«أنتاريس» الأميركية تطلق مشاريع بـ«مليارات الدولارات» لتوطين تصنيع الأقمار الاصطناعية في السعودية
الشرق الأوسط-الرياض: فتح الرحمن يوسف
كشفت شركة «أنتاريس» الأميركية لصناعات الفضاء، التابعة لشركة «لوكهيد مارتن فينتشرز»، عن خططها الطموحة لتأسيس مشاريع متخصصة بإنشاء مجموعات من الأقمار الاصطناعية في السعودية. يأتي هذا الإعلان عقب توقيع اتفاقية استراتيجية مع الشركة السعودية للتميز القابضة، والذي جرت مراسمه على هامش أعمال «مبادرة مستقبل الاستثمار» مساء الخميس.
وقال توم بارتون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «أنتاريس»، لـ«الشرق الأوسط»: «وقعنا مع الشركة السعودية للتميز القابضة، اتفاقية، لبناء ودعم صناعة الأقمار الاصطناعية والمنظومة البيئية في المملكة».
وأضاف: «بموجب هذه الاتفاقية، ستستثمر شركة (أنتاريس) بشكل كبير في تأسيس عملياتها التجارية داخل المملكة، مستفيدة من الفرص الهائلة التي يوفرها قطاع الفضاء المتنامي بسرعة في السعودية، إضافة إلى الاقتصاد الصناعي الأوسع. وستكون (التميز السعودية) شريكاً أساسياً لنا في تقديم المشورة والدعم، وفتح آفاق جديدة للتوظيف والتعاون داخل المملكة».
وتابع بارتون: «توفر (أنتاريس) منصةً مدعومةً بالذكاء الاصطناعي لتصميم ومحاكاة وتصنيع وتشغيل مجموعات الأقمار الاصطناعية والمهام الفضائية. ومن خلال تعاوننا مع الشركة السعودية للتميز القابضة، نعمل على تطوير عدة مشاريع تُقدَّر قيمتها بمليارات الدولارات لتوطين تصنيع مجموعات الأقمار الاصطناعية في المملكة، حيث يجمع تمويل هذه المشاريع عادةً بين الاستثمارات المحلية والأجنبية».
وأشار إلى أن الاتفاقية ستتيح الاستفادة أيضاً من علاقاتٍ وطيدة وقدرة على تحديد وهيكلة الفرص في المملكة من خلال الشركة السعودية للتميز القابضة، بينما توفر «أنتاريس» معرفةً متخصصةً في هذا المجال ومنصةً مرنةً ومفتوحةً «للذكاء الاصطناعي في الفضاء» تُسرّع بشكل كبير من زمن الوصول إلى المدار لمشاريع الأقمار الاصطناعية مع تقليل التكلفة ودعم التوطين بشكل كامل.
اقتصاديات صناعة الفضاء
وقال بارتون: «وفقاً لهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في المملكة، بلغت قيمة اقتصاد الفضاء السعودي حوالي 9 مليارات دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تنمو إلى حوالي 32 مليار دولار بحلول عام 2035».
ويعد القطاع بحسب بارتون، جوهر رؤية المملكة 2030، حيث إنه سيعزز تحفيز النشاط الاقتصادي المباشر في المملكة، مع توقعات بأن يسهم اقتصاد الفضاء في زيادة الصادرات. وتعمل الشركة السعودية للتميز القابضة مع «أنتاريس» حالياً على تسهيل مشاريع مجموعات أقمار اصطناعية فردية تصل قيمتها إلى مليار دولار.
ولفت بارتون إلى أن السعودية تعدّ رائدة إقليمياً في صناعة الفضاء، وستواصل الاستثمار للحفاظ على ريادتها، فيما تُعدّ تقنيات الأقمار الاصطناعية والفضاء مهمة ليس فقط اقتصادياً، وإنما أيضاً مهمة استراتيجياً، لبناء قدرات سيادية في مجال رصد الأرض والاتصالات للمملكة.
«مبادرة مستقبل الاستثمار»... يوم الاستثمار
وقال بارتون: «تتمتع (مبادرة مستقبل الاستثمار) بسجل متميز في جمع قادة العالم معاً لتحديد أولويات الاستثمار وتحقيق تقدم تكتيكي في فرص وصفقات محددة. حيث يُخصص (يوم الاستثمار) ضمن المبادرة تحديداً لإتمام الصفقات».
ويشير بارتون إلى أن مبادرة «التميز السعودية» وشركة «أنتاريس» تتماشى مع الأولويات الرئيسة لمبادرة مستقبل الاستثمار، حيث يعد الذكاء الاصطناعي من أبرز هذه الأولويات، وتقدم «أنتاريس» أول منصة متكاملة للذكاء الاصطناعي في قطاع الفضاء.
وأشار إلى أن «أنتاريس» تابعة لمجموعة «لوكهيد مارتن فينتشرز»، مستفيدةً من السمعة القوية والحضور الواسع لشركة «لوكهيد مارتن» في المملكة، مضيفاً: «نعمل مع (لوكهيد مارتن) في الولايات المتحدة وحول العالم».
وأضاف: «نتوقع أن يثمر تعاون الشركة السعودية للتميز القابضة و(أنتاريس) عن شراكات استراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية، لا سيما في مجالي التكنولوجيا والدفاع، متوقعاً مزيداً من التقدم مع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للقاء الرئيس دونالد ترمب في الولايات المتحدة الأميركية منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)».
تعزيز قدرات الأقمار الاصطناعية السيادية
من جهته، قال عبد الله المليحي، رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للتميز القابضة، لـ«الشرق الأوسط»: «ستسهم الاتفاقية في تعزيز النشاط التجاري والاستثماري في السعودية ضمن قطاع الفضاء، من خلال التكامل مع منصة (أنتاريس)، المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لتصميم ومحاكاة وتشغيل مجموعات الأقمار الاصطناعية، بما يدعم الطموحات المتنامية للمملكة في مجال الفضاء السيادي».
ووفقاً للمليحي، تلتزم الشركتان بدعم وتنمية قدرات المملكة في مجال الأقمار الاصطناعية والمهام الفضائية، حيث يُعد تعزيز النظام البيئي الفضائي المحلي والصناعي محور عمل «أنتاريس» مع الدول ذات السيادة، كشريك موثوق يسهم في تعزيز قدرات الأقمار الاصطناعية السيادية للمملكة.
وتابع المليحي: «يمثل تعاوننا مع شركة (أنتاريس) خطوة مهمة في تعزيز قدرات المملكة في مجال الفضاء السيادي، عبر دعم وتنمية سلسلة توريد محلية تنافسية، وتوسيع الفرص أمام الشركات السعودية، وتسريع تقدم المملكة نحو أهداف رؤيتها 2030 في مجالات التكنولوجيا والابتكار».
ولفت المليحي إلى أن حجم اقتصاد الفضاء في السعودية وصل خلال عام 2024 إلى نحو 33 مليار ريال (8.8 مليار دولار)، شاملاً جميع الأنشطة والصناعات المولدة للقيمة من تقنيات وخدمات الفضاء، في حين بلغ حجم سوق الفضاء التجاري والفني حوالي 7.1 مليار ريال (1.8 مليار دولار) في نفس العام، وفقاً لـ«هيئة الاتصالات السعودية».