أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Dec-2025

ما وراء توفير التمويل: لماذا تعد الاستثمارات الموجهة نحو المرأة بالغة الأهمية؟

  الغد

واشنطن - في أسواق الصباح المزدحمة في المناطق الريفية بالهند، تخيل مشهداً لصاحبتَي مشروعين صغيرين، ريخا وجايا. فكشك ريخا يستقطب زبائن دائمين يقدّرون جودة منتجاتها، بينما تكافح جايا في كشكها القريب لبيع منتجات ذابلة وسط تراجع عدد الزبائن وتراكم الديون. وكانت كلتاهما قد حصلت على قرض مماثل من المؤسسة المالية نفسها، وفي الوقت نفسه، بدافع حلم الاستقلال المالي والرغبة في إعالة الأسرة. وقد واجهتا ظروف السوق والتحديات ذاتها، لكن النتائج كانت مختلفة تماماً: ريخا تخطّط للتوسّع، فيما تفكّر جايا في إغلاق مشروعها.
 
 
في مختلف أنحاء العالم، تُعيد رائدات الأعمال تشكيل الاقتصادات، من الأكشاك في الأسواق الريفية التي تديرها نساء مثل ريخا وجايا، وصولًا إلى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا. ومع ذلك، لا تزال كثيرات منهن يواجهن حواجز تحدّ من إمكاناتهن. ولا يقتصر تمكين المرأة من خلال التمويل على فتح المجال أمام الفرص الفردية فحسب، بل يشمل أيضاً توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز الاستثمارات في المنافع العامة مثل التعليم والبنية التحتية. غير أن وراء هذه المكاسب الواعدة خمسة تحديات مستمرة تتطلب إجراءات موجّهة، وهي: محدودية الوصول إلى التمويل عن طريق الاستثمار المباشر، وعدم انتظام التدريب، والفجوات في البيانات، والقيود التي تفرضها الأعراف الاجتماعية، والأنظمة المالية التي تستبعد المرأة بطبيعتها.
في تشرين الأول (أكتوبر) 2024، أطلقت مجموعة البنك الدولي الإستراتيجية المعنية بالمساواة بين الجنسين للفترة 2024-2030 وحددت أهدافاً طموحة لتعزيز الفرص الاقتصادية للمرأة، بما في ذلك تسهيل الحصول على رأس المال لنحو 80 مليون امرأة إضافية ومنشآت الأعمال التي تقودها نساء. ولكن للوصول إلى هذا الهدف، نحتاج إلى فهم أفضل لمن يحصل على التمويل، وفي ظل أي شروط تحصل رائدات الأعمال على الأموال، وكيف يمكن للمؤسسات المالية مساندتهن بشكل أكثر فاعلية.
التثقيف المالي: أساس نجاح رأس المال وفاعليته
لا تتقدم العديد من رائدات الأعمال بطلب للحصول على قروض بسبب تدني مستوى التثقيف المالي (مرسي 2020). وللمساعدة في معالجة هذا الأمر، يستفيد البنك الدولي من التحويلات النقدية الرقمية، ويربطها بالتدريب على المهارات والإرشاد والتوجيه لتزويد المرأة بالأدوات اللازمة لإتاحة فرص اقتصادية مستدامة بالإضافة إلى المساندة المالية المؤقتة.
ووفقاً لشواهد وأدلة جديدة، فإن النساء اللاتي يشاركن في برامج التثقيف المالي يزداد احتمال قيامهن بالادخار وسداد القروض في الوقت المحدد والحصول على تأمين. وتتميز البرامج الأكثر فاعلية بثلاث سمات أساسية، وهي: تقديم تجربة مجتمعية تركز على العملاء، وإشراك رائدات أعمال حاليات وسابقات لتقديم أمثلة من الحياة الواقعية، وإلهام الراغبات في ريادة الأعمال، والسماح لصديقة بمرافقة رائدة الأعمال عند حضور التدريب، مما يساعد على تعزيز الثقة وتحسين النواتج.
قوة شبكات الدعم: الأسرة والمجتمع كأصول للأعمال
تقف وراء العديد من رائدات الأعمال الناجحات شبكة قوية لتقديم الدعم والمساندة. وتظهر البحوث أن دعم الأسرة (خاصة الزوج) ورأس المال الاجتماعي (مثل عضوية منظمة أو مؤسسة) مرتبطان بتحسين النواتج المالية. ويسهم هذا الارتباط في إبراز حقيقة بالغة الأهمية، وهي أن ريادة الأعمال النسائية لا تحدث في عزلة، بل إن التطلعات والفرص والنتائج التي تحققها رائدات الأعمال مثل ريكا وجايا تتشكل بصورة جوهرية من خلال بيئاتهن.
مرونة التمويل وكيف يمكن للمقرضين تهيئة النجاح
يمكن للمؤسسات المالية أيضاً أن تساعد في تحسين النواتج من خلال تصميم أدوات إقراض تعكس واقع الشركات الصغيرة وتدفقاتها النقدية، لا سيما للنساء العاملات في أسواق غير مستقرة. فخلال جائحة كورونا أثبت أحد الأمثلة من الهند أنه عندما أتيح للرائدات العاملات في تشغيل أكشاك الطعام خيارات سداد مرنة، مثل تسهيلات السحب على المكشوف وأنظمة الدفع الرقمية، كانت معدلات السداد لديهن أفضل بكثير مقارنة بمن حصلن على قروض تقليدية (ديساي، وسينسارما، وتوماس 2025).
وعندما تؤدي الصدمات الخارجية إلى تعطيل الأنماط المعتادة للأعمال، تتيح المرونة لأصحاب الأعمال القدرة على التكيف مع هذه الأوضاع بشكل أفضل والحفاظ على قدرتهم على الصمود. ويتجاوز هذا الأمر إدارة الأزمات، فالشواهد والأدلة تظهر أن إتاحة خيارات متعددة للعقود، وخيارات تأجيل المدفوعات، والتسهيلات الائتمانية البديلة تسهم في تحسين نتائج الأعمال دون زيادة معدلات التخلف عن السداد. أما بالنسبة لرواد الأعمال العاملين في أسواق متقلبة ذات تدفقات نقدية موسمية، فإن هذه المرونة تُعد ضرورية لتجاوز الصدمات والحفاظ على النمو. وبالإضافة إلى تمكين المقترضين من تحقيق النجاح، يمكن للتمويل الرقمي الأكثر سهولة أن يساعد المقرضين في الوصول إلى المزيد من رائدات الأعمال وبأقل تكلفة.
وقد ورد العديد من هذه الاستنتاجات في ورقة الشواهد والأدلة الأخيرة الصادرة عن مبادرة تمويل رائدات الأعمال بعنوان "مساندة رائدات الأعمال في البلدان النامية: ما  السبل الاكثر فاعلية؟".
يعكس السيناريو الخاص بريخا وجايا تجارب ملايين النساء الحقيقيات اللواتي كن في العادة محرومات من المشاركة المالية. ولا يقتصر الشمول المالي على الحصول على رأس المال فحسب، بل يتعلق أيضاً بإطلاق العنان لازدهار الأعمال بشكل دائم. ويعني ذلك إعادة النظر في الإقراض، ليس على أنه غاية في حد ذاته، بل كخطوة أولى في شبكة دعم أوسع تشمل التثقيف المالي، والإرشاد والتوجيه، والمشاركة الأسرية والمجتمعية، وأدوات التمويل المرنة المصممة خصيصاً لتلبية احتياجات الأعمال للنساء. وعندما تجتمع هذه العوامل، يمكن للتأثيرات المتعاقبة - زيادة الوظائف وارتفاع الدخل وزيادة المشاركة في القوى العاملة - يمكن أن تدفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل.
ومن خلال مبادرات مثل مبادرة تمويل رائدات الأعمال وبوابة البيانات المعنية بالمساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى استثمارات مؤسسة التمويل الدولية وضمانات الوكالة الدولية لضمان الاستثمار، تساند مجموعة البنك الدولي الحلول القائمة على البيانات التي تمكن المرأة في القطاعات عالية النمو. ولمساندة رائدات الأعمال بحق، يجب علينا تجاوز مجرد توفير رأس المال وبناء أنظمة تساعدهن على النجاح.