رغم التطورات اللافتة.. ريادة الأعمال النسائية ما تزال تواجه تحديات
الغد- إبراهيم المبيضين
رغم ما تشهده بيئة ريادة الأعمال الأردنية من تطورات لافتة، وخصوصا مع توافر عدد كبير من البرامج والمشاريع والسياسات الداعمة لتأسيس الشركات الناشئة، إلا أن ريادة الأعمال النسائية ما تزال تواجه الكثير من التحديات ما يستدعي العمل لتعزيز مشاركة المرأة في هذا القطاع الحيوي.
وأكدت رياديات أعمال أردنيات أن المرأة قادرة على ريادة الأعمال وإنشاء الشركات الناشئة مثل الرجل، لأن الأمر يتعلق بفكرة أن ريادة الأعمال طريقة تفكير وطريقة حياة، ولا علاقة لها بكونك امرأة أو رجلا، وأشرن إلى أنه ثمة مميزات تجعل المرأة مميزة في مجال الريادة منها، قدرتها على الصبر والتحمل والقيام بمهام متعددة.
بيد أن الرياديات أكدن أنه ثمة تحديات تواجه المرأة في هذا المجال ومنها، صعوبة الحصول على التمويل أو الثقة من المستثمرين مقارنة بالرجال، والقيود الاجتماعية والتوقعات النمطية حول دور المرأة وتعدد الأدوار الحياتية التي تتحملها بين الأسرة والعمل، مما يزيد الضغط الزمني والنفسي، فضلا عن تحدي قلة التوجيه والإرشاد في مراحل التأسيس والتوسع، خصوصًا في القطاعات التقنية.
واقترحن مواجهة هذه التحديات بامتلاك عقلية ريادية، وتقسيم الأدوار بمرونة، وبناء شبكة دعم واعية، وتوفير عوامل التمويل والإرشاد والتوجيه ببرامج خاصة موجهة للرياديات.
وتعرف الريادية، صاحبة مشروع " تيتش هب"، المهندسة هدى الحسيني ريادة الأعمال بأنها "طريقة تفكير"، يمكن لأي شخص (رجل أو امرأة) امتلاكها أو تطويرها؛ وطريقة تدريب العقل على النظر لكل ما حوله بعين تبحث عن الحلول والتحسين المستمرين، وصناعة أثر اجتماعي ومادي من هذه الحلول.
وأوضحت الحسيني أن طبيعة حياة المرأة تتطلب - في كثير من الأحيان - مرونة يومية لتنسجم مع العائلة وتنوع المسؤوليات، وهذه المرونة ما تزال غير متوفرة بما يكفي في نظام العمل التقليدي، فتتجه كثير من النساء للريادة لخلق بيئة وجدول يمنحانهن ما يحتجن من مرونة، مع الحفاظ على الطموح والجدوى الاقتصادية.
وأشارت إلى أن الدوافع للريادة قد تتقاطع مع الرجال (تحقيق الذات والأثر)، لكن، "عامل المرونة الحياتية"، يظهر لدى النساء بوضوح أكبر.
وترى، أن المرأة قادرة على ريادة الأعمال، بيد أنها تواجه تحديات خاصة منها محاولة تحقيق التوازن بين العائلة وتأسيس الأعمال (وهي أصلا رحلة غير سهلة)، وضيق الوقت. ولفتت إلى أن من التحديات التوقعات اجتماعية نمطية قد تقيد الحركة.
ولكن الحسيني، ترى أن التجارب تثبت أن امتلاك عقلية ريادية، وتقسيم الأدوار بمرونة، وبناء شبكة دعم واعية، وهي جميعها عوامل كفيلة بتجاوز هذه التحديات وتحويلها إلى قصص نجاح ملموسة.
الاستقلال المهني الاقتصادي
من جهتها، ترى الريادية ظلال الشمايلة أن المرأة تتجه لريادة الأعمال بدافع الرغبة في الاستقلال المهني الاقتصادي، وتحقيق التوازن بين حياتها الشخصية والعملية، إضافة إلى سعيها لإيجاد مساحة تعبر فيها عن إبداعها وشغفها بعيدا عن القيود التقليدية في سوق العمل.
وأكدت الشمايلة، التي تقود مؤسسة ناشئة تحمل اسم "ايزي روبوت كيت" لتعليم اليافعين علوم التقنية، أن الأمر لا يقتصر على الأسباب سابقة الذكر، فكثيرا من النساء يجدن في الريادة وسيلة لتقديم حلول لمشكلات مجتمعية تمس حياتهن بشكل مباشر، ما يجعل مشاريعهن ذات بعد إنساني وتنموي أكثر وضوحا.
وعن الاختلاف بين النساء والرجال في دوافع التوجه إلى ريادة الأعمال، أوضحت الشمايلة قائلة "نعم، هناك اختلافات، فبينما يتجه الرجال غالبا نحو الريادة بدافع تحقيق النمو المالي وتوسيع النفوذ التجاري، تميل النساء أكثر إلى تحقيق الأثر الاجتماعي والاستقلال الذاتي".
وأكدت أن المرأة غالبًا ما تبادر إلى تأسيس مشروعها لتوفير مرونة في الوقت وتمكين نفسها من الموازنة بين أدوارها الأسرية والعملية، وهو عامل يشكل فرقًا جوهريًا في دوافعها مقارنة بالرجل.
واستعرضت الشمايلة ابرز التحديات التي تواجه المرأة في ريادة الأعمال ولدى تبني وإنشاء مؤسسات أو شركات ناشئة ومنها: صعوبة الحصول على التمويل أو الثقة من المستثمرين مقارنة بالرجل، القيود الاجتماعية والتوقعات النمطية حول دور المرأة في المجتمع.
وأشارت إلى تحديات خاصة، تتمثل بضعف شبكات الدعم والفرص في بعض المناطق، خاصة البعيدة عن المراكز العاصمة، فضلا عن تعدد الأدوار الحياتية التي تتحملها بين الأسرة والعمل، مما يزيد الضغط الزمني والنفسي، وقلة التوجيه والإرشاد في مراحل التأسيس والتوسع، خصوصا في القطاعات التقنية.
مميزات شخصية المرأة
ورغم التحديات التي استعرضتها الشمايلة، إلا أنها تؤمن بأن المرأة قادرة ومؤهلة لتكون رائدة ناجحة، وقد أثبتت التجارب أن وجودها في المشهد الريادي يضيف قيما جديدة من القيادة الشمولية، والابتكار الاجتماعي، وإدارة الموارد بفعالية عالية.
وأضافت أن ما يميز المرأة الريادية هو قدرتها على التحمل، ومرونتها في التكيف، وحسها العالي بالمسؤولية المجتمعية، وهي صفات تمكنها من تجاوز العقبات وتحويل الأفكار إلى مشاريع مستدامة ومؤثرة.
ومن جانبها، قالت الريادية تسنيم العوران، من الطفيلة "إنها توجهت للريادة بسبب عدم عثورها على وظيفة مناسبة لتخصصها في الهندسة الجيولوجية، فقررت عدم الانتظار وخلق فرصة من خلال ابتكار فكرة ومشروع ريادي"، مستندة إلى قناعة أن الريادة ليست فقط لإيجاد مصدر دخل، ولكنها طريقة تفكير وحياة.
وبينت العوران أنها ومنذ صغرها كان لديها شغف بالفن والألوان والتصميم، وتحويل الأشياء البسيطة إلى قطع فنية فيها روح، لذلك قررت توجيه شغفها وتحويله إلى مشروع حقيقي فأسست مشروع "كرافتس ريزن"، وهو يقدم خدمات ومنتجات في مجال الحرف اليدوية، إضافة إلى تقديم دورات لتدريب الشباب والمجتمع المحلي على هذه الصناعة الإبداعية.
وأضافت أن الريادة ليست مشروعا أو مصدرا للدخل فقط، هي طريقة تفكير وحياة، "أن تخلق فرصتك بإيدك"، و"تواجه التحديات بإصرار"، و"تقدم شي له قيمة وتأثير بالمجتمع"، لافتة إلى أن تجربتها في الريادة جعلتها تكتشف أن المستحيل مجرد فكرة، وأن البداية الحقيقية من خطوة صغيرة.
وأشارت إلى أن النساء إجمالا يتجهن للريادة لأنهن بطبيعتهن قادرات على التحدي والتغيير، ويملكن شغفا كبيرا يثبتن فيه أنفسهن بالمجتمع.
وقالت العوران "الكثير من النساء، مثلي، قد لا يجدن فرص عمل تناسب تخصصاتهن أو ظروفهن، فتصبح الريادة طريقهن ليخلقن فرصهن بأيديهن، ليحولن شغفهن لقصص نجاح حقيقية"، مؤمنة بأن الريادة تمنح المرأة مساحة تعبر فيها عن نفسها، والاستقلال بقراراتها.
وأكدت أن المرأة الريادية اليوم لا تبني مشروعا يخصها ولكنها تصنع تأثيرا عاما وتفتح الباب لغيرها من السيدات ليسلكن الطريق نفسه بثقة وإبداع، لافتة إى أن النساء غالبًا، ما يتجهن للريادة لتحقيق التوازن بين طموحهن ومسؤولياتهن، أو لإثبات الذات وخلق فرص عمل تناسبهن، بينما يتجه الرجال إلى الريادة بدافع التوسع والاستثمار.
وعن تحديات الريادة للمرأة قالت العوران "إن التحديات كثيرة، وأهمها أن المرأة لا تجد الدعم الكافي أو التسهيلات التي تساعدها لتبدأ مشروعها، خصوصًا إذا كانت مسؤولة عن بيت وأطفال في الوقت نفسه".
وأشارت إلى تحديات مرتبطة بنظرة المجتمع أو صعوبة الحصول على تمويل، لكنها أكدت أن المرأة بطبيعتها قوية وصبورة، ولديها القدرة على التعامل مع كل هذه المواقف بعزيمة وإصرار.