الغد- أحمد الرواشدة
العقبة - تحقيقا لرغبة خبراء تراث وكتاب ومصورين وأدباء، أطلقت وزارتا الثقافة والسياحة مسارات جديدة تم ربطها بالمسار السياحي في مدينة العقبة، بهدف إطالة مدة إقامة السائح وخلق مزيج متنوع يجمع الثقافة بالسياحة لعشاق المسارات وروادها من خلوة وتأمل، واستكشاف ومعرفة وإثراء للهوايات.
وجاء هذا البرنامج ضمن مخرجات برنامج التحديث الاقتصادي ولتعزيز الحراكين الثقافي والسياحي، وبدعم من سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، بهدف رفع الوعي بالتراث الثقافي في مدينة العقبة وتنشيط الحركة السياحية بما يعود على جميع القطاعات بالنفع.
واختارت وزارة الثقافة مسارات عدة ذات أهمية وقيمة تاريخية وتراثية وسياحية، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي لإدراجها على منصة مسارات العقبة الثقافية، بحيث يمكن أن تكون نقطة جذب جديدة لاستثمارات في قطاع السياحة والثقافة من خدمات الإيواء، الطعام والشراب، النقل، والخدمات الترفيهية والتكميلية الأخرى، ويتحقق ذلك عبر الترويج الأمثل على المستويين المحلي والدولي.
حول ذلك، يقول الكاتب الصحفي الدكتور عبد المهدي القطامين "إن السياحة تمثل أحد أهم الأنشطة الاقتصادية، وأخذت وزارة الثقافة على عاتقها تسويق المناطق التراثية التي تتوفر فيها الموارد السياحية، كالمواقع التاريخية والأثرية التي يمكن تطويرها من أجل جذب الزوار والسياح إلى هذه المناطق وإشباع رغباتهم في التعرف على التراث"، مؤكدا "أن التراث العمراني من المنظور التاريخي الحضاري هو كنز حضاري ثمين، فهو يشكل شاهدا ورمزا صادقا على الإبداع الإنساني ورؤاه الفنية عبر مسيرة التاريخ الحضارية والعمرانية، ويعمل على إبراز عناصر الفن والجمال والتميز والإبداع والأصالة، ويعكس جانبا من جوانب الهوية الوطنية للدول، وذلك من خلال إبراز دورها التاريخي وأصالة شعبها وحضارتها".
وأشار القطامين إلى "أن المشروع الجديد يطيل مدة إقامة السائح من خلال التعرف على مكنونات الإرث التاريخي والأثري وربطه بالجانب السياحي وخلق مزيج من المنتوجات الفريدة التي تجمع بين المسارات الثقافية والسياحية، ويحرك العديد من القطاعات ويعود بالفائدة على أبناء المجتمع المحلي"، مؤكدا أن هذه الخطوة مميزة وفريدة ولها قيمة مضافة.
آثار إيجابية لدمج الثقافة مع السياحة
ومن وجهة نظر الفنان التشكيلي ياسر الجرابعة، فإن "دمج الثقافة مع السياحة له العديد من الآثار الإيجابية، من أبرزها تعزيز نمو الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة، نتيجة لتوفر وظائف موسمية جديدة، والتأثير إيجابيا على القطاع الاجتماعي، والعمل على تعزيز الهوية الاجتماعية، وزيادة التماسك الاجتماعي في المجتمع"، مشيرا إلى "أن السياحة الثقافية تعد وسيلة تعليمية إلى جانب المساهمة في إضافة الطابع الاقتصادي على المعالم الثقافية، وذلك يشجع الفنانين التشكيليين على إقامة معارضهم التشكيلية في تلك المسارات أو رسمها بطابع تشكيلي".
أما الشاعر شوكت البطوش، فيقول "إن السياحة الثقافية في وقتنا الحالي لم تعد تقتصر على زيارة المواقع الأثرية والمعالم التاريخية والمتاحف والتعرف إلى الصناعات التقليدية وحضور المعارض أو المهرجانات، وإنما أدخلت عليها عناصر جديدة، وذلك باستحداث مناسبات واستغلال ظروف معينة بما يحقق تنويع المنتج السياحي لجذب شرائح جديدة من السائحين والزوار، وللوصول إلى طريق إيجاد صناعة سياحة ثقافية مستدامة تؤكد حماية المصادر التراثية"، مشيرا إلى "أن ذلك يساعد على أن تصبح عاملا مهما بل أساسيا بفضل الدور الاقتصادي الذي تلعبه والعوائد المادية الكبيرة التي يمكن أن توفرها للاقتصاد الوطني".
ووفق مدير التراث في وزارة الثقافة عاقل الخوالدة، فإن المسارات الثقافية تعد من أهم البرامج التي عملت عليها وزارة الثقافة، لما لها من أهمية في التعريف بالمكان والإنسان، وهي جولة ميدانية مختارة تتألف من مواقع عدة لها طابع ثقافي أو تراثي أو تاريخي أو طبيعي أو بيئي، ومكانة مميزة في المحافظة التي يتم تنظيم المسار فيها، إذ يعكس هذا المسار أهمية تفعيل السياحة الثقافية والتراثية، والربط بين التراث الثقافي المادي وغير المادي، وإدماج المجتمع المحلي في المسارات، مشيرا إلى أن ذلك من المبادرات والأولويات لقطاع جودة الحياة على برنامج التحديث الاقتصادي لتعزيز الحركة الشبابية والثقافية.
نقطة جذب جدية للاستثمار
وبين الخوالدة أن الهدف من تلك المسارات هو الاعتزاز بالقيم الوطنية والتراث الأردني ورفع الوعي الثقافي لدى المجتمعات حول التراث الثقافي المادي وغير المادي، ومساهمته في التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب التعرف على المواقع الثقافية والتراثية والطبيعية الموجودة في الأردن، وخلق فرص جديدة لتكون مواقع المسار نقطة جذب جدية للاستثمار في قطاع الثقافة والسياحة، وإبراز دور المجتمعات المحلية في تعزيز التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، والتعريف بالأماكن التراثية وما يرتبط بها من الحكايات الشعبية والطقوس والممارسات في المجتمعات المحلية.
كما تطرق إلى دعم أبناء المجتمعات المحلية وأصحاب الحرف اليدوية التقليدية وتشجيعهم على إنتاج تذكارات وحلي وهدايا من وحي بيئتهم المحلية والعمل على تسويقها وترويجها، وخلق فرص عمل للمبدعين الشباب من خلال تمكينهم في العمل بالحرف التقليدية المتوارثة عبر الأجيال، وأخيرا تنشيط الحراك الثقافي والسياحة الثقافية للأردنيين والأجانب.
وقال مدير ثقافة العقبة طارق البدور "إنه وإيمانا بأهمية المواقع الثقافية والسياحية في العقبة، تنوي وزارة الثقافة، وبالتعاون مع مفوضية السياحة والاستثمار في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، إطلاق مسار العقبة الذي يضم أهم المناطق الموجودة في العقبة التي يمكن استغلالها في تعزيز أي برنامج لزيارة العقبة، ويتضمن إعداد مواد إعلانية وإعلامية للترويج للمسار، وإعداد بروشور (كتيب صغير) يتضمن المواقع التي ستكون ضمن خط المسار، معززا بالصور الفوتوغرافية والمعلومات التوضيحية للمواقع، إضافة إلى خريطة توضح مكان انطلاقة المسار إلى نهايته (GPS APP)، إلى جانب إعداد فيلم ترويجي للمسار يتضمن محطات أو نقاط المسار التي يتخللها، مع معلومات تراثية وتصميم "كيو آر كود" للمنتجات المتعلقة بالمسار (البروشور، الفيلم، المواقع)".