أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Dec-2025

كيف يمكن تحقيق الاستقلالية المالية والإدارية لـ"الضمان"؟

 الغد-هبة العيساوي

تتصاعد النقاشات حول استقلالية المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وسط توجهات لإعادة هيكلة حوكمة المؤسسة بما يعزز الشفافية والمساءلة ويحد من أي تدخل محتمل من الحكومة بقراراتها التأمينية والاستثمارية. 
 
 
ويشير خبراء إلى أن الوضع الحالي يشهد تعددا في القيادات وصلاحيات متداخلة بين مجلس الإدارة ومجلسي الاستثمار والتأمينات، إضافة لوجود تمثيل حكومي، ما يثير التساؤلات حول وضوح المسؤوليات.
ويرى خبراء أن منح المؤسسة استقلالية كاملة، عبر إنشاء منصب محافظ تنفيذي يترأس مجلس الإدارة ويعاونه نواب متخصصون بالشقين التأميني والاستثماري، سيسهم في توضيح المسؤوليات، وتطبيق آليات رقابية دقيقة، وتعزيز الحوكمة المالية والإدارية.
ويؤكدون أن استقلالية المؤسسة ستتيح لها إدارة مواردها المالية من اشتراكات الأفراد والمنشآت وأرباح الاستثمار بكفاءة أكبر، مع الحفاظ على دور الحكومة في التمثيل دون تدخل مباشر، بما يعزز الأداء الاستثماري ويضمن استدامة أعمال الضمان الاجتماعي.
وفي السياق قال الناطق الإعلامي باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي شامان المجالي، إن الحديث المتداول عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، حول استقلالية مؤسسة الضمان الاجتماعي، وانتهاجها نموذجا مشابها للبنك المركزي، جاء نتيجة آراء وانطباعات سائدة بأن للحكومة سيطرة مباشرة على قرارات المؤسسة.
وأضاف أن هذا الطرح انطلق من واقع أن وزير العمل يترأس مجلس إدارة المؤسسة، الأمر الذي دفع البعض للاعتقاد بوجود تأثير حكومي مباشر على قرارات "الضمان"، سواء التأمينية أو الاستثمارية، رغم أن هذه الفكرة لا تعكس الواقع القانوني والتنظيمي للمؤسسة.
وأوضح أن وزير العمل، بصفته رئيسا لمجلس الإدارة، لا يمتلك صلاحيات تنفيذية داخل المؤسسة، ويقتصر دوره على ترؤس جلسات المجلس والمشاركة في اتخاذ القرارات بالتصويت أسوة ببقية الأعضاء، مع امتلاكه صوتا مرجحا فقط في حال تساوي الأصوات.
وأشار إلى أن الصلاحيات الممنوحة لرئيس المجلس تتعلق حصريا بنظام إدارة الموارد البشرية، وتشمل بعض القضايا الإدارية، مثل نقل الموظفين ضمن درجات محددة، وترقيتهم، وإنهاء خدماتهم وفق الأطر القانونية المعتمدة.
وبين أن فكرة استقلالية المؤسسة تهدف لإبعاد الضمان الاجتماعي عن أي شكوك أو تصورات شعبية تتعلق بتدخل حكومي في قراراته، عبر أن تكون المؤسسة برئاسة محافظ مستقل يعاونه نواب، بما يعزز الثقة العامة ويُكرِّس الحوكمة المؤسسية.
وأكد أن تحقيق هذه الاستقلالية يتطلب تعديلا تشريعيا، نظرا لأن قانون الضمان الاجتماعي حدّد صراحة تشكيلة مجلس الإدارة ورئاسته، مشددا على أن أي تغيير في هذا الإطار لا يمكن أن يتم إلا عبر القنوات الدستورية والقانونية.
بدورها قالت خبيرة التأمينات الاجتماعية، جميلة محاسنة، إن استقلالية المؤسسة أمر مهم للغاية، موضحة أن ذلك يعني منحها فرصة أوسع لممارسة نشاطها بعيدا عن أي تدخلات، خصوصا من الحكومة، وهو ما يساهم في رفع العائد الاستثماري للمؤسسة.
وأضافت أن المؤسسة تُدار حاليا عبر خمس جهات مختلفة: المدير العام، والشق التأميني، ورئيس مجلس الاستثمار، ومدير الاستثمار، بالإضافة لمجلسي الإدارة والتأمينات، مع وجود تمثيل للحكومة في تلك المجالس وتداخل في الصلاحيات، مشيرة إلى أن رئيس مجلس الاستثمار موظف موجود في المجلس لكنه ليس عضوا في مجلس الإدارة، بينما مدير الوحدة الاستثمارية أقل رتبة لكنه عضو في مجلس الإدارة، وهو ما يخلق تضاربا في الصلاحيات.
وأكدت أن الاستقلالية المالية والإدارية للمؤسسة مهمة جدا لأنها تحقق حوكمة واضحة، وتحدد المسؤوليات والصلاحيات، مع وجود آليات رقابة دقيقة وشفافة، مشيرة إلى أن الاستقلالية تمنح المؤسسة وضعا أفضل، خاصة إذا كان هناك شخص واحد مسؤول عن الجانب التأميني والاستثماري.
ولفتت إلى أن المؤسسة ماليا مستقلة عن الحكومة، إذ تعتمد أموالها على اشتراكات الأفراد والمنشآت وأرباح الاستثمار.
من جانبه، قال خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي، إن فكرة منح "الضمان" استقلالية كاملة ليست جديدة، بل طُرحت قبل أكثر من 12 عاما، وتُعد الآن أحد سيناريوهات الحكومة لإعادة حوكمة المؤسسة، مضيفا أن هيكلية المؤسسة الحالية تضم ممثلين عن الحكومة وأصحاب العمل والعمال، وهم يشكلون جمهور الضمان الاجتماعي، ويشملون موظفي القطاع العام والخاص، إضافة إلى أصحاب العمل دافعي الاشتراكات. وأوضح أن الحكومة تمثل جزءا مهما في مجلس الإدارة نظرا لكون ما يقارب 39 % إلى 40 % من المشتركين ينتمون للقطاع العام المدني والعسكري، مشيرا إلى أن الاستقلالية تتطلب وضوح المسؤولية والمساءلة وتحديد الصلاحيات، بخاصة في ظل تعدد القيادات الحالي، حيث تُدار المؤسسة بخمسة رؤوس: رئيس مجلس الإدارة وهو وزير العمل، ومجلسي التأمينات والاستثمار، وهو ما يتنافى مع الحوكمة الرشيدة. وأضاف أن الحل المقترح يكمن بوجود محافظ لـ"الضمان" يكون المسؤول التنفيذي الأول، يرأس مجلس الإدارة، ويعاونه نواب تنفيذيون، أحدهم لشؤون الاستثمارات والآخر لشؤون التأمينات، مع إمكانية وجود مديرين تنفيذيين لأقسام مختلفة نظرا لضخامة المؤسسة وتعاظم مسؤولياتها.
 وأكد أن هذا الهيكل يتيح إلغاء المجالس المتعددة مثل مجلس الاستثمار، مع تشكيل لجان متخصصة لإدارة المخاطر وتعزيز الحوكمة وتحديد المسؤوليات بوضوح، بحيث يكون المحافظ مسؤولا أمام مجلس الأمة، مع تحديد مدة بقائه في المنصب 6 سنوات لضمان استمرارية العمل وتطبيق الإستراتيجيات، وأن إنهاء خدماته يكون لأسباب محددة بالقانون فقط، لحمايته من أي مزاجية حكومية. وأشار إلى أن الحكومة تبقى موجودة ضمن التمثيل الثلاثي لمجلس الإدارة، لكن دورها يقتصر على التمثيل دون تدخل مباشر في إدارة المؤسسة، على أن يضاف ممثلون عن المتقاعدين لضمان شمولية اتخاذ القرارات وتحمل المسؤوليات من جميع الشركاء.
 وأكدوا أن تطبيق هذه الاستقلالية القانونية والإدارية والمالية سيعزز كفاءة المؤسسة وموظفيها، ويرفع أداءها الاستثماري، ويوفر هيكلا منظما وواضحا لتحديد الصلاحيات والمسؤوليات، بما يضمن حوكمة رشيدة وأداء أفضل للمؤسسة.