في ظل شح الموسم الحالي.. كيف سنواجه تحديات تراجع إنتاج الزيتون؟
الغد-عبد الله الربيحات
في وقت يشكل فيه قطاع الزيتون ومعاصره بالمملكة ركيزة أساسية للاقتصاد الريفي، لارتباطه بأكثر من 10 ملايين شجرة زيتون مزروعة في مختلف المحافظات، بالإضافة لدوره الحيوي بتوفير فرص عمل، ودعم الصناعات الغذائية المرتبطة بإنتاج زيت الزيتون، فإن إنتاج الزيتون للموسم الحالي شحيح، ما يتطلب طرحا جديدا في التخطيط لهذا القطاع، يتنبه لمثل هذه المعضلة في المواسم المقبلة، وينهض بالقطاع على نحو مستدام.
وإذ يبلغ عدد معاصر الزيتون المحلية 148 معصرة، ما يفصح عن أن هذا الحجم من المعاصر، يسهم بإنتاج كمايت كبيرة من الزيت، إلى جانب أنه مؤشر على أن إنتاج ثمار الزيتون المحلية، برغم تفاوت الإنتاج بين موسم وآخر، إلا أنه يؤكد بأن إنتاج المملكة من هذه المادة، يغطي حاجات المملكة ويفيض عنها.
تطوير القطاع واستدامته
وبرغم التباين في قدرات وإمكانيات المعاصر الإنتاجية ومستوى التكنولوجيا التي تستخدمها، إلا أنها تعمل في نطاق منظومة صناعية وزراعية مترابطة، تسهم بتعزيز الأمن الغذائي والدخل الأسري في المناطق الريفية. إذ تشير التقديرات إلى أن القيمة الاستبدالية للأصول الثابتة في المعاصر، بما في ذلك معدات العصر وخزانات التخزين وخطوط التعبئة والمباني التشغيلية، تتراوح بين 13 و19 مليون دينار أردني، بينما تتراوح القيمة السوقية الإجمالية للاستثمارات عند احتساب الأراضي والبنية التحتية وشبكات التسويق بين 150 و200 مليون دينار.
كما يُعتبر القطاع مساهماً محورياً بدعم سلاسل القيمة الزراعية، وتحريك قطاعات لوجستية وصناعات غذائية موازية، تضاف للاقتصاد الوطني.
وفي ظل هذه الأهمية التي يتمتع بها قطاع الزيتون ومعاصره، فإن موسم إنتاج ثمار الزيتون الشحيح للعام الحالي، يفتح الباب على مصراعيه، لمراجعة سياسات التخطيط لهذا القطاع، تحقق له الاستدامة والتطور في المواسم المقبلة، والنأي به عن التأثر بشح المواسم، بل تبقيه فاعلا ومنتجا في نطاقات تدفع به للحفاظ على مكانته الاقتصادية والتنموية.
تعويض شح الموسم
مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران، بين أن كميات الزيتون للموسم الحالي شحيحة، بخاصة التي تعتمد على مياه الأمطار، أو ما يسمى بـ"الزراعات البعلية"، لكنه يرى بأن الزيتون المروي، قد يعوض هذا الشح.
وبين العوران، بأن معظم المشاريع الزراعية الحالية، ستتحول إلى زراعات مروية في ظل التغيرات المناخية، ما ينعكس على زراعة الزيتون، مبينا أن معاصر الزيتون وهي من القطاعات الصناعية المهمة، الداعمة للقطاع الزراعي، وبالتالي فالاتحاد العام للمزارعين، يدعو لديمومتها واستمراريتها، في ظل ضعف إنتاج الموسم الحالي، وفي الوقت نفسه، منع استيراد الزيتون أو زيته، لأن هناك إنتاجا محليا لهما عن طريق الزيتون المروي.
منظومة اقتصادية متكاملة
الخبير الدولي في الأمن الغذائي د. فاضل الزعبي، قال إنه لا يمكن النظر لقطاع معاصر الزيتون كمجرد صناعة زراعية تقليدية، بل هو منظومة اقتصادية، متكاملة، تربط بين المزارع والمستهلك والأسواق المحلية والعالمية، مؤكداً أن للقطاع تأثيراً اجتماعياً وبيئياً واضحاً، عبر تعزيزه للاستقرار المعيشي في المناطق الريفية، والحد من الهجرة الداخلية، والحفاظ على الإرث الزراعي المرتبط بالزيتون في الثقافة المحلية.
وأضاف الزعبي أن السمعة المرموقة لزيت الزيتون الأردني، هي استثمار غير ملموس، لكنه مهم جداً بترسيخ تنافسية المملكة في الأسواق الإقليمية والدولية. محذرا من الانخفاض الملحوظ بإنتاج الزيتون في العالم الحالي، والذي جاء بسبب التقلبات المناخية وعوامل أخرى، ما قد يؤدي لتعطّل استثمارات وطنية كبيرة، وتراجع طاقة المعاصر التشغيلية، بالإضافة لانعكاس ذلك على المستهلك، جراء ارتفاع أسعار زيت الزيتون، في وقت يعاني فيه الأردنيون من ضغوط معيشية متزايدة.
ولفت إلى أن تراجع الإنتاج المحلي للزيتون والزيت، يجب ألا يتحول إلى أزمة اقتصادية واجتماعية، تمس قطاعاً بهذا الحجم من الأهمية.
وشدد الزعبي على أهمية فتح باب استيراد ثمار الزيتون من دول مجاورة كمصر وسورية، للحفاظ على استمرارية عمل المعاصر، وضمان تلبية الطلب المحلي على نحو متوازن ومستدام، لافتاً إلى أن هذا التوجّه، لا يهدف إلى منافسة الإنتاج المحلي، بل لدعمه بالحفاظ على تشغيل خطوط الإنتاج وحماية الاستثمارات، وتعزيز استقرار الأسعار داخل السوق.
وأكد أن تطوير قطاع معاصر الزيتون، يتطلب تحديث التكنولوجيا المستخدمة فيه، ورفع معايير الجودة وتحسين قدرات التسويق والتصدير، بما يضمن ترسيخ مكانة الأردن كمنتج منافس لزيت الزيتون عالي الجودة في المنطقة والعالم، وبما يعزز دوره المستقبلي في الاقتصاد الوطني واستدامة التنمية الريفية.