أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Jul-2025

الكتوت لـ"أخبار الأردن": الاقتصاد الأردني في مأزق

أخبار الأردن -

• التمسك بسياسة الإنكار تجاه الأسباب الحقيقية للأزمة يُبقي البلاد أسيرةً لمأزقٍ مزمن • الأزمة الاقتصادية الأردنية لا تكمن في ندرة الموارد أو ضعف الكفاءات، وإنما في جملة اختلالات هيكلية تراكمت عبر عقود • انكماش قاعدة الإنتاج الحقيقي وتراجع مساهمة القطاعات المنتِجة في تكوين الثروة الوطنية •

الضرائب انكماشية وتزيد الأعباء المعيشية على المواطن العادي وتُقوّض قدرته الشرائية • الاقتصاد الأردني حافظ منذ عام 2010 على معدلات نمو هزيلة تقلّ عن 2.5% سنويًّا • الدولة لم تنجح في تحويل الثروات إلى روافع للتنمية المستدامة • الثروات تُركت أسيرة الاحتكارات التي أحكمت قبضتها على قطاعات حيوية • اتساع الفجوة الطبقية إلى مستويات غير مسبوقة لتُعيد إنتاج ذات الأزمة العميقة بدلًا من معالجتها

 

قال الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت إن السياسات الاقتصادية التقليدية تعتمد على أسلوب تقديم الحوافز بغية تشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال، وهو نهجٌ يُسوَّق له بوصفه حلًا سريعًا لمعالجة الأزمات المالية وتحريك عجلة الاقتصاد. وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ هذا المسار، وإن بدا مغريًا في ظاهره، يُثبت محدوديته حين يُطبَّق بمعزلٍ عن إصلاحات هيكلية وجذرية تعالج مكامن الخلل البنيوي في الاقتصاد الوطني، وهو ما يتبدّى جليًّا في الحالة الأردنية.

 

وبيّن الكتوت أنّ التمسك بسياسة الإنكار تجاه الأسباب الحقيقية للأزمة يُبقي البلاد أسيرةً لمأزقٍ مزمن، ويُعطل إمكانات الخروج من هذا النفق، مضيفًا أنه لدى تفكيك بنية الأزمة الاقتصادية الأردنية، يتضح أنّ جوهرها لا يكمن في ندرة الموارد أو ضعف الكفاءات، وإنما في جملة اختلالات هيكلية تراكمت عبر عقود، كان أبرزها هيمنة القطاعات الاستهلاكية والخدمية التي تستحوذ على ما يُقارب 65% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما أفضى إلى انكماش قاعدة الإنتاج الحقيقي وتراجع مساهمة القطاعات المنتِجة في تكوين الثروة الوطنية. ونوّه إلى أنّ الاقتصاد الأردني حافظ منذ عام 2010 على معدلات نمو هزيلة تقلّ عن 2.5% سنويًّا، نتيجة تزايد الاعتماد على الإنفاق الجاري الممول بالقروض والضرائب غير المباشرة، وهي سياسات مالية لم تُسهم سوى في إضعاف الطلب الكلي وتآكل القدرة الشرائية، بدلًا من توجيه الاقتصاد نحو تنمية متوازنة ومستدامة. وأشار إلى أنّ بنية الإيرادات العامة في الأردن تُظهر اعتمادًا مفرطًا على الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة المبيعات والضرائب الخاصة المفروضة على المحروقات، والتي تُشكّل ما يقارب 75% من إجمالي الإيرادات الضريبية، مستطردًا أن هذه الضرائب بطبيعتها انكماشية، إذ تزيد الأعباء المعيشية على المواطن العادي وتُقوّض قدرته الشرائية، فتنعكس سلبًا على حركة السوق، لتُكرّس بدورها حالة الركود بدلًا من تحفيز النمو. ولفت الكتوت الانتباه إلى أن ما يُعمّق من مأزق الاقتصاد الوطني هو تخلي الدولة تدريجيًّا عن دورها التنموي لصالح سياسات الخصخصة والانخراط غير المشروط في نهج النيوليبرالية، وهو ما أسهم في إعادة توزيع الثروة لمصلحة فئات محدودة، تمكّنت عبر الوكالات الحصرية والشراكات مع شركات أجنبية من تحقيق مكاسب ريعية غير منتِجة، على حساب الاقتصاد الحقيقي.

وفي موازاة ذلك، ورغم امتلاك الأردن موارد طبيعية مهمة ومتنوعة، إلا أنّ الدولة لم تنجح في تحويل هذه الثروات إلى روافع للتنمية المستدامة، فقد تُركت أسيرة الاحتكارات والكمبرادور الذين أحكموا قبضتهم على قطاعات حيوية، فأُهدرت بذلك فرصة توظيف هذه الموارد لتقوية القاعدة الإنتاجية للاقتصاد، وفقًا لما ذكره لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية. وقال إن ما زاد من حدة الأزمة، قرار البنوك رفع أسعار الفائدة بأثر رجعي، وهو ما ضاعف الأعباء المعيشية على المواطنين وأثقل كاهل المستثمرين، في الوقت الذي حققت فيه البنوك أرباحًا استثنائية تجاوزت نسبتها 35%، لتتجلى المفارقة بين مصلحة المؤسسات المالية وحاجة الاقتصاد الحقيقي إلى التمويل بأسعار عادلة. وعلى الصعيد الخارجي، وجدت الدولة نفسها ملزمةً بشروط اتفاقيات التجارة الحرة ومنظمة التجارة العالمية، فتخلّت عن حماية القطاعات الإنتاجية، لا سيما الصناعة والزراعة، في حين عادت دول كبرى كالولايات المتحدة إلى السياسات الحمائية لحماية صناعاتها الوطنية، وهو ما جعل السوق المحلي مكشوفًا أمام المنافسة غير المتكافئة، وزاد من تبعية الاقتصاد للمنتجات الأجنبية.

 

أما الدين العام، فقد تجاوز عتبة 45 مليار دينار، ليُشكّل تهديدًا استراتيجيًّا للاستقرار الاقتصادي، بينما تُقدَّر خدمة الدين – فوائدًا وأقساطًا – بنحو 2.5 مليار دينار سنويًّا، تُقتطع في معظمها من جيوب الفقراء عبر الضرائب غير المباشرة، في حين ظلّت الإجراءات الحكومية عاجزة عن وضع خطة فعّالة لضبط هذا النزيف المتواصل. وأردف الكتوت أن هذه السياسات تضافرت لتؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، واتساع الفجوة الطبقية إلى مستويات غير مسبوقة، لتُعيد إنتاج ذات الأزمة العميقة بدلًا من معالجتها، وتُبقي الاقتصاد الوطني في حالة هشاشة مزمنة، ما لم تُعتمد مقاربة شاملة وجريئة تعيد الاعتبار للقطاعات الإنتاجية، وتُراجع السياسات المالية والنقدية والضريبية بما يخدم العدالة الاجتماعية والتنمية الحقيقية.