بكين: «الشرق الأوسط»
فتحت الصين سوق خيارات الأسهم المستقبلية للمستثمرين الأجانب، يوم الثلاثاء، فيما تُكثّف بكين جهودها لزيادة جاذبية أصول اليوان. ويأتي هذا الإعلان من بورصة شنغهاي عقب إجراءات لجذب المستثمرين العالميين إلى سوق السندات الصينية، وتعزيز الاستخدام الدولي لليوان الصيني.
وأعلنت بورصة شنغهاي أنه سيُسمح للمستثمرين المؤسسيين الأجانب المؤهلين بتداول الخيارات لأغراض التحوّط، ويمكنهم تقديم الطلبات فوراً. ويمنح خيار الأسهم الحق - وليس الالتزام - بشراء أو بيع سهم بسعر مُحدّد مُسبقاً في وقتٍ مُستقبلي. وقد يُتيح هذا التحرير للمستثمرين الأجانب أداةً ضروريةً للغاية للتحوّط من المخاطر في سوق الأسهم الصينية التي تبلغ قيمتها 100 تريليون يوان (14.05 تريليون دولار).
وتشهد الأسهم الصينية ارتفاعاً ملحوظاً، مدعومةً بدعم السياسات والثقة المُتنامية في الابتكار الصيني. وحالياً، يتم تداول خمسة منتجات خيارات في بورصة شنغهاي، بالاعتماد على صناديق المؤشرات المتداولة. وتكثف الجهات التنظيمية المالية في الصين جهودها لجذب المستثمرين الأجانب، حيث أضعفت الحرب التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترمب وسياساته المتقلبة جاذبية الأصول الدولارية.
وفي الأسبوع الماضي، وسّعت الصين نطاق الوصول الأجنبي إلى سوق إعادة شراء السندات، ورفعت الحد الأقصى اليومي للتداول الصافي في نظام «سواب كونكت» العابر للحدود. كما كشفت السلطات عن خطط لتعزيز أعمال اليوان الخارجية في هونغ كونغ، وافتتحت مركز عمليات في شنغهاي لتعزيز التبني العالمي لليوان الرقمي للبنك المركزي.
• انكماش جديد للصناعات
وفي شأن آخر، أظهر مسح رسمي، يوم الثلاثاء، انكماش نشاط الصناعات التحويلية في الصين للشهر السادس على التوالي في سبتمبر (أيلول)، مما يشير إلى أن المنتجين ينتظرون مزيداً من التحفيز لتعزيز الطلب المحلي، بالإضافة إلى وضوح بشأن اتفاقية التجارة مع الولايات المتحدة.وارتفع مؤشر مديري المشتريات الرسمي إلى 49.8 نقطة في سبتمبر مقابل 49.4 نقطة في أغسطس (آب)، وهو مستوى أقل من مستوى 50 الذي يفصل النمو عن الانكماش، ولكنه يتجاوز متوسط التوقعات البالغ 49.6 في استطلاع أجرته «رويترز».
ويؤكد الركود المطول الضغوط المزدوجة على الاقتصاد الصيني، فقد فشل الطلب المحلي في تحقيق انتعاش مستدام في السنوات التي أعقبت الجائحة، بينما ضغطت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على المصانع الصينية، وكذلك على الشركات الأجنبية التي تشتري المكونات. وعلى الرغم من ذلك، أظهر مسح منفصل للقطاع الخاص لمديري المصانع أسرع توسع منذ مارس (آذار)، مدعوماً بارتفاع الطلبات الجديدة وتسارع نمو الإنتاج، بما في ذلك ارتفاع طفيف في طلبات التصدير الجديدة.
ويغطي المسحان مجموعتين مختلفتين من المنتجين، حيث ركز المكتب الوطني للإحصاء بشكل أكبر على الشركات الكبيرة والمتوسطة التي تركز على المبيعات المحلية، بينما شمل مؤشر مديري المشتريات العام لشركة «راتينغ دوغ» الذي جمعته شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، والذي بلغ 51.2 نقطة مرتفعاً من 50.5 نقطة في أغسطس، حصة أكبر من الشركات الخاصة الموجهة نحو التصدير.
وقال شو تيانشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميست إنتليجينس»، في إشارة إلى الرقم الرئيسي الرسمي لمؤشر مديري المشتريات: «يعكس هذا الانتعاش انتعاشاً موسمياً مع تجاوز اضطرابات الصيف وزيادة دعم الحكومة». وأضاف أن الزخم الاقتصادي الصيني يتميز بتقلبات، اشتملت على ربع أول قوي نتيجة التحفيز المبكر، وتباطؤ في منتصف العام، يليه انتعاش في الربع الرابع مع تكثيف الحكومة لإجراءات الدعم لتحقيق أهداف النمو.
• غموض اتفاقية التجارة الأميركية
أطلق صانعو السياسات سلسلة من إعانات القروض الاستهلاكية في منتصف أغسطس، وهو قرارٌ أكدته بيانات منفصلة لإنتاج المصانع ومبيعات التجزئة لهذا الشهر، والتي شهدت أضعف نمو لها في 12 شهراً. وصرح بان جونغ شنغ، محافظ بنك الشعب الصيني (المركزي)، الأسبوع الماضي بأن مجموعة من أدوات السياسة النقدية لدعم الاقتصاد لا تزال متاحة، لكنه امتنع عن اتباع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، حيث توقع بعض الاقتصاديين أن البنك المركزي قد يفعل ذلك.
وعلى الرغم من المؤشرات على أن الاقتصاد البالغ 19 تريليون دولار يفقد زخمه، يبدو أن السلطات ليست في عجلة من أمرها لطرح تدابير تحفيزية رئيسية، بالنظر إلى مرونة الصادرات وارتفاع سوق الأسهم، وفقاً لمراقبي السوق. ومما زاد مؤشرات التباطؤ، انخفاض مؤشر مديري المشتريات الرسمي للقطاعات غير الصناعية، والذي يشمل الخدمات والبناء، إلى 50.0 نقطة من 50.3 في أغسطس، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، وهي أسوأ قراءة له منذ نوفمبر (تشرين الثاني). بلغ مؤشر مديري المشتريات المركب للقطاعين الصناعي وغير الصناعي الصادر عن المكتب الوطني للإحصاء 50.6 نقطة في سبتمبر، مقارنةً بـ 50.5 نقطة في أغسطس.
وانكمش المؤشر الفرعي لطلبات التصدير الجديدة للشهر السابع عشر على التوالي، بينما ظلّ التوظيف وأسعار بوابة المصنع في حالة ركود. وتشير البيانات إلى قيام المنتجين بخفض الأسعار لإيجاد مشترين في الخارج، على الرغم من أن صادرات الصين إلى منافستها الإقليمية الهند بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق في أغسطس، وفقاً لبيانات الجمارك، وأن الشحنات إلى أفريقيا وجنوب شرق آسيا في طريقها لتحقيق أرقام قياسية سنوية. لكن لا توجد دولة أخرى تقترب من القوة الاستهلاكية للولايات المتحدة، حيث يبيع المنتجون الصينيون سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً، وهو ما يمثل حوالي 14 في المائة من إجمالي الصادرات.
واتصل الزعيم الصيني شي جينبينغ هاتفياً بترمب في 19 سبتمبر لأول مرة منذ ثلاثة أشهر، وبينما بدا أن المكالمة قد خففت من حدة التوترات، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت قد أسفرت عن الاتفاق المتوقع بشأن تطبيق الفيديو القصير الشهير «تيك توك»، والذي يعده المحللون مفتاحاً لصفقة تجارية أوسع. ويبدو أن الخلافات حول التفاصيل الفنية تُلقي بظلالها على المفاوضات، فقد اجتمع مسؤولو التجارة الصينيون والأميركيون مجدداً يوم الخميس الماضي لإعادة النظر في القضايا التي نوقشت في المحادثات قبل قمة مدريد هذا الشهر، والتي تم خلالها التوصل إلى اتفاق إطاري بشأن «تيك توك».