أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Jul-2018

حرب ترامب التجارية قد تفجر أزمة ديون في الصين
مباشر – نهى النحاس -
 
 يبدو أن الصين لا تمتلك أي إمكانية لخفض فائضها التجاري مع الولايات المتحدة استجابة للتهديدات التي يطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن محاولتها في هذا الاتجاه قد تتسبب في أزمة ديون بالبلاد.
 
وفي تحليل لوكالة "بلومبرج فيو"، فإن الولايات المتحدة لم تتقدم بمطالب محددة إلى الصين حتى يمكن التعامل معها، ما يجعل قيام الصين بخفض الفائض التجاري أمراً غير محتملاً، لكن جهودها المحتملة حيال الأمر قد تسفر عن آثر جانبي غير متوقع.
 
وللوهلة الأولى تبدو التعريفات الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة على صادرات الصين من الآلات والإلكترونيات بنسبة 25% مثل ضريبة على نقل الشركات أعمالها الإنتاجية إلى الخارج.
 
والتركيز على فئات مثل أشباه الموصلات والمكونات النووية، والتي يعد فيها المصنعين الأمريكيين في الصين أقوياء كان بمثابة تذكير بوعود ترامب في 2016 بتطبيق ضرائب على أي شركة "تغادر بلادنا".
 
ومع ذلك يبدو أن الشركات التي تنقل أعمالها خارج الولايات المتحدة لم تكن الهدف، فالآن بدأ تطبيق تعريفات جديدة على صادرات منخفضة القيمة تشمل غالباً سلاسل التوريد الآسيوية، ما يجعل اعتماد الصين على بيع منتجات رخيصة لواشنطن يتحول إلى مشكلة.
 
وفي كلتا الحالتين فإن الإدارة الأمريكية يبدو أنها مصممة على خفض عجز الحساب الجاري والبالغ 2.4% من الناتج الإجمالي المحلي في الوقت الذي يقوم الاحتياطي الفيدرالي بزيادة معدل الفائدة.
 
إشارات على التدهور
 
وبدأت الكوارث تتضح بالفعل في الصين ففي 13 يوليو الماضي وصل اليوان إلى أدنى مستوى في عام أمام الدولار، فاقداً 5% من قيمته مقارنة بمستواه بنهاية مايو الماضي.
 
ورغم أن هذا الهبوط قد لا يبدو كبيراً بالنسبة لعملات أخرى تحظى بدرجات أقل من السيطرة عليها، لكن اليوان المستقر هو حجر الأساس في وعود القادة السياسيين في الصين، كما أن سعر الصرف يُدار وبقوة بواسطة البنك المركزي.
 
وصدق المستثمرون طوال عام كامل التأكيدات الرسمية الصينية أن عملة اليوان ستكون مؤمنة، لكن الآن عاودهم الشك مجدداً لما دفعهم لإخراج أموالهم مجدداً من البلاد.
 
وفي مايو الماضي شهدت الصين صافي تدفقات نقدية خارجة من البلاد، كما حدث تراجع في احتياطي النقد الأجنبي.
 
لكن علامات التدهور أصبحت كثيرة فمؤشر "شنغهاي" المركب للأسهم الصينية تراجع 7% في شهر، وانخفض أدنى مستوى 3000 نقطة للمرة الأولى منذ سبتمبر 2016، كما أن سندات الشركات تتجه لتسجيل عدد قياسي من حالات التخلف عن سداد الديون في العام الجاري، مع قفزة في العائد على سندات الخردة.
 
وتتنامى مخاوف الديون وسط انتشار تقارير صحفية يومية عن الحكومات المحلية التي لا تستطيع أن تدفع رواتب موظفيها أو تلبي التزامات التقاعد، كما أن أسعار العقارات تتراجع في بعض المدن.
 
ديون متصاعدة
 
ومن شان عبء الديون الضخم أن يسحب الاقتصاد إلى حالة ركود، لكن تحديد تقديرات دقيقة لذلك أمر صعب، وذلك مع دفع الحكومة المؤسسات المالية لضخ الديون في قنوات بديلة وغامضة.
 
ولكن وفقاً لأي مقياس فإن حجم الإقراض الجديد كل عام ينمو أسرع من نمو الاقتصاد، كما أن الفوائد المستحقة حديثاً تتجاوز الزيادة التدريجية في الناتج الإجمالي المحلي.
 
ويشبه الاقتصاد الصيني حالياً بشكل عام "مخطط بونزي"، وهي خدعة المستثمرين بجلب عوائد ضخمة عبر مخاطر منخفضة، حيث تقوم فكرته الأساسية على منح قدامى المستثمرين العوائد المالية لكن من خلال أموال يتم الحصول عليها عبر مستثمرين جدد.
 
ويرى العديد من المحللين أن الحكومة الصينية تملك كل شيء بما في ذلك البنوك ويمكنها إصدار كميات من اليوان بلا نهاية للحفاظ على سيولة الاقتصاد، لكن يمكن كشف عدم صحة تلك الرؤية بدور الصين في الاقتصاد العالمي.
 
والصين هي أكبر مصدر للسلع في العالم وثاني أكبر مستورد، والعملة تعمل كواجهة بين الاقتصاد المحلي والاقتصادات الدولية، وقيمتها تخضع للعرض والطلب.
 
وتلقى اقتصاد الصين دعماً من الدولارات ذات القيمة المنخفضة التي تأتي بطريقة مشروعة وغير مشروعة، ولكن المشكلة الآن تكمن في أن الفوائض الهيكلية تختفي، كما أن هناك هبوطاً في "الأموال الساخنة" القادمة من الولايات المتحدة بحثاً عن العوائد.
 
وفي الصين عندما تدخل الدولارات إلى الدولة فإن البنك المركزي يقوم بشرائها ويصدر اليوان في المقابل، وبالتالي إذا قام البنك بإصدار العملة المحلية بأكثر ما يبرره التدفقات الداخلة، فإنه سوف يتسبب في تسارع التضخم.
 
أزمة الصين تضر العالم
 
وهذا يعود بنا إلى "ترامب" وحربه التجارية، حيث أن الفكرة الأساسية التي تغلف تلك الأجندة التجارية هي توجه قديم في جناح اليمين داخل الحزب الجمهوري والذي يرى أن الولايات المتحدة دفعت ثمناً باهظاً لدورها القيادي في فترة ما بعد الحرب العالمية.
 
وبعد مؤتمر "بريتون وودز" فرض الدولار الأمريكي سيطرته ليصبح عملة عالمية معيارية، وعندما جعل الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" العملة الأمريكية غير قابلة للاسترداد مقابل الذهب تم تحريرها لتصبح عملة إلزامية  ما مكنها من الحصول على دعم اقتصادي وتحسن مستوى المعيشة لمواطنيها، فلا عجب ان الصين تأمل في قيام اليوان بنفس المكاسب.
 
وربما يكون من المغري بالنسبة للبعض الاعتقاد بأن هبوط اليوان الصيني هو استراتيجية للحد من تأثير التعريفات الجمركية، لكن في الواقع فإن الحساب الرأسمالي أهم بشكل أكبر للشركات الصينية عن الحساب الجاري.
 
ومن المؤكد أن بنك الشعب الصيني سيسعى نحو خفض سعر الصرف في المستقبل القريب (تقوية العملة)، وحتى الآن نجحت الصين في إبقاء الديون السيئة الضخمة في أمان بدعم التدفقات الرأسمالية، بدعم التيسير الكمي الذي ضخ الدولار حول العالم.
 
لكن يبدو أن التحول نحو التشدد بشأن تدفقات الدولار يجعل من انفجار مشكلة الديون أمر حتمي، وعندما يحدث ذلك فإن اليوان سيتراجع بشكل حاد، وذلك سيكون له أثر انكماشي عالمي، كما سيخفض حصة الصين من الناتج الإجمالي المحلي العالمي ويتسبب في تراجع حاد لطلب الدولة على السلع ويقلل من دورها في الساحة السياسة العالمية.
 
صحيح أن الكثير من الممارسات التجارية الصينية غير عادلة، لكن عدم المساواة يتدفق أيضاً من السياسات الأمريكية التي تفضل الشركات الكبرى على حساب العمال مثلما يحدث من جانب الدعم الهيكلي الصيني المقدم للمؤسسات التابعة لها.
 
الأمر الأبرز هنا هو أن كل هذه المشكلات من الصعب التوصل لحلول بشأنها، لكن لا أحد سوف يستفيد من تضرر الاقتصاد الصيني، ولذلك على ترامب أن يحذر مما يتمناه.