أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Sep-2025

الفائدة وتحديات الطلب العالمي*لما جمال العبسه

 الدستور

في أعقاب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مؤخرا بخفض سعر الفائدة بنسبة 0.25%، دخلت أسواق النفط العالمية مرحلة دقيقة من التذبذب، تكشف عن هشاشة التوازن بين العوامل النقدية والاقتصادية والجيوسياسية، بينما يُفترض نظريا أن خفض الفائدة يدعم أسعار النفط عبر تحفيز النمو وزيادة الطلب وسط مؤشرات تباطؤ في سوق العمل ، فإن الواقع يروي قصة أكثر تعقيدا، حيث استجابت أسواق النفط والذهب لهذا القرار بشكل متباين ولوقت محدود، وبرزت تساؤلات حول مستقبل السياسات النقدية وتأثيرها على الاسواق بشكل عام، الامر الذي تطلب قراءة متعددة الأبعاد.
عند متابعتنا للاسواق عقب قرار الفيدرالي الامريكي بتخفيض اسعار الفائدة، حدث ان ارتفعت اسعار النفط بشكل طفيف وهذا لم يكن سوى رد فعل أولي، سرعان ما اصطدم بجدار من البيانات السلبية، فمخزونات نواتج التقطير ارتفعت بشكل غير متوقع وبلغت 4 ملايين برميل، في حين تراجعت واردات النفط الخام، ما يعكس ضعفا في الطلب الصناعي والتجاري داخل الولايات المتحدة، ومن جانب اخر لم يكن قرار تخفيض سعر الفائدة الحافز للاسواق الاسيوية لتحفيز نشاطها الاقتصادي، هذه المؤشرات، إلى جانب تباطؤ النمو في الصين وأوروبا، تضع علامات استفهام حول قدرة الأسواق على امتصاص الفائض الحالي من الانتاج.
اما الاسواق الاخرى، فان خفض الفائدة عادةً ما يؤدي إلى تراجع الدولار، مما يدعم أسعار السلع المقومة به، وعلى رأسها النفط، لكن المفارقة أن الدولار ارتفع بعد القرار، مدفوعًا بتوقعات الأسواق بأن الفيدرالي قد يتجه إلى دورة خفض محدودة لا تكفي لتحفيز النمو الحقيقي، هذا الارتفاع في الدولار ضغط على أسعار النفط، وأعاد تسليط الضوء على هشاشة العلاقة بين السياسة النقدية وأسواق الطاقة.
اما الذهب فقد شهد تقلبات حادة، فبعد أن سجل مستويات قياسية مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية وزيادة مشتريات البنوك المركزية، تراجع قليلًا عقب قرار الفيدرالي، متأثرا بارتفاع الدولار الأمريكي، ومع ذلك، فإنه لا يزال يحافظ على مكاسب سنوية قوية، بلغت نحو 39% منذ بداية العام، مما يعكس استمرار دوره كملاذ آمن في ظل الضبابية الاقتصادية.
هذه الحالة التي نشهدها اليوم هي تعاكس النظريات المطبقة على ارض الواقع، فخفض الفائدة عادة ما يؤدي إلى ضعف الدولار، مما يدعم أسعار السلع المقومة بالدولار مثل الذهب والنفط، لكن في هذه الحالة، ارتفع الدولار بشكل مفاجئ، مما ضغط على الذهب وتراجع النفط، وهذا الامر غريب جدا.
وبناء على ما تقدم نجد بان النفط الان يواجه يواجه تحديات هيكلية تتعلق بفائض المعروض وضعف الطلب، رغم الدعم النقدي، اما الذهب فيعتبر المستفيد من التوترات العالمية وسياسات التيسير، لكنه حساس لتحركات الدولار، فيما اصبحت السياسات النقدية أكثر مرونة، لكن فعاليتها في تحفيز النمو لا تزال محل اختبار.
ان التحليل العميق لأسواق النفط لا يقتصر على تتبع الأسعار والمؤشرات، بل يتطلب فهما لسلوك اللاعبين الكبار من سياسات أوبك+، إلى تحركات شركات الطاقة العملاقة، وصولًا إلى تأثير التحول نحو الطاقة النظيفة، فكل قرار نقدي أو جيوسياسي بات يُترجم فورا في الأسواق، مما يجعل من النفط سلعة لا تُقاس فقط بالبرميل، بل بالثقة والاتجاهات المستقبلية.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الأسواق دخلت مرحلة جديدة من التذبذب، حيث لم تعد القرارات النقدية وحدها كافية لضبط الإيقاع، بل باتت الحاجة ماسة إلى تنسيق أوسع بين السياسات المالية والاقتصادية لضمان استقرار الأسواق.