أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-Mar-2023

لماذا فشلت استراتيجيات مجابهة الفقر؟

 الغد-عبد الرحمن الخوالدة

 على الرغم من أن الأردن يعد من أوائل الدول في المنطقة التي أولت ظاهرة الفقر أهمية وعملت على توفير الحماية الاجتماعية للمعوزين، إلا أن الظاهرة تستمر في الانتشار والتوسع، بحسب مراقبين.
وتتسع رقعة الفقر في الأردن عاما تلو الآخر، في ظل ثبات الأجور منذ سنوات مقابل ارتفاع متواصل للأسعار زادت حدته إثر موجة التضخم الشرسة التي أقلقت العالم مؤخرا.
وفيما أنشأ الأردن صندوق المعونة الوطنية العام 1986 الذي ما يزال عمله مستمرا لليوم، وأطلقت الحكومات المتعاقبة العديد من الوعود والخطط لمواجهة مشكلة الفقر، ومنها إستراتيجية الحد من الفقر التي أنجزتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي، إضافة إلى الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019-2025، إلا أن ذلك لم يسهم في حل المشكلة التي تفاقمت بشكل واضح في الأعوام الأخيرة، الأمر الذي يثير التسأولات حول إذا ما كانت الإستراتيجيات والخطط الوطنية للتعامل مع هذا الملف قاصرة وحول المعيقات التي تقف في طريقنا لحل هذه الظاهرة المؤرقة.
وأكد خبراء اقتصاديون، أن الخطط والإستراتيجيات لمكافحة الفقر موجودة أردنيا، لكنها غير مجدية، نتيجة السياسات الاقتصادية المنتهجة من قبل الحكومات المتعاقبة، رغم الجهود الكبيرة المبذولة من وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية وغيرها من الجهات غير الرسمية في هذا الملف.
ودعا الخبراء إلى ضرورة اعتماد سياسات حماية اجتماعية شاملة تضمن شمول جميع المواطنين بمنظومة الحماية والحؤول دون وقوع المزيد منهم في براثن الفقر، إلى جانب إعادة النظر في السياسات المالية وسياسات الأجور، بحيث يخفض العبء الضريبي، وخاصة المتأتي من الضرائب غير المباشرة، علاوة على أهمية مراجعة الأجور باتجاه زيادتها لتتلاءم مع غلاء المعيشة، إضافة إلى إقامة مشاريع تشغيلية في المناطق التي تعاني من الفقر.
ويشار إلى أن نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ناصر الشريدة، كشف في تصريحات صحفية سابقة خلال العام 2021 إلى ارتفاع نسبة الفقر في الأردن إلى 24 % “مرحليا”، على حد تقديره آنذاك، غير أنه، بحسب آخر مسح لدخل ونفقات الأسرة الذي يصدر عن دائرة الإحصاءات العامة وتم تنفيذه في العام 2017-2018، فإن معدلات الفقر على مستوى المملكة تقدر بـ15.7 %، لكن هذا الرقم غير معتمد رسميا.
وقال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، إنه رغم الجهود الرسمية وزيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية خلال السنوات الماضية لمعالجة مشكلة الفقر، إلا أن ذلك لم يحل دون تزايد نسب الفقر لدينا أردنيا؛ إذ من الملاحظ أنها تنامت بشكل كبير مؤخرا، مبينا أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة هي المسؤولة عن تفاقم هذه الظاهرة.
واعتبر عوض أن الأجور المنخفضة وتدنيها، إضافة إلى السياسات الضريبية غير المباشرة، خاصة على السلع، إلى جانب قصور سياسات التشغيل تعد من أبرز مسببات الفقر لدينا محليا، حيث ثبطت هذه الأسباب الجهود الرسمية وغير الرسمية التي بذلت في هذا المضمار.
ومن أجل ضمان مكافحة الفقر والحد من معدلاته، دعا عوض إلى أهمية أن تركز مكافحة الحكومة في ذلك على اعتماد سياسات حماية اجتماعية شاملة تضمن شمول جميع المواطنين بمنظومة الحماية والحؤول دون وقوع المزيد منهم في براثن الفقر؛ إذ يتم ذلك من خلال إعادة بناء منظومة الحماية الاجتماعية الأردنية بشكل متماسك، بحيث تشمل الجميع، أكان في إطار الحمايات القائمة على الاشتراكات مثل الضمان الاجتماعي، أو تقديم المساعدات والتحويلات المالية الكافية للفئات الاجتماعية غير القادرة على العمل ولا يتوفر لها أي مصادر دخل، إلى جانب تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية للجميع بجودة جيدة وبالمجان، إلى جانب الخدمات الأخرى مثل السكن والنقل بكلف مقبولة، علاوة على ضرورة إعادة النظر في السياسات المالية وسياسات الأجور، بحيث يخفض العبء الضريبي، وبخاصة المتأتي من الضرائب غير المباشرة، إلى جانب مراجعة الأجور باتجاه زيادتها لتتلاءم مع غلاء المعيشة الذي نعيشه.
وبدوره، أكد الخبير الاقتصادي حسام عايش، وجود خطط واستراتيجيات من قبل الحكومة وضعت لمواجهة الفقر، كما أن الحكومة عقدت برامج واتفاقيات مع مؤسسات دولية بهدف تحسين المستوى المعيشي للفقراء، وأوجدت صندوق المعونة الوطنية الذي يمثل مظلة مهمة للحماية الاجتماعية، مستدركا مع ذلك أن بقية معدلات الفقر من عام لآخر تتزايد مع تعقد الأوضاع الاقتصادية المعيشية لدينا كارتفاع معدلات البطالة، ما جعل الصورة لدينا مفزعة.
وأوضح عايش أن ما يقف وراء تزايد نسب الفقر لدينا يعود إلى ضعف الأدوات المستخدمة لمعالجة الفقر التي تبدو غير فعالة، إضافة إلى معدلات النمو الراكدة التي لا أثر أو انعكاس لها على الفرد، إلى جانب القصور الذي يكتنف إدارة العملية الاقتصادية التي تعمل بتقليدية واضحة، إلى جانب أن دراسات دائرة الإحصاءات العامة التي تستنج معدلات الفقر تركز على الإنفاق الأسري الذي في الأصل يفوق الدخل الحقيقي لها.
وطالب عايش بضرورة الاطلاع على تجارب الدول في هذا المجال واستيرادها، إضافة إلى تدشين استراتيجية وطنية مخصصة للخروج من الفقر والعمل على معالجة الأسباب التي تكمن وراء تنامي حجم الفقر، إلى جانب أهمية رفع معدلات الدخل التي تعرضت لتآكل خلال السنوات الماضية وبقيت ثابتة دون زيادة منذ أكثر من عقد، علاوة على ضرورة إقامة مشاريع تشغيلية في المناطق التي ينتشر فيها الفقر وتطوير المجتمعات المحلية التي تقطنها.
إلى ذلك، أكد الباحث في شوؤن الفقر أحمد أبو خليل، أن الفقر ظاهرة مدروسة في المملكة منذ الثمانينيات، وأن هناك برامج وخططا خصصت على مدار السنوات الماضية لمعالجة هذه المشكلة، غير أنها لم تكن مجدية لأن السياسات الكلية الاقتصادية المنتهجة لدينا أردنيا منتجة للفقر.
ولفت أبو خليل إلى أن وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية يبذلان جهودا كبيرة في النضال من أجل الحد من نسب الفقر، وتضاعفت هذه الجهود خلال جائحة كورونا، إلا أن ذلك غير كاف بسبب السياسات الاقتصادية التي تبقي معدلات النمو بعيدة عن الانعكاس على واقع المواطنين، إلى جانب الهيكل الضريبي المرتفع وغير العادل، إضافة إلى بقية مشكلات الاقتصاد الوطني التي أفرزتها هذه السياسات.