الغد- هبة العيساوي
يواجه الشباب اللاجئ في الأردن، الذي يستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والفلسطينيين وغيرهم، تحديات كبيرة في الوصول إلى فرص عمل لائقة.
فعلى الرغم من أن الشباب يشكلون نسبة كبيرة من عدد اللاجئين عالميًا (يقدر عددهم بما يقرب 43.7 مليون لاجئ) إلا أن الحصول على عمل يضمن لهم كسب العيش والاعتماد على أنفسهم ودعم أسرهم يبقى صعبًا.
ولأن الحق في العمل للاجئين معترف به دوليًا، بدءًا من اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وصولًا إلى الميثاق العالمي للاجئين لعام 2018، بالإضافة إلى توصية منظمة العمل الدولية رقم 205 بشأن العمالة والعمل اللائق من أجل السلام والصمود، فإن الأبحاث تشير إلى أن تمكين اللاجئين من العمل يعود بالنفع عليهم وعلى الدول المستضيفة، إذ يسهم في تنمية الاقتصاد المحلي ويقلل الاعتماد على المساعدات الإنسانية.
ورغم ذلك، يواجه اللاجئون العديد من العقبات القانونية والسياسية. ففي معظم دول اللجوء ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مثل الأردن وتركيا ولبنان والعراق، تعاني الأسواق المحلية من ارتفاع معدلات البطالة وقلة الفرص الوظيفية، كما أن القوانين غالبًا لا تسمح بالعمل أو تفرض قيودًا على القطاعات التي يمكن للاجئين العمل فيها. وغالبًا ما يضطر اللاجئون للعمل في القطاع غير الرسمي، حيث تقل الأجور وتضعف الحماية القانونية، ما يجعلهم عرضة للصدمات الاقتصادية والاستغلال.
تحديات وفرص
وتتمثل أبرز التحديات التي تواجه اللاجئين الشباب في نقص المعرفة بحقوقهم في العمل، إذ تشير إحصاءات مفوضية اللاجئين إلى أن نحو 7 % فقط من اللاجئين تمكنوا من الوصول إلى التعليم العالي عام 2023، ما يعكس محدودية وعيهم بحقوقهم القانونية. كما يواجهون قيودًا في الحركة والإقامة، وإجراءات معقدة للحصول على تصاريح العمل، إضافة إلى قلة المهارات والتدريب المهني المناسب لسوق العمل المحلي.
ويزداد الوضع تعقيدًا بالنسبة للنساء والفتيات اللواتي قد يتعرضن للتحرش في أماكن العمل أو يعانين من التمييز.
وتؤكد الخبرات العملية أهمية توفير برامج تهيئة للشباب اللاجئ لسوق العمل، بما يشمل التدريب المهني، والإرشاد القانوني، وربط المهارات المطلوبة باحتياجات القطاع الخاص، فالعمل المستدام للاجئين يساهم في تعزيز الاعتماد على النفس وتقليل الضغط على المساعدات، ويساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في المجتمعات المضيفة، كما هو الحال في الأردن، حيث أدى اللاجئون دورًا بارزًا في تطوير قطاعات مثل المطاعم والخدمات الغذائية بمهاراتهم وخبراتهم.
سياسات طويلة الأمد
كما يشدد مختصون على ضرورة تبني سياسات طويلة الأمد تشجع على دمج اللاجئين اقتصاديًا، بما يشمل دعم ريادة الأعمال من خلال تقديم قروض صغيرة منخفضة الفائدة، وتسهيل إجراءات تصاريح العمل، وإنشاء آليات حماية قانونية ضد الاستغلال والعنف، إلى جانب برامج توعية لمكافحة التمييز وبناء الثقة بين اللاجئين والمجتمع المحلي.
إضافة إلى ذلك، تؤدي المنظمات التي يقودها اللاجئون دورًا محوريًا في تعزيز الإدماج الاقتصادي، إذ تستطيع معرفة حاجات المجتمع اللاجئ وتقديم الحلول بسرعة وفاعلية أكبر مقارنة بالجهود التقليدية التي تُنفذ من الخارج.
ويعد إشراك القطاع الخاص عاملًا أساسيًا لخلق فرص عمل حقيقية، سواء من خلال توظيف اللاجئين مباشرة أو عبر التعاون في برامج التدريب المهني المتصلة باحتياجات السوق.
كما يمكن أن تشكل برامج التنقل للعمل في دول ثالثة فرصة مهمة للاجئين ذوي المهارات، بما يتيح لهم الاعتماد على أنفسهم والعيش بكرامة، بينما يسهمون أيضًا في الاقتصاد المحلي لتلك الدول.
وفي النهاية، يشدد الخبراء على أن الحلول المستدامة تتطلب تعاون جميع الجهات، بما فيها الحكومات، والمنظمات الدولية، والمنظمات التي يقودها اللاجئون، والقطاع الخاص، لضمان حماية حقوق اللاجئين الشباب وتمكينهم من تحقيق حياة كريمة ومستقبل أفضل.
ولذلك، فإن دعم اللاجئين وتمكينهم من العمل ليس مجرد واجب إنساني، بل استثمار في مستقبل مزدهر للدول المستضيفة وللاجئين على حد سواء، ويشكل خطوة أساسية نحو دمجهم الكامل في المجتمع والاقتصاد المحلي.