الغد-عبدالرحمن الخوالدة
أعلن البنك الدولي أخيرا عن اطلاق مشروع جديد له في الأردن وهو "دعم الحماية الاجتماعية المرنة والمستدامة"، وذلك سعيا تعزيز قدرة النظام الاجتماعي الأردني على مواجهة الصدمات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية، وضمان شمولية الدعم للفئات الأكثر ضعفا اقتصاديا واجتماعيا.
وكشف البنك الدولي في تقرير خاص له حول المشروع أن كلفته ستبلغ 1.36 مليون دولار، إذ سيتم تمويلها كقرض بشكل كامل من صندوق التحول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويتمثل الهدف الإنمائي للمشروع في دعم الحكومة الأردنية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2033-2025 من خلال الدعم المؤسسي والفني الذي يعزز أسس برنامج الحماية الاجتماعية المرن والمستدام، وذلك من خلال دعم الحكومة في تطوير نظام حماية اجتماعية مستدام ومرن، إضافة إلى تحسين كفاءة البرامج الرقمية والاجتماعية، بما يشمل إنشاء نظام وطني للإنذار المبكر لمتابعة الصدمات المختلفة، فضلا عن تطوير مهنة العمل الاجتماعي واعتماد وترخيص عدة مهن رعاية للأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة.
ويشمل المشروع على ثلاث مكونات وهي على النحو التالي، المكون الأول تعزيز النظم الوطنية للحماية الاجتماعية، وتم تخصيص تمويل بقيمة 430 ألف دولار، وسيدعم هذا المكون تطوير وتشغيل منصة رقمية وتحليلية متكاملة، ومجموعة قابلة للتوسيع من الأدوات الرقمية والتحليلية، لتعزيز التنسيق والاستجابة والكفاءة في تقديم الحماية الاجتماعية. تشمل الأنشطة تصميم وتنفيذ نظام وطني للإنذار المبكر (EWS) لرصد والاستجابة ليس فقط للصدمات المناخية، بل أيضا للتحديات الاجتماعية الأوسع نطاقا، مثل التسرب من المدارس، والعنف المنزلي، وتسول الأطفال، وغيرها من التحديات المتعلقة بالحماية.
أما المكون الثاني فهو إضفاء الطابع المهني على العمل الاجتماعي، وخصص تمويل له بقيمة 400 ألف دولار، ويهدف هذا المكون إلى دعم تطوير اقتصاد رعاية منظم وشامل ومستدام، إضافة إلى تحسين جودة الخدمات ويهيئ فرصا اقتصادية، لا سيما للنساء. تشمل الأنشطة الرئيسية، إعداد مهن الرعاية للاحتراف، مما يؤدي إلى اعتماد وترخيص 3-5 مهن رعاية (مثل رعاية الأطفال، ورعاية المسنين، ورعاية ذوي الإعاقة). وتشمل الأنشطة أيضا تقييم برامج التدريب الحالية ومقدميها، بما في ذلك محتوى البرنامج، ونطاق تغطيته، وقدراته، وتطوير مناهج التدريب والمعايير المهنية، وتقديم برامج تدريبية تلبي متطلبات سوق العمل المحلية والدولية.
كما يدعم هذا المكون الانتقال من الرعاية المؤسسية إلى الرعاية الأسرية والمجتمعية، حيث من المتوقع أن يحل اختصاصيو الرعاية المحترفون محل مراكز الإيواء الحالية تدريجيا. ولضمان الجودة والاستدامة، أُنشئ مركز لاعتماد مهن الرعاية ضمن وزارة التنمية الاجتماعية.
في حين أن المكون الثالث هو المساعدة الفنية ودعم التنفيذ وخصص له تمويل بقيمة 530 ألف دولار، سيوفر هذا المكون دعما فنيا وتشغيليا وسياسيا مستهدفا لترجمة الاستراتيجية الوطنية للخطط والبرامج الاجتماعية إلى نتائج قابلة للقياس ومستدامة. كما سيمول أبحاثا وتقييمات سياساتية عبر ركائز الاستراتيجية الأربعة (كرامة، وتمكين، وفرصة، وصمود)، وأنشطة بناء قدرات الحكومة والعاملين في الخطوط الأمامية، وحملات تواصل عام لتعزيز استيعاب الإصلاحات الرئيسية.
الحماية الاجتماعية في الأردن ما بين التحديات والإصلاحات
وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد الأردني تحمل خلال العقدين الماضيين تراكم تداعيات الصراعات الجيوسياسية والعالمية والأزمات الصحية والبيئة العالمية كجائحة كورونا والتغيير المناخي وقبلها تدفق اللاجئين السوريين إذ أثقلت هذه التداعيات الموارد المالية للبلاد، وزاد الضغط على الموارد الطبيعية، وكذلك الطلب على الحماية الاجتماعية والخدمات العامة، وتمكن من احتواء بعضها جزئيا من خلال الاصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة في الفترة الاخيرة.
ومع ذلك، ما تزال تلك التحديات تعيق نمو الاقتصاد الاردني ومواجهة مشكلتي الفقر والبطالة، ويأتي هذا المشروع لمساعدة في التغلب على هذه التحديات والمساهمة في جعل نظام الحماية الاجتماعية في الأردن أكثر تكيفا وشمولا ومرونة في مواجهة المتغييرات.
ولفت التقرير إلى أن الأردن خلال السنوات الأخيرة، نفذ إصلاحات واسعة النطاق في مجال الحماية الاجتماعية، توجت بالاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019-2025، والاستراتيجية الوطنية المقبلة 2025-2033. وقد عززت هذه الإصلاحات كفاءة ونطاق البرامج الاجتماعية، مثل برنامج التحويل النقدي الموحد الذي ينفذه صندوق المعونة الوطنية، والذي يدعم الآن أكثر من 190,000 أسرة فقيرة.
كما أحرز الأردن تقدما في رقمنة أنظمة تقديم الحماية الاجتماعية، وإنشاء السجل الاجتماعي الأردني، بما يمكن من تحسين الاستهداف والتنسيق والاستجابة. وقد مثّل اعتماد قانون التنمية الاجتماعية في عام 2024 تحولا من الرعاية التقليدية إلى نهج أكثر تمكينا واحترافية في مجال الخدمات الاجتماعية.
وبين التقرير أن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2025-2033، تعتمد على هذا الأساس لمعالجة الثغرات ودفع عجلة إصلاحات الجيل التالي بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033. وتقدم الاستراتيجية ركيزة جديدة حول "المرونة"، تركز على إضفاء الطابع المؤسسي على أنظمة الإنذار المبكر وآليات التمويل للاستجابة للصدمات الاقتصادية والمتعلقة بالمناخ.