أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Oct-2025

وظائف المستقبل*المحامي معن عبد اللطيف العواملة

 الدستور

تمر أسواق العمل العالمية بتحولات جذرية مدفوعة بتوجهات كبرى تعيد تشكيل مفاهيم العمل والمهن. خلال العقود القليلة القادمة، لن تكون بيئات العمل امتدادا للنماذج الحالية، بل ستتحول ديناميكيا حيث تتفاعل التقنيات الحديثة مع القدرات البشرية لابتكار اشكال متجددة في كافة المجالات العمل.
و بحسب تقارية دولية، فأن اكثر من 60% من الوظائف الحالية ستشهد اعادة هيكلة كاملة. وهنا يؤكد الخبراء على أن الاقتصادات المستقبلية ستعتمد على تحقيق التوازن ما بين الذكاء الاصطناعي والقدرات الانسانية، وهو ما سيؤسس لمستقبل عماده التعاون والموائمة ما بين الإنسان والبرمجيات، وليس التنافس.
لا شك ان المحرك الرئيسي لهذه التغيرات هي الأتمتة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. وستؤثر هذه التطورات على مئات الملايين من الوظائف في جميع أنحاء العالم. وستكون المهن المعتمدة على المهام الروتينية معرضة بشكل اكبر للتغيير. وهناك وظائف كثيرة لن تلغيها الأتمتة، بل ستغير طبيعتها بشكل ملحوظ ومستمر بحسب التفاعل مع الادوات الذكية. وهذا يتطلب من الدول والمؤسسات الاستثمار من اليوم في إعادة صقل المهارات بدلاً من إلغاء الوظائف.
و هناك ايضا العديد من المهن الحالية والجديدة التي سوف يدعمها الذكاء الاصطناعي ويعزز من اهميتها وحيويتها، ومنها مدرب ومدقق الذكاء الاصطناعي، واخصائي اخلاقيات المهن، ومهندس الطاقة المتجددة، وخبراء البيئة والمناخ والامن السيبراني وعلوم البيانات، اضافة الى مهن الرعاية الصحية والوظائف الابداعية، وغيرها الكثير من المهن المستجدة.  
كل ما سبق يتطلب إعادة التفكير وبشكل جدي وجذري في أنظمة التعليم والتدريب. وهنا لا بد من التركيز على ثقافة التعلم مدى الحياة، ومهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات والقدرة على التكيف، والتعاون من خلال المجموعات والشبكات. ويحذر الخبراء من ان تفاوت القدرة لدى الناس في الحصول على تعليم متطور اليوم، سيؤدي مستقبلا الى خلق فجوات معرفية شاسعة بين فئات المجتمع مما سيعني تفاقم التفاوت الاجتماعي والاقتصادي وما لذلك من تداعيات خطيرة على الدول.
    ولذلك فان المقترحات للحكومات تركز اليوم على اهمية الاستثمار في رأس المال البشري، وتحديث الانظمة التعليمية حتى تصبح محركات للابتكار وريادة الأعمال، وليس فقط مراكز لنقل المعرفة التقليدية، ويشمل ذلك تعليم الطفولة المبكرة والتدريب المهني والمؤسسي المستمر.
في المحصلة نقول إن مستقبل الوظائف ليس محسوما من الان، بل هو نتيجة للقرارات التي تتخذها اليوم الحكومات والمؤسسات وكذلك الافراد.هدفنا لا يجب ان يكون مجرد مواكبة التكنولوجيا والتأقلم معها، بل تسخيرها بديناميكية لخدمة البشرية لتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة في ان معا. واحجار الاساس هنا هي التعليم ثم التعليم ثم التعليم.