أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Oct-2025

اتفاقية جديدة لدعم "الناقل الوطني".. هل تحقق الأمن المائي بالمملكة؟

 الغد-إيمان الفارس

 تمثل موافقة مجلس الوزراء أول من أمس، على اتفاقيَّة نقل التمويل بقيمة 25 مليون يورو بين وزارة المالية وبنك الإعمار الألماني؛ لدعم مشروع تحلية ونقل المياه من العقبة إلى عمّان (الناقل الوطني للمياه)، خطوة إستراتيجية بالغة الأهمية بمسار تنفيذ المشروع، الذي يعدّ من أضخم مشاريع البنية التحتية في تاريخ المملكة.
 
 
وهذه الاتفاقية لا تقتصر على مجرد دعم مالي، بل تعكس أيضا ثقة دولية متنامية بجدوى المشروع وأهميته بالتصدي لأزمة المياه في الأردن.
فمن منظور اقتصادي وتنموي، يسهم هذا التمويل بتسريع الجدول الزمني لتنفيذ المشروع، عبر تمكين الجهات المعنية من تغطية جانب من تكاليف التحضيرات الفنية والإنشائية، فضلا عن تسهيل الوصول إلى تمويلات مكمّلة من مؤسسات دولية أخرى.
ومن المتوقع أن يسهم ذلك بتقليص الفجوة الزمنية بين مراحل التخطيط والتنفيذ، وهو أمر حاسم بالنظر إلى تفاقم التحديات المائية التي تواجهها المملكة.
ولا تقتصر أهمية المشروع على حجمه أو كلفته، بل في طبيعته الإستراتيجية؛ فمشروع الناقل الوطني يهدف إلى تحلية ونقل 300 مليون م3  من مياه البحر سنويا من العقبة إلى عمّان، ما يشكّل تحوّلا نوعيا بمصادر المياه في الأردن، ويقلل الاعتماد على المصادر التقليدية المحدودة والمتأثرة بتغير المناخ. كما أن المشروع سيوفر مصدرا مستداما وثابتا للمياه، وهو ما يعد عنصرا محوريا بتعزيز الأمن المائي الوطني على المدى البعيد.
وفي ظل الواقع القائم من ندرة المياه وتزايد الطلب بفعل النمو السكاني والتوسع العمراني، بخاصة في المحافظات الوسطى والشمالية، فإن المشروع يعدّ استجابة إستراتيجية بعيدة المدى، ويعكس تحولا بالنهج الأردني من إدارة الندرة إلى الاستثمار في الحلول المستدامة.
ومع استكمال البنية التمويلية اللازمة، يصبح المشروع أقرب إلى التنفيذ الفعلي، ما يعزز قدرة الأردن على التخفيف من وطأة أزماته المائية المزمنة وتأمين احتياجاته المستقبلية من المياه.
البحث عن حلول مستدامة
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري م. إياد الدحيات، في تصريحات لـ "الغد"، أن الحكومة تسابق الزمن للبحث عن حلول مستدامة لتعزيز أمن واستدامة مصادر المياه في الأردن، في ظل الندرة الشديدة بالموارد المائية الطبيعية التقليدية، والتي تشمل المياه الجوفية المستنزفة والمياه السطحية المتذبذبة نتيجة تغيرات الهطول المطري من موسم لآخر.
وأشار، إلى أن هذه الجهود تأتي في سياق السعي لضمان استمرارية تزويد المياه وتقليل آثار الإجهاد المائي والتحديات الناتجة عنه.
وأضاف، إن من أبرز محاور هذه الإستراتيجية؛ هو التوسّع في الاعتماد على مصادر المياه غير التقليدية ضمن مزيج المياه الوطني (Water Mix)، وعلى رأسها تحلية مياه البحر الأحمر، ومعالجة وتحلية المياه الجوفية المالحة، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المستصلحة.
وبين، إن هذه المصادر توفّر حلولا مستدامة وغير مرتبطة بالتغيّرات المناخية، ما يعزز من مرونة ومنعة التزويد المائي لكافة القطاعات في مختلف المحافظات.
وشدد، على أن مشروع الناقل الوطني للمياه، يعتبر حجر الزاوية في هذا التحوّل الإستراتيجي، كونه سيوفر مصادر مياه غير تقليدية ناتجة عن تحلية مياه البحر الأحمر، إلى جانب إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المستصلحة.
وأوضح أن المشروع سيوفر نحو 500 مليون م3 سنويا من المياه، سترفع نسبة المياه غير التقليدية في الموازنة المائية إلى أكثر من 43 %، في حين ستخصص 300 مليون م3 لمياه الشرب، مشيرا لأن ذلك سيكون له أثر جذري في تحسين كميات المياه المتوفرة وعدد أيام التزويد المائي في مختلف محافظات المملكة.
ولفت لأن الكمية المتبقية، والمقدرة بـ 200 مليون م3 من المياه المستصلحة، ستستخدم في توسعة الرقعة الزراعية في وادي الأردن، ما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي، فضلا عن تلبية احتياجات القطاعات الصناعية والتعدينية، والتي يمكنها الاستفادة من هذه المياه بعد معالجتها، وتقليل اعتمادها على المصادر التقليدية كالمياه الجوفية ومياه السدود السطحية.
وبشأن التمويل، اعتبر الدحيات أن موافقة مجلس الوزراء على اتفاقية تمويل بقيمة 25 مليون يورو من بنك الإعمار الألماني، تمثّل خطوة مفصلية في مسار إنجاز المشروع، كونها جزءا أساسيا من مرحلة الغلق المالي للمشروع، وتهدف إلى تمويل مساهمة الحكومة الأردنية التي التزمت بها خلال مرحلة العطاء. وأوضح أن هذه الخطوة تساهم في جعل المشروع مجديا اقتصاديا، وتضمن أن يكون العائد المالي للقطاع الخاص أعلى من كلفة تمويله، إضافة إلى دعم سعر المتر المكعب من المياه ليبقى ضمن حدود الكلفة الإجمالية الحالية.
وأكد أن البدء بتوقيع اتفاقيات الغلق المالي، يعدّ مؤشرا حاسما على الانتقال من مرحلة التعهد إلى مرحلة الالتزام المالي والبدء بالأعمال الإنشائية الفعلية لكافة مكونات المشروع، ما يعكس تقدما كبيرا في التنفيذ العملي.
وفي جانب الأثر المباشر، بيّن الدحيات أن مشروع الناقل الوطني للمياه سيساهم بشكل ملموس في رفع حصة الفرد من المياه إلى 100 م3 سنويا، بعد أن كانت قد انخفضت إلى 61 م3 فقط، وهو ما يعد دون خط الفقر المائي العالمي.
كما سيسهم المشروع بسد فجوة العجز بين التزويد والطلب المائي التي تصل نسبتها حاليا إلى 36 %، إضافة إلى خفض نسبة فاقد المياه إلى 38 % قبل بدء ضخ المياه المحلاة، ورفع عدد ساعات التزويد المستمر إلى ما لا يقل عن 72 ساعة.
وفيما تقوم وزارة المياه والري بدور محوري في سياق أعمال المشروع، فإن مرحلة الغلق المالي تعد واحدة من أبرز المحطات في تنفيذ المشروع، والتي تم التعامل معها منذ توقيع الاتفاقية الأساسية على أنها التزام تعاقدي، حيث تم تضمين جدول زمني واضح للوصول إلى الغلق كشرط رئيس لبدء الأعمال التنفيذية.
وفيما يتعلق بتنفيذ المشروع، أكد مدير وحدة مشروع الناقل الوطني م. صدام خليفات، في حديث سابق لـ"الغد"، أن الوزارة تسير بخطى واضحة نحو إنجاح هذا المشروع الوطني الإستراتيجي، بالتعاون الكامل مع الشركاء المنفذين، وتحت إشراف مباشر وحثيث من قبل وزير المياه والري م. رائد أبو السعود، لضمان تحقيق الأهداف ضمن الإطار الزمني والفني المحدد.
وقال خليفات حينها، إن مسألة الغلق المالي تعد من المحطات الأساسية في مسار تنفيذ المشروع، مضيفا إنه تم التعامل معها بشكل جدي منذ توقيع الاتفاقية، حيث نصت بنودها على ضرورة وضع جدول زمني واضح للوصول إلى الغلق المالي للطرفين، مع التأكيد أن هذا الجدول يمثل التزاما تعاقديا تترتب عليه مسؤوليات محددة لكل من وزارة المياه والري وشركة المشروع على حد سواء.
وأوضح أن الوصول إلى الغلق المالي ليس مسؤولية حصرية على شركة المشروع، بل هو جهد مشترك يتطلب تنسيقا عالي المستوى مع الحكومة، التي يقع على عاتقها دور محوري في تسهيل وتسريع الإجراءات اللازمة.