الغد-إيمان الفارس
أكدت حلقة نقاشية حول دبلوماسية وحوكمة المياه في المنطقة العربية في اليومين الماضيين، ضرورة معالجة التحديات الملحة، المتمثلة بندرة المياه وحوكمة المياه العابرة للحدود في المنطقة.
وفي ظل هذه الخلفية، أتاحت الطاولة المستديرة، المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة، والتي استضافها مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية، مجلس الشرق الأوسط، بالتعاون مع مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط ومركز جنيف للمياه، وبدعم من سفارة سويسرا بقطر، منصة للحوار لوضع أجندة مشتركة، وتحديد أولويات السياسات المشتركة.
كما ناقشت الحلقة، أهمية استكشاف مناهج متعددة القطاعات لتحسين الحوكمة، وتعزيز التعاون، والمساهمة في الاستقرار الإقليمي، فيما ركز المشاركون على ثلاثة محاور رئيسة: المياه من أجل بناء السلام، والدبلوماسية، والحوكمة.
وحذر الاجتماع، الذي جمع خبراء إقليميين ودوليين، وصانعي سياسات، وأكاديميين، من مخاطر تعرض موارد المياه في المنطقة لضغوط متزايدة بسبب تغير المناخ، وانخفاض معدلات هطول الأمطار، وارتفاع معدلات التبخر، والإفراط باستخراج المياه، في حين ساهمت عوامل سياسية كالنزاعات الدبلوماسية، وضعف إدارة الموارد، والصراعات المسلحة، بزيادة تضرر طبقات المياه الجوفية والبحيرات والأنهار.
من جهته، أكد الزميل الأول ومدير برنامج الحوكمة والتنمية في المجلس نادر قباني، أهمية هذه المنصة، مضيفا "يعدّ الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم ندرة في المياه، ومن بين أكثرها تقلبا".
وتابع "لذلك، تُعدّ حوكمة المياه والدبلوماسية، أمرًا حيويًا لمستقبل المنطقة. في الواقع، نحن هنا اليوم لاستكشاف كيف يُمكن أن تُشكّل حوكمة المياه العابرة للحدود المُحسّنة أساسًا لبناء السلام وتعزيز الرخاء في جميع أنحاء المنطقة".
وأكد عضو اللجنة الإدارية لمنظمة السلام الأزرق ومؤسس المعهد التركي للمياه (SUEN) البروفيسور د. أحمد ميتي ساتشي، الحاجة لنُهُج عملية وتدريجية، موضحا بأنه "نظرًا للحساسيات السياسية المحيطة بالمياه العابرة للحدود، فإن التعاون الدائم يُحقق على أفضل وجه تدريجيًا - عبر خطوات بناء الثقة مثل الدراسات المشتركة والمشاريع الفنية والتبادلات المهنية- التي غالبًا ما تبني ثقة أكبر من الاتفاقيات الطموحة التي تُحاول إبرامها في وقت مبكر جدا".
كما بحث المشاركون الدور المحتمل للمياه بدعم العمليات السياسية في المنطقة، مع دراسات حالة لأحواض الأنهار وأطر الحوكمة، تُسلّط الضوء على أهمية التعاون بين القطاعات في الزراعة والطاقة والتخطيط الحضري.
وتأكيدا على الآثار الأوسع، قال ساتشي "إنّ التعاون المُستدام يُحقق على أفضل وجه بالتدريج..، عبر خطوات بناء الثقة مثل الدراسات المشتركة والمشاريع الفنية والتبادلات المهنية".
وشدد رئيس اللجنة الإدارية لمنظمة السلام الأزرق ومستشار الرئيس العراقي محمد أمين فارس أمين، ضرورة تجاوز النظرة التقليدية للمياه على أنها لعبة صفرية، بحيث يكون ربح دولة خسارة لأخرى، وبدلا من ذلك، يجب تبني التعاون في مجال المياه كأساس لاستقرار وازدهار إقليميين أوسع.
وأصدرت حلقة النقاش منشورا شاملا يجسد رؤى ومساهمات المشاركين، فيما سيقدم التقرير توصيات عملية في مجال السياسات للنهوض بدبلوماسية المياه والحوكمة في المنطقة، مزودا الحكومات والمؤسسات والمجتمعات، بخريطة طريق لمواجهة أحد أكثر التحديات إلحاحا في المنطقة.