتستدعي وقفة جادة وتعاون شامل بين جميع الأطراف، وتتمثل بإدارة وتنظيم الإنتاج الزراعي، بحيث تعاني بعض المواسم من فائض كبير في إنتاج محاصيل معينة، يقابله ضعف في التسويق أو عدم القدرة على تصريف هذه المنتجات، ما يؤدي لخسائر مباشرة للمزارعين ويؤثر سلبا على استقرار السوق الزراعي.
وقال المصري، إن غياب التوجيه المنظم للمزارعين بشان المساحات المزروعة ونوع وكميات المحاصيل، يؤدي لاختلال واضح في التوازن بين العرض والطلب، ما يتطلب تدخلا عاجلا لتصميم آلية وطنية تشاركية تعنى بإدارة الإنتاج بشكل دقيق ومستدام.
ودعا لتشكيل هيئة تنسيقية دائمة تضم ممثلين من وزارتي: الزراعة والمياه، واتحاد المزارعين، تتولى مسؤولية توجيه الإنتاج الزراعي بما يتناسب مع احتياجات السوقين المحلي والإقليمي وتمنع حدوث الاختناقات التسويقية التي باتت تتكرر سنويا.
وبين، أنه نحتاج لإستراتيجية سنوية لإدارة الإنتاج، توضع بناء على دراسات سوقية وتقنية دقيقة، وتنفذ عبر تقنيات ذكية تعتمد على البيانات والتحليلات والتنبؤات المناخية والزراعية، لضمان العدالة بتوزيع المحاصيل على المناطق الزراعية وتحقيق الكفاءة الاقتصادية في استغلال الموارد.
وشدد على أن هذه الإستراتيجية، يجب أن تسبقها حوكمة شاملة للقطاع، على مستوى المؤسسات الرسمية أو الفاعلين في القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الحوكمة أصبحت شرطا أساسيا لنجاح أي تمويل أو دعم مستقبلي، بخاصة في ظل التحول العالمي نحو الشفافية والاستدامة في الاستثمار، وذلك عبر الأدوات الحديثة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي الذي سيساعد بضبط العمليات الإنتاجية والتسويقية وتوفير بيانات لحظية لاتخاذ القرار المبني على الواقع.
وقال المصري، إن الحكومة بالتعاون مع خبراء الزراعة ومؤسسات التمويل، تسير بخطى واضحة نحو إيجاد حلول مبتكرة وجذرية لهذه التحديات، داعيا إلى ضرورة إشراك الشباب والرياديين في هذا التحول من خلال دعم الأفكار الزراعية الذكية وتحفيز الابتكار في الإنتاج والتصنيع الغذائي والتسويق، لتكون الزراعة الأردنية نموذجا في التكيف مع المتغيرات وتحقيق الأمن الغذائي المستدام.-(بترا)