أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-Sep-2025

إستراتيجية ثلاثية يمكنها المساعدة بجذب الاستثمار الأجنبي

 الغد- آمات أداروف، هايلي بالان

 
 
يؤدي الاستثمار الأجنبي المباشر دوراً حيوياً في الاقتصاد العالمي، حيث بلغ متوسط تدفقاته على مستوى العالم نحو تريليوني دولار سنويًا خلال العقد الماضي، تم توجيه ما يقرب نصفها إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في السنوات الأخيرة.
 
 
وتُعد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر مصدرًا مهمًا لرأس المال الخاص، لا سيما للبلدان التي تعاني من ندرة الموارد المحلية لرأس المال. كما يُعد رأس المال الخارجي بالغ الأهمية لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية للمساعدة في سد الفجوات الاستثمارية لديها؛ فوفقًا لبعض التقديرات، تحتاج هذه الاقتصادات إلى استثمار ما لا يقل عن 1.4 % إضافية من إجمالي الناتج المحلي حتى عام 2030 للتصدي لتغير المناخ والتحول في مجال الطاقة فقط. وتتجاوز الآثار الإيجابية للاستثمار الأجنبي المباشر مجرد توفير رأس المال الخاص، إذ يمكن للاستثمار الأجنبي المباشر أن يحفز الآثار غير المباشرة للتكنولوجيا، وأن يسهم في توفير وظائف جديدة، ويعزز مكاسب الإنتاجية، ويساعد الاقتصادات المتلقية للاستثمارات على الاندماج في شبكات الإنتاج العالمية.
وسجلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر اتجاهاً تنازلياً منذ الأزمة المالية العالمية في عامي 2008-2009. وفي المتوسط، تراجعت هذه التدفقات إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إلى نحو 2 % من إجمالي ناتجها المحلي خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يمثل أقل من نصف مستواها عند ذروته في عام 2008. وكان هذا الانخفاض واسع النطاق، حيث تراجعت نسب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إجمالي الناتج المحلي في نحو 60 % من هذه الاقتصادات.
استمرار ضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 
أسهمت العوامل العالمية والمحلية في تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وترتبط هذه التدفقات ارتباطاً إيجابياً بنمو الناتج والتجارة الدولية. ومن ناحية أخرى، يرتبط تفتت النظام التجاري وارتفاع التعريفات الجمركية بضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. 
وأدت موجات الركود العالمي التي نجمت عن الأزمة المالية في الفترة 2007-2009 وجائحة كورونا إلى تفاقم الأوضاع، حيث ترافق الانخفاض الحاد في معدلات النمو مع تدهور معنويات المستثمرين وزيادة الضغوط على الميزانيات العمومية للشركات، مما حد من قدرتها على تمويل مشاريع الاستثمار وتراجع تدفقات رؤوس الأموال عبر الحدود. وفي الآونة الأخيرة، تفاقم الضعف في الجوانب الاقتصادية الكلية نتيجة تصاعد التوترات التجارية وما يرتبط بها من تفتت جيوسياسي ومخاطر، مما أثر بشكل كبير على ثقة المستثمرين في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
وشهدت معدلات نمو التجارة العالمية تراجعاً كبير في الفترة 2020-2024، لتصل إلى أبطأ وتيرة منذ عام 2000. كما انخفض عدد اتفاقيات التجارة والاستثمار الجديدة المنفذة بشكل كبير، في حين بلغت حالة عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية أعلى مستوياتها منذ مطلع القرن الحالي. ومع توقع بقاء إجمالي الناتج المحلي العالمي دون متوسط ما قبل الجائحة على المدى المتوسط، واستمرار عرقلة التجارة العالمية نتيجة التوترات التجارية، من المرجح أن تظل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ضعيفة.
أولويات السياسات الخاصة باقتصادات الأسواق الصاعدة 
في ضوء هذه التوقعات، يتعين على واضعي السياسات في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية اعتماد إستراتيجية ثلاثية المحاور تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعظيم منافعه، وتعزيز التعاون العالمي لدعم تدفقاته. وعلى الرغم من أن السياسات المحددة تعتمد على ظروف كل بلد على حدة، فإن الأولويات العامة لجميع اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تشمل إصلاحات تهدف إلى تهيئة بيئة استثمار مواتية، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وتقوية المؤسسات، وتنمية رأس المال البشري، وزيادة الخدمات المالية، بالإضافة إلى الحد من النشاط الاقتصادي غير الرسمي. وتُعد هذه العوامل ذات أهمية خاصة في تسهيل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتعظيم منافعها. ومع ذلك، تتخلف اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بشكل ملحوظ عن الاقتصادات المتقدمة في العديد من هذه الجوانب، لا سيما في المؤسسات التي تلعب دوراً حيوياً في تعزيز مناخ استثماري قوي. علاوة على ذلك، يُعد تقليص الحواجز أمام التجارة والاستثمار الدوليين ــــــ التي ما تزال مرتفعة في العديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ـــــ بما في ذلك من خلال معاهدات الاستثمار، أمرًا مهمًا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وتتزايد أهمية هذه السياسات في ظل ما تواجهه اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من تصاعد الانقسام والتجزؤ الاقتصادي عالمياً. وتُعد السياسات التي تعزز التعاون الدولي لدعم نظام دولي قائم على القواعد في مجالي الاستثمار والتجارة، وتوجيه الاستثمار الأجنبي المباشر نحو البلدان التي تعاني من أكبر الفجوات في الاستثمار، وتقديم المساعدة الفنية والمالية للإصلاحات الهيكلية الضرورية، من الأمور الجوهرية على الصعيد العالمي.
 
* آمات أداروف كبير الاقتصاديين في مجموعة بحوث التنمية بالبنك الدولي. هايلي بالان خبيرة اقتصادية في مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدولي.