أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Aug-2025

في "آب اللهاب".. من يحمي الأردنيين من العطش؟

 الغد-إيمان الفارس

 في ظلّ موجة حر شديدة، يتصدر آب (أغسطس)، المشهد المناخي في الأردن، حاملا معه جملة تحديات مائية وبيئية واقتصادية، أبرزها الضغط المتزايد على قطاع المياه الذي بات يواجه صيفا هو "الأصعب" في تاريخ المملكة، بحسب تأكيدات رسمية.
 
 
ففي بلد يعاني من فقر مائي مزمن، وارتفاع مطرد في درجات الحرارة صيفا، يعد "آب اللهاب" اختبارا حقيقيا لقدرة الأردن على التكيف مع الواقع المناخي الجديد. وبينما تعمل المؤسسات الرسمية بأقصى طاقاتها، تظل الحاجة ماسة لتكامل جهود الدولة والمواطنين للحد من الهدر، وتعزيز الاستخدام المستدام لهذا المورد الحيوي.
 
فما يشهده الأردن حاليا، ليس مجرد موجة حر عابرة، بل جزء من ظاهرة أوسع ترتبط بالتغيرات المناخية العالمية، التي باتت تؤثر بوضوح على أنماط الطقس، ومواسم الأمطار، ومصادر المياه الجوفية.
ويتوقع، بحسب تقارير علمية متخصصة في المياه، بأن تزداد فترات الجفاف، وتتراجع كميات الهطل المطري في السنوات المقبلة، ما يستدعي تبني استراتيجيات وطنية للمياه والطاقة، تأخذ بالاعتبار سيناريوهات المناخ المتغيرة.
وقد شهدت المملكة منذ مطلع الأسبوع الحالي، ارتفاعا حادا في الحرارة، مسجلة في مناطق كالأزرق 46 درجة مئوية، والصفاوي 44.6، بينما بلغت في مطار ماركا شرق عمّان 41.2 درجة، وفق مدير إدارة الأرصاد الجوية رائد آل خطاب.
وأضاف آل خطاب، في تصريحات صحفية، أن آب (أغسطس)، الذي يحمل لقب "آب اللهاب"، ليس غريبا عليه أن يكون بين الأشد حرارة في العام، وإن كانت الموجة الحالية "ليست غير مسبوقة"، فقد شهد الأردن موجات أشد في الشهر ذاته من العام 2023، وامتدت لأكثر من 14 يوما، مشيرا إلى أن الموجة الحارة الحالية مستمرة في الارتفاع، ويتوقع بأن ينحسر تأثيرها الجمعة المقبلة.
هذا الارتفاع المتسارع في درجات الحرارة، والمترافق مع موسم مطري ضعيف وتخزين متواضع في السدود، أقل من 50 % من طاقتها، دفع بقطاع المياه إلى حالة من الاستنفار، وفق ما أكده الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة في تصريحاته الصحفية الأخيرة.
وقال سلامة إن العجز المائي الصيف الحالي بلغ نحو 40 مليون م3، في وقت تعمل فيه المصادر المائية بكامل طاقتها.
من جهتها، تضخ شركة مياه الأردن "مياهنا" حاليا 650 ألف م3 يوميا لعمّان، وهي الطاقة القصوى المتاحة من مصادرها الرئيسة؛ ومحطة زي، مياه الزارة – ماعين، ومشروع الديسي، والمصادر الداخلية الأخرى، بحسب تصريحات مصدر حكومي لـ"الغد".
وبرغم ذلك، فإن التحديات لا تتوقف، وشبكة التوزيع تواجه ضغطا متزايدا، ما يستدعي، وفق الأمين العام الأسبق لسلطة المياه توفيق الحباشنة، في تصريحات لـ"الغد"، "جهودا ميدانية مستمرة من الفرق الفنية لضمان وصول المياه بعدالة، والحد من الاعتداءات على الشبكات، لبناء الثقة مع المواطنين".
وشدد الحباشنة على أهمية الجاهزية الميدانية في التعامل مع الظروف الجوية القاسية، وارتفاع درجات الحرارة، مؤكدا أن هذه التحديات تتطلب عملا دائما ومتابعة حثيثة من قبل الفرق الفنية العاملة على الأرض.
وقال الحباشنة، إن "المرحلة الحالية تتطلب وجودا ميدانيا مستمرا للكوادر الفنية لمراقبة وتوزيع المياه في مختلف المناطق، بما يضمن تعزيز مصداقية الجهات المعنية أمام المواطنين، وترسيخ الثقة عبر الأداء العملي على الأرض، برغم ما يواجه القطاع المائي من تحديات".
وأشار لضرورة تكثيف الجهود، للحد من الاعتداءات على شبكات المياه التي تشكل عبئا إضافيا في ظل الضغط المتزايد على الموارد المائية، لافتا إلى أن هذا الجانب، لا يقل أهمية عن تحسين الكفاءة التشغيلية خلال فترات الضغط المناخي، كموجات الحر التي تضرب المملكة صيفا، بخاصة في "آب اللهاب".
ومع ارتفاع الحرارة، يرتفع الطلب على نحو كبير، بخاصة في المدن الكبرى، ما يضاعف العبء على الوزارة التي أكدت التزامها بتقسيم المياه بعدالة بين المشتركين، داعية لترشيد الاستهلاك. وبرغم الضغط، أكد سلامة أن معدل شكاوى انقطاع المياه، كان أقل من السنوات الماضية، ما يعكس نوعا من التحسن في كفاءة الإدارة، برغم التحديات.
وأضاف، إن صيف هذا العام، الأصعب في تاريخ قطاع المياه بالأردن، عازيا ذلك للارتفاع الكبير في الطلب على المياه منذ بداية الصيف، في ظل ما وصفه بـ"موسم مطري ضعيف"، أدى لتخزين مائي متواضع في السدود لم يتجاوز الـ50 % من قدرتها الاستيعابية، ما شكّل ضغطا هائلا على أنظمة التزود المائي.
وأوضح سلامة أن العجز في كميات المياه في الصيف الحالي بلغ 40 مليون م3، موزعة على مناطق المملكة، مشيرا إلى أن الوزارة استنفرت مصادرها المائية لتعمل بأقصى طاقتها الممكنة، لمواجهة هذا النقص الكبير.
وأشار إلى أن خط مياه الديسي، يعمل بكامل طاقته التشغيلية، كما أن بقية المصادر المائية في المحافظات، جرى تشغيلها بأعلى كفاءة ممكنة، مؤكدا أنه لا تتوافر لدى الوزارة أي خيارات مائية إضافية حالية، يمكن الاعتماد عليها لزيادة كميات الضخ، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه المنظومة المائية.
ولفت سلامة، إلى أن الوزارة تلتزم بتوزيع المياه وفق الكميات المتاحة، عبر تطبيق نظام أدوار منظم يراعي العدالة بين المشتركين. مضيفا "نحن ملتزمون بأوقات الدور، ونحرص على تزويد المشتركين بكميات متوازنة وعادلة"، داعيا المواطنين للتعاون مع الوزارة بعدم هدر المياه وترشيد الاستهلاك، بخاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع.
وأكد أن الوزارة وفّرت كميات كافية من مياه الري للمزارعين، بما في ذلك مزارع النخيل، مشددا على أن كامل احتياجات هذا القطاع لبيت، مبينا بأن الزراعة تستهلك 50 % من كميات المياه المتاحة في المملكة، بينما يخصص النصف الآخر للاستخدامات المنزلية، ما يبرز أهمية الموازنة الدقيقة بين القطاعات لضمان استدامة الموارد.
وفي تصريحات سابقة أيضا لوزير المياه والري م. رائد أبو السعود، أكد أن الأردن يواجه تحديات كبيرة في ملف المياه، خاصة وأن حصة الفرد السنوية لا تتجاوز 60 م3، وهي من أدنى الحصص عالميا، ما يجعل الأردن فعليا أفقر دولة مائيا في العالم.
وقال أبو السعود حينها، إن الوزارة تعمل على مسارين متوازيين لضمان الأمن المائي؛ الأول هو تنفيذ مشروع الناقل الوطني، والثاني هو خفض الفاقد وتحسين كفاءة الشبكات باستخدام التقنيات الحديثة.
وتتقاطع خلال الموسم الصيفي، التحديات المناخية، وسط أزمات إقليمية وضغوط اقتصادية داخلية، وأخرى معيشية متصاعدة.
ومع ارتفاع كبير في الطلب على المياه نتيجة ارتفاع قياسي متوقع في درجات الحرارة، يبرز السؤال الأكثر إلحاحا حول آلية مواجهة الأردن هذا الموسم بدون تفاقم للأزمات اليومية للمواطن.
وعلى صعيد القطاع المائي، فإن الاستعدادات يجب أن تكون بحجم ثقل التحديات المتوقعة، وصولا لعبور صيف آمن وبأقل الأضرار، وهو ما أكد ضرورته خبراء في قطاع المياه.
وفي هذا السياق، أشار مختصون في القطاع المائي، في وقت سابق، لأهمية المضي وفق خطة طوارئ خلال أشهر أيار (مايو) وحتى نهاية أيلول (سبتمبر)، توازيا وضرورة أن تتضمن حزمة إجراءات فنية ومالية وإدارية ضمن الإمكانات المالية المتاحة ومخصصات الموازنة الخاصة لقطاع المياه والبالغة نحو 850 مليون دينار للعام 2025 والتي تشكّل 6 % من إجمالي النفقات العامة.
ودعوا لضرورة أن تحاكي هذه الخطة مجموعة من سيناريوهات التعامل مع مستجدات الطلب على المياه في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة السياحة، وعودة المغتربين، وجفاف الينابيع التي تعتبر مصدرا مائيا أساسيا في بعض المحافظات بنسب وصلت إلى 50 %.
كما نادوا بضرورة التغلب على صيف مائي صعب، لافتين لأن ذلك يتطلب مزيجا من التدخلات الفورية والتخطيط الإستراتيجي طويل الأمد، بمشاركة جميع الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، والمواطنين أنفسهم.