أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Dec-2025

النواب ومناقشات "الموازنة": فجوة تنموية بين العاصمة والمحافظات

 الغد-جهاد المنسي

 يصوّت مجلس النواب اليوم على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2026 فصلاً فصلاً، وفقاً للدستور، في محطة تُختبر فيها قدرة الدولة على إعادة ترتيب أولوياتها في ظل ظرف سياسي واقتصادي دقيق، وفي ظل توقعات شعبية مرتفعة ومشهد إقليمي ملتهب يفرض ضغوطًا إضافية على المالية العامة وتحقيق معادلة توازن بين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
 
 
ويُنتظر، بعد إقرار مشروع القانون نيابيًا، أن تشرع اللجنة المالية في مجلس الأعيان بمناقشته قبل رفعه إلى الغرفة التشريعية الثانية لإقراره، وذلك تمهيدًا لتوشيحه بالإرادة الملكية السامية ونشره في الجريدة الرسمية، في خطوة قد تتم قبل نهاية العام لإنجاز الاستحقاق الدستوري المتعلق ببداية السنة المالية.
وواصل مجلس النواب في جلسة عقدها أمس برئاسة رئيس المجلس مازن القاضي، وحضرها رئيس الوزراء جعفر حسان وأعضاء من الفريق الحكومي، وأدار جزءًا منها النائب الأول خميس عطية، والثاني إبراهيم الصرايرة، مناقشة مشروع قانون الموازنة.
وخرجت المناقشات من إطار الملاحظات التقنية إلى مستوى شمل مراجعة النهج الاقتصادي للدولة، وطرح أسئلة صريحة حول المستقبل المالي، ودور الحكومة، وحدود قدرتها على الالتزام بخططها ومدى واقعية تقديراتها، إضافة إلى مدى انسجامها مع رؤية التحديث الاقتصادي.
وبرز ملف الدين العام بوصفه العنوان الأبرز في النقاشات، حيث شدد نواب على أنّ وصول هذا الدين إلى مستويات تتجاوز الحدود القانونية يستدعي أكثر من مجرد إجراءات تقليدية، بل يتطلب إعادة تعريف فلسفة إدارة المال العام، والتوقف عن المقاربات المحاسبية التي تعتمد على تدوير الأرقام وإعادة إنتاج الموازنات بذات الهيكلية، دون تغيير في الأولويات أو آليات التنفيذ.
وقال نواب إن إدارة الدين لم تعد مسألة مالية فقط، بل مسألة سيادة مالية واقتصادية، ذات انعكاسات مباشرة على الاستقرار الاجتماعي والأمن الوطني.
وأشار متحدثون إلى أن الأرقام الواردة في الموازنة لا تكفي وحدها لطمأنه الرأي العام أو لقياس مدى قدرة الحكومة على إدارة المرحلة المقبلة، معتبرين أن الثقة لا تُبنى على الجداول بل على النتائج. 
وقالوا إن استمرار ارتفاع النفقات الجارية إلى مستويات غير مسبوقة، على حساب النفقات الرأسمالية، يعكس خللًا هيكليًا يتكرر عاماً بعد عام دون رؤية واضحة لمعالجته.
ورأى نواب أن مشروع الموازنة الحالي يحمل ملامح "انضباط مالي"، لكنه يفتقر إلى الجرأة المطلوبة في إطلاق مشاريع إنتاجية أو مراجعة هيكلة الجهاز الإداري للدولة أو معالجة الترهل أو تخفيف العبء الضريبي الذي يثقل كاهل المواطن والقطاع الخاص. 
وأكدوا أن الأردن بحاجة إلى موازنة تتسم بـ"المغامرة المحسوبة والنموذج الاقتصادي الجديد"، لا الاكتفاء بالإدارة التقليدية للعجز.
وشدد متحدثون على أن الزيارات الملكية الخارجية خلال العامين الماضيين مثّلت نافذة إستراتيجية للأردن، وأسهمت في فتح ملفات اقتصادية وسياسية كبرى، ودفعت باتجاه ترسيخ موقع المملكة كشريك إقليمي يعتمد على التكنولوجيا والمعرفة، داعين الحكومة إلى تحويل هذه الزيارات إلى نتائج ملموسة عبر خطط اقتصادية واضحة، وعدم الاكتفاء بالبيانات العامة التي تُعلن عقب كل جولة.
وشكك نواب في تقديرات الحكومة المتعلقة بمعدل التضخم ومعدلات النمو، معتبرين أن الأوضاع الاقتصادية العالمية الموسومة بعدم اليقين والتوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة تجعل من الضروري أن تتعامل الحكومة بقدر أكبر من الحذر والواقعية.
ودعا متحدثون إلى تقليل الاعتماد على الضرائب المباشرة التي تشكل نحو 60 % من الإيرادات، معتبرين أن هذا الهيكل الضريبي غير قابل للاستمرار ويؤدي إلى إضعاف الطلب المحلي وإبطاء عجلة الاقتصاد، إضافة إلى أنه يضيف أعباء متزايدة على الطبقات المتوسطة والفقيرة.
وطالب نواب بالتركيز على خفض تكلفة خدمة الدين التي تستنزف حصة كبيرة من الموازنة، معتبرين أن أي تأخير في ضبط الدين سيقود إلى دائرة أعمق من التعقيد المالي. وشددوا على ضرورة الحفاظ على شبكة الأمان الاجتماعي ودعم السلع الأساسية، مثل الخبز والأعلاف، واستمرار دعم علاج السرطان، ودعم المزارعين الصغار الذين يعتبرون ركيزة الأمن الغذائي الوطني.