بعد سنوات من التأكيد على أهمية إنجازه.. أين وصل ملف التحديث الإداري؟
تعديل التشريعات لتطوير المؤسسات الحكومية والنهوض بأدائها لمواكبة العصر
الغد-عبد الله الربيحات
أكد خبراء في الإدارة ومسؤولون، أن الحكومة تمتاز بالسعي لأن يكون عمل مؤسساتها أفضل وأقل تكلفة، وخدمات ذات جودة ونتائج أفضل، فالدول حاليا، تتجه لتصغير حجم القطاع العام وزيادة كفاءته.
وبينوا لـ"الغد"، أن ملف هيكلة الإدارة العامة بحث لأكثر من مرة، لمحتواه المواكب للعصر، وحساسيته جهة الوظائف الحكومية، لذا جرى طرحه منذ أعوام، وأخذ الرد عليه ومناقشته أعواما، لافتين إلى صدور قرارات وزارية سابقة، لدمج دوائر في القطاع العام، لكن تلك القرارات لم تتابع وفي الوقت نفسه لم يجر التراجع عنها، برغم ما حمله ذلك للدولة من أكلاف مالية كبيرة، بالاضافة إلى أن التأرجح في القرارات، غير مطمئن للموظفين ولأوضاعهم الوظيفية واستقرارهم، بخاصة وان أساس النجاح الإداري، هو الامان الوظيفي للعاملين.
وأشاروا إلى ان حكومة د. جعفر حسان، تنتهج اسلوباً تطبيقياً سليما عبر الالتزام والتنفيذ ودراسة الأثر، وأنها متفائلة بالخطة التي ستقدمها، مبينين ان تعديلاتها على نظام الخدمة المدنية جيدة، كما أنها اجرت تعديلات على قانون إعادة هيكلة المؤسسات والدوائر الحكومية لسنة 2025، تنفيذاً لمتطلبات إنشاء وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية.
إدارة الموارد البشرية
أمين عام وزارة تطوير القطاع العام ومدير عام معهد الإدارة العامة سابقا د. عبدالله القضاة، بين ان حكومة حسان، أولت التحديث الإداري عنايتها، معتمدة على العمل الميداني والنهج التشاركي والإنجاز السريع، واختارت وزير الدولة لتطوير القطاع العام خيري أبوصعيليك، الذي اتجه منذ بداية تكليفه إلى مشاورة خبراء أردنيين في الإدارة، ومراجعة سريعة لخريطة تحديث القطاع العام.
وأشار إلى أهمية نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، الذي جاء كثمرة من ثمار خريطة التحديث، وأسس لانطلاقها، ما جعلها تشكل رافعة للتحديث السياسي والاقتصادي، الذي أراده جلالة الملك عبدالله الثاني في رؤيته للتحديث.
وبين القضاة أن النظام تضمن لأول مرة تطبيق مبدأ "الحوافز التشجيعية" لموظفي القطاع العام أسوة بالممارسات الإدارية الفضلى، وتميز بتطبيق منظور جديد لإدارة الأداء، بربط الأهداف التشغيلية والفردية بإستراتيجية الدائرة. إلى جانب تضمنه رؤية تطويرية لترقية الموظف، أنهى فيها عامل الزمن أو الترقية التلقائية، لتصبح بناء على الجدارة والاستحقاق وتكافؤ الفرص، وعالج ما يتعلق بالإجازة دون راتب.
نظام جديد لمعهد الإدارة
ولفت القضاة إلى أن الحكومة سعت لإحياء الدور التاريخي والإرث المعرفي لمعهد الإدارة العامة بوصفه بيتَ خبرةٍ ورافعةً لتحديث الإدارة العامة، عبر رفع كفاية موظفي الدولة وإعدادهم علميًا ومهنيا لتحمل مسؤولياتهم وممارسة صلاحياتهم، بما يكفل الارتقاء بمستوى الإدارة، ويدعم قواعد تنمية الاقتصاد الذي أراده جلالة الملك عبر رؤية التحديث.
وفي هذا النطاق، بين أن إصدار نظام جديد وعصري لإدارة الموارد البشرية للمعهد، يهدف لتعزيز دور المعهد بتمكين الموارد البشريَّة في القطاع العام، ورفع كفاءاتها ومهاراتها، وإعداد القيادات ورفع كفاءة الجهاز الحكومي، وبالتالي تحسين مستوى الخدمات.
وأضاف القضاة: نتطلع، وموجب النظام الجديد؛ أن يعود المعهد مقصدا للدول العربية، لتلقي التدريب والدراسات والاستشارات، وتبادل الخبرات، وعقد المؤتمرات وورش العمل، ذات الاهتمامات المشتركة مع مؤسسات القطاع العام إقليمياً ودولياً، وأن يكون له دور استشاري وتدريبي ومعرفي؛ بما يمنحه ميزة تنافسية، للتعامل مع التحديات التي تواجه القطاع.
ولفت إلى أن النظام الزم الدوائر برفع قدرات موظفيها عن طريق المعهد، الذي منح صلاحية تقييم ودراسة احتياجاتها التدريبية والتخصصية، لتصميم برامج تدريبية تتوافق مع متطلبات تحديث القطاع العام، ومنح المعهد صلاحية اعتماد وتنفيذ خطة التدريب السنوية، والتحقق من ربط الاحتياجات التدريبية مع نتائج تقييم اداء الموظفين، ومكن الدائرة من تنفيذ برامج تدريب وتعلم مع مزودي خدمات التدريب المرخصين، او مراكز التدريب المتخصصة، وفقا للأسس التي يضعها المعهد.
هيئة الخدمة والإدارة العامة
نجحت الحكومة بتعديل نظام هيئة الخدمة والإدارة العامة خلال فترة قصيرة، استجابة لدورها الجديد، المتخصص بالتخطيط والرقابة بعيدا عن التنفيذ الذي ترك للدوائر مباشرة لتحقيق الحوكمة الرشيدة التي تضمنتها خريطة تحديث القطاع العام. لافتا لأهمية هذه التعديلات في أن تلعب الهيئة دورا حيويا بضمان الشفافية والكفاءة والمساءلة في عمل المؤسسات الحكومية، ما يضمن امتثالا لدوائر الحكومة، ما يساعد بمكافحة الفساد، وسوء تطبيق التشريعات الخاصة بالوظيفة العامة، وهذا يسهم بتحسين الأداء الإداري.
وأشار إلى أن تطبيق هذه التعديلات، ضمان للامتثال للتشريعات الناظمة لإدارة الموارد البشرية في القطاع، والتأكد من أن المؤسسات الحكومية تلتزم بالتشريعات المنظمة لأعمالها، والحد من التجاوزات في التطبيق، عبر الرقابة الدورية التي تمكن الهيئة من الغاء القرارات الإدارية.
وبين أن قوة الهيئة وتمكينها تشريعيا وهيكليا وبشريا، ستكون له نتائج مرضية بتحسين جودة الخدمات، وفق معايير أداء معتمدة، بالتشارك مع متلقي الخدمات، ما يساعد بتوجيه التحديث الإداري لينعكس أثره على تحسين رضا المواطنين عنها.
وفي نطاق، عملية دمج الهيئات، رأى أنها خطوة مهمة، تخفض النفقات الحكومية وتحسن الكفاءة التشغيلية، وتنعكس إيجابيا على الاقتصاد والخدمات العامة.
وبحسب رأي القضاة، فإن عملية الدمج من الإستراتيجيات الفعالة لتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتقليل الهدر المالي، ويعد تخفيض النفقات التشغيلية من الفوائد الرئيسة للدمج، إذ إنه يتوقع بأن يؤدي قرار الحكومة بالدمج لتقليص مبان ومكاتب مستأجرة أو مملوكة، ما يقلل من أكلاف الإيجارات والصيانة.
وأشار إلى أن قرار الدمج يقلل من تكرار المهام الوظيفية والهيكلية، ويحد من الإنفاق غير الضروري على الرواتب والمزايا الإدارية؛ ويسمح بإعادة توجيه الموارد المالية إلى قطاعات أكثر احتياجا، كالصحة والتعليم والبنية التحتية، ويسهم بالقضاء على الازدواجية في المهام، وتوحيد الجهود وتحقيق التكامل بين الإدارات بدلاً من التنافس غير المنتج.
ولفت إلى أن أهم انعكاسات نتائج الدمج، تكمن في الأثر الذي تحققه بتحسين الخدمات للمواطنين، اذ يساعد بتسهيل الإجراءات وتقليل البيروقراطية، وتحسين جودة الخدمة.
تطوير نظام القيادات الحكومية
ولفت إلى ان نظام القيادات الحكومية رقم (70) لسنة 2024، يعتبر قفزة نوعية باتجاه مأسسة وحوكمة إجراءات اختيار وتعيين القيادات الحكومية بما يلبي متطلبات التحديث، والجديد فيه وفق التعديل الحكومي الأخير، تقسيمه للقيادات الحكومية إلى مستويين؛ عليا وتنفيذية، وتشمل العليا: شاغلي وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا ممن يتولون إدارة الجهاز التنفيذي، وتشمل التنفيذية، شاغلي وظائف الإدارة الوسطى ممن يتولون إدارة موارد الدائرة، بما يمكن شاغلي وظائف الفئة العليا من تحقيق الاهداف وتنفيذ الإستراتيجيات والخطط والبرامج والمشاريع، لتشمل الوظائف الاشرافية.
وبين أن النظام الجديد، تميز بمرونته؛ عبر ايراد نص لاضافة أي وظيفة أو مستوى آخر، يقرر مجلس الوزراء اعتبارها من القيادات الحكومية.
وأضاف القضاة، ان من مزايا النظام الجديد ترسيخ حوكمة إجراءات استقطاب القيادات وتقييم أدائها، اذ اعتبرالنظام إطار الكفايات للوظائف القيادية الذي تعده هيئة الخدمة، ويقره مجلس الوزراء، أساسا لاستقطابها وتعيينها وتقيم أداء شاغليها الوظيفي، كما انه أخضع الوظائف القيادية العليا لآلية التحفيز الاستثنائي في نظام الموارد البشرية، علما بان هذه الوظائف كانت سابقا تحرم من هذه الميزة.
وقال إن النظام الجديد ألزم الدائرة بوضع خطة لمنظومة الاستقطاب وتطوير القيادات المستقبلية، وتأهيل وبناء القدرات الحكومية والمستقبلية، بتحديد وتحليل الاحتياجات الفردية لتطويرها، وتلبيتها عبر خطط تطوير فردية مستندة على الكفايات القيادية، وخطط التعاقب الوظيفي لإشغال الوظائف القيادية الحرجة.
ويبين القضاة ان النظام الجديد أعطى معهد الإدارة العامة دورا مهما بتلبية الاحتياجات التطويرية للقيادات الحكومية، بما في ذلك تخطيط البرامج التدريبية للقيادات المستقبلية وتصميمها وتنفيذها.
الهيكلة لترشيق الجهاز الإداري
وزيرة الدولة لتطوير القطاع المؤسسي الأسبق، ياسرة غوشة، بينت ان الحكومة الافضل، تمتاز بالعمل على مؤسساتها بشكل أفضل وبأقل تكلفة، وتقدم الخدمة الأجود وتحقق أفضل النتائج، وكل العالم اليوم يتجه لتصغير حجم القطاع العام وزيادة كفاءته.
واضافت غوشة، ان هيكلة الجهاز الحكومي، يرشق الجهاز الإداري ويضاعف فعاليته الاقتصادية عبر المراجعات الشاملة للطبيعة القانونية والتنظيمية والهيكلية والوظيفية للدوائر والمؤسسات، واجراء الدمج لمنع الازدواجية، وكذلك المراجعات الشاملة للوصف الوظيفي وكفاءة العاملين في القطاع، وإعادة تدوير الكوادر حسب الاحتياجات من فوائض أو نقص.
ولفتت إلى أن مسؤولية إجراء هذه المراجعات، تقع على الوزارات المعنية بدعم من ديوان الخدمة المدنية، لتزويد وحدة الإستراتيجية، ودعم القرار برئاسة الوزارء بالمعلومات والبيانات الرقمية والاحصاءات والتوقعات المستقبلية لحجم العبء الوظيفي، اذ تعتبر هذه الدراسات والمعلومات والبيانات المادة الأساسية التي تتيح دراسة الأثر، قبل الإقدام على اصدار تشريع أو تنفيذ خطة الهيكلة.
ولفتت إلى أننا في الأردن، نجد أن كل برنامج إصلاح القطاع العام منذ العام 2004 وحتى اليوم، يتضمن بأن أحد محاوره هيكلة القطاع العام. مبينة ان الهيكلة؛ ملف بحث لأكثر من مرة وهو ملف مهم وجديد وقديم ومطروح عالميا، وحساس لتعلقه بالوظائف الحكومية، لذا طرح منذ اعوام عدة، وأخذ اعواما حتى نضج، وصدرت عدة قرارات وزارية سابقة بدمج دوائر ولكن لم تتابع او تراجع عنها وهذا كان له تكلفة مالية عالية، كما ان التأرجح باتخاذ القرارات، يزج الموظف في وضع غير مطمئن بشأن وضعة الوظيفي واستقراره، فأساس النجاح الإداري، هو الامان الوظيفي للعاملين.
وقالت غوشة إننا نلاحظ أن الهياكل التنظيمية للوزارات والدوائر والانظمة الخاصة بالتنظيم الإداري للوزارات كثيرة التغيير، مع انه حسب أفضل الممارسات، توضع خطة إستراتيجية وتنفيذية ويكون الهيكل التنظيمي لخدمة الخطة، فلا يجري تغييره كل 6 أشهر مثلا.
وأشارت إلى انه لنجاح الهيكلة يجب تقسيم القطاعات، لتندرج تحتها الوزارات والمؤسسات وتوزع الخدمات لرؤية نقاط التشابه والتقاطع فيها، ويجري التوحيد للتخفيف على متلقى الخدمة، كما ان هناك جهات تضع سياسات وتراقب وتقدم الخدمة، بالتشارك مع القطاع الخاص.
وأضافت انه جرى إجراء دراسات كثيرة للهيكلة، لكن المهم هو التنفيذ والالتزام بها، برغم تعاقب الحكومات، وأفضل الممارسات تكمن في أن توضع خطط للدمج والإلغاء وإعادة التنظيم بوضع مدد زمنية محددة تتراوح بين 6 أشهر و5 أعوام، لتنظيم العمل وتعديل التشريعات وتدريب الموظفين.
وقالت غوشة، ان الحكومة تنتهج اسلوباً تطبيقياً سليما عن طريق الالتزام والتنفيذ ودراسة الأثر.
تفعيل منظومات الأداء والحوكمة
وقال رئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة فايز النهار، إن الهيئة تواصل جهودها لتحقيق وتنفيذ دورها، وفقا لمخرجات خريطة تحديث القطاع العام (2023 – 2033)، الهادفة لتطوير السياسات، وتعزيز كفاءة المؤسسات الحكومية وتفعيل منظومات الأداء والحوكمة والشفافية.
واضاف النهار، ان دور الهيئة بتحديث الإدارة العامة، يتمثل بانها تعمل كذراع تنفيذية للتحديث، وتسهم بتطوير السياسات وزيادة كفاءة المؤسسات، لتحقيق تحسين الأداء ورفع مستوى الشفافية، في إطار تحقيق رؤية القيادة السياسية بتطوير القطاع.
وقال إن الهيئة أطلقت مشاريع إستراتيجية لتشخيص واقع الموارد البشرية، كالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بهدف قياس مدى رضا موظفي القطاع، وتحديد احتياجاتهم ومتطلبات تعزيز انتاجيتهم، ونظمت ورش عمل تتعلق باستطلاع رضا الموارد البشرية والثقافة المؤسسية، بهدف تعزيز بيئة العمل في المؤسسات الحكومية.
وأشار النهار إلى انها قدمت تعديلات تشريعية جديدة، لتحسين الأداء الحكومي، تشمل تعليمات الرقابة والامتثال، وهذه التعليمات، تعزز الاهتمام بالمساءلة والشفافية، وتؤكد أهدافها التي تصب في التحسين والتطوير، وفق رقابة الهيئة على مدى التزام الدوائر بتنفيذ وتطبيق التشريعات والسياسات والمعايير والمؤشرات والمستهدفات المرتبطة بتطوير وتحديث الخدمات والإدارة العامة، بما في ذلك متابعة إجراءات تصويب الانحرافات والمخالفات من الدوائر، ورفع تقارير دورية لرئيس الوزراء حول مدى التزامها.
وبين النهار أن التعليمات جاءت لإعداد إطار الامتثال بالقطاع العام، متضمنا تعليمات الرقابة والامتثال، والسياسات والإجراءات والإرشادات للامتثال في مجالات عمل الهيئة كافة، إضافة لإعداد أدلة الامتثال ودليل الإجراءات للرقابة الدورية وغير الدورية، بما يشمل المراقبة والتقييم، واتخاذ الإجراءات التصحيحية، مبينا أن وجود هذه التعليمات، يمنحنا مكننة تشريعية لتنفيذها في إطار مؤسسي مستدام.
وأكد أهمية التعليمات، لضمان الشفافية والمساءلة بالإدارة العامة، وتعزيز مبادئ الحوكمة والمساءلة التي تعزز الثقة بين المواطنين والحكومة، بتحسين الخدمات، كما يخدم ايضا خريطة طريق التحديث، موضحا أن الهيئة أصدرت تعليمات الدوام الرسمي والمرن في القطاع، اذ تعتبر خطوة مهمة في إطار التحديث للقطاع، فهي تحمل في طياتها أبعادا تسهم بتطوير كفاءة العمل الحكومي، وتحسين بيئته، ما يعود بالنفع على الأداء العام للمؤسسات الحكومية.
ولفت إلى أن أهمية التعليمات الجديدة تكمن في مرونة ساعات العمل، عن طريق السماح للموظفين باختيار موعد بدء دوامهم بين الساعة الـ7.30 صباحًا والـ4.30 مساءً، اذ تتيح التعليمات للموظف فرصًا أكبر للتوازن بين الحياة الشخصية والعملية، وهذا يعزز الرضا الوظيفي والالتزام.
التوازن بين احتياجات الموظف والدائرة
وأوضح النهار، أن التعليمات تتيح للموظف اختيار ساعات العمل بما يتناسب مع احتياجاته، شريطة أن تتماشى مع متطلبات العمل بالدائرة، وهذا يمنح المرونة، ويعزز الإنتاجية دون التأثير على سير العمل ودعم العمل عن بُعد، وتطبيقه لبعض الوظائف الإدارية، بخاصة في الوظائف التي لا تتطلب تفاعلًا مباشرًا مع متلقي الخدمة، كوظائف التواصل الاجتماعي، ما يعكس التوجه لتبني التكنولوجيا الحديثة ويمنح الموظفين المزيد من الخيارات، والعمل بالتناوب ويُتيح نظام العمل بالتناوب مع توزيع أيام الدوام بين الموظفين، ضمن المسمى الوظيفي نفسه، وهذا يسهم بضمان استمراريته دون التأثير على الإنتاجية، ويُعزز التوازن بين تحقيق أهداف المؤسسة وضمان الراحة للموظفين.
تعزيز الكفاءة والإنتاجية
وفي هذا السياق، بين النهار، أن التعليمات تهدف لتحسين الإنتاجية عبر قياس الإنجازات ومؤشرات الأداء دوريا وبالتالي تعزيز استمرارية تقديم الخدمات الحكومية حتى في الظروف الطارئة، ليرفع من مستوى الشفافية والمساءلة، وخفض التكاليف التشغيلية، بتقليل التكاليف المرتبطة بالتشغيل التقليدي، كالتكاليف المتعلقة بالبنية التحتية للمكاتب، إذ يعزز النظام الجديد، قدرة الدوائر الحكومية على تقديم خدمات بكفاءة أعلى وبتكلفة أقل.
وأشار إلى أن تحسين استجابة الحكومة للاحتياجات الطارئة، يسهم بتعزيز المرونة الحكومية وفق التعليمات، ويتيح استجابة أسرع في حالات الطوارئ أو الظروف الاستثنائية، وهذا يشمل استمرار تقديم الخدمات دون التأثير على نوعيتها أو توقيتاتها.
وقال النهار إن التعليمات بمنزلة نقلة نوعية في كيفية إدارة العمل الحكومي، وهي خطوة مهمة لخلق بيئة عمل أكثر كفاءة وتكاملًا مع التطورات التقنية والتكنولوجية الحديثة، ما يسهم بتحسين الخدمات العامة ويعزز من رضا المواطنين عن القطاع.
وأشار النهار إلى أن الهيئة، أصدرت مسودة نظام إدارة وتطوير الخدمات الحكومية ونظام تطوير الهياكل التنظيمية، وتابعت إصدار الأدلة والتعليمات لتنفيذ نظام إدارة الموارد الذي يشمل تعديلات على الإجازات والترفيع والمكافآت والتحفيز الاستثنائي، وإدخال التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء الحكومي، وتعزيز الشفافية والعدالة والمساءلة.
خطة رقابية بمعايير واضحة
أما بالنسبة للدور الرقابي والتنظيم، فبين أن الهيئة تقوم بدور رقابي فعال بمتابعة مدى التزام الدوائر الحكومية بالسياسات والتشريعات، وقد طورت خطة رقابية دقيقة تتضمن معايير واضحة، وتقديم تقارير دورية لرئيس الوزراء حول أداء القطاع، مضيفا بانها تعمل بشكل وثيق مع الجهات الحكومية لتعزيز التحديث، عبر لقاءات دورية مع اللجنة الإدارية بمجلس النواب، وجلسات تشاورية مع 50 جهة حكومية، لتسهيل تطبيق النظام، إلى جانب تنظيمها لقاء تفاعليًا مع مديري الموارد البشرية في 94 دائرة حكومية، لتوضيح آليات تطبيق مضامين نظام الموارد البشرية، لتحسين العمل الحكومي.
وأكد النهار أن الهيئة توفر أدوات متقدمة للمساعدة بتطوير الأداء، كالأدلة الإجرائية والنماذج والمنصات الرقمية، وينتظر افتتاح مركز تقييم الكفايات قريبًا بدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ليصبح مركزًا معتمدًا لقياس الكفايات الحكومية.
وبحسب النهار فإن التحولات الجذرية التي شهدتها منظومة الموارد البشرية، وفقا لخريطة طريق تحديث القطاع العام، ستوقف العمل بنظام المخزون مع حلول العام 2027، وسيجري التحول للإعلان المفتوح للتوظيف على أساس الكفايات والمؤهلات.
وعلى صعيد القرارات بشأن تحديث القطاع العام، اشار النهار إلى أن مجلس الوزراء كلف وزارة المياه بالسَّير في إجراءات فسخ شركة تطوير وادي عربة وتصفيتها، وإعادة مهامها وغاياتها لسُلطة وادي الأردن، وذلك في نطاق سعي الحكومة لتحديث القطاع، وترشيق عمل المؤسَّسات، بما ينعكس إيجاباً على مستوى الأداء وكفاءة المؤسَّسات، والمضي قُدماً في الإجراءات، لإزالة التَّداخل في المهام والصَّلاحيَّات، والتي كانت موجودة بين الشَّركة وسُلطة وادي الأردن، خصوصاً وأن 124 موظَّفاً من العاملين في الشَّركة من أصل 136 موظَّفاً هم في الأصل مكلَّفون وملحقون من السُّلطة وبالتَّالي سيُصار لإعادتهم إلى وظائفهم الأصليَّة.
ولفت إلى أن القرار يهدف لتعزيز الكفاءة الإداريَّة، وتوحيد الجهود بما يسهم بترشيد النَّفقات، وتحسين آليَّة المتابعة والتَّنفيذ، مع إسناد المهام والغايات التي تقوم بها شركة تطوير وادي عربة إلى وحدة إداريَّة مختصَّة داخل سُلطة وادي الأردن.
وأقرَّ مجلس الوزراء كذلك نظام الهياكل التنظيمية في القطاع العام لسنة 2025، بهدف مأسسة قيام الدوائر الحكومية بالتخطيط لاحتياجاتها من الموارد البشرية وفقاً للمخصصات المالية، بهدف تحقيق الأهداف الإستراتيجية للقطاع العام، وضمان التكاملية وعدم الازدواجية في الأدوار والمهام، وعدم تكرار استخدام المسميات وتفعيل الالتزام بالحوكمة، وحددت أحكامه تسلسل المستويات الإدارية للوحدات التنظيمية بثلاثة مستويات، وربطها بنطاق الإشراف وحجم العمل والانتشار الجغرافي.
كما ألزم النظام الدوائر بمراجعة وتطوير الأوصاف الوظيفية للوظائف المتأثرة والمستحدثة، إضافة لتطوير خطة إدارة المخاطر الإستراتيجية والتشغيلية.
ويأتي هذا التعديل انسجاماً مع مواقف المملكة الثابتة والمنطلقة من الوصاية الهاشمية بتعزيز صمود المقدسيين على أرضهم، حيث تتبع دائرة أوقاف القدس إلى وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وتشرف على شؤون المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف، وتتولى اعمار ورعاية مساجد مدينة القدس.
ووفقاً لهذه التعديلات فإنه يتم تقييم وتحديد رواتب وظائف العاملين في أوقاف القدس والمسجد الأقصى المبارك وفق سلم الرواتب الأساسية، مضافاً إليها علاوة الصمود الملكية، كما سيتم منح علاوة على سلم الرواتب الأساسية للعاملين في دائرة قاضي القضاة في القدس.
كما عالجت التعديلات حالات الترقية للموظف الذي يقل راتبه الجديد عن إجمالي ما كان يتقاضاه، إذ نصت التعليمات على منحه راتباً شاملاً يساوي ما كان يتقاضاه، مضافاً إليه ما نسبته 10 % ويأتي ذلك لتشجيع ترقية الموظفين الذين يتمتعون بالكفايات المطلوبة.
وبين النهار أن المخزون يحتوي على نحو 465 ألف طلب، بانخفاض 20 ألف طلب عن العام الماضي، حيث أن أكثر من 40 % من أصحاب الطلبات يعملون في القطاع الخاص أو قطاعات أخرى. و70 % من الطلبات تعود للإناث، في حين أن 87 % من المتقدمين يحملون شهادة البكالوريوس.
وأشار إلى أن الهيئة تستعد لاستضافة المؤتمر التاسع لشبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للإدارة العامة (مينابار) خلال الفترة من 28 إلى 30 نيسان، حيث سيشارك في المؤتمر 19 دولة، وتُعرض فيه 129 ورقة بحثية حول أفضل الممارسات في الإدارة العامة، كما عقدت الهيئة جلسة حوارية مع مشروع الزمالة البرلمانية لتعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار الحكومي.
وأكد النهار أن الجهود الحثيثة للهيئة لتطوير الإدارة العامة في الأردن، ستتواصل بما يضمن تقديم خدمات حكومية أكثر كفاءة وفعالية ويحقق الاستجابة الأمثل لتطلعات المواطنين.
توحيد الجهود لرفع كفاءة القطاع
وقال رئيس اللجنة الإدارية بمجلس الأعيان، العين توفيق كريشان، حينها إن اللجنة أقرت مشروع القانون المُعدل بعد الاستماع لجميع وجهات النظر حول أسباب التعديلات ومدى انسجامها مع خريطة التحديث، مؤكداً حرص اللجنة على إقرار أي قانون يواكب العصر ويحقق أهداف الإصلاح الإداري وتعزيز كفاءة العمل الحكومي.
وأشاد كريشان بالتوجه لدمج الهيئات والمؤسسات ذات المهام المتشابهة في عملها، لتوحيد جهود رفع كفاءة القطاع، وتحسين الأداء وجودة الخدمات، وتوفير الموارد دون المساس بحقوق الموظفين بالوزارات والمؤسسات والهيئات.
إصلاح المنظومة التربوية
من جانبه، أوضح الوزير أبو صعيليك، أن التعديل يأتي ضمن إصلاح المنظومة التربوية في المملكة، ويُعتبر جزءًا من مشروع إصلاحي كبير لمنظومة التربية والتعليم، سيتم بموجبه دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي.
وأشار إلى أن دمج هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية مع هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها يأتي أيضًا في إطار تشابه عملهما، مبيّنًا أنه في حال إقرار مجلس الأمة، بشقيه النواب والأعيان، لمشروع القانون المُعدل الحالي، ستقدم الحكومة لاحقًا مشروع قانون لـ"هيئة الاعتماد وضمان الجودة"، وآخر لـ"وزارة التعليم والموارد البشرية".
ويأتي مشروع القانون المُعدل، كما قال أبو صعيليك، وفقًا لأسبابه الموجبة، لدمج هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية مع هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها ضمن هيئة واحدة تحت اسم "هيئة الاعتماد وضمان الجودة"، لتمكينها من القيام بمهام التنظيم والاعتماد وضمان الجودة في جميع جوانب منظومة التعليم والموارد البشرية.
وأضاف انه ينقل صندوق دعم أنشطة التعليم والتدريب المهني والتقني وتطوير المهارات المنشأ في هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية لوزارة العمل، وينقل صندوق دعم البحث العلمي والابتكار، المنشأ في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، ولتنظيم الأحكام المتعلقة بنقل كل منهما.
كما بين انه يعزز استقلالية المؤسسات الإعلامية، ويدعم جهودها الإعلامية، بعدم اقتصار تولي رئاسة مجلس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني ومجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية "بترا" على وزير الاتصال الحكومي، ومنح رئيس الوزراء صلاحية تسمية من يراه مناسبًا لهذه الغاية، بما يتماشى مع الممارسات الفضلى المتعلقة باستقلالية الإعلام.