أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-Mar-2023

قانون البيئة الاستثمارية.. هل يلبي طموحات رؤية التحديث؟

 الغد-عبد الرحمن الخوالدة

 رغم أن قانون البيئة الاستثمارية الجديد حل الكثير من المشكلات التي كانت قائمة في القانون السابق وجاء بالعديد من الإجراءات الكفيلة بالمساهمة في التخفيف والحد من البيروقراطية التي كانت تواجه المستثمرين، إلا أن خبراء يرونه عاجزا عن تلبية التطلعات التي تستهدفها رؤية التحديث الاقتصادي.
ويرى خبراء أن القانون لا ينسجم مع حجم التقديرات التي وضعتها الرؤية فيما يتعلق بجذب الاستثمارات.
ويعد الاستثمار طوق نجاة لأي دولة تعاني من مشكلات اقتصادية كحالة الأردن، إذ تبذل جميع الدول قصارى جهدها في سبيل استقطابه، لما له من قدرة كبيرة على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمساهمة في زيادة الإنتاج المحلي والدخل القومي، وتحسين المؤشرات الاقتصادية كافة، لاسيما خفض نسب البطالة.
ودعا الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ”الغد” إلى ضرورة الاستفادة من نقاط القوة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني، ومنها اتفاقيات التجارة الدولية، التي تربطه مع العالم، إضافة إلى أهمية الاستفادة من العامل البشري المؤهل الذي نتميز به أردنيا، إلى جانب الاستفادة مما يزخر به الأردن من فرص استثمارية في الصناعات التحويلية، إضافة إلى ضرورة الربط الشامل بين الجهات المختلفة المعنية بالتعاطي مع الاستثمار ومنح الصلاحيات لممثليها عبر خدمات الرقمنة والأتمتة التي نص عليها القانون.
وأكدوا ضرورة أن تكون لدى وزارة الاستثمار دراية كاملة بتقنيات الاستثمار وتفاصيل المشاريع الاستثمارية المقدمة والعائد الذي تحمله، والتكاليف التي تحتاجها هذه المشاريع، إضافة إلى تحسين المؤشرات المختلفة سواء التنافسية أو المتعلقة بمدركات الفساد وبيئة الأعمال التي تلعب دورا في حسم القرار لدى المستثمرين واستقطابهم.
يذكر أنه تم إقرار قانون البيئة الاستثمارية رقم 21 لسنة 2022 ودخل حيز التنفيد مطلع العام الحالي، ليحل محل قانون الاستثمار رقم 30 لسنة 2014، ويهدف القانون إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني وقدرته على جذب الاستثمار، وتطوير التشريعات المرتبطة بتنظيم بيئة الاستثمار في المملكة.
ونص القانون على مساواة المستثمر الأردني بالمستثمر الأجنبي، وحماية الاستثمارات، وحرية تحويل الأموال، وضمانات وحوافز تشجيعية مرتبطة بالقيمة المضافة للاستثمار، إضافة إلى رقمنة وأتمتة الإجراءات والخدمات لتخطي المعوقات الإدارية والإجرائية، وتشجيع الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية والريادية والابتكار والبحث والتطوير، وتهيئة البيئة المناسبة لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
كما حدد القانون مزايا الاستثمار في المناطق التنموية والمناطق الحرة، ومعالجة مسألة تسوية منازعات عقود الاستثمار من خلال التحكيم وفق القواعد المتفق عليها، وفي حال عدم وجود اتفاق يطبق القانون الأردني باستثناء قواعد القانون الدولي الخاص، إلى جانب تشكيل لجنة أو أكثر في وزارة الاستثمار للنظر في تظلمات المستثمرين والتحقق من سلامة الإجراءات والقرارات الصادرة عن الجهات الرسمية.
وأكدت وزيرة الاستثمار خلود السقاف، في وقت سابق من هذا العام، أن قانون البيئة الاستثمارية الجديد والنظام المنبثق عنه جاء تماشيا مع خريطة الطريق، لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي الهادفة إلى جذب المزيد من الاستثمارات، وخلق المزيد من فرص العمل.
وأوضحت السقاف، أن القانون الجديد جاء وفقا لأفضل المعايير والممارسات الدولية، وتضمن العديد من الحوافز والمزايا والإعفاءات التي تشجع الاستثمار في المملكة، فتضمن حوافز أساسية وحوافز إضافية، وجاء نظام تنظيم البيئة الاستثمارية، ليضع آلية واضحة وشفافة للحصول على الإعفاءات اللازمة لممارسة النشاط الاقتصادي.
وقال مدير هيئة الاستثمار السابق ثابت الور، إن الاستثمار هو الحل الوحيد لمشكلات الاقتصاد الوطني ولا سيما البطالة، إذ له قدرة كبيرة على خلق فرص العمل، مبينا أن هناك تنافسا شديدا مؤخرا بين دول المنطقة من أجل استقطاب الاستثمارات إليها، ما يؤكد أهمية ذلك لأي اقتصاد.
واعتبر الور أن قانون الاستثمار الجديد لم يلبّ التطلعات التي تستهدفها رؤية التحديث الاقتصادي وأنه لا ينسجم مع حجم التقديرات التي وضعتها الرؤية فيما يتعلق بجذب الاستثمارات، ولذلك لن يساعد القانون الجديد على ترجمة هذه الرؤية التي تعد طموحة وستشكل رافعة أساسية للاقتصاد الوطني.
ويذكر أن رؤية التحديث الاقتصادي تستهدف استقطاب استثمارات بحجم 40 مليار دينار في مختلف القطاعات على مدار السنوات العشر المقبلة.
ولفت الور إلى أنه كان يجب الإبقاء على قانون الاستثمار القديم رقم 30 للعام 2014 لأن كل الأنظمة والإجراءات المتعلقة بالنشاط الاستثماري في الأردن خلال السنوات الأخيرة تمت وفقه، مبينا أن القانون الجديد لم يتم التوعية الكافية به أو تنفيذ حملات إعلامية للتعريف به وبمخرجاته الجديدة قبل إقراره.
وأشار إلى أن قانون الاستثمار الجديد قد تصدى نظريا لمشكلة البيروقراطية، لكن على أرض الواقع ما تزال المشكلة قائمة، مطالبا بضرورة تدريب وتأهيل كافة كوادر الجهات والمؤسسات المختصة بشأن الاستثمار، والتي تتعامل بشكل مباشر مع المستثمرين.
ومن أجل تحسين بيئة الاستثمار، دعا الور إلى ضرورة الاستفادة من نقاط القوة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني، ومنها اتفاقيات التجارة الدولية، التي تربطه مع العالم كاتفاقية التجارة الحرة مع أميركا وكذلك اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية، وغيرها من الاتفاقيات التي تجمع الأردن ببعض الدول العربية، إضافة إلى أهمية الاستفادة من العامل البشري المؤهل الذي نتميز به أردنيا، إلى جانب ما يزخر به الأردن من فرص استثمارية في الصناعات التحويلية والصناعات القائمة على التعدين والفوسفات.
ويشار إلى أن حجم المشاريع المتقدمة للاستفادة من قانون الاستثمار خلال العام 2022 قد ارتفع ليبلغ حوالي 1.1مليار دينار، مقارنة بنحو 621 مليون دينار خلال العام 2021، وبنسبة نمو 79.3 %، بحسب وزارة الاستثمار.
كما تجدر الإشارة إلى أن نتائج مسح الاستثمار الأجنبي للفترة 2019-2020 الذي نفذه البنك المركزي الأردني، أظهرت أن إجمالي رصيد الاستثمارات الأجنبية في المملكة في نهاية العام 2020 قد بلغ 34.7 مليار دينار، حيث توزع على استثمار مباشر بقيمة 19.8 مليار دينار، واستثمارات حافظة بقيمة 3.2 مليار دينار، واستثمارات أخرى بقيمة 11.7 مليار دينار.
وبدوره، أكد رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير، أن قانون البيئة الاستثمارية الجديد قد حمل العديد من الإجراءات الكفيلة بالمساهمة في التخفيف والحد من البيروقراطية التي كانت تواجه المستثمرين مسبقا، ولعل أبرزها إقرار ما يسمى بالخدمات الاستثمارية الشاملة لترخيص الأنشطة الاقتصادية من خلال منصة إلكترونية مشتركة مع الجهات المسؤولة عن التسجيل والترخيص عوضاً عن النافذة الاستثمارية التي لم تؤت أكلها من سنوات، هذا إلى جانب تأكيد رقمنة وأتمتة الإجراءات والخدمات لتخطي المعوقات الإدارية والإجرائية، وإضافة نص قانون حدد سقف زمني مدته 15 يوماً لإنجاز عمليات الموافقة وترخيص المنشآت، والموافقة التلقائية في حال تأخر الجهة الرسمية عن الرد.
وقال الجغبير إن التوجيهات التي حملها القانون الجديد تؤكد ضرورة إزالة البيروقراطية والحد منها، لكنها بحاجة الى تنفيذ وإرادة فعلية حتى لا نقع بمثل ما حصل مسبقاً فيما يخص النافذة الاستثمارية المعطلة بسبب عدم منح الصلاحيات لممثلي الجهات التي تضمها، وتعطيل الإجراءات والموافقات من الجهات الأخرى.
ورغم أن القانون نص على منح الموافقات خلال 15 يوماً من قبل وزارة الاستثمار، إلا أن بعض الإجراءات اللاحقة والموافقات المرتبطة بجهات ومؤسسات أخرى ما تزال تنفذ على أرض الواقع وبإمكانها منع إنشاء أي مشروع استثماري، بحسب الجغبير، الذي أوضح أن الارتباط والتداخل مع جهات أخرى يعيق من تنفيذ القانون، ويبقي على البيروقراطية في بعض الجوانب.
وبين أن هنالك العديد من المستجدات التي ظهرت بعد نفاذ القانون، وبينت بعض البيروقراطية في الإجراءات، فعلى سبيل المثال، ظهرت عمليات تقديم طلبات إعفاءات المشتريات المحلية للمؤسسات المسجلة في المناطق التنموية والتي فرضت سلسلة طويلة ومعقدة من الإجراءات وكلفاً مالية لتقديم طلبات الإعفاء مقارنة بما كان في السابق من حيث إجرائها بسلاسة وسهولة، وهو ما شكل صدمة في القانون، الا أن تجاوب وزير الاستثمار والتعاون معهم أجل هذا التطبيق في إطار السعي لحلها، معربا عن أمله بأن يحمل التطبيق الفعلي لمبادرات رؤية التحديث الاقتصادي.
وأشار إلى أنه لا يمكن إنكار أن القانون حمل معه عددا من المزايا، الا أننا نؤكد أيضا على التطبيق، وما سيحمله تطبيق مواد القانون، مع تأكيدنا على ضرورة منح الحوافز ووضوحها، لجذب الاستثمارات، خاصة في ظل المستهدفات الطموحة في رؤية التحديث الاقتصادي التي تصل الى جذب أكثر من 40 مليار دينار كاستثمارات خلال العقد المقبل، خاصة في ظل وجود منافسة كبيرة من الدول المجاورة والإقليم فيما يخص سياسات جذب الاستثمار والحوافز والإعفاءات المممنوحة للمشاريع الاستثمارية.
وبين الجغبير أنه خلال الفترة الماضية، ظهرت بعض الإشكالات في تطبيق وتنفيذ بعض المواد ذات الصلة بحوافز المناطق التنموية، على غرار عمليات تقديم طلبات إعفاءات المشتريات المحلية للمؤسسات المسجلة في المناطق التنموية والتي فرضت سلسلة طويلة ومعقدة من الإجراءات وكلفاً مالية لتقديم طلبات الإعفاء مقارنة بما كان في السابق من حيث إجرائها بسلاسة وسهولة، وهو ما يؤثر بشكل فعلي على مزايا وإعفاءات هذه المناطق، مستدركا بأن الإعفاءات في المناطق التنموية ما تزال مستمرة وموجودة، حيث حافظ القانون على ما كان سابقا من مزايا وإعفاءات، موضحا أن القانون أضاف بعض الحوافز والإعفاءات خارج المناطق التنموية ووفق معايير محددة تتضمن إعفاءات وحوافز متعلقة بسعر بدل بيع أو إيجار الأراضي المملوكة للخزينة العامة لغايات إقامة الأنشطة الاقتصادية ودعم كلف الطاقة والمياه ودعم مشاريع الطاقة المتجددة، إضافة الى السماح للمستثمرين بخصم كلف إنشاء البنية التحتية التي قاموا بإيصالها للنشاط في حال تشغيل المشروع خلال مدة زمنية معينة.
واعتبر أن المشاكل التي يعاني منها المستثمرون ذات طابع مرتبط بمؤسسات أخرى، وتحتاج معالجتها للعودة الى المؤسسات القائمة على ملف الاستثمار، معربا عن أمله بأن يتم ضم كافة الإجراءات ذات الصلة بالمستثمرين وبيئة الأعمال الى وزارة الاستثمار لإعطاء الوزارة القوة في متابعة وحل كل ما يواجههم.
وطالب الجغبير بضرورة الربط الشامل بين الجهات المختلفة المعنية بالتعاطي مع الاستثمار ومنح الصلاحيات لممثليها عبر خدمات الرقمنة والأتمتة التي نص عليها القانون، لضمان أتمتة الإجراءات والعمليات بالشكل الأمثل والمطلوب وإزالة الإجراءات البيروقراطية، إلى جانب أن تكون وزارة الاستثمار بوابة المستثمرين الشاملة، والمكان الأشمل والوحيد لحل مشاكل الاستثمار ومتابعة كل ما يخصهم.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن القانون الجديد ركز على حل كثير من المشكلات التي كانت قائمة في القانون السابق واستحدث عدة لجان للتعامل مع المستثمرين، ومنها مجلس الاستثمار للتواصل مع المستثمرين، وإطلاعهم على الواقع الاستثماري في المملكة، وفي هذا تقدم على القوانين السابقة التي كانت تنظم النشاط الاستثماري، مستدركا أننا نواجه منافسة قوية في الإقليم وربما تفوق إمكاناتنا وقدراتنا “ما يجعل القانون الجديد محل سؤال بأنه هل يرضي المستثمرين ويلبي ما يبحثون عنه؟”.
وأكد عايش أهمية أن تكون لدى وزارة الاستثمار دراية كاملة بتقنيات الاستثمار وتفاصيل المشاريع الاستثمارية المقدمة والعائد الذي تحمله، والتكاليف التي تحتاجها هذه المشاريع، إضافة إلى ان يكون الاستثمار جزءا من الحلول للمشكلات التي نواجهها اقتصاديا، وألا يكون هو بحد ذاته الحل الوحيد لمشاكلنا الاقتصادية.
وأشار إلى أهمية تطوير الأدوات والوسائل والأساليب والأنظمة والسياسات الحاكمة للقرار الاقتصادي وانعكاساته على العملية الاستثمارية ونتائجها، إضافة إلى تحسين المؤشرات المختلفة سواء التنافسية أو المتعلقة بمدركات الفساد وبيئة الأعمال التي تلعب دورا في حسم القرار لدى المستثمرين واستقطابهم، علاوة على ضرورة التخطيط لتدشين مشاريع كبرى تجذب المستثمرين، وأهمية إيجاد آلية فعالة لحل مشكلات المستثمرين؛ حيث يكون حلا ذكيا قادرا على التجاوب بسرعة مع احتياجاتهم.