أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Apr-2025

إنها الحكمة الصينية.. كيف فضح عالم «الماركات الوهمي»؟*فارس الحباشنة

 الدستور

في وهم «الماركات الفاخرة»، الصين قلبت الطاولة على عالم الماركات التجارية، والاستهلاك والترفيه.
وعندما كشفت أن أبرز الماركات التجارية العالمية تُصنع في الصين، وبكلف إنتاج بخسة وزهيدة، وتُباع بأسعار خيالية، ولا سيما حقائب النساء. حقيقة صينية جديدة أثارت الهلع والرعب في عوالم الاستهلاك.
وخصوصًا في عالم المؤثرات، ومن لا يملكن سوى الماركات التجارية للتباهي، وذلك في حقائب وأحذية وساعات، ومقتنيات باهظة الثمن. عالم غريب، مكسو بالزيف والوهم، والخداع. وحقيقة لقيم استهلاكية سحرية.
شركات كبرى تحيك أساطيرها ببراعة، وكيف يتحول حذاء في مصنع مغمور إلى قصة ورمز إلى رفعة طبقية واجتماعية. إنها قيم لمسرحية خادعة، واستنزاف محكم، وذائقة نخبوية كاذبة، وتجارة واستهلاك للوهم.
شركات الماركات التجارية لا تبيع منتجات، بل أوهام. وكل شعار وعلامة تجارية كلمة سر وإشارة دخول إلى عالم النخبة الراقية.
شركات الماركات التجارية، يوزعون صكوك الغفران، ويمسكون بأدوات ساحرة، تحوّل الغرور إلى فضيلة، والاستهلاك إلى قيمة وطقس ديني، وإنهم يخاطبون أضعف ما في نفس الإنسان! فيُصدِّق الإنسان أنه بامتلاك ماركة تجارية أصبح مهمًّا وقويًّا، وأن «سعره» يقترن بسعر الماركة. في تجربة الصين، أكثر ما يثير الالتفات التواضع والقدر الكبير للقيم الإنسانية، والمتوازية مع إنجاز وحجم كبير من التراكم في بناء الدولة، والتوافق مع شرعية الثورة التي قادها الزعيم «ماو تسي تونغ» عام 1949.
في الصين، العمال يصنعون بصمت، ولا يملّون، ولا يعرقون، وعمال مؤمنون بحكيمهم «كونفوشيوس»، والذي علّم الصينيين الصبر، والحكمة، والمعرفة، ومقومات الشخصية الصينية: سياسة النفس الطويل، وتصحيح الأخطاء، ومواجهة الحقائق كما هي على الأرض بلا ادعاء وتواضع. وقد كشفت الصين، في غمرة الحرب التجارية مع أمريكا، وسياسة ترامب الاقتصادية في فرض رسوم جمركية على الصادرات الصينية، حقيقة الماركات التجارية.
حقيبة نسائية بثمن منزل، وحذاء بثمن قطعة أرض «تنظيم تجاري»، وربطة عنق براتب موظف حكومي: معلّم أو ممرّض لمدة عام. والتكلفة الحقيقية لصناعة تلك المقتنيات الثمينة لا تتجاوز دولارات قليلة، وصُنعت في مصنع صيني لا يُميّز بين الذهب والحديد، ولا يُميّز بين الناس، مؤمنًا بقيم وحكمة «كونفوشيوس» ومبادئ الزعيم ماو. الفارق بين تكلفة الإنتاج الحقيقي والسعر السوقي ليس إلا رقمًا في عالم الأوهام وقيم الاستهلاك. يكتشف المستهلك المخدوع أنه يدفع ثمن دمغة و»ليبل» لماركة وعلامة تجارية. والخيبة والحسرة ليست في خدعة الاستهلاك، بل في أزمة انهيار المعنى.
ويظن أنه يشتري مكانة اجتماعية. ماركات تجارية حوّلت الإنسان إلى أداة لهو، ولا يسأل عن نفسه وجوديًّا، ويواجه الأسئلة القلقة، ويعيش في صراعات وهمية:
«آيفون قديم أم جديد؟»، و»حقيبة من الموسم الماضي أم الراهن؟!» عبودية معاصرة، ولم تعد العبودية تحتاج إلى سلاسل حديدية، بل يكفي شعارات وأنماط وقيم تغزو العقول.
والسلطة هنا لا تضرب بالعصا، بل بسطوة الصورة، والإيمان أن السعادة الإنسانية تكمن في علامة تجارية.
الجمال الحقيقي لا يحتاج إلى «لوغو» تجاري، والرفعة والمكانة لا تُقاس بملصق على قميص أو بدلة أو حذاء.