أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-Jun-2025

كيف يقود الذكاء الاصطناعي أمننا المائي؟

 الغد-إيمان الفارس

 في عالم يتسارع فيه استنزاف الموارد، كما هو على أشده في الأردن، وتزداد فيه التحديات البيئية تعقيدا، تُفتح نوافذ أمل عن طريق التكنولوجيا.
 
 
فمع اشتداد أزمات المياه العالمية، لم تعد الحلول التقليدية كافية، بل باتت الانتقال من "إدارة المياه" لـ"هندسة المعرفة المائية" التي توفّرها تقنيات القياس الذكي والذكاء الاصطناعي، ملحا.
التحول الرقمي لم يعد خيارا
مؤخرًا، أصدرت مؤسسة أبحاث المياه الدولية، تقرير "اتجاهات القياس الذكي العالمية"، حصلت "الغد" على نسخة منه، وهو مبني على استطلاع جرى العام الماضي، شمل 55 مرفق مياه في 22 دولة، لسبر أعماق التحول الرقمي في قطاع المياه، باستعراض المحفزات والمعيقات وفرص الاستثمار في تقنيات القياس الذكي.
ويظهر الأردن في الصدارة بالإقليم، إزاء التحول المرتبط بالذكاء الاصطناعي كرافعة إستراتيجية للأمن المائي، ويبرز بوصفه دولة أدركت مبكرًا بأن التحول الرقمي في القطاع لم يعد خيارًا، بل ضرورة إستراتيجية.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لوزارة المياه والري د. جهاد المحاميد، في تصريحات لـ"الغد"، أن الذكاء الاصطناعي يشكّل ركيزة أساسية في السياسة المائية الوطنية.
ففي ظل ندرة المياه والتحديات المناخية المتسارعة، يُعد الذكاء الاصطناعي أداة إستراتيجية لتعزيز الأمن المائي بالأردن، سيما وأن التقارير لم تشر فقط لتحسين كفاءة العمليات، بل وترتبط بمنظومة ذكية قادرة على التنبؤ بالمخاطر، واتخاذ قرارات في الوقت المناسب.
التنبؤ بالطلب المائي
وكشف المحاميد عن مبادرات تقودها وزارة المياه عبر وحدة الأبحاث والابتكار المائية، بالشراكة مع جامعات ومراكز بحثية محلية ودولية، تستهدف استخدام الذكاء الاصطناعي في: التنبؤ بالطلب المائي وتوزيعه زمنياً وجغرافيا، والكشف المبكر عن التسربات وتحليل أنماطها، وتحسين نظم الري في الزراعة الذكية، ودعم اتخاذ القرار خلال الجفاف والطوارئ، وتحليل جودة المياه آنيا.
وأوضح، أن هذه الجهود تأتي ضمن الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي للأعوام 2023 – 2027، والتي تضع قطاعي البيئة والمياه على رأس أولوياتها، بدعم من مؤسسات دولية، كالوكالة اليابانية للتعاون الدولي والـ (UNESCO). والتحول الرقمي في قطاع المياه لا يحدث عبر توريد المعدات فقط، بل عبر إعادة هيكلة المنظومة الإدارية والفنية والتشريعية، إذ يتطلب الأمر إرادة سياسية، واستثمارا في رأس المال البشري، وتعزيز الوعي العام حول أهمية البيانات بإدارة المورد الأهم على الإطلاق؛ وهو المياه.
نجاح التجربة الأردنية
وفي ظل هذا الواقع، يصبح نجاح التجربة الأردنية مرهونا بقدرتها على تحقيق التكامل بين البُعدين التقني والمؤسسي، بحيث لا تبقى التكنولوجيا معلقة في الفراغ، بل متجذّرة في واقع مائي قابل للتطوير والتحديث.
ويرتكز تقرير "أبحاث المياه"، ومعه الرؤية الأردنية التي سلط المحاميد الضوء عليها، على أن مستقبل المياه لا يُبنى فقط على السدود والأنابيب، بل على الخوارزميات والبيانات، والقرارات المستندة على نماذج ذكية. ففي زمن تتداخل فيه الأزمات البيئية مع التحديات الاقتصادية، فإن الذكاء الاصطناعي والقياس الذكي ليسا ترفًا تقنيًا، بل جوهرًا لأمن مائي مستدام.
وبحسب نتائج التقرير ذاته، فإن دوافع اعتماد المرافق لتقنيات القياس الذكي، تتركز في ثلاثية واضحة هي: تحسين الكفاءة التشغيلية، الحد من الفواقد، وتحقيق الشفافية في الفوترة، غير أن هذا التحول ليس بلا ثمن.
ضعف البنية التحتية الرقمية 
ورصد التقرير تحديات، أبرزها ضعف البنية التحتية الرقمية لدى عدة مرافق، وارتفاع الكلفة الرأسمالية الأولية للأنظمة الذكية، ومحدودية الكفاءات الفنية لإدارة التقنيات، إذ يلاحظ أن الدول التي خصصت أطرا تشريعية واضحة وخططا متدرجة للتحول الرقمي، أحرزت تقدما ملحوظًا بدمج القياس الذكي ضمن منظوماتها التشغيلية، مقارنة بدول أخرى ما تزال تسير في مراحلها الأولى.
ولا يقف مفهوم "المياه الذكية" عند مجرد عدّادات رقمية، فوفق مؤسسة الأبحاث، ثمة تحول عميق في كيفية إنتاج المياه، وتوزيعها، وتحليلها، ومعالجة الصرف الصحي.
وعن التقنيات الجديدة، فإنها تتيح لمشغلي المرافق مراقبة جودة المياه وتحليلها لحظيا، وتحديد مواقع الأعطال والتسربات آنيا، وإدارة المخزون والضغط بفعالية، وتصميم جداول صيانة استباقية، لكن المعضلة الكبرى تكمن في القدرة على تسخير البيانات وتحويلها لقرارات فاعلة، وهنا يدخل الذكاء الاصطناعي على الخط، ليس فقط كأداة تشغيل، بل كمنظومة اتخاذ قرار.