أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Apr-2025

الشراكة الاقتصادية العربية.. لا وقت للتفكير وسط الحروب التجارية

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

 في ظل مشهد اقتصادي عالمي باتت تسيطر فيه سياسة الانكفاء على الذات وتشكيل تحالفات جديدة على سير الأحداث، يحذر خبراء من مغبة استمرار تعامل الدول العربية مع الواقع الجديد ضمن دائرة التعاون الثنائي الاقتصادي المحدود.
 
 
ويرى الخبراء، أن هناك حاجة ملحة نحو تعزيز تكامل اقتصادي عربي كخيار إستراتيجي لضمان استمرارية سلاسل الإمداد ومواجهة السياسات الحمائية المتزايدة.
 
ويبرز الأردن كلاعب محوري في هذا السياق، نظرا لموقعه الجغرافي واتفاقياته الاقتصادية القائمة مع دول المنطقة، بحسب الخبراء الذين أكدوا أن اللحظة الراهنة تشكل فرصة تاريخية لإطلاق مشروع تكامل اقتصادي عربي واسع ينطلق من الشراكات القائمة ويعيد تشكيل سلاسل الإمداد في المنطقة.
وأوضح هؤلاء في تصريحات خاصة لـ"الغد"، أن الأرضية اللازمة لقيام التكامل العربي متوفرة، إذ إن هناك اتفاقيات شراكة عدة قائمة بين الدول العربية، يمكن البناء عليها وتوسعتها بما يتيح قيام تكامل اقتصادي وتجاري مكتمل الأركان بين الدول العربية.
ويرى هؤلاء أن تهيئة الاقتصاد الوطني ليكون جاهزا للانخراط في أي مشروعات شراكة اقتصادية عربية وإقليمية، يتطلب دعما حكوميا حقيقيا للقطاعات الإنتاجية والصناعية، إضافة إلى ضرورة تفعيل حقيقي للشراكة بين القطاعين العام والخاص، علاوة على تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، ولا سيما الاتفاقيات الثنائية مع كل من: السعودية، والعراق وسورية، إذ إنه يمكن لأسواق هذه الدول أن توفر قيمة مضافة للصادرات الأردنية.
وبغية تعزيز التكامل الاقتصادي العربي ما بين الدول العربية، دعا الخبراء إلى ضرورة تطوير البنية التحتية واللوجستية الخاصة بقطاع النقل بما يضمن قدرتها على تلبية الشحن التجاري والبري بين الدول، من خلال تدشين شبكات نقل بري جديدة وكذلك سكك حديدية، فضلا عن استحداث أسطول للنقل البحري المتخصص.
ويضاف إلى ذلك، بناء قاعدة بشرية مؤهلة قادرة على تنمية الشباب العربي من خلال التركيز على جودة التعليم والبحث العلمي، وتأهيل وتدريب القوى العاملة، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال العربية.
واقع التجارية العربية- الأردنية
وتكشف أحدث المعطيات الإحصائية عن استحواذ دول منطقة التجارة الحرة العربية، على الحصة الكبرى من إجمالي الصادرات الوطنية بين الشركاء التجاريين والتكتلات الاقتصادية حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، عن ارتفاع حجم التبادل التجاري الأردني مع الدول العربية بما نسبته  11.23 %، ليصل إلى ما مقداره 8.642 مليار دينار.
وتشير البيانات الإحصائية التي حللتها "الغد"، إلى ارتفاع نسبة الصادرات خلال العام الماضي بنسبة 15.9 %، حيث  بلغت قيمتها 3.564 مليار دينار، مقارنة مع 3.076 مليار خلال الفترة نفسها من العام 2023.
كما ارتفعت مستوردات المملكة من دول التجارة الحرة العربية الكبرى، للفترة ذاتها بنسبة 8.2 %، لتبلغ 5.078 مليار دينار، مقارنة بـ4.693 مليار دينار للفترة نفسها من العام 2023.
وطبقا لهذه المعطيات، انخفض عجز الميزان التجاري للمملكة مع دول التجارة الحرة العربية الكبرى للفترة نفسها ليصل إلى 1.514 مليار دينار، مقابل 1.508 مليار دينار للفترة نفسها من العام 2023.
الترابط الاقتصادي والاستثماري والتجاري ضرورة عربية
وقال الأمين العام المساعد في اتحاد رجال الأعمال العرب طارق حجازي: "إن تحقيق التكامل الاقتصادي العربي يكمن في دعم الاقتصادات العربية المتضررة وإعادة تأهليها خاصة في الدول التي تعاني الحروب والاضطرابات، بما في ذلك تطوير مشاريع البنية التحتية، والتركيز على قطاع الطاقة والربط الكهربائي وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين مناخ الأعمال وتسهيل انتقال رؤوس الأموال العربية وتشجيعها، من خلال إصدار بطاقة المستثمر العربي لتسهيل حركة المستثمرين ومنحهم مزايا تحفيزية".
وشدد حجازي على أهمية تعزيز الترابط الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين الدول العربية، من خلال تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى خاصة في ظل التوترات التجارية العالمية والتي قد تنذر بوقوع حرب تجارية، فلا بد من تعزيز الأسواق التصديرية العربية، كما أشار إلى أهمية السعي في إطار مزامنة المسار السياسي والعمل الاقتصادي العربي المشترك وتوحيد العمل الاقتصادي العربي، بما يحقق التكامل بين الدول العربية، مشيرا إلى دور الأردن في حل القضايا العربية الذي يعد حلقة وصل اقتصادية بين العديد من الدول العربية لما يتميز من موقع جغرافي وقوة اقتصادية على مستوى المنطقة.
وأكد حجازي ضرورة بناء قاعدة بشرية مؤهلة قادرة على تنمية الشباب العربي من خلال التركيز على جودة التعليم والبحث العلمي، وتأهيل وتدريب القوى العاملة، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، ودعم وتطوير البنية التحتية للدول العربية في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، لتعزيز الاقتصادات العربية ومواكبة التطورات العالمية وتعزيز التنافسية والترابط بين الدول.
التكامل الاقتصادي أرضية عربية متوفرة وفرص سانحة
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي موسى الساكت أن الأرضية اللازمة لقيام التكامل العربي متوفرة، حيث هناك اتفاقيات شراكة عدة قائمة بين الدول العربية، حيث يمكن البناء عليها وتوسعتها بما يتيح قيام تكامل اقتصادي وتجاري مكتمل الأركان بين الدول العربية، ومنها مثلا اتفاقية الشراكة الخماسية التي تجمع الأردن، مصر والعراق، والإمارات والبحرين، عدا عن اتفاقيات الشراكة القائمة بين دول الخليج العربي ، والمجالس الاقتصادية الثنائية العربية بين مختلف الدول.
ويرى الساكت، أن اللحظة الراهنة المتمثلة بالميل الأميركي إلى الحمائية الاقتصادية، وما يواجهه العالم من توترات سياسية واقتصادية عدة، فضلا عن الضغوط الاقتصادية التي ترزح كثير من الدول العربية تحتها، تجعل الحاجة ملحة إلى حراك اقتصادي عربي، يتجاوز العلاقات الثنائية نحو شبكة تكامل اقتصادي حقيقي، تضمن استمرار دورة الصادرات العربية وتنقل البضائع والخدمات والعمالة فيما بينها.
وأشار الساكت إلى أن ما تتمتع به كل دولة عربية من ميزة تنافسية، يمكن تسخيرها للاستفادة منها بشكل جماعي، الأمر الذي من شأنه أن يرتقي بالتعاون الاقتصادي إلى مرحلة من النمو والازدهار، بما تعود بالنفع في نهاية المطاف على شعوب المنطقة، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة تطوير شبكات النقل البري العربية، إضافة إلى التوسع في النقل البحري المتخصص، عدا عن أهمية البدء بتدشين شبكات نقل سككية إقليمية للشحن التجاري والسياحي.
وأوضح الساكت أن حجم الصادرات الأردنية إلى الدول العربية، شهد حالة من التنامي الواضح خلال السنوات الماضية، لكنها ما تزال دون مستوى التطلعات  والقدرات التصديرية الوطنية.
وشدد الساكت على أن تهيئة الاقتصاد الوطني ليكون جاهزا للانخراط في أي مشروعات شراكة اقتصادية عربية وإقليمية، يتطلب دعما حكوميا حقيقيا للقطاعات الإنتاجية والصناعية، علاوة على ضرورة تفعيل حقيقي للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
شراكة اقتصادية عربية
دون المأمول
الخبير الاقتصادي مفلح عقل بدوره، اعتبر أن تعزيز التكامل العربي في هذا الظرف العالمي، ضرورة للاقتصادات العربية كافة، ولابد من تسريع الجهود نحو تحقيق هذا التكامل.
ولفت عقل إلى أن حجم الشراكة الاقتصادية بين الدول العربية ما يزال دون المأمول، حيث إن هناك اتفاقيات عدة قائمة ما بين الدول، لكن لا صدى لها على أرض الواقع، مشيرا إلى أن حجم التجارة العربية البينية بالكاد يصل إلى ما نسبته 10 %، من إجمالي حجم التجارة الخارجية العربية.
وأكد عقل أن السياسات الحمائية التجارية التي أقرتها الولايات المتحدة مؤخرا، سيكون لها ارتدادات على التجارة الدولية وسلاسل التوريد العالمية، ما يعني هنا أن التحول إلى التوسع في الشراكة التجارية العربية ضرورة إستراتيجية خلال المرحلة المقبلة.
وطالب عقل، الحكومة الأردنية بطرق أبواب التكامل الاقتصادي العربي الشامل، وفي الوقت ذاته، تكثيف جهود الدبلوماسية الاقتصادية، التي تمكنها من تحسين الشراكات الثنائية لا سيما، مع الأسواق السعودية والعراقية والسورية، التي يمكن لها أن توفر للأردن قيمة مضافة اقتصاديا، عدا عن الترابط الجغرافي فيما بينها، وتشكيل نواة لهمزة وصل تجارية ما بين الجنوب والشمال العربي، ومنه إلى أوروبا.